أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى منيغ - كارمين وسياسة ألاف المهتمين















المزيد.....

كارمين وسياسة ألاف المهتمين


مصطفى منيغ

الحوار المتمدن-العدد: 6400 - 2019 / 11 / 5 - 15:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تسَلّلَ شُعاع الشمسِ من انفراج سِتَارَيّ النافذة ليغسلَ وجهها بضياءٍ أضافَ له ما تعجز المساحيق كلها إضافته ، ليبدُوَ بهذه الابتسامة الرَّوعة ، للفاتحة عيناها لتجدني متأهباً لتنفيذ رغبتها في الذهاب مع السائق إلى برشلونة لتقديم استقالتي من المعمل ، والمرور على الفندق لأخذ حقائبي وحاجاتي جميعها بعدها التحقُ حيث يقودني إليها السائق . قبل خروجي من الغرفة ذكَّرَتني بأخذ جواز السفر وبطاقة الإقامة وأن لا أغادر الدار قبل تناول الفطور متمنية لي التوفيق وكل سعادة الدنيا . أدَّيتُ المهمة بنجاح ، مُتَّجِهاً وَجدتُ نفسي لأقابلها حيث توَقَّفَ السائق أمام أحدِ المصارف الكُبرى ويطلب مني النزول لأتبعه حتى مكتب استقبلتني داخله ومدير المؤسسة الذي طلب مني وثائقي الرسمية من جواز السفر وبطاقة الإقامة لينادي بالهاتف على موظفة يُعطيها تلك الأشياء مرفوقة بشيك لتفتح لي حساباً بنكياً ، دقائق خمسة مرت على غيابها لتعود وبين أيديها ملف و وثائقي الشخصية سلَّمتهم للمدير وانصرفت ، أخرجَ الأخير من ذات الملف وثيقة لأمضيها بعد الإطلاع على مضمونها ، وليُسلِّمَ لي وَصْلاً بالمبلغ المفتوح به حسابي وكل الوثائق التي تخصُّني متمنياً لي السعادة والنجاح بجانب السيدة التي خيّرتني بعد خروجنا بين تناول الغداء في مطعم والِدَيِّ كارمين أو العودة للضيعة ، اخترت الثانية أمام استغرابها . سادنا الصمت حتى لا يطَّلع السائق على أسرارنا . طوالَ الطريق المستغرق قطعه ما يٌقارب الساعة والنصف وأنا أفكر في المبلغ الضخم المفتوح به حسابي الخاص ، الذي لو وفرتُ من مرتبي في العمل لمدة عشر سنوات لما غُطِّيَ نصفه ، أدركَت هذا بذكائها فاكتفَت بالابتسام بين الفينة والأخرى لتجعلني أُحسُّ أن الخيرَ كثير، وما دام الأمر كذلك فلا حاجة للاهتمام بمثل الجوانب التِّي رأتها جد عادية . في الضيعة تكلَّفت الخادمة بما أحضرتُه من الفندق مُظهِرة فرحاً لم أعُد أفهمها بسببه ، لكنني تجاهلتُ الموقفَ عن فصد ما دام في الطريق أشياء أخري أنتظرُ وصولها بقوة ذهنية وعزيمة أحياناً أتساءلُ مِن أين تستمد هذا الاستعداد لمواجهة المجهول ، أهو خير مكتوب عليَّ أم العكس يقودني لأسوأ الأسوأ . دخلتُ والسيدة الغرفة لاستبدال ملابسنا بآخري عادية فطرقت أنفي رائحة غريبة أحسستُ باستنشاقها حضورَ التي أصرَّت مناقشتي تلك اللحظة بالذات أمراً حسبتُهُ طَرَأَ ولا يحتمل الانتظار، تأكَّد لي ذلك في جلوس السيدة متجمِّدة على أريكة خضراء اللون صغيرة تقابلني ومِن ورائها مرآة طاولةِ التزيين الخاصة بالنساء، شاحبة الوجه بعض الشيء ، مغلق فمها والصوت ينبعث منها ، كنتُ أحاولُ التعوُّدَ على مثل الأشياء كي لا أُصاب حتى بشبه انهيار معنوي وصولاً لمعرفة أي جزء مهما كان بسيطاً من الحقيقة . سمعتها تقول :"ما سأقصُّهُ عليكَ نفعكَ قبل حدوثه من زمان ، وحتى يُسايرَ عقلكَ الرزين ، بل وليتذوق لذة الصدق فيما رغْبتُ أن تعرفَهُ ، أرجعُ بك لتلك اللحظة وعمركَ لا يتجاوز الخمس سنوات وأنتَ على اصرار قادَكَ لتعَلُّمِ السباحة في نهر يقتربُ من مدينة القصر الكبير بخمس كيلومترات، في عمقه مَبْنَى يشبه الجبّ شبه مُغَطَّى ، سمَّاهُ مَن سماه كرة الموت ، بالاسبانيةLa bola de la muerte بدأتَ مرَّة من "خَنُّوسْ"، وأخرى من "الرَّدْ"،والُثالثة والأخيرة في "البْنَاتِيِّين"، (وهي نقط معينة من الوادي) حيثُ جذبكَ تيار فاقت قوته قدرتك فكدت تغرق ، ومع ذلك لم يتمكن الخوف من قلبك ، صارعت ما تغلَّبتَ عليه بهدوء لتخرج منها سالما وأضحك فارحة بنجاتك، كما ضحتُ يوم البحيرة التي خرجتَ منها مبلول الثياب ، قارن بين الواقعتين المرسومتين في عمق ذاكرة ذاكرتك ، لتسمعَ جيِّداً ما سأقوله لك وتعمل به نصاً وشكلاً ، إعْلَم أنني لا أهدِّدك بقدر ما اتوسَّل إليك (يا ابن بلدي، وموطني الأصلي يومه كالبارحة كالغد) أن تطيعني في أمره . المتجمِّدة أمامك ، هذه السيدة التي أحبَّتكَ بالرغم من أعتى الموانع التي وقفَت ضد ارتباطك بها مهما كان نوعه ، والتي بالرَّغم من كل ذلك وأكثر، وهبتكَ نفسها ، ومنذ تلك الثانية وأنتَ مُحَصَّن من أي أذى بيننا ، أتدري مَن تكون ؟؟؟، انها ابنتي الوحيدة أيها الرَّجل المحترم في قومك والآن مِن لَدُني ، وسأمدَّك بالدليل القاطع لتعرف حتى والدها من يكون ، ما عليك إلاَّ الدخول لغرفة من ظَنَّت ابنتي زوجها لتعثرَ على صندوق مدفون تحت سريره ، افتَحْهُ لتجِدَ مذكرة مكتوبة بخط يده، اقرأها جملة جملة، بعدها بثلاثة أيام سأعود اليك لتنفِّد بالحرف الواحد ما سأطلبه منك. انبرى من خلف السيدة ما انعكس على سطح المرآة شعاع خاطف أزرق تبدَّدَ في أقل من لمح البصر لتستردَّ وعيها ويتصاعد الدم لوجنتيها بتؤدة لتعود لطبيعتها مع تعب بسيط يذهبُ بها إلى الاسترخاء بمساعدتي على فراشها لتنام نوما عميقا كأنها افتقدته من زمان .
شعرتُ بحزن شديد يجتاحني بسبب تَذَكُّري كارمين وعجزي الآني عن مرافقتها مهما كان المكان صغيراً غير مجهز بما يوفر الراحة لزائريه المثقلين بحب صادق طاهر ، أملهما في الحياة أن يسعدا بوصال شرعي يديم التلاحم الروحي بينهما مدى الحياة . تخيَّلتُها تقاسمني الأريكة في جلسة تحوم حولها مشاعر لا يمكن مقارنتها إلاَّ بما تستحق من تقدير لجمعها كل جَلِيلٍ بما هو جَميل ، أتخيل أناملها الرقيقة تتعرضُّ انحدار دموع فجَّرها الضيق على وجهي تغسل كآبة لا يستحقها عاشق ألَّمَهُ قَيْد الوضعيةِ التي وجدَ نفسه وسطها دون اختياره لا من قريب أو بعيد ، أتخيل كلامها وهي تخاطبني بأسلوب يرقَى لدغدغة مشاعري : "أَغداً نرحل لعشِّنا الأََغَرّ، المفروش بالعشب الطريّ الأخضر، لنسلِّط في وحدتنا على بعضنا البعض ما لا يُري بمِنْظار ، ولا يُمَس بأنبغ فِكَر، مفعوله ليس من صنع بشر. أحبك سيدي حب أرض جرداء قاحلة للمطر ، حب امرأة فقدت أملها في الانجاب فأحست بمن لبطنها عَمّر ، حبَّ امرأة غيَّبت الحرب زوجها وفجأة تراه فد حَضَر ، ببعدك يا سيِّدَ عُمري لن يكون لاسمي حضور، ولا لعيناي نور . أتدري أن أطروحتي بهرت اللجنة المشرفة فمنحت لي أعلى ما يمنح كدرجة تؤهلني لمستقبل سياسي محترم تلك اللجنة التي كنت على وشك أن أبوح لها بسر أنك سيدي الغالي صاحب النظرية التي أقمت بحث الأطروحة بالكامل عليها لولا أنني تذكرت أننا اثنان في واحد ، النظرية التي زرعتها للنِّقاش داخل الحزب الذي انتمي إليه ، المعروف أنت وسطه ، فحصدتُ بها ألاف المهتمين .(يتبع)
[email protected]



#مصطفى_منيغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارمين مزج الخيال باليقين
- كارمين الإسبانية جوهرة الإنسانية
- الحكومة الجديدة عن الشعب بعيدة
- المغرب للمفسدين لا يُحارب
- السِّيسِي وتَقْدِيس الكُرْسِي
- السِّيسِي المَاسِك المَمْسُوك الأسَاسِي
- المغرب في قلب اليهود حبيب
- كما تريد الأردن، لن يكون
- مصر بين كوخ و قصر
- المُواجَهَة للواجِهَة مُتَّجِهَة
- بقية مُحْدِقَة ببوتفليقة
- المؤشر يشير من بشَّار إلى البشير (1من5)
- بعد الصراصير قد تُبْعَثُ المسامير
- أحزاب خلف الباب
- أهو المغرب أو -الركن الغريب؟؟؟.
- العرب بين السغب والشغب
- عدوى التخطيط، من الخليج للمحيط
- بدعة البردعة
- نظرية نقابة الألفية الثالثة
- الجديدة على القهر ليست متعوِّدة


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الصين تستضيف اجتماعا للفصائل الفلسطينية
- برلماني روسي: موسكو لن تشارك في أي قمة سلام بشروط أوكرانيا أ ...
- نيجيريا والإمارات تتفقان على استئناف الرحلات الجوية وإصدار ا ...
- أوربان يدعو رئيس المجلس الأوروبي إلى استئناف العلاقات مع روس ...
- بايدن ينتقد مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس ويتهمه بالتملق للأث ...
- السلطات الأمريكية ستجري تحقيقا في تعامل الأجهزة الأمنية مع م ...
- عدد المصابين بفيروس حمى النيل في إسرائيل يحطم رقم قياسيا مسج ...
- دونيتسك: أكثر من 189 ألف قذيفة أطلقتها قوات كييف منذ فبراير ...
- أوربان: في حال فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية سيعمل فورا كوس ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى منيغ - كارمين وسياسة ألاف المهتمين