محمد الاغظف بوية
الحوار المتمدن-العدد: 6412 - 2019 / 11 / 18 - 22:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما حل النظام الديمقراطي لبلد عربي أصيل في ديمقراطيته .انطلق صفارات الإنذار في كل مكان من بلداننا العربية .بين من استنكر الفعل الديمقراطي ومن تحفظ ومن أيد باحتشام .ولكن الأخطر من ندد بتوقف هذه الموجة الديمقراطية بتونس العظيمة . لقد تأسفت قيادات عربية لهذه النهضة العفوية لشعب تونس . لذلك وجهت مدافعها لضرب هذا المسار والبحث عن كل الصيغ الشرعية واللاشرعية لإفشال المخطط الديمقراطي وبذلك حاولوا إقناع الجيش أولا ففشلوا . ثم توجهوا صوب المجتمع المدني ولا سيما أصحاب الشعارات الرنانة الجوفاء من اليسار واليمين الذين هم على أتم استعداد لتلبية كل طلب للإسهام في إقصاء أي توجه شعبي متحرر ومستقل .
لم تفلح آلة الإقناع بأساليبها المادية والإعلامية وأدواتها المخيفة والملتوية من ثني الشعب التونسي عن ممارسة حقه الديمقراطي . فاز سعيد قيس . فاز الشعب والإرادة والاستقلالية. فانتصر الجيش بحفاظه على ما وجد من أجله .كما حافظ البعض على سلوكهم خوفا من نقمة الشعب .
فاز قيس سعيد وخسرت قوى خارجية . ترتب دائما منذ وجودها لإقصاء والقضاء على أي شعب يريد إثبات وجوده.فلا الإمارات العربية المتحدة بأموالها ونفطها .ولا العربية السعودية بأموالها ونفطها تمكنتا من إخضاع الشعب التونسي . بل وفشل الجار المصري وتهاوى .
نحن إذن أمام بؤس عربي يواجه فرح عربي .هذا البؤس الذي لا يهدأ له بال دون الإسهام في إخضاع كل النظم العربية والإسلامية لإرادته . يرفضون المسمى الديمقراطي ,لأنها في نظرهم تؤدي إلى الفتن .وما الفتنة الحقيقية ؟ إلا وهي جعل شعوب بكاملها في خليج العرب تعيش خارج التاريخ . بنايات شاهقة واقتصاد قوي ريعي واستهلاكي ، يقابله شعوب معاوية مقهورة . لقد حان الوقت لهذا البؤس العربي أن ينجلي لتتقد شموع النور.ليشع في أرجاء بلاد العرب من المحيط إلى الخليج. وهذا أمر ممكن لو نجحت ثورة الياسمين وأثبتت قدرتها على تبني حكما مؤسسا على الرشد والبناء وتلبية مطالب الشعب بإنهاء كل أشكال الفساد السياسي والاقتصادي.مع تبني نظام سياسي يقوم على العدالة الاجتماعية والاقتصادية. إذا توفرت الظروف السياسية داخليا .فلا شك أن الرئيس المنتخب ديمقراطيا سيوجه رسالة للعالم الحر مفادها أن شعوب العرب يمكن تحريرهم من براثين خطب الإقصاء والتهميش .
إن فرح العرب سيغلب بؤسهم لو تمكنوا من إبراز المسار الديمقراطي .لكن الواقع وبموضوعية لن يميل إلى السماح بوجود نظام ديمقراطي ما لم تغير بلدان عربية غنية من عرفها وتقليدها القائم على التدخل وتغيير كل حاكم لا يؤمن بتصورهم للحكم .فالحاكم في ظل البؤس يعتبر التغيير كابوسا مخيفا ولو كان بعيدا عنه ألاف الأميال.
#محمد_الاغظف_بوية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟