أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - لماذا يتحول كل خلاف إلى عداء مستحكم؟!














المزيد.....

لماذا يتحول كل خلاف إلى عداء مستحكم؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 10:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السؤال ليس افتراضياً .. إنما تثيره آلاف مؤلفة من المواقف الواقعية فى شتى مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية التى نعيشها اليوم. حيث نرى كل خلاف فى وجهات النظر – حتى لو كان بسيطاً – يتحول إلى "خناقة"، ثم سرعان ما تتطور الخناقة الصغيرة إلى معركة كبيرة، يختلط فيها الحابل بالنابل، ويشترك فيها من له علاقة بأطرافها ومن لا ناقة له فيه ولا جمل، ويفتى فى شئونها من له علم بأصلها وفصلها ومن لا يفهم الفارق بين الألف وكوز الذرة.
وتظل كرة الخلاف – الذى كان فى المبتدأ تافهاً وقابلاً للاحتواء – تكبر كلما تدحرجت وتكتسب مزيداً من السرعة بالقصور الذاتى، حتى تصبح أكبر من كل الأطراف وتخرج عن سيطرة الجميع.
حدث هذا – مثلاً – فى "أزمة" القضاة التى بدأت بـ "مشاكل" صغيرة متفرقة، منها "اللهوجة" المقصودة فى إقرار صيغة لاشراف القضاة على الانتخابات دون الاستماع إلى تحفظات وتحذيرات عديدة كان الإصغاء إليها كفيلاً بسد كثير من الثغرات التى دخلت منها الزوابع فيما بعد.
وبعد أن وقع الفأس فى الرأس وتم تطبيق هذه الصيغة المسلوقة المليئة بالثغرات المصاحبة لتركيبة وصلاحيات اللجان المشرفة على الانتخابات، بدأت تظهر مشاكل التطبيق إلى جانب عشرات ومئات التجاوزات التى رصدتها تقارير المجلس القومى لحقوق الانسان (شبه الحكومى) وغيره من منظمات المجتمع المدنى الوطنية والأجنبية.
وبدلاً من التصدى لهذه التجاوزات فى المهد، ت تجاهلها، بل وتجاهل العدوان على بعض القضاة الذين رصدوها وأمسكوا بالجناة متلبسين بالجرم المشهود.
وبدلاً من حماية القضاة فى مواجهة العدوان الذى وقع عليهم فى بعض الدوائر رفعت الإدارة شعار "حياد الأمن"، الذى لم يكن فى حقيقة الأمر سوى حياد سلبى سرعان ما تحول إلى ذريعة لغض النظر عن ميليشيات البلطجية الذين اجتاحوا الشوارع حاملين السيوف والسنج والهراوات جهارا نهاراً وأمام كاميرات التليفزيون المصرى والفضائيات العالمية فى بجاحة منقطعة النظير!
وبدلاً من التحقيق فى شكاوى بعض القضاة الذين ضبطوا عمليات تزوير للنتائج فى بعض الدوائر، تم اعتماد النتائج "المضروبة" بالمجافاة للحقيقة، بل وتوبيخ القضاة الذين فضحوا التزوير!
وبدلاً من الاستماع إلى مطالب نادى القضاة الذى حاول القيام بوظيفته "المهنية" و"النقابية" فى حماية أعضائه الذين تم الاعتداء عليهم أو توبيخهم لتمسكهم بنزاهة العملية الانتخابية، قام "أصدقاء السوء" باسداء النصح إلى الحكومة بأن تصنع أذنا من طين وأخرى من عجين ، ومحاولة تصدير الأزمة إلى الهيئة القضائية حتى يكون النزاع داخلياً بين قضاه "معارضين" للحكومة وقضاه "موالين"لها، وبالتالى ينتقل النزاع من اتهام القضاه للإدارة بتزوير الانتخابات إلى اتهام من بعض القضاه إلى زملائهم بالتواطؤ فى هذا التزوير، واتهام مضاد من هؤلاء إلى القضاة الآخرين بالسب والقذف!
وتصور أصحاب هذا التفكير الجهنمى أن ذلك يجعل الحكومة تخرج من المشكلة مثل الشعرة من العجين، بينما هم ينقلون الصراع إلى ساحة أكثر تعقيداً واتساعاً، ويجعل أطرافاً أخرى من خارج الهيئة القضائية تدخل على الخط، بالحق أو الباطل، هجوماً أو دفاعاً، حتى كبرت الأزمة وتضخمت وتعقدت وأصبح لها جمهور عريض مساند لمطالب القضاة ويتظاهر من أجلها فى مواجهة جحافل الأمن المركزى التى استدعاؤها ونشرها فى قلب القاهرة التى تحولت إلى ثكنة عسكرية وساحة قتال لم يألفها المصريون الطيبون من قبل. واكتسبت الأزمة بالتالى أبعاداً "سياسية" وطنية .. وحتى عالمية!
وبالنتيجة تحولت مشاكل البدايات الصغيرة نسبياً إلى خصومة كان ممكناً احتواءها بين السلطتين التنفيذية والقضائية، ونشأت على هامشها خصومات أخرى بين الإدارة وبين قوى سياسية متعددة نالها من "الحب" جانب نتيجة انحيازها لنادى القضاة، وبالتالى تعرضها للقبض على العديد من نشطائها واعتقالهم وتحطيم مظاهراتهم وفض اجتماعاتهم بالقوة .. بما يعنى "موت السياسة" وتعليق العملية الديموقراطية والرجوع إلى المربع رقم واحد!
نفس الظاهرة نجدها فى ميادين اخرى مثل الفتنة الطائفية، التى تبدأ بأحداث تافهة وتصرفات فردية سخيفة. لكن سوء التعامل معها ، إضافة إلى عدم حل التراكمات السابقة على مدار سنوات وعقود، يصنع حريقاً من مستصغر الشرر وبالتالى تتحول خلافات فردية صغيرة إلى عداء طائفى خطير له أذرع فى الداخل وذيول فى الخارج.
والأمر نفسه نجده فى شتى المجالات الأخرى، ورغم اختلاف هذه المجالات واختلاف الأسباب، فان القاسم المشترك بينها جميعاً، والذى يؤدى إلى تحول كل خلاف إلى عداء مستحكم، هو ترك المشاكل تتراكم دون حل ودون حسم والاكتفاء بكنس الخلافات تحت السجادة وتبويس اللحى وإصدار البيانات المنافقة التى لا تحل ولا تربط، والافتقار إلى الإرادة السياسية اللازمة لتغيير الأمر الواقع ومواجهة إرث الماضى بما فيه من استبداد وفساد وظلم متراكم، وغياب الشفافية والمصارحة بالحقائق واحتكار صنع واتخاذ القرار، واستنكاف مشاركة الأطراف الأخرى، واستسهال أساليب الوصاية، وتصور حل المشاكل بقرارات فوقية بيروقراطية.
وهى كلها آفات جربناها قروناً طويلة من الحكم المطلق ونظام الحزب الواحد ولم نحصد من ورائها إلا الهزائم والمصائب.
فمتى نتعلم أن الديموقراطية، بمعناها الحقيقى، لا تلغى وجود خلافات فى أى مجتمع من المجتمعات، لكنها هى الصيغة الأقدر على حل هذه التناقضات بصورة سلمية، الأمر الذى يعنى – ضمن ما يعنى – القدرة على معالجة معظم الخلافات فى مهدها وعدم تحولها إلى عداوات مستحكمة تجعل كل أعصاب المجتمع مكشوفة .. يتسبب أدنى اقتراب منها فى آلام وهيجانات هستيرية ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا.. غوريللا النفط العالمي
- هل يعود شهبندر التجار .. بأزياء ديموقراطية؟!
- .. كى تبقى القاهرة حاضرة الحواضر .. وبستان العالم
- حراس التراث الحى .. يستغيثون!
- مصر متخلفة بثلاثين عاماً عن الدول التى تشجع الاستثمار!
- صورة أقوى من الكلام
- ليس دفاعاً عن البهائية .. والبهائيين
- الديموقراطية أحط شىء فى العالم
- فعلها الهندي الأحمر المتمرد!
- اطلبوا الحريات.. ولو من الكويت
- قطارات من أجل الحوادث
- إسرائيل تخطط لإعادة احتلال سيناء!
- وضع أقفال من حديد على أفواه الصحفيين.. أسلحة فاسدة
- كلام -هجايص- .. وكلام من دهب!
- حزب المحافظين
- ابنتي.. والإرهاب
- قبطى ... لامؤاخذه!
- هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم
- الطموح الإيراني والغيبوبة العربية
- أحزاب -تجارية- !


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - لماذا يتحول كل خلاف إلى عداء مستحكم؟!