أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - الشاعر أبو عرب في ميزان النقد














المزيد.....


الشاعر أبو عرب في ميزان النقد


عمر عتيق
أستاذ جامعي

(Omar Ateeq)


الحوار المتمدن-العدد: 6410 - 2019 / 11 / 16 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


أدركت قيادة الثورة الفلسطينية مبكرا أن الأغنية الشعبية وقود للثورة ، تحرض الجماهير على المقاومة ، فطلب الشهيد ماجد أبو شرار من الشاعر أبي عرب العمل في إذاعة فلسطين لتسجيل الأغاني الشعبية والأهازيج الوطنية انطلاقا من العلاقة التكاملية بين الرصاصة والقصيدة والكلمة والبندقية . واستمر أبو عرب في العمل في إذاعة فلسطين منذ عام 1978 – 1982 فسجل 160 أغنية .
ولا تخفى أهمية الأغنية الشعبية في توجيه العمل الثوري وتعزيز ثقافة المقاومة ، لأن الأغنية الشعبية خطاب سياسي قادر على التأثير على الجماهير أكثر من قدرة بيان سياسي يُلقيه مسؤول على منصة أو عبر وسائل الإعلام المرئية ، وأكثر تأثيرا كذلك من بيان سياسي مقروء . وتعود القدرة التأثيرية للأغنية الشعبية إلى الموسيقى التثويرية التي تهز المشاعر الوطنية ، وبساطة الكلمة ، وسهول تركيب الجملة في الأغنية الشعبية التي يتفاعل مع الناس باختلاف مستوياتهم العمرية ، وتعدد مشاربهم الثقافية .
وتشكل أغاني أبي عرب سجلا تاريخيا لأبرز الأحداث الوطنية ، نحو الأغاني التي واكبت انتفاضة يوم الأرض في فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948 ، وخاصة أغنية " كرمالك يا أرض " التي خلّدت الموقف البطولي للجماهير التي هبت للدفاع عن الأرض التي صودرت عام 1976 ، وارتقى فيها ستة شهداء ، فالاستماع للأغنية يًفضي إلى استدعاء تفاصيل الحدث التاريخي ، فالأغنية ذكرى وذاكرة .وتعد أغنية " من سجن عكا طلعت جنازة" وثيقة تاريخية تسجل استشهاد الأبطال الثلاثة عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم .
وتجسد الأغنية الشعبية خريطة جغرافية وطنية تتجاوز تتجاوز التقسيمات السياسية القائمة في فلسطين ، نحو الأغنية التي يذكر فيها أبو عرب مدن فلسطين وقراها التي تؤكد على الوحدة الجغرافية الفلسطينية ، فلا تعترف بما يسمى اسرائيل المقاومة على الجزء المحتل عام 48 ، ولا يعترف بما يسمى ضفة غربية وهي الجزء المحتل عام 1967 ، فالوطن في أغاني أبي عرب فلسطين كلها من فائها إلى نونها . ويشعر المستمع للأغنية التي يعدد فيها أبو عرب المدن والقرى الفلسطينية أنه سائح في ربوع فلسطين ، تتوهج ذاكرته لتاريخ المكان ، وينشرح صدره لمشهد ربوع فلسطين بجبالها وسهولها وديانها وطبيعتها الخلابة .
وتُسهم أغاني أبي عرب في أسطرة البطل الفلسطيني فيبدو إنسانا خارقا للمألوف ، مثاليا ، مخلّصا ، منتظرا ، محققا للخوارق والمعجزات ، ومحبوبا تتشكل صورته في مخيلة الناس شخصا لا شبيه له ، نحو أغنية " يا ظريف الطول " التي تتحدث عن بطل لا مثيل له ، سواء كانت شخصية ظريف الطول شخصية خيالية أو شخصية حقيقية كما تقول بعض الروايات أن ظريف الطول وصف جمالي لشاب ثائر لا يُعرف اسمه على وجه التحديد ، فأصبح رمزا لكل مناضل.
غنى أبو عرب للثوابت الوطنية التي تشكل مفاصل القضية الفلسطينية ، نحو حق اللاجئين في العودة التي كانت من أبرز الرسائل الوطنية في أغانيه الشعبية ، وخاصة في أغاني " هدي يا بحر " و" ما نسيتك يا دار " و " يما في دقة عبابنا" . ولكن عودة الشاعر أبي عرب إلى فلسطين كانت عودة ناقصة كما هي حال عودة الذين سمح لهم بالقدوم مع مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية ، فالكتاب والشعراء والفنانون عادوا إلى الجزء المتاح سياسيا ولم يعودوا إلى مدنهم وقراهم الفلسطينية التي نزحوا عنها ، فأبو عرب من قرية الشجرة قضاء طبريا ، وهي قرية مدمرة لا سكان فيها ، وليس فيها سوى أطلال شاهدة على الوجود الفلسطيني ، وحينما زارها بتصريح من سلطات الاحتلال |أنشد على أطلالها أمام شجرة التوت بالقرب من آثار بيته : " توتة الدار صبرك على الزمان إن جار م لا بد نعود مهما طوّل المشوار " . وحينما عاد أبو عرب بعد زيارته مسقظ رأسه الشجرة إلى حمص حيث كان يقيم في سوريا ، سأله صحفي : خرجت من فلسطين وعمرك سبعة عشر عاما ، ماذا تقول بعد زيارتك لمسقط رأسك ؟ أجاب أبو عرب : عدتُ إلى عمري سبعة عشر عاما .
ويناظر مشهدُ عودة أبي عرب إلى قرية الشجرة مسقط رأسه مشهدَ عودة الأديب يحيى يخلف إلى قريته سمخ في طبريا ، وعودة الشاعر أحمد دحبور إلى حيفا " واد النسناس " تلك العودة التي انتهت بدقات الساعة التي أعلنت السابعة مساء حينما انتهى الوقت الذي حددته سلطات الاحتلال . فأبو عرب غنى للعودة للوطن طوال حياته ، وحينما حان وقت العودة الحقيقية كانت عودة ناقصة مشروطة محددة بأوامر الاحتلال .
جمعت أغاني أبي عرب بين الفضاء الوطني والفضاء القومي انطلاقا من الفكر القومي الذي تربى عليه أبو عرب الذي كان يؤمن أن وطنه الكبير من لؤلؤة الخليج إلى مرجان المحيط ، فلم تكن ثقافته إقليمية . وأول أغنية عبرت عن الفضاء الوطني " كانت عام 1966 بعد انظلاقة الثورة الفلسطينية حينما رثى في الأغنية الشهيد سعيد الحوتري الذي نفذ عملية فدائية في تل أبيب ، ومنها قوله : (يا اختي دموع عينك كفكفيها - كفاك نفْس أخوك تجرحيها - أنا ماشي ياختي ودعيني / امسحي بارودتي يللا هاتيها ) .
وأول أغنية قومية كانت عام 1956 التي مجدت الشهيد جول جمال الذي دمر البارجة الفرنسية التي كانت تُسمى " جان دارك" في أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، يقول أبو عرب في مطلع الأغنية :
طوربيدك يا جول - بيّن قوة أمتنا - مال الغرب علينا مال - ارتد بقوة ضربتنا
وتأسيا على ما تقدم ليس غريبا أن تتعدد مسميات وألقاب الشاعر أبي عرب ، فهو شاعر الثورة الفلسطينية - وشاعر المخيمات - والذاكرة الحية للتراث الغنائي الفلسطيني - وصوت الثورة - ومطرب الثورة الأول - والمقاوم بالثورة - وأبو العربان - والعروبي - وأبو عرب.



#عمر_عتيق (هاشتاغ)       Omar_Ateeq#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جداريات عنقاء رواية مواقف ومشاهد سينمائية
- الشاعرة الناقدة سلمى جبران بين قدسيَّة النّقْد وقدسيَّة النّ ...
- بين قدسيَّة النّقْد وقدسيَّة النّص قراءة في:كتاب -مرايا نقدي ...
- العزاء الأخير
- يا صاحبيَّ السّجن
- نقوشٌ في ذاكرةِ الريح
- سفر العودة
- يوسف عليه السلام
- دراسة موضوعية فنية في ديوان حيفا في يديها سراج أمِّي للشاعر ...
- التشكيل الأسلوبي في قصيدة - رفقا بالنساء-
- الشاعر راشد حسين قامة عالية لم ترتق إليها أقلام النقاد
- رؤية نقدية في قصائد الشاعرة عائدة الخطيب
- العناقيد الدلالية بين العنوان ومضمون القصيدة في ديوان -هنا و ...
- ظواهر أسلوبية في مجموعة -مرآة وصور-
- وهج السرد في مجموعة خطأ مطبعي للقاصة إسراء كلش
- ثنائية الصمود والهروب في قصة - ورقة من غزة - لغسان كنفاني
- إشراقات فنية في ديوان الأخوين الشهيدين باسم وحسين لوالدهما ا ...
- تأملات نقدية في نصوص الأديبة سحر أبو ليل
- تأملات نقدية في قصائد سامح يوسف
- قصة قصيرة ( ولم لا ؟ ) بقلم : ضحى عمر عتيق


المزيد.....




- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - الشاعر أبو عرب في ميزان النقد