|
صرخة..قبل الزوال-قصيدة
عزالدين أبو ميزر
الحوار المتمدن-العدد: 6403 - 2019 / 11 / 8 - 11:18
المحور:
الادب والفن
صَرخَة ..قَبلَ الزّوَال -قصيدة
فِي لَحظَةِ الصِّدقِ كَمْ تَسمُو بِنَا الفِكَرُ
وَيَنجَلِي بِجَلاهَا السّمعُ والبَصَرُ
وَالنّفسُ تَختَالُ زَهوًا فِي تَصَوُّرِهَا
حَتّى تَكادُ تُرى مِنُ خَلفِها الصُّوَرُ
وَالعَقلُ يَغدُو بِلا حَدٍ يُحَدُّ لَهُ
وَلا تُؤَطِّرُهُ فِي أُفْقِهِ أُطُرُ
فِي لَحظَةِ الصِّدقِ هَذِي قَد وَقَعْتُ أنَا
أَصُدفَةٌ هِيَ كَانَتْ أم هُوَ القَدَرُ
أمْ أنّ رَبّي رَآى قَلبي يَئِنُّ جَوًى
وَقَد بَكى أسَفًا مِن حَالِنَا الحَجَرُ
وَفُرْصَةُ العُمرِ هَذي اليَومَ قَد سَنَحَتْ
بَعْدَ الثّمانينَ لَمّا مَسّنِي الكِبَرُ
فَلَيتَهَا قَد أتَتْ والعُمْرُ مُقتَبِلٌ
وَرَوضُ عُمرِيَ غَضٌ رَيِّقُ نَضِرُ
كَيْ مَا أقوم بِدَورٍ قَد يُشَرِّفُنِي
وَتِلكَ أُمنِيّةٌ مِيلادُهَا عَسِرُ
إنْ لَم أَكُنْهُ فَحَسبِي مِنْهُ مَعرِفَتِي
وَمَا أرَى وَلِغَيرِي الدّورُ والأثَرُ
نَظَرتُ حَولِي فَإذْ بِالأُفْقِ مُنفَتِحٌ
وَإذْ بِمَركَبَةِ التّارِيخِ تَنتَظِرُ
أمَامَها " بَنُورَامَا " الكَونِ مُذْ فُتِقَتْ
عَنِ السّمَا أرضُنا والشّمسُ والقَمَرُ
لا آدَمٌ بَعدُ أو حَوّاءُ قَد خُلِقَا
أو أُهبِطَا فَوقَها واسْتُنسِلَ البَشَرُ
عَلى حَقيقَتِها كُلّ الأُمورِ هُنا
فِي عَالَمِ الصّدقِ لا كِذبٌ ولا غَرَرُ
وَإذْ بِصَوتٍ يُنادينِي ويَصْرخُ بي
إذا مَضَيتُ فَلا وِرْدٌ وَلا صَدَرُ
فَقُلتُ خُذنِي فَمَا في العُمْرِ مُتَّسَعٌ
وَلَنْ يَعودَ لِمِثلِي العُمْرُ يُختَصَرُ
إلى قَبائِلِ قَومي في مَضارِبِهِمْ
فِي الجاهلِيّةِ حَيثُ المَوتُ والخَطَرُ
وَحَيثُ دَاحسُ والغَبرَاءُ تَطحَنُهُمْ
وَجَذوَةُ الحِقْدِ فِيهِم نَارُها تَئِرُ
"وَمَنْشِمٌ " عِطْرُها قَد دُقَّ بَيْنَهُمُ
وَصَرصَرُ الحَربِ لا يُبقي ولا يَذَرُ
وَهالَنِي أنّ هَذَا الحِقدَ في دَمِهِمْ
والقَتْلَ والغَدْرَ في جيناتهم زُمَرُ
وَهُمْ أشَدُّ نِفاقًا فِي حَياتِهِمُ
وَكُفْرُهُمْ كافِرٌ فيهِمْ وَمُشْتَهرُ
حَتّى اصطَفَى لَهُمُ مِنْ بَيْنِ أنْفُسِهِمْ
رَبّي رَسولًا وَقَد كانت بِهِ الخِيَرُ
بِالعَدلِ قَوّمَ فيهِمْ كُلّ مائلَةٍ
كَأنّهُ الغَيثُ بَعدَ الجَدبِ يَنهَمِرُ
وَبَلّغَ النّاسَ ما أوْحَى الإلَهُ بِهِ
ما مَلَّ يَومًا وَمَا أزرَى بِهِ خَوَرُ
وَقامَ فِيهِمْ خَطيبًا يَومَ حجّتِهِ
وَقَد أُتِمَّتْ نُزُولًا كُلّها السُّوَرُ
عَلى المَحَجّةِ إنّي قَد تَرَكتُكُمُ
فَاسْتَمسِكُوا بِكِتَابِ اللهِ وائتَمِرُوا
وَأشهَدَ اللهَ أنْ أدّى أمانتَهُ
إذْ ما تَبَقّى لَهُ مِنْ بَعدِها عُمُرُ
وَكَيفَ أمّتُهُ مِنْ بَعدِهِ انْقَلَبَتْ
وَالحَقُّ بابٌ عَلَيهِ أُسْدِلَتْ سُتُرُ
وَاسْتَحضَرُوا"مَنْشِمًا" بالعِطْرِ تَرفِدُهُمْ
وَلَمْ يَزَلْ عِطْرُها لِليَومِ يَنتَشِرُ
قامَتْ تَميمٌ وَقَيسٌ بَعدَ أنْ غَفَتَا
وَبَعدَ كُلّ رِضاها اسْتُغضِبَتْ مُضَرُ
وَإذْ بِها كُتُبُ التّاريخِ كَاذِبَةٌ
وَالحَقُّ غَيرُ الّذي جاءتْ بِهِ السّيَرُ
وَأنّنا بَعْدُ لَمْ نَقرَأْ صَحائفَنا
وَمَا تُدُبِّرَ فينا المُصْحَفُ العَطِرُ
وَأنّ أسلافَنَا صاغوا سِواهُ لَنا
وَنَحنُ نَجْتَرُّ ما قالوا وَما ابتَكروا
كَما أرادَ لهُمْ حُكّامُهُم وَقَضتْ
شَهواتُهُمْ لَهُمُ والكِبْرُ وَالصّعَرُ
قُرآنُنا لَمْ يَزَلْ بِكْرًا كما نَزَلَتْ
عَلى الرّسولِ بِهِ الآياتُ والسّوَرُ
وَأنّنا لَمْ نَزَلْ وَالجَهلُ يُغْرِقُنا
وَما تَفَتّحَ في أذهانِنا الزّهَرُ
بَلْ مَا تَبَرعَمَ أصلًا مُنذْ فارَقَنا
هَذا الرّسولُ وَغابَ الوَحيُ والخبَرُ
نَقضي عِطاشًا وَصَفوُ الماءِ في يَدِنا
وَالخَيرُ مِنْ حَولِنا وَالظّلُّ وَالشّجَرُ
كَأنّنا في غِنًى عَنْهُ فَفي دَمِنا
رُوحُ التّكَبُّرِ وَالصّحراءُ تَنتَصِرُ
وَرَبُّنا المالُ يُغرينا الوُصولُ لَهُ
وَفَرْجُ أُنثَى وَرَاهُ يَركُضُ الذّكَرُ
نَعيشُ كِذبَةَ تَاريخٍ تُخَدّرُنا :
الشرقُ دَانَ لَنا وَالبَدوُ وَالحَضَرُ
وَفي الحقيقَةِ أنّ اللهَ سَلّمَنا
وَفي قُلوبِ سِوانا اسْتَوطَنَ الذّعُرُ
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا لَمّا التّتارُ غَزَوْا
دَارَ الخِلافَةِ كَيفَ العَزْمُ يُختَبَرُ
وَإذْ بِنا نَحنُ كالآسادِ مِنْ وَرَقٍ
وَالصّوتُ فيناصدًى والعَظْمُ مُنتَخِرُ
وَقَد قَضَى اللهُ أنْ يَهدي جُيوشَهُمُ
لَولا الإلَهُ لَزالَ العُرْبُ واندَثَرُوا
كَقَومِ عادٍ وَأهلِ الرّسِّ أو إرَمٍ
ذِكرى تَمُرُّ وَلا يَبقى لَها أثَرُ
فَعُدتُ وَالقَلبُ مَقروحٌ وَمُنْفَجِعٌ
وَالدّمعُ مِنْ غَارِبِ العَينَينِ يَنْهَمِرُ
وَلَوْ بَقيتُ لَماتَ الحِسُّ في جَسَدي
وَعُدتُ أعمَى فَلا حِسٌ وَلا نَظَرُ
لَكِنْ لِأُنذِرَ مَنْ لَا زَالَ مُنبَهِرًا
إنْ كَانَ تَنْفَعُ في أمثالِهِ النُّذُرُ
وَأكشِفُ السِّرّ عَنْ مَاضٍ لِأمّتِنا
وَكَيفَ لَا زَال فِيهِ البَعْضُ يَنبَهِرُ
وَاليومَ نَحنُ وَنارُ الحِقْدِ تَأكُلُنا
وَقَد تَبَدّلَت الأيّامُ والعُصُرُ
حتّى الخِيانةُ ما عادت تُحَرّكُنا
وَالبعضُ حَتّى بِها قَد رَاحَ يَفتَخِرُ
بِكُلّ عُهْرٍ تَفوقُ الوَصفَ قِحَّتُهُ
فَأيّ أيّ مَصيرٍ نَحنُ نَنتَظِرُ
إنْ لَمْ نُعِدْ لِجَلالِ العَقلِ هَيْبَتَهُ
وَالأوْلَوِيَّاتُ فِينا كَيفَ تُبْتَدَرُ
وَالعِلم يَغدو إمامًا نَحْنُ نَتْبَعُهُ
فَألفُ أوْلَى بِنا الأجْداثُ والحُفَرُ
د.عزالدّين أبوميزر
صحيح أنّ جلد الذّات يوجع ولكنّ تجاهل الحقيقة والسكوت عن الحقّ أمضّ وأوجع. ( مَنْشِمْ ) امرأة في الجاهليّة كانت تبيع العطر للمقاتلين ومن تعطر به ومسّه فقد أعطى العهد والميثاق على عدم التراجع فإما الموت والفناء أو النّصر. وفي معلقة زهير: تداركتما عبسا وذبيان بعدما
تفانوْا ودقّوا بينهم عطر منشمِ
#عزالدين_أبو_ميزر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في رواية-الحائط-
-
ذكرى - قصيدة
-
الشاعر العابد
-
فراشة
-
قراءة في ديوان: ما يشبه الرثاء
-
الغفلة-قصيدة
-
المواطن-قصيدة
-
أنثى الياسمين-قصيدة
-
غشاء البكارة
-
ندوة اليوم السابع -قصيدة
-
القدس 3-قصيدة
-
السّهل المُمتَنِع-قصيدة
-
مش خربشه-قصيدة
-
مِشّْ خَربَشِةْ-قصيدة
-
الكلمات العارية-قصيدة
-
القدس-قصيدة
-
الراعي والغنم-قصيدة
-
الحُلمُ مُتعَةْ-قصيدة
-
العقدة والقضية-قصيدة
-
صرخة قبل الزوال
المزيد.....
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|