محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 6418 - 2019 / 11 / 24 - 12:02
المحور:
الادب والفن
يدوّن الكاتب جميل السلحوت الجزء الثاني من سيرته: "من بين الصخور.. مرحلة عشتها" عبر مشاهد مختصرة متتابعة، وبقدر غير قليل من التشويق وسلاسة اللغة وتدفقها من ذاكرة يقظة قادرة على تسجيل أدقّ التفاصيل القادمة من أزمنة بعيدة وأخرى قريبة.
ولا يتوقّف الكاتب عند الدائرة الخاصة التي تشير إلى بعض وقائع حياته العائلية ومكابداته الشخصية، وهذا بالطبع مطلوب ولا غبار عليه، بل يتوسّع في طرح أبعاد أخرى لها علاقة بهموم الوطن الفلسطيني وبمعاناة الناس من الاحتلال العنصري البغيض، ثم ينتقل إلى التعريف ببعض مشاهداته في المدن التي زارها من دون إثقال على القارئ بالابتعاد عن تحويل المشاهدات إلى درس في الجغرافيا. وحين تدعو الحاجة إلى إلقاء الضوء على بعض القضايا التربوية ومظاهر السلوك وتحصيل المعرفة، فإنه ينقلها إلى المتلقي من دون تطويل ممل أو استطراد لا داعي له.
وهو إلى ذلك يتطرّق إلى ما تشكّل لديه على مرّ السنين من تجارب في السجن وخارج السجن، وما اكتسبه من معارف وخبرات، وما عقده من صداقات مع مثقفين وكتّاب ومناضلين سياسيّين، مؤكدًا على أن في حياة الفلسطيني، أيّ فلسطيني سواء أكان كاتبًا أم سياسيًّا أم مجرّد إنسان عادي، ما يصلح لأن يُروى لكي تتجمع من خلال ذلك وفرة من التفاصيل التي تؤثّث أركان وجودنا الراسخ في وطننا.
يلفت الانتباه أسلوب الكاتب المتّسم بالبساطة التي تنقل المعنى والإحساس بالمعنى إلى المتلقي من دون تعقيدات أو افتعال، وتلك صفة ملازمة لأسلوب جميل السلحوت في الجزء الأول من سيرته وفي غير ذلك من مؤلفاته الأدبية.
غير أن ثمة ملاحظة تخصّ هذا الجزء من السيرة والجزء الذي سبقه، مفادها أن البساطة في السرد تتطلب انتباهًا أكيدًا لتجنّب الوقوع في نزعة الاستسهال التي تكتفي بنقل المعلومات من دون تجويد في الأسلوب أو إبداعٍ فيه، وتلك على أية حال ملاحظة لا تنسحب إلا على قليل مما لاحظته في بعض صفحات هذا الكتاب، كتاب السيرة التي نحن في أمسّ الحاجة إليها بالنظر إلى ما يتعرّض له انتسابنا الأصيل لبلادنا من تشويه وإنكار.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟