أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس لكريني - الزعامة الأمريكية في عالم يتغير: مقومات الريادة وإكراهات التراجع















المزيد.....



الزعامة الأمريكية في عالم يتغير: مقومات الريادة وإكراهات التراجع


إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)


الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
عادة ما كانت الإمبراطوريات العالمية الكبرى على امتداد التاريخ البشري تؤول نحو الانحدار والتراجع بعد فترة معينة من الرقي والازدهار نتيجة لعوامل داخلية أو خارجية.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي وما تلاه من نهاية الحرب الباردة وغياب منافس عنيد، خلا الجو للولايات المتحدة الأمريكية لتبسط هيمنتها على الشؤون العالمية وتعلن قيادتها وزعامتها لهذا العالم المتغير.
ولم تكد تمر سوى سنوات قليلة حتى وضعت هذه الزعامة محل تساؤل العديد من الباحثين والمهتمين, وحول مدى قدرة هذه الدولة على الصمود نحو تثبيت وتدعيم زعامتها.
وجاءت أحداث الحادي عشر من شهر شتنبر 2001 ومن بعدها العدوان الأمريكي على العراق، ليضعا من جديد مستقبل "الإمبراطورية الأمريكية" محل تساؤل جدي.
وإذا كان القرن التاسع عشر قد وصف بأنه قرن بريطاني بكل تأكيد, والقرن العشرون هو بلا ريب قرن أمريكي، فهل سيكون القرن الواحد والعشرون قرنا أمريكيا أيضا؟
ذلك ما سنحاول مقاربته من خلال التطرق لأهم مقومات الزعامة الأمريكية (أولا) والتحديات التي تواجهها في ذلك (ثانيا) ثم الآثار المباشرة والمحتملة لأحداث 11 شتنبر على هذه الزعامة (ثالثا) والعدوان الأخير على العراق(رابعا).
أولا: المقومات الأساسية للزعامة الأمريكية.
بانهيار الاتحاد السوفيتي أصبح الجو مناسبا للولايات المتحدة الأمريكية كي تبسط هيمنتها وتفرض زعامتها على الساحة الدولية, وهي الزعامة التي تكرست في أعقاب أزمة الخليج الثانية التي احتكرت الولايات المتحدة دواليب إدارتها، ففي هذه الفترة بالذات تحدث الرئيس الأمريكي "جورج بوش الأب" لأول مرة عن: "بزوغ عصر جديد وزمن السلام لكل الشعوب، ونظام دولي جديد متحرر من الإرهاب، قوي في البحث عن العدل وأكثر أمنا في طلب السلام" (1)، ومنذ ذلك الحين تمحورت الاستراتيجية الأمريكية في المحافظة على هذا النظام الدولي الذي تحتل فيه مركز القيادة, عبر تعزيز أمنها العسكري الذي تعتمد عليه في إنجاح سياستها الخارجية، وتطوير اقتصادها وتعزيز حضورها العسكري والديبلوماسي والإقتصادي الوازن والمكثف على الساحة الدولية.
وفي خطوات معاكسة منها لمسار عجلة التاريخ المرتبط بانهيار الإمبراطوريات الكبرى، ما فتئت هذه الدولة تبحث عن كل الوسائل اللازمة والكفيلة لتأبيد زعامتها وقوتها, مستفيدة في ذلك من تجارب الأمم السابقة. ويمكن إجمال أهم المقومات التي تمتلكها هذه الدولة وتمكنها من ممارسة دور طلائعي على الساحة الدولية فيما يلي:
فعلي المستوى الاقتصادي، استطاعت الولايات المتحدة منذ فترة الحرب العالمية الثانية أن تسيطر على مجمل الاقتصاد العالمي وتتحكم فيه، حيث تمكنت من بناء نظام اقتصادي دولي يخدم مصالحها، من خلال المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية التي أفرزها نظام "بريتون وودز" التي تهيمن عليها ( 30 بالمائة من التمويل الخاص للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي) وعن طريق حقوقها التصويتية بهذه المؤسسات وقدرتها على اختيار رؤسائهما ووجود مقرهما على ترابها.
كما نجحت في تأهيل اقتصادها ليكون أكثر قوة واستقرارا على الصعيد الدولي، من حيث طاقة الإنتاج والمردودية أيضا واعتماد التقنيات العالية الجودة، وسيطرة شركاتها العملاقة على حركة رؤوس الأموال والاستثمار والتبادل التجاري الدولي، مع الدفع بالقوى الاقتصادية الدولية الكبرى المنافسة لها كاليابان ودول الاتحاد الأوربي إلى القبول بالتبادل العالمي وفقا لشروطها، هذا بالإضافة إلى تمكنها من اختراق جل اقتصاديات بلدان العالم.
وعلى الرغم من أن الزراعة لا تسهم سوى ب: 2,5 بالمائة من الناتج القومي لهذا البلد، ولا تشغل سوى 2,7 بالمائة من الأيدي العاملة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تعد أكبر مصدر زراعي في العالم وذلك بقيمة تزيد عن 50 مليار دولار سنويا، بل إن محاصيلها الزراعية تكفي لإطعام نصف سكان الأرض.
ويحتل هذا البلد موقع الصدارة من حيث صادراته من الآليات التكنولوجية العالية الدقة التي تصل إلى حوالي 150 مليار دولار سنويا، فالشركات الأمريكية تتحكم في حوالي 73 بالمائة من صادرات الصناعة المعلوماتية وحوالي 75 بالمائة من المبيعات المرتبطة بالصناعات الفضائية وصناعة الطيران المدني والعسكري.
إن إجمال الناتج القومي الأمريكي يتجاوز حاليا 6 تريليون دولار (ألف مليار) وهو ما يوازي 25 بالمائة من إجمالي الناتج القومي العالمي الذي بلغ أكثر من 26 تريليون دولار عام 1995. وبالنظر إلى هذه الإمكانيات والقدرات التي يتميز بها الاقتصاد الأمريكي (2) الذي أصبح مبينا على الاتصالات والمعلومات والإعلام والترفيه التي تستثمرها – الإمكانيات الاقتصادية- الولايات المتحدة في تثبيت زعامتها الدولية بواسطة سياسة المساعدات الاقتصادية والمالية والتقنية التي أضحت وسيلة فعالة لتنفيذ سياستها الخارجية، فإن هذا البلد يمتلك عنصرا هاما يعزز زعامته الدولية، خصوصا وأن اقتران التقدم الاقتصادي بالتقدم العلمي والتكنولوجي، إضافة إلى انتهاء الحرب الباردة وعوامل أخرى، بالتأكيد جعلت الصراع بين الدول العظمى ينتقل من الجانب الأيديولوجي والعسكري إلى صراع حول التفوق الاقتصادي(3).
وعلى المستوى العسكري, تمتلك الولايات المتحدة أكبر قوة عسكرية في العالم، فهي تخصص ميزانية سنوية ضخمة لاستثمارها في هذا المجال تصل إلى حدود 270 مليار دولار، أي ما يوازي 30 بالمائة من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي والذي يقدر بحوالي 900 مليار دولار(4)، بل إن الإنفاق العسكري الأمريكي وصل مؤخرا إلى ما يربو نصف الإنفاق العسكري العالمي وعشرة أضعاف الميزانية العسكرية الروسية، وإلى ما يوازي إنفاق الدول الخمس عشرة الأولى في العالم مجتمعة في هذا المجال.
فقد تمكنت هذه الدولة من مراكمة ترسانة عسكرية ضخمة كما ونوعا، بدءا بالأسلحة التقليدية ثم النووية وصولا إلى الأنظمة الدفاعية المتطورة والتي ليس بإمكان دول كالصين واليابان وأوربا وروسيا امتلاكها, فهي"الأولى من حيث عدد الرؤوس النووية التي تقدر بحوالي 15 ألف رأس نووي، وهي الأولى من حيث عدد الغواصات النووية الذي يقدر بحوالي 700 غواصة نووية، وهي الأولى من حيث عدد القاذفات الاستراتيجية البعيدة المدى الذي يزيد على 500 قاذفة استراتيجية، كما أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك برنامج حرب النجوم الذي يوفر للولايات المتحدة دون غيرها من دول العالم، حماية ضد أي هجوم نووي من الخارج" (5).
هذا مع إصرارها المستمر على تقويض القدرات النووية لخصومها والحوؤل دون استثمار القوى الاقتصادية الكبرى لإمكانياتها الاقتصادية والتكنولوجية في المجال العسكري.
ولعل التفوق العسكري الأمريكي أتاح لهذا البلد إمكانية الانتشار العسكري الزجري – بناء على تدخلات قهرية- والودي- في إطار اتفاقات إقليمية أو ثنائية- في مختلف أنحاء العالم (منطقة المحيط الهادي، منطقة الشرق الأوسط, أفغانستان، اليابان، أوربا من خلال حلف شمال الأطلسي رغم انهيار حلف وارسو...) فهذه الإمكانيات-كما يرى الخبراء- تؤهل الجيش الأمريكي الذي يصل تعداده حوالي المليونين، ليكون الجيش الوحيد في العالم القادر على خوض حربين في موقعين مختلفين من العالم في نفس الوقت.
وأهمية العنصر العسكري كمقوم للزعامة وبسط الهيمنة لا يتأتى من خلال امتلاك هذه الدولة لهذه الإمكانيات والتي قد يتسنى لروسيا امتلاكها أيضا وإن بنسبة أقل، على سبيل المثال، ولكن من خلال القدرة على توظيف هذه القدرات والإمكانيات في تدبير القضايا والأزمات الدولية والإقليمية بشكل مباشر أو غير مباشر خدمة للمصالح القومية و الوطنية، وهو ما تنفرد به الولايات المتحدة الأمريكية لحد الآن.
وعلى الجانب الثقافي يظهر أن الهيمنة الأمريكية تحولت من هيمنة اقتصادية وعسكرية إلى هيمنة ثقافية أيضا، فهذه الدولة التي تحققت لها القدرة على استيعاب مختلف الثقافات والديانات والحضارات بداخلها على أساس من المساواة والديموقراطية ونظام قضائي مستقل وضمانات دستورية للحقوق والحريات, تمتلك تقنيات وآليات ووسائل متعددة وجد متطورة تستغلها بشكل فعال في تمرير وفرض نمط حياتها وقيمها وثقافتها وتكريس استراتيجياتها البعيدة.
والعولمة هي إحدى أهم هذه الوسائل، فالعولمة الاقتصادية ومن خلال منظمة التجارة العالمية والمؤسسات المالية الدولية والشركات الكبرى تفرض على الدول نمطا اقتصاديا واحدا وإلا ستظل هذه الأخيرة معزولة.
بينما العولمة الاجتماعية والثقافية تهدف إلى فرض نمط قيمي وثقافي ومفاهيمي واحد (حقوق الإنسان، الديموقراطية، الإرهاب...)، فيما تتوخى العولمة العسكرية تحويل حلف شمال الأطلسي من آلية عسكرية إقليمية إلى آلية عسكرية دولية, مع الحرص على الخلط المقصود بين الأمن القومي الأمريكي من جهة والأمن والسلم الدوليين من جهة أخرى.
وفي نفس السياق تتحكم الولايات المتحدة في حوالي 80 بالمائة من الصور المثبوتة في العالم، وداخل الاتحاد الأوربي تمثل نسبة الأفلام الأمريكية المعروضة 75 بالمائة مما يعرض بدور العرض، فيما نجد 53 بالمائة من المواد المقدمة في قنوات التلفزيون الأوربية البالغ عددها حوالي خمسين قناة غير القنوات المشفرة هي مواد أمريكية أيضا، كما تهيمن هذه الدولة أيضا على الأخبار والمعلومات المتداولة، فالمؤسسة الصحفية الأولى في العالم هي "الأسوشيتد برس" الأمريكية التي تزود بالأنباء والصور ما يناهز 1600 صحيفة يومية و5900 محطة للراديو والتلفزيون في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى أن 90 بالمائة من مواقع شبكة الإنترنيت هي مواقع أمريكية (6), كل هذه العوامل، أسمهت إلى حد بعيد في انتشار النموذج الأمريكي لنمط العيش في مختلف أرجاء العالم، بل هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ليؤكد أن الإمكانيات التي يمتلكها هذا البلد في مجال جمع ومعالجة وتوزيع ونشر المعلومات تؤهله لأن يكون أحد المرشحين الأوائل لقيادة العالم في القرن الحادي والعشرين(7).
وعلى مستوى الحضور الديبلوماسي والسياسي على الساحة الدولية فهو حضور فعال منذ نهاية الحرب الباردة، تعزز مع حرب الخليج الثانية وتأكد في عدة أزمات وقضايا دولية عديدة أخرى، فكل العوامل السابق ذكرها أسمهت بشكل كبير في تعزيزه, وأتاحت لها القدرة على التدخل في المناطق النائية، وضبط بؤر التوتر الخطيرة واحتواء الأنظمة والجماعات الدولية المعادية لمصالحها، واحتكار إدارة أزمات دولية تنطوي على مصالح استراتيجية لهذا البلد (حرب الخليج الثانية، مشكلة الشرق الأوسط، أزمة البوسنة والهرسك، المشكلة الصومالية، أزمة "لوكربي"، قضية هايتي، التدخل في أفغانستان 2001، العدوان الأخير على العراق...).
وإضافة إلى استغلال هذه الدولة لإمكانياتها الذاتية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والثقافية في مجال تدبير الأزمات التي تدخل ضمن استراتيجيتها من خلال السبل الودية والزجرية بشكل انفرادي، فإنها تستغل أيضا المؤسسات الدولية والإقليمية لخدمة مصالحها في هذا الشأن، فبخصوص القضايا ذات الأبعاد والخلفيات الاقتصادية فإنها تستثمر إمكانياتها وثقلها داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتسخر شركاتها العملاقة لذلك...، أما بخصوص القضايا السياسية فإنها تستغل ثقلها داخل مجلس الأمن الدولي الذي تتمتع بداخله بحق الاعتراض والعضوية الدائمة، مع ممارسة سياسة الترغيب والترهيب في مواجهة الأعضاء الدائمين بهذا الجهاز, واستصدار قرارات منه في نفس الصدد، بالشكل الذي يتيح لها إضفاء طابع الشرعية الدولية على سلوكاتها التعسفية أحيانا، كما تستغل في نفس الوقت الإمكانيات العسكرية التي يتيحها لها حلف شمال الأطلسي(8). خاصة بعد أن بوأت نفسها مكانة راعية للسلام الدولي واعتبرت وصرحت علنا أن الأمن القومي الأمريكي هو بمثابة أمن عالمي.
إن الولايات المتحدة مصرة كل الإصرار على إطالة عمر إمبراطوريتها، ولذلك فهي تحاول تأبيد زعامتها للعالم بكل الوسائل والطرق، إلى حد الإساءة أحيانا لشعوب وأمم أخرى. والظاهر أن هذه الإمكانيات الفريدة التي اجتمعت وتوافرت لهذه الدولة من مقومات عسكرية وسياسية وثقافية واقتصادية مدعمة بقدرات تكنولوجية هائلة وإمكانيات بشرية مدربة ومتطورة مستندة إلى مؤسسات سياسية وقانونية داخلية قوية وفعالة, إضافة إلى الإمكانيات الإعلامية الواسعة والمؤثرة, هي التي كانت وراء حضورها الدولي الفاعل واستفرادها بالشؤون الدولية بمختلف تجلياتها.
ويمكن القول إن غياب بديل أو منافس قادر على كسر الهيمنة الأمريكية على شؤون العالم، أسهم في تعزيز انفراد هذه الأخيرة بالساحة الدولية، فالأقطاب الدولية التي سبق وأن رشحها بعض الباحثين والسياسيين لمنافسة الولايات المتحدة في هذه الزعامة لم تقدم على ذلك, أو بالأحرى لم يتأتى لها ذلك, فأوربا الموحدة لم تستطع بعد بلورة استراتيجية عسكرية أو ديبلوماسية موحدة رغم إنجازاتها الرائدة في ميادين مختلفة نتيجة لبعض المواقف المتباينة داخل هذه المجموعة بصدد بعض القضايا الدولية الكبرى, وهو ما بدا جليا من خلال تباين المواقف إزاء العدوان الأمريكي على العراق( فرنسا وألمانيا وبلجيكا ترفض العدوان فيما تؤيده كل من بريطانيا وإسبانيا مثلا)، كما أن هذه المجموعة لم تتمكن بعد أيضا من استثمار مؤهلاتها الاقتصادية والتكنولوجيا استراتيجيا وسياسيا، ناهيك عن بعض مظاهر الوصاية والرقابة اللتين تمارسهما الولايات المتحدة على هذه المجموعة، فهـذه الدولة تريد أوربا موحدة ولكنها لن تقبل بإطار مستقل عن إرادتها (9).
أما اليابان فلم يستطع التخلص بعد من مشاكله الاقتصادية والمالية المتنامية، بل إن هناك من يرى أن توسع هذا البلد على المستوى الاقتصادي تشوبه اللاشرعية في نظر الغرب بحيث لا يسانده مشروع سياسي يرتكز على قيم عالمية الاستخدام (10) وليس له تصور محدد لقيادة العالم، وهو ما يجعله غير قادر على فرض قطبيته دوليا، في حين نجد الصين ذات الثقل البشري الهائل والتي قدمت عدة تنازلات سياسية واقتصادية للولايات المتحدة كمقابل للدخول في منظمة التجارة العالمية، لا تزال منشغلة بتطوير تنميتها الداخلية ومحاولة اللحاق بالثورة التكنولوجية العالية، أما روسيا التي تعيش مشاكل المرحلة الانتقالية بمختلف مظاهرها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فقد سايرت الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، (أزمة الخليج الثانية، قضية الشرق الأوسط، الإستراتيجية الجديدة لتوسيع عضوية ونشاط حلف شمال الأطلسي، الصراع في منطقة البلقان، حملة مواجهة "الإرهاب" سنة 2001...)، بل تحاول من حين لآخر جر القوى الدولية الكبرى كروسيا و الصين إلى تكريس منظورها الخاص للنظام الدولي واستيعابها فيه، من خلال مغريات المعونة المالية والتكنولوجية والاستثمار.
وبناء على المؤهلات المتنوعة التي لم تجتمع لأي قطب دولي آخر، يرى "ألفريدو فلادو" أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرنا أمريكيا بكل جدارة واستحقاق, مما سيمكن هذا البلد من الاحتفاظ بزعامته للعالم وقيادته في اتجاه تحقيق مصالحه الخاصة.
ثانيا: الزعامة الأمريكية في مواجهة التحديات.
رغم توافر مجموعة من المؤهلات التي تمنح للولايات المتحدة مكانة متميزة ورائدة في المجتمع الدولي، فإن هناك العديد من الإكراهات والتحديات التي تواجهها، مما دفع بالعديد من الباحثين والمهتمين إلى التصريح بأن نهاية هذه الزعامة هي مسألة وقت فقط، فعالم ما بعد الحرب الباردة لم يستقر بعد، وأهم ما يميز هذا "النظام الدولي" الحالي هو التسيب والانتقالية واللاستقرارية والانفصالية والازدواجية (11) والارتباك, فهو بذلك نظام فوضوي وعابر ولم يتبلور بعد، فرضته هذه الدولة عالميا على طريقتها. بل إن هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك باعتباره أن الولايات المتحدة سائرة لا محالة نحو التفكك والتحلل على غرار ما حدث للاتحاد السوفيتي نتيجة لوجود تفاوت وخلل بين القوة الاقتصادية ونظيرتها العسكرية بهذا البلد، فالإمبراطورية البريطانية الكبرى- التي لا تغرب عنها الشمس - المنهارة لم تستطع المحافظة على تفوقها العسكري وهيمنتها الاقتصادية في مواجهة تصاعد القوى الأوربية وتنامي المد الاستقلالي في مستعمراتها (12). نفس التوقع عبر عنه المفكر الفرنسي " إيمانويل تود" – والذي سبق أن توقع انهيار الاتحاد السوفييتي، في كتابه "السقوط الأخير" الصادر سنة 1976- في كتابه " ما بعد الإمبراطورية"، حيث أكد فيه أن "الإمبراطورية الأمريكية" هي بصدد الانهيار، بناء على تنامي أقطاب دولية منافسة لها سياسيا واقتصاديا، وفقدانها لدورها السياسي بعد رحيل الخصم الاستراتيجي: الاتحاد السوفييتي.
فيما ربط البعض الآخر هذه التحديات بأزمات النظام الرأسمالي الحتمية والمنتظمة التي تحدث من حين لحين، وتفرض إعادة ترتيب الأقطاب الدولية الرئيسية المهيمنة داخل هذا النظام (13).
ويمكن تصنيف أهم التحديات التي تواجه الزعامة الأمريكية إلى تحديات داخلية وأخرى خارجية.
فعلى الصعيد الداخلي، بدأت تعتري الاقتصاد الأمريكي في السنوات الأخيرة عدة صعوبات من بينها الركود، فقد وصل عجز الميزانية الأمريكية في العقد الأخير من القرن الماضي ما يناهز 350 مليار دولار، وبلغ حجم الديون الخارجية 3,5 تريليون دولار, وزادت ديون الأفراد بنسبة 12 بالمائة، في حين لم يرتفع دخل الفرد إلا بنسبة 7 بالمائة، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى 6,6 في المائة، وهبطت معدلات البيع في أسواق السيارات والعقارات هبوطا حادا (14)، وخلال فترة التسعينيات أصبحت سرعة الإنتاجية تقل ثلاث مرات عن مثيلاتها في اليابان ومرتين عنه في أوربا الغربية، هذا بالإضافة إلى التردي الذي تعرفه الخدمات الصحية والتعليمية, وتزايد نسبة الإقصاء والتهميش في أوساط الفئات الفقيرة، وهو الأمر الذي أفرز أصواتا عديدة داخلية تندد بالعولمة.
وهناك أيضا الخطر الذي يفرضه تحدي نضوب مصادر الطاقة بهذا البلد, زيادة على اجتياح المعمار للأراضي الزراعية الخصبة.
وفي جانب التعليم والبحث العلمي شهدت الولايات المتحدة تراجعا ملحوظا في هذا الشأن، أمام دول كالسويد وكندا واليابان. فحسب تقرير التنمية البشرية في العالم، الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1992، تنحصر نسبة العلميين والفنيين بهذا البلد في 55 لكل ألف من السكان الأمريكيين وفي المقابل نجد في السويد وهولندا نسبة 129، وفي كندا 257 وفي اليابان 317 منهم لكل ألف من السكان داخل هذه البلدان، كما تراجعت نسبة ما قدمته هذه الدولة من معارف وتكنولوجيا جديدة في العالم من 75 بالمائة سنة 1945 إلى 36 بالمائـة عام 1996(15) .
وتشهد المدارس والجامعات الأمريكية حالات من التدهور يبرزها تراجع طلابها أمام الطلاب الأجانب وخاصة في مجال الرياضيات والكيمياء وعلوم الحاسب الآلي (16)، هذا بالإضافة إلى النظرة المغلوطة للمجتمع الأمريكي قاطبة إزاء جزء كبير من قضايا وشعوب العالم نتيجة عدم الانفتاح على الشؤون الدولية من جهة, والتعتيم الممارس في حقه بهذا الخصوص من جهة أخرى.
وقد أشار البعض إلى أن المجتمع الأمريكي يحمل في جنباته مجموعة من عوامل التراجع والانهيار, كتلك المرتبطة بتنامي العنف والإجرام داخل هذا البلد, وتزايد الحركات والجماعات التي تتبنى هذا العنف الموجه ضد النظام الفيدرالي أو ضد المجتمع برمته .
كما أن النموذج الديموقراطي لهذا البلد، لم يعد ذلك النموذج العالمي الناجح والرائد، فالانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة اعترتها بعض الملابسات, مما جعل القضاء يتدخل لحسم نتائجها في آخر المطاف، فيما وصل التضييق على الحقوق والحريات أوجه في أعقاب أحداث الحادي عشر من شهر شتنبر 2001.
أما على الصعيد الخارجي وأمام التراجع الذي يعرفه الاقتصاد الأمريكي وأمام تنامي البعد الاقتصادي في العلاقات الدولية, تفرض التعددية القطبية نفسها بحدة، حيث نجد سعيا حثيثا لليابان نحو تأكيد تواجدها الدولي، حيث أصبحت تهتم بالشؤون الدولية وتشارك أحيانا ضمن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام, فالثقل الذي يحتله اقتصادها ونفوذها المحتمل في المؤسسات المالية الدولية يؤهلها لهذا الدور، فيما يمكن لروسيا أيضا أن تنتفض من جديد بعض أن تتغلب على مشاكلها الداخلية لتعدل سياساتها وتعيد الإعتبار لنفسها بعد أن أحرجتها الولايات المتحدة وأسهمت بسياساتها في الإنقاص من مكانتها وهيبتها.
فيما يعرف الاتحاد الأوربي تطورا كبيرا على المستوى الاقتصادي والمالي والإستراتيجي، وإقدامه على الدخول في بعض المواجهات مع الولايات المتحدة بخصوص بعض السياسات الزراعية والثقافية والقضايا الدولية الكبرى...
وتعرف الصين نموا اقتصاديا مهما تشهد عليه معدلات النمو القياسية التي فاقت كل التوقعات، وذلك في غياب منافسة معلنة مع خصم خارجي، وهو الأمر الذي تخشاه الولايات المتحدة في ظل إخفاقاتها الاقتصادية المتتالية بعدما فقدت برحيل الاتحاد السوفيتي منافسا عنيدا ومحفزا على التطوير والإبداع وتسريع وتيرة التطور والنمو، وفي هذا الإطار يشير البعض إلى أن مرحلة الفوضى التي تجتازها الصين حاليا، ستتمخض عنها حتما مولد دولة جديدة قوية (17), فهذه الدولة لاشك أنها لا تريد المجازفة حاليا بالدخول في منافسة استراتيجية وسياسية مع الولايات المتحدة قد تكلفها الكثير وتستنزف قدراتها، مستفيدة في ذلك من التجربة السوفيتية في هذا الشأن ولذلك فهي تفضل المهادنة والمرونة والاتزان في هذه الفترة بالذات على الأقل. وإذا كانت غالبية الدول الضعيفة تؤيد الولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها الدولية, فإن ذلك يظل رهينا بتدفق المساعدات الاقتصادية والمالية إليها في غالب الأحوال، والواقع أنه مهما بلغت قوة الولايات المتحدة اقتصاديا, فلن تستطيع مع مرور الوقت تحمل هذه الأعباء، خصوصا إذا ما تساءل الشعب الأمريكي بقوة عن مدى مشروعية وسلامة صرف أمواله في هذا المجال.
كما أن التدخلات العسكرية المستمرة والتي تقدم عليها هذه الدولة في مختلف بقاع العالم وما يرافقها من صرف ميزانيات هائلة لاحتواء ما تعتبره مخاطر تهدد مصالحها، لن تصمد كثيرا أمام تنامي بؤر التوتر والصراع على امتداد بقاع العالم.
وعلى الجانب العسكري تزايدت التحديات أيضا، فهناك العديد من الدول التي تمتلك ترسانة عسكرية هامة ومتطورة تؤهلها لخلق نوع من التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة كروسيا، فيما نجد العديد من الدول الأخرى التي تسعى بإصرار نحو امتلاك وتطوير ترسانتها التقليدية والإستراتيجية (أنظمة الصواريخ المتطورة، الأسلحة النووية...) فالهند وباكستان اللتان اخترقتا النادي النووي، دخلتا في منافسة عسكرية حادة ومفتوحة قد تفضي بهما ذلك إلى تطوير ترسانتهما العسكرية بشكل سريع، ويمكنهما من خلق توازن عسكري مع الولايات المتحدة ذاتها وإسرائيل ... فيما هناك دولا رائدة على المستوى الاقتصادي والتكنولوجي كإيطاليا وألمانيا التي بدأت تزيل العوائق الدستورية التي تحول دون مشاركتها في الترتيبات العسكرية الدولية(18) واليابان بإمكانها استثمار هذه الإمكانيات عسكريا، كما أن أوربا التي لم تعد في حاجة ملحة للغطاء النووي الأمريكي بعد زوال الخطر الشيوعي ونهاية الحرب الباردة, تسعى بجدية للبحث عن إطار أمني أوربي مستقل عن حلف شمال الأطلسي الذي تهيمن على شؤونه الولايات المتحدة، وهي الجهود التي تجري في إطار منظمة الأمن والتعاون الأوربي، وبخاصة بعد صدور ميثاق باريس في نونبر 1990 وما تلاه من إنشاء قوة التدخل السريع عام 2000ومركز الأقمار الاصطناعية في إسبانيا،بعد أن انتقل الخوف في أوساط العديد من أعضائه من الخطر الشيوعي إلى الخطر الأمريكي ذاته، ولذلك فالدول الأوربية الأعضاء في الحلف أصبحت تتعامل مع الهيمنة الأمريكية على هذا الحلف بنوع من الحذر مخافة أن تزج به وبدول أوربا في مستنقعات ومشاكل لا مخرج لها وتفرز انعكاسات سلبية على علاقاتها مع محيطها الدولي، وهو ما تجلى بشكل واضح خلال إعداد الولايات المتحدة للمناخ الدولي لشن العدوان على العراق، عندما وقفت هذه الدول سدا منيعا للحؤول دون توريط الحلف في خدمة أغراض أمريكية غير مشروعة و خاصة.
وتجد الولايات المتحدة نفسها أمنيا أمام تهديدات كثيرة تتمثل في الفوضى التي خلفها الفراغ الأمني والسياسي الذي أعقب رحيل الاتحاد السوفيتي وبخاصة في مناطق حيوية (آسيا الوسطى، القرن الإفريقي، أوربا الشرقية...).
وهو الرحيل الذي أسهم أيضا في التخفيف والحد من وثيرة التصنيع والتطوير العسكري والاقتصادي والتكنولوجي الأمريكي في غياب خصم منافس وعنيد.
وعموما فالترسانة العسكرية التي تعتز الولايات المتحدة بامتلاكها، لم تكن في يوم ما كفيلة بحماية الدول والإمبراطوريات من مخاطر الانهيار وضامنة لبقائها، ولنا في النموذج السوفيتي البائد دليلا قويا على ذلك.
وعلى الصعيد السياسي والديبلوماسي، فإن إقدام هذه الدولة على ممارسة العنف واستعراض العضلات عسكريا وغير ذلك من الأشكال الترهيبية التي تسلكها في مواجهة الأمم الأخرى، كالتدخلات العسكرية المباشرة وفرض العقوبات الزجرية المختلفة والانتشار الإستراتيجي عالميا واستغلال المؤسسات الدولية الاقتصادية والسياسية والعسكرية خدمة لمصالحها, إضافة إلى تحييد القوى الدولية الاقتصادية الكبرى من خلال الإبقاء على وجودها العسكري الرمزي، وتحجيم أي خطوة أو مبادرة للاتحاد الأوربي – على سبيل المثال - في مجال معالجة وتدبير القضايا والأزمات الدولية, من خلال رفضها تارة أو مقابلتها بمبادرات أمريكية أشد نجاحا تارة أخرى. وتقييد أي دور لدول العالم الثالث من خلال مراقبة وضبط تسلحها في سياسة خارجية جائرة ومتخبطة لا تعير الاهتمام إلا لمصالحها, ومساندة أنظمة ديكتاتورية وعنصرية ( مساندة إسرائيل في أعمالها الوحشية ضد الفلسطينيين مثلا...)، وإسقاط أنظمة واستبدالها بأخرى، واستعمال شعارات حماية حقوق الإنسان والديموقراطية ومكافحة الإرهاب في العالم ذرائع للتدخل في شؤون الدول. وإهمالها لقضايا دولية أكثر أهمية وإلحاحا كمشكل تلوث المناخ والمحافظة على البيئة ومحاربة الفقر والعنصرية وخفض التسلح, يشكل عوامل حقيقية تؤجج الشعور الدولي بالحقد تجاه هذا البلد، وتتهدد الزعامة الأمريكية.
فهذا البلد يشهد تنامي لوبيات صناعية وتجارية تعمل بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لدفع المسؤولين الأمريكيين إلى عدم التوقيع على مجمل المعاهدات والاتفاقيات الدولية المرتبطة بهذه المجالات والأمور خدمة لمصالحها الضيقة. ومن أبرز مظاهر الانحراف في السياسة الخارجية الأمريكية نذكر: عدم التوقيع على بروتوكول "كيوتو" المرتبط بالتحقق من تطبيق معاهدة الحد من الأسلحة البيولوجية، معارضة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة وعدم المصادقة على الاتفاقية الدولية الخاصة بإنشائها والتي دخلت حيز التنفيذ في يونيو 2002، بذريعة أن "الولايات المتحدة لا يمكنها دعم محكمة لا تملك الضمانات الضرورية لمنع تسييس العدالة"(19)، وانسحابها من اتفاق الصواريخ البالستية (ABM) التي أبرمتها مع الاتحاد السوفيتي عام 1972 حيث اعتبرتها معاهدة تقليدية ومتجاوزة وذلك في خطوة مستفزة لكل من الصين وروسيا, وكذا الانسحاب من مؤتمر "دوربان" حول التمييز العنصري, ورفض الدخول في مفاوضات حول مشكل تهريب الأسلحة الخفيفة، وإطلاق يد "شارون" في فلسطين المحتلة, واستعمال حق الاعتراض والتهديد باستعماله في مجلس الأمن بكيفية تعسفية تتناقض ومبادئ الشرعية الدولية.
هذا زيادة على تنامي اللوبي الصهيوني بهذا البلد بالشكل الذي يجعل السياسة الأمريكية وخاصة في مقاربتها لقضية الشرق الأوسط تنحرف عن القيم الإنسانية السمحة والعدالة والشرعية الدولية.
وكل هذه السياسات والسلوكات ولدت شعورا بالحقد والكراهية إزاء هذا البلد دوليا من قبل الأصدقاء والأعداء رسميا وشعبيا على حد سواء, وهو ما يعد أحد أبرز التحديات التي تواجه الزعامة الأمريكية.
ثالثا: الأحادية الأمريكية في ظلال أحداث 11 شتنبر 2001
جاءت أحداث 11 شتنبر 2001 لتزيد من حدة التساؤلات حول مستقبل هذه الزعامة، بعد أن كشفت عن هشاشة الجانب الأمني والوقائي لهذا البلد.
فالقوة العسكرية والمخابراتية والتكنولوجية والاقتصادية إضافة إلى المحيطان الهادي والأطلسي كلها عوامل لم تعد كافية لحماية التراب الأمريكي من المخاطر، كما أن الخطر تحول وتطور من خطر تقليدي ومعهود إلى خطر/ شبح جديد غير مألوف, وهو ما طرح نسبية القوة العسكرية في تأمين حياة الأمريكيين ومدى صحة كونها رمزا رئيسيا للقوة والريادة.
فهذه الأحداث أبرزت ثغرات عدة في المؤسسات الأمنية الأمريكية من ناحية, ووضعت موضوع السياسة الخارجية الأمريكية ومدى مسؤولياتها في الأحداث محل تساؤل العديد من الأمريكيين، فهذه السياسة أفرزت زيادة في المطالبة الداخلية بتبني سياسة الانعزال، والتوقف عن إهدار أموال الشعب في قضايا ومشاكل دولية لم تجلب سوى الكراهية والدمار والعداء لهذا البلد وشعبه.
ولهذا فإن بعضا من المهتمين اعتبر أن صورة الولايات المتحدة الأمريكية اهتزت بعد هذه الأحداث التي تشكل بداية لنهاية ستستغرق بعض الوقت، في حين هناك من اعتبرها مناسبة تمكنت خلالها الولايات المتحدة من تعزيز قبضتها على دواليب الشؤون الدولية وتكريس وتأكيد زعامتها، بعد أن أضحت لا تتورع في تعزيز بسط أجهزتها الأمنية على حياة الأفراد أكثر من أي وقت مضى، والتضييق على الحريات والحقوق الفردية داخليا وخارجيا والانتشار الاستراتيجي في مناطق دولية جد حيوية, وممارسة التعتيم الإعلامي وتوجيهه بما يخدم مصالحها (20).
ولذلك يعتقد البعض أن الدور المتميز لهذا القطب والذي برز مع انتهاء الحرب الباردة ونهاية حرب الخليج الثانية, تبلور بشكله الكامل بعد هذه الأحداث (21)، حيث تمكن من بلورة جهد جماعي في إطار الأمم المتحدة ولم يستثن حتى الصين وروسيا إضافة إلى أوربا والهند وباكستان ودولا عربية وإسلامية في تحالفه ضد ما يسميه "إرهابا"، ومن تم فقد وجدت الولايات المتحدة في هذه الأحداث فرصة سانحة لصياغة نظام دولي يتلاءم ومصالحها، وهي في سبيل تحقيق ذلك لم تعد منسجمة في مواقفها الدولية حتى مع حلفائها الأوربيين، كما نبهتها الأحداث لمكامن الخلل في أمنها.
إضافة إلى تمويل دراسات شؤون ولغات دول أصبحت موضع اهتمام متزايد من قبل هذه الدولة عقب هذه الأحداث مثل دول الشرق الأوسط وجنوب آسيا, وهو ما يذكر بما قامت به خلال الحرب الباردة, وقد رصدت أموالا باهضة لتمويل هذه الحملة (حوالي 20,5 مليون دولار) لزيادة عدد المنح الجامعية لدراسة لغات مثل العربية والفارسية والباشتو والأوزبك والأودرو (22).
وعقب هذه الأحداث برزت ثلاث مواقف داخل المجتمع الأمريكي, فهناك الموقف الانعزالي الداعي إلى تخلي الولايات المتحدة عن المشاركة في عمليات حفظ السلام والأمم المتحدة والمؤسسات السياسية والمالية الدولية، وهو أمر صعب التحقق بالنظر إلى ارتباط الاقتصاد الأمريكي بالاقتصاد العالمي وما يمكن أن ينتج من فوضى دولية يفرضها الصراع على الزعامة الدولية بفعل هذه السياسة الانعزالية مما قد يضر بالمصالح الأمريكية.
وهناك الموقف الثاني الذي يدعو إلى المزيد من التفرد في اتخاذ القرارات الدولية بنفس الشكل الموجود حاليا, وهو ما سيزيد من تنامي العداء الدولي لهذا البلد ، ثم هناك الرأي الذي يدعو إلى ضرورة تعزيز العلاقات مع أطراف المجتمع الدولي كافة والمساهمة في حل مشاكله بشكل عادل، وهو الأمر الذي قد يسهم أيضا في المحافظة على مصالح هذا البلد.
ومباشرة بعد وقوع أحداث 11 أيلول داخل العمق الأمريكي ساد اعتقاد قوي إلى حد اليقين في كل أرجاء العالم بل وحتى في الداخل الأمريكي أيضا بأن الولايات المتحدة ستغير أو ستعدل على الأقل من سياساتها تجاه القضايا الدولية بصفة عامة نحو بلورة مواقف عادلة ومنصفة وموضوعية, غير أن التطورات والممارسة الميدانية التي أعقبت هذه الأحداث مباشرة أو بعدها بشهور أثبتت بالملموس أن الولايات المتحدة وإن كانت متأكدة تماما من أن سياساتها التعسفية والمنحرفة هاته هي التي تقف مسؤولة في جزء كبير منها خلف الأحداث، استمرت في سياساتها التعسفية المعهودة بل وضاعفت من حدتها ( التدخل العنيف في أفغانستان، غض الطرف على جرائم إسرائيل، العدوان الأخير على العراق…), وهي بذلك لم تستفد من تجربتها القاسية, حيث اعتبرت أن السبب الرئيسي لتورط الأشخاص الضالعين في الأحداث - العرب والمسلمين كما تدعي- هو غياب هامش الحرية الديموقراطية في بلدانهم، بالشكل الذي دفعهم إلى التعبير عن مطالبهم بشكل شاد ومنحرف وعنيف. ونعتقد أن هناك مجموعة من الأسباب والدوافع التي جعلتها لا تراجع هذه السياسة, فمن جهة، فالولايات المتحدة بسياساتها الصارمة والعنيفة، تريد أن تحرم الضالعين في الأحداث بغض النظر عن هوياتهم من أوراق رابحة قد تمكنهم من كسب تعاطف دولي يبررون به أعمالهم لاحقا, ومن جهة أخرى جاءت السياسة الأمريكية بالشكل السابق ذكره حتى لا تساهم في تكريس وسيلة عنيفة ومشينة ولا شرعية لتحقيق المطالب وبخاصة في مواجهتها, علما أن "بن لادن" المتهم الرئيسي والأول في الأحداث صرح علنا أن الولايات المتحدة لن يهدأ لها جفن طالما استمرت في دعم الكيان الإسرائيلي في جرائمه واحتلاله لفلسطين, ومن ناحية أخرى تريد الولايات المتحدة أن تبرهن للعالم بأن زعيمة العالم ورائدة "النظام الدولي الجديد" لا يمكن الضغط عليها بمثل هذا الشكل لإرغامها على تغيير سياساتها الخارجية, والتأكيد على أن هذه السياسة تخضع لضوابط داخلية واعتبارات استراتيجية ولا يمكن تعديلها أو مراجعتها ببساطة.
ومن جانب آخر فإن مراجعة الولايات المتحدة لسياساتها كان سيكلفها الحد من إجراءاتها المرتبطة بحملتها لمكافحة "الإرهاب" والتي مكنتها من تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية التي تصب في تأبيد زعامتها للعالم, من قبيل التموقع في منطقة بحر قزوين الغنية بالنفط وتمييع عمل المقاومة في العالم وإحكام الرقابة والسيطرة على معظم الدول مثل باكستان وزرع الخوف داخل المجتمعين الأمريكي والدولي وإيجاد الذريعة- مكافحة الإرهاب- لمعاقبة وتأديب الخارجين عن طاعتها من خلال تكريس وسيلة إسقاط الأنظمة التي دشنتها في أفغانستان وتحاول إعمالها في العراق أيضا, كما أن إعادة النظر في هذه السياسة كان سيعني أيضا بالنسبة إليها إعادة النظر في أهم مرتكزات وقواعد "النظام الدولي الجديد" الذي فرضته ترغيبا وترهيبا على أعضاء المجتمع الدولي.
وأخيرا, فدول العالم وبخاصة الكبرى منها التي اكتفت بإدانة العمليات دون أن تتجرأ على الربط بينها وبين السياسات الأمريكية التعسفية, والدخول إلى جانب الولايات المتحدة في حربها المعلنة على الإرهاب دون أدنى تحفظ أو مناقشة, تتحمل بدورها قسطا وافرا من المسؤولية في استمرار هذه السياسة لعدم استغلالها للحدث بشكل جيد نحو بلورة سياسة أمريكية عادلة تجاه القضايا الدولية(23).
رابعا: الحرب العدوانية على العراق ومستقبل الزعامة الأمريكية.
في سابقة دولية خطيرة، وفي أجواء إقليمية ودولية مختلفة تماما عما كان عليه الأمر إبان حرب الخليج الثانية, انطلق العدوان الأمريكي – البريطاني على العراق، قاطعا بذلك الطريق على الجهود السلمية والزجرية التي كانت تسلكها الأمم المتحدة بصدد المشكلة العراقية، ولم يكن هذا العدوان مفاجئا، فالولايات المتحدة التي طالما تمادت في الاعتداء على الشعوب والأمم خدمة لمصالحها أظهرت منذ عدة أشهر بأن عدوانها على العراق كان حتمي الحدوث، بناء على انتشارها العسكري والمكلف في المنطقة، والذي لا يمكن أن يسحب نحو الولايات المتحدة بدون مقابل وذلك بمنطق الربح والخسارة والواقعية السياسية الأمريكيين، وبناء على الأهداف والخلفيات الحقيقية ذات الطابع الاستراتيجي وراء هذا العدوان.
لقد تميزت إدارة الولايات المتحدة للملف العراقي في الأشهر القليلة الماضية بالتخبط والاضطراب، فتارة تبرر الضربة بمكافحة "الإرهاب"، خاصة بعد تصنيف العراق ضمن "محور الشر" إلى جانب إيران وكوريا الشمالية، وتهديد السلم والأمن الدوليين والمصالح الأمريكية في المنطقة، وتارة أخرى بإنقاذ الشعب العراقي من "النظام الديكتاتوري" وفرض نظام "ديموقراطي"، وتارة أخرى بذريعة فرض احترام الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات مجلس الأمن وبخاصة فيما يتعلق منها بالقضاء على أسلحة الدمار الشامل، وهي بذلك تسعى إلى البحث عن تجاوب عربي وإقليمي ودولي مع إحدى هذه الذرائع التي ستعني بالنسبة للولايات المتحدة الإقرار بقبول العدوان.
والحقيقة أن هذه المبررات والذرائع تظل كلها واهية وتخفي داخل ثناياها خلفيات وأهداف أخرى، ذلك أن العراق أبدى تعاونه الكبير مع المفتشين الدوليين في إطار قرار مجلس الأمن 1441 وقدم اعتذارا رسميا للكويت بصدد أزمة الخليج الأولى، وحاول بجدية طي ملفات الماضي وفتح صفحة جديدة مع جيرانه، كما أن الولايات لم تستطع قط إثبات تورطه في أحداث 11 شتنبر 2001 رغم سعيها الحثيث نحو ذلك، ومن ناحية أخرى لا يمكن لأي عاقل أن يقبل أن الولايات المتحدة تستهدف من وراء ذلك فرض احترام الشرعية الدولية بأي حال من الأحوال وهي التي طالما خرقتها وبأبشع الصور على امتداد التاريخ بل وشجعت دولا عديدة على خرقها، بل إن سلوكها العدواني على العراق ما هو إلا صورة واضحة تنم عن خرق صارخ وسافر بالشرعية الدولية ذاتها واستهتار بالقوانين الدولية بعد أن تنكرت لإرادة الأمم المتحدة ولمبادئ القانون الدولي والقيم الدينية والأخلاقية والرأي العام الدولي. إن الهدف الرئيسي لهذه الضربة هو تأكيد وتثبيت الزعامة الأمريكية في الساحة الدولية ومحاولة الثورة على النظام الدولي الذي تأسس مع نهاية الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة، فهذا العدوان هو في حد ذاته ورقة استهدفت من ورائه الولايات المتحدة استفزاز الأقطاب الدولية الصاعدة وتجريب مدى قدرتها على المناورة والتحدي ومحاولة الكشف عن أوراقها ونواياها، فاحتلال العراق أو فرض نظام موال لها هناك والتموقع في المنطقة سيمكنها من التحكم في عنصر ترتكز عليه مدنيتها وصناعتها وهو النفط الذي تعتبر احتكاره مدخلا لامتلاك ورقة مربحة في مواجهة الأقطاب الدولية الصاعدة وتكريس الزعامة والهيمنة من خلال البوابة الاقتصادية، كما أنها بعملها هذا تريد تكريس وسيلة إسقاط "الأنظمة المعادية" في عالم سمته الارتباك والفوضى والتحول والعتمة، بدل الدخول في سلسلة من الإجراءات العقابية السياسية والاقتصادية المكلفة وغير مضمونة النتائج، ثم توجيه رسالة إلى كل الأنظمة التي قد تفكر في تحدي زعامتها وهيمنتها(24).
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار خطورة هذا العدوان والظرفية الدولية المتميزة التي جاء فيها والمرتبطة بتداعيات أحداث 11 شتنبر 2001 والتحدي الذي رفعته في وجه دول العالم ، يظهر أنها انتقلت من مرحلة التبشير بنظام دولي جديد ومحاولة تكريسه ديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا إلى مرحلة فرضه وبلورته بالقوة العسكرية، ونحت باتجاه تكريس سياسة واقعية تنم عن ثقة خيالية في النفس بالشكل الذي دفعها إلى الاستهانة بالمؤسسات الدولية والقوى الدولية الصاعدة الرافضة للعدوان كألمانيا وفرنسا باعتبارهما يشكلان العمود الفقري للاتحاد الأوربي وروسيا والصين، والواضح أنها لم تعد تكتفي بالهامش الذي يتيحه لها تكييف بنود الميثاق الأممي واستصدار قرارات من مجلس الأمن في إعمال تدخلاتها وتحقيق مصالحها، لتفرض منطق قانون القوة واختصار الطريق والانتقال من مرحلة تأسيس الهيمنة سياسيا إلى تأسيسها قانونيا، فلا شك أنها تطمح من وراء هذا العدوان إلى ترجمة هذه الزعامة الاقتصادية والديبلوماسية والتكنولوجية والعسكرية داخل سلم اتخاذ القرارات بأجهزة الأمم المتحدة، فداخل هذه الهيئة وإن كانت تتمتع بهيمنة سياسية بالنظر إلى مقومات قوتها التي تمنحها نوعا من الشعور بالتفوق على باقي الأقطاب، فإن مشاركة القوى الدولية الأخرى وبخاصة تلك التي تتمتع بحق الاعتراض والعضوية الدائمة بالمجلس في التمتع بنفس الإمكانيات المتاحة لاتخاذ القرار بالأمم المتحدة عامة ومجلس الأمن بصفة خاصة، يجعلها تشعر بعدم الرضا والارتياح، وإذا علمنا أن نظام عصبة الأمم ومن بعده نظام الأمم المتحدة قد جاءا كإفراز مباشر لنتائج الحربين العالميتين على التوالي، وبالنظر إلى خطورة هذا العدوان، فالأكيد أن الولايات المتحدة تسعى من ورائه أيضا إلى بعث رسالة إلى كل القوى الصاعدة والتي تفكر في تحدي الولايات المتحدة وتبرز أن قراراتها الاستراتيجية لا يمكن أن تصد من طرف أي كان، ومن تم فالعدوان على العراق من وجهة النظر هاته هو عدوان ضد العالم بأسره وضد قواعد القانون الدولي وضد نظام الأمم المتحدة الحالي، ويبدو من كل هذا أن الولايات المتحدة تطمح إلى تعديل الميثاق الأممي بالشكل الذي يمنحها موقعا متميزا داخل سلم اتخاذ القرار بهذه الهيئة ويجعلها بمثابة الوصي والمرجع والضابط لتدخلات هذه المنظمة وجعل المجلس درجة ثانية بعدها في هذا السياق(25)، ولعل الرفض الذي قابلت به معظم القوى الدولية الكبرى ينم عن تفهمها وتنبهها لهذه الخلفيات التي تعني بكل تأكيد تهميشها والتأثير في أدوارها الدولية المستقبلية.
والواضح من خلال ما آلت إليه الأوضاع الحالية في العراق نتيجة دخول القوات الأمريكية الغازية إلى بغداد وما رافق ذلك من انهيار سريع ومفاجئ لنظام صدام، أن الولايات المتحدة قد حققت جزءا كبيرا من مشروعها وأهدافها المرتبطة بتكريس الهيمنة وتأجيل السقوط، ذلك أن الأقطاب الدولية الكبرى التي عارضت العدوان منذ البداية والتي لم تؤهل نفسها بعد لخوض معركة المنافسة والتحدي، بدأت تقر بالواقع الذي فرضته الولايات المتحدة وتحاول من جديد تذليل العقبات والخلافات والعودة لعلاقات ودية معها في إطار القطبية الأحادية مع البحث عن سبل لاقتسام الغنائم والمشاركة في وضع ترتيبات ما بعد الحرب وإشراك الأمم المتحدة ذاتها في ذلك، وهو الأمر الذي سيمنح الولايات المتحدة بالتأكيد ثقة كبيرة في النفس ويجعلها ترفع ورقة التهديد والوعيد في مواجهة كل الرافضين لسياستها وهيمنتها، كما سيشجعها أيضا على محاولة شرعنة زعامتها قانونيا وفق الشكل الذي ذكرناه بعد أن تكون قد كرسته ميدانيا وواقعيا.

خاتمة:
لقد سبق للولايات المتحدة أن أعلنت زعامتها للعالم بعد الحرب العالمية الأولى وبعد الحرب العالمية الثانية، ولم يتحقق لها ذلك بفعل تظافر مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية.
لكن الأمر حاليا يختلف تماما عن تلك الفترة, فهذا القطب الدولي وعلى الرغم من كل الإكراهات والتحديات، يظل – واقعيا- هو زعيم العالم بالنظر لمقومات القوة الاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياسية والتكنولوجية التي اجتمعت لديه وهو ما لم يتسن – لحد الآن - لأية دولة أخرى، هذا زيادة على السعي الحثيث لهذه الدولة بكل الوسائل نحو تأبيد زعامتها وتطوير قدراتها في مختلف الميادين واحتواء كل ما من شأنه تهديد هذه الزعامة سواء كانت أزمة أو دولة أو جماعة...
من هنا يمكن القول أن الزعامة الأمريكية ستظل قائمة- وإن لفترة معينة- ما دامت الأقطاب الدولية الأخرى لم تتجرأ بعد على تحدي هذا القطب بشكل جدي، وما دام الباحث والإعلامي والمخترع والسياسي والعسكري والمقاول والمستثمر والديبلوماسي... في هذا البلد, كل يكثف جهوده بشكل تكاملي خدمة لهذه الريادة.
ومع ذلك تظل هذه الزعامة التي أعلنتها الولايات المتحدة من جانب واحد وفرضت منطقها ونتائجها بالترغيب والترهيب على أعضاء المجتمع الدولي الذي قبلها على مضض, مسألة وقت في غياب ضمانات واضحة وصريحة من هذا الأخير للاستمرار في قبوله بها وبتداعياتها مستقبلا، ومادام التعدد القطبي يعد أحد الضمانات الرئيسية الكفيلة بتحقيق التوازن العالمي والأمن والسلام لكافة شعوب العالم.
الهوامش:
1-
Philippe David Charles : la guerre du Golfe, l’illusion de La victoire? :EDT/ART.global Montréal. Canada 1991.p334
2-رغم أن الاقتصاد الياباني يعد من ضمن أكبر الاقتصاديات الدولية, إلا أنه يظل يوازي نصف الاقتصاد الأمريكي فقط, فعلى سبيل المثال , تمتلك الولايات المتحدة حوالي 164 من شركة عالمية عملاقة من أصل 500 شركة كبرى في حين تمتلك اليابان 111منها فقط.
3- جيفري جيرتون : السلام البارد, أمريكا واليابان وألمانيا والنضال من أجل البقاء, ترجمة حسن صبري , القاهرة1994,ص15
4-عبد الخالق عبد الله : النظام العالمي , الحقائق والاوهام- السياسة الدولية, ع 124 , / أبريل 1996, ص 43
5- سيد أبو ضيف أحمد: الهيمنة الأمريكية، نموذج القطب الواحد وسيناريوهات النظام العالمي الجديد، عالم الفكر، الكويت، العدد 3 المجلد 31 بتاريخ: يناير، مارس 2003، ص 13
6-رضا هلال : إمبراطورية ... لكنها في أزمة. مجلة الوفاق العربي , لندن. السنة الثالثة , عدد 32/فبراير2002, ص36
7-حنان دويدار: الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية , مجلة السياسة الدولية , ع 127/ يناير 1997, ص 119.
8- وإن كان البعض يعتبر أن ما تقوم به الولايات المتحدة في هذا الشأن ليس استفرادا بقدر ما هو توافق بين مصالح الشمال. أنظر شفيق المصري : إمبراطورية إلى أن يحين موعد الأسئلة العاصفة. مجلة الوفاق العربي , م س . ص 38.
9- بريطانيا مثلا تميل للولايات المتحدة ومواقفه أكثر مما تميل إلى الاتحاد الأوربي.
10-جان ماري بويسو وآخرون : اليابان والبحث عن الشرعية, في : المعنى والقوة في النظام العالمي الجديد- ترجمة سوزان خليل – سينا للنشر, الطبعة الأولى 1998, ص 79.
11 - زكي العايدي وآخرون : المعنى والقوة في النظام العالمي الجديد, مرجع مذكور. ص 33
12- Paul Kennedy:Naissance et déclin des grandes puissances-ed
payot,1991,p17
13-وليد عبد الحي: المكانة المستقبلية للولايات المتحدة على سلم القوى الدولي, مجلة السياسة الدولية , ع 126 / أكتوبر 1996, ص 25.
14- ياسر أبو شبانة: النظام الدولي الجديد بين الواقع الحالي والتصور الإسلامي, دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة, الطبعة الأولى 1998, ص128.
15- سيد أبو ضيف أحمد: عالم الفكر، مرجع سابق، ص 14
16- ياسر أبو شبانة : م س , ص 172.
17- جان لوك دومناك وآخرون : تسيب الصين, في: المعنى والقوة قي النظام العالمي الجديد. م س, ص172.
18- يعمل حاليا نحو 9500 جندي ألماني ضمن بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في العالم.
19- عبد الحسين شعبان: المحكمة الجنائية الدولية: قراءة حقوقية عربية لإشكالات منهجية وعملية- مجلة المستقبل العربي ع 281/ يوليوز 2002- مركز دراسات الوحدة العربية, ص60.
20- في هذا الإطار تمكنت الولايات المتحدة من إنشاء "مكتب الإعلام الاستراتيجي" الذي خصص لتضليل الرأي العام الداخلي والدولي حول الحملة ضد الإرهاب ولتعزيز ودعم السياسة الأمريكية موازاة مع تدخلها العسكري في أفغانستان, وقد أغلق هذا المكتب في أواخر شهر فبراير 2002.
21- أحمد عبد الحليم: الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة , مجلة السياسة الدولية, الأهرام , عدد 147/ يناير 2002 , ص 198.
22- القدس العربي, لندن, ع 3975/ 27 فبراير 2002, ص 3.
23-إدريس لكريني: بعد مرور أكثر من عام على أحداث 11 شتنبر، لماذا لم تعدل الولايات المتحدة سياساتها تجاه قضية الشرق الأوسط؟ جريدة الاتحاد الاشتراكي – المغرب، بتاريخ 12-12-2002
24- أنظر في هذا الخصوص: إدريس لكريني، العدوان الأمريكي المحتمل على العراق: الخلفيات والذرائع، جريدة الاتحاد الاشتراكي، المغرب، بتاريخ 29-01- 2003 .
25- من بين الأهداف الأخرى التي تطمح إلى تحقيقها الإدارة الأمريكية من وراء هذا العدوان هناك: محاولة التغطية والاستهانة ب/على الآثار الكارثية التي خلفها الحصار على الشعب و الاقتصاد والتطور العراقي، خاصة وأن تقرير التنمية البشرية الصادر في أواخر التسعينيات ذكر أن العراق انتقل من الرتبة 55 عالميا سنة 1990أي قبل حرب الخليج الثانية إلى المرتبة 125 في أواخر التسعينيات من القرن المنصرم وذلك بناء على مؤشرات التنمية البشرية، ثم إزاحة العراق من معادلة القوى الإقليمية لصالح إسرائيل التي يبدو أنها المستفيد الأول من هذا العدوان كيفما كانت نتائجه، ثم تعزيز المكانة السياسية لبوش الابن القادم للحكم بناء على قرار قضائي والذي فشل في إيقاف الإرهاب ضد المصالح الأمريكية ولم يحسم بعد في المعركة بأفغانستان، ثم صرف أنظار الأمريكيين عما لحق حقوقهم وحرياتهم من تضييق بعد أحداث 11 شتنبر 2001
ملحوظة: هذه الدراسة منشورة بمجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، عدد 291 بتاريخ 5-2003



#إدريس_لكريني (هاشتاغ)       Driss_Lagrini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكافحة -الإرهاب- الدولي: بين تحديات المخاطر الجماعية وواقع ا ...
- في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل
- الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب
- الجامعة العربية في زمن التحديات
- الأمم المتحدة في مفترق الطرق
- العالم بين واقع الفوضى ووهم النظام
- المهاجرون المغاربيون في أوربا وسؤال الاندماج
- بعد احتلال العراق, الولايات المتحدة في مواجهة آخر جيوب
- حماس وتحديات الداخل والمحيط
- المغرب وتجربة الإنصاف والمصالحة


المزيد.....




- لبنان يعلق على تقرير صحيفة بريطانية زعم وجود صواريخ ومتفجرات ...
- السعودية.. الأمير الوليد بن طلال يقدم هدية غير متوقعة لبائعة ...
- مقتل كاهن كنيسة أرثوذكسية وأفراد من الشرطة نتيجة لهجمات إرها ...
- علماء روس يرصدون 3 توهجات شمسية قوية اليوم الأحد
- نقطة حوار - حرب غزة: هل تنجح زيادة غالانت في خفض التوتر بين ...
- إسرائيل وحزب الله يقتربان من حرب شاملة
- القضاء على إرهابيين اثنين في داغستان (فيديو)
- أب يحاول إغراق طفليه في شاطئ البحر بولاية كونكتيكت الأمريكية ...
- مصر.. تطورات جديدة في قضية ذبح طفل وتقطيع أطرافه بمحافظة أسي ...
- ضربات روسية على خاركيف وموسكو تحمل واشنطن المسؤولية عن هجوم ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس لكريني - الزعامة الأمريكية في عالم يتغير: مقومات الريادة وإكراهات التراجع