|
النفط مقابل الدماء
سلام ناصر الخدادي
الحوار المتمدن-العدد: 6406 - 2019 / 11 / 12 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ إنطلاقة شرارة الإنتفاضة في العراق في الأول من اكتوبر 2019 وما رافقها من إراقةٍ للدماء والعنف المفرط بالرصاص الحي واستهداف المتظاهرين بالقنص والنوع الجديد المحرم دوليا من القنابل المسيلة للدموع التي تستخدم لاول مرة بهذه الوحشية من قبل السلطة وتوابعها ضد متظاهرين سلميين ، وتزايد اعداد الشهداء والجرحى ، نرى العالم صامت لا ينبس بحرف واحد ! والكل وقف موقف المتفرج ويتابع اراقة الدماء . لا إدانات من منظمات دولية ولا حكومات تندد بما يجري من خروقات لحقوق الانسان العراقي ، ولا مرجعيات او اتحادات او علماء دين ادانوا او مجرد رفضوا لما يحدث ! الا من تعاطف خجول هنا وهناك رغم ان كل ما جرى يصور ويبث بشكل مباشر وواضح لا لبس فيه ولا غبار عليه ! هؤلاء الشباب الناهض الواعد الذين هتفوا باسم العراق ويرفعون علم العراق وهم يواجهون الموت بصدورهم العارية ، ليسطروا ملحمة تحدي شعبٍ يبحثُ عن وطنٍ ضائع .. وطن مسلوب من قبل طغمة باغية فاسدة ، ارتضوا العمالة منهجاً والخيانة سلوكاً ولأنهم لصوص مأجورين فقد تفننوا بشتى اساليب النصب والأحتيال . فبعد ستة عشر عاماً من تسيّد الاحزاب الاسلامية والكردية على مقدرات البلد بكل مفرداته ، واستحوذت على كل خيراته فوق الارض وما تحتها بكل خسة ودناءة ، دون أن تراعي مصلحة الشعب بأبسط حقوقه بالعيش الحر الكريم .. لقد عانى شعب العراق ولعقود طويلة من إجرام البعث وتكميم الافواه ودوامة الحروب العبثية وما جرّت من ويلات وبلاء على العراق لازالنا ندفع اثمانها الى الان .. لتأتي سنين الفساد والمحاصصة ودعوات الانفصال والتغييب والاقصاء والطائفية والبطالة وحمامات الدم والتفجيرات وكل انواع الموت المجاني .. ستة عشر عاماً وكل من وصل الى سدة الحكم من عام 2003 الى الان يشارك بجريمة إبادة الشعب العراقي ونهب ثرواته وخيراته ، فلا مصنعٌ تأهل ولا معمل أنتج ولا أرض زرعت ولا صحراء رويت ولا طريق تعبّد .. ولا أمن إستتب ولا نفوس طمأنت ولا كهرباء أنارت ولا عجلات دارت . جيش من العاطلين يزداد سنويا .. وجيل يتبع جيل بلا عمل ويأس ضرب اطنابه بين الناس . دون بارقة أملٍ ترتجى . وساسة البلد منشغلون بامتيازاتهم وسفراتهم وما يحقق لهم الربح السريع والاثراء على حساب الشعب باية طريقة ومهما كانت محصلتها التدميرية للعراق ، فهم لصوص بامتياز ، وجميع الحكومات عميلة مأجورة مرتهنة بتوافقات دولية !! ومهزلة المهازل : دولة يصنعها ويحركها جنرال ايراني ، ويباركها معمم ايراني !! ولأن لكل رحيلٍ مدى .. فقد بلغ السيلُ الزبى ! وكانوا واهمين جدا ، وحسب مفهومهم الساذج إن تأجيج المشاعر الدينية (اللطم والبكاء والتطبير وشتم الاخرين واغراق البلد بيافطات سوداء وحزن قائم ابد الدهر) وعشرات القنوات الاعلامية الموجهة والاف المنابر الزاعقة ، سيؤتى ثمارها ، ويقطفون ما زرعوا من تفرقة واحقاد وطمس الهوية الوطنية .. لكن صرخة وطن ارعبتهم : " سينهضُ من صميمِ اليأس جيلٌ شديد البأس جبارٌ عنيدُ " ويقلب كل موازينهم ويقضّ مضاجعهم وما جاءوا به ، ويحرق كل اوراقهم ويشتت شملهم ويقتلع زرعهم ويفند رأيهم ! العملاء يحكمون في كل بلدان العالم ، هناك قانون يٌعاقب فيه كل من يخون بلده وكل عميل لبلد آخر بأشد العقوبات .. ولا يوجد بلد بالعالم أجمع ، يكرم العملاء والخونة ويمنحهم مناصب سيادية ( وزراء ورؤساء حكومات ونواب ورؤساء كتل برلمانية ) الا بالعراق فقط !! فكيف يرتجي شعب العراق خيراً من عميل خائن قضى وطراً من حياته يحمل السلاح ليقاتل ابناء بلده ويقبض ثمن خيانته لوطنه مرتباً شهرياً ليصبح حاكماً ومشرعاً ؟؟ ولأن امثال هؤلاء الذيول وما شابههم ومن لف لفهم تسلموا مقاليد السلطة ، لذا صار العراق خلال العقد ونصف من السنين الأول عالمياً بالفساد وهدر الأموال وتدني التعليم وتفشي الأمية والبطالة والجريمة والأوساخ وتدمير البنى التحتية وتفكيك المجتمع الى باقي المنحدرات الفتاكة كالامراض والمخدرات وانعدام الخدمات .. وبات العالم يعرف ماهو مصطلح " حكومة العراق وبرلمانه" !! والجميع يعلم علم اليقين هيمنة ايران وجنرالاتها وميليشياتها على القرار العراقي ! والكل يعلم ماذا يفعل ذيول ايران واتباعها بمقدرات البلد وهدم وتخريب وتعطيل والغاء كل ما من شأنه فائدة الشعب ! لكن ، لما انتفض شباب العراق ليسترجع كرامته المهدورة وحقه المسلوب ووطنه الضائع ، وقف العالم متفرجاً لم يحرك ساكنا امام جرائم القتل العمد لمتظاهرين سلميين عزّل يلوحون بالاعلام العراقية ! النفط أهم أم الدماء ؟ نعلم جيدا أن سياسات الدول تحركها المصالح الاقتصادية ، وكما قال ماركس العظيم " الاقتصاد يقود السياسة من رقبتها " ، فلا حاجة لهم بدمائكم ! لأن انسياب انبوب البترول اليهم ، أهم الف مرة من شهيد عراقي يثأر لاسترجاع وطنه المفقود ! لأنهم ارادوه ان يبقى مفقودا .. لأنهم يعلمون جيدا ، ان ثورة العراق يعني صحوته ، وصحوته تعني استرداد عافيته وقوته .. وهذا لن يروق لهم .. فأمروا عملائهم بقمع الانتفاضة ومهما كان الثمن !! طوبى لكم ثوار وطني ، ومجداً لكل الشهداء الأبطال لانكم ستطهرون العراق من رجس هؤلاء الأوغاد . لقد أذهلتم العالم بصدى حناجركم الهادرة ، وحققت التكتك ما عجزت عنه الدبابات الامريكية حينما فرضت حفنة من العملاء الماجورين اسياداً على الشعب .. مخرجات الثورة ثورة الشباب والتفاف الجماهير حولهم واستجابتهم للنداء ومدّهم بكل مقومات الصمود والمطاولة ، وتحدي السلطة والبقاء في ساحات البطولة والثورة ، أفرزت العديد من النقاط الجوهرية والتي تعد ثوابتاً ، ومنها : اولا : أسقطت وللأبد قدسية الاصنام والهالة التي أحيطت بهم وكشفت بكل وضوح عمائم الزيف وعباءات الدجل واخرست ابواق التخريف والتحريض والتغييب ! ثانياً : مزقت وللأبد كل الخطوط الحمراء والصفراء وما أريد لها ان تكون سلاسلا بأعناق العراقيين ، فبانت أوهى من خيوط العنكبوت ! ثالثاً : مرغت بالوحل تيجان الرؤوس الخاوية العفنة ولقنتهم درساً بالوطنية : أن لا تاج رأس غير الوطن والمواطن . رابعاً : أنهت وبكل اقتدار اوكار العمالة او ما يسمى مقرات الاحزاب الاسلامية التي تدار من قبل ايران . خامساً : أنارت فجراً جديداً للعراق بعد ليل حالك طويل امتد ظلامه لعقود ، وظهر للساحة جيلٌ يعرف ماذا يريد ويعرف التحدي ويعرف الحقوق ، بل أفرز بكل وعي مطالبه العادلة راسماً الطريق الصحيح لمستقبله . سادساً : فتحت اروع وأعظم صفحة في تاريخ الشعب العراقي من تلاحم صميمي ومشاعر انسانية صادقة سيخلدها التاريخ بأبهى الصور وسيكتب عنها باحرفٍ من نور .. لقد أسقط ثوار الانتفاضة ، كل اشكال الطائفية المقيتة واسقط المذهبية والعشائرية .. وهذا المنجز الجبار صنعه الثوار وحدهم . لقد سطرتم اروع ملاحم البطولة والصمود بتآزركم ووحدتكم وانضباطكم وكرمكم وغيرتكم وجودكم بالنفس وشهامتكم ووطنيتكم .. واعطيتم درساً لن ينسى لكل شعوب العالم : كيف يسترجع الوطن ثورتكم حققت منجزاً عظيماً وحلماً ظل يراود كل الوطنيين الشرفاء ، ويكفيكم فخراً ...... انكم أرجعتم الوطن ! سيدني 10/11/2019
#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام المندائي بين الحقيقة والطموح
-
مفارقات بيت كطيو المضحكة
-
شرّ البليّة ما يُضحِك !!
-
طرزان حكيم الزمان
-
الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
-
الفساد حين يكون توافقياً !!...
-
يابن الرافدين
-
الإقليم والأقاليم مرة اخرى !!
-
أغمضي عينيكِ
-
مَن يقودُ مَن ؟؟
-
نفترضُ لو إنّا ..
-
إفرازات الزمن الرديء
-
المدارس الأهلية .. الواقع والطموح
-
الأقليات العراقية والمشاركة الوزارية
-
همسات دافئة
-
الأقليات بين الحقوق والدموع !!...
-
وددتُ أن أقول
-
التوافق .. والفساد السياسي
-
غربة الجسد
-
لِمَ الصمتُ ؟
المزيد.....
-
سوريا.. فيديو حراسة موكب أمير قطر بدمشق ولقطة مع أحمد الشرع
...
-
-سيفعلان ذلك-.. تصريح جديد لترامب عن مصر والأردن وخطة استقبا
...
-
الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟
-
بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خ
...
-
تحذير لمكاتب الكونغرس الأمريكي بعدم استخدام تطبيق -ديب سيك-
...
-
اليونان.. قرار بإزالة طوابق فندقية مخالفة قرب معبد الأكروبول
...
-
الصليب الأحمر يدعو إلى عمليات نقل -آمنة وكريمة- للرهائن
-
قنبلة نووية في متناول اليد!
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|