أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - الوثبة والجسر بين بهيجة ونور














المزيد.....

الوثبة والجسر بين بهيجة ونور


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 6397 - 2019 / 11 / 2 - 04:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالأمس "سقطت" الشهيدة (نور رحيم) على جسر الجمهورية، بعد أن أصابها ميليشياوي "عراقي" بقذيفة غاز مسيل للدموع إستقرت في رأسها الجميل، رأسها الذي كان يحلم بوطن أجمل لها ولبقية أبناء شعبها وهي تخرج لتتظاهر ضد آلة القمع السلطوية. رأسها الذي فيه عينان صافيتان كصفاء دجلة قبل أن يلوثّها الطغاة، والتي بهما كانت تنظر في وجه قاتلها اللئيم، قاتلها الذي أرعبته نظراتها وهي الواثقة بعدالة قضيتها، فصمم بحقد إيراني على إطفاء تلك العينين الجميلتين، وقتل أحلامها... فهل نجح، ومن المنتصر؟

لو كان الأمر بيدي يا نور، لوفّرت لك وطنا على مقاسك، وطنا يضحك عندما تضحكين، وطنا يبدو أجمل وهو يجلس أمام المرآة (يتمكيج) ليبدو أكثر جمالا ، كما جلست آخر مرّة فيها وأنت (تتمكيجين) لتخرجي الى حيث أخواتك وأخوتك الثوار لتغيّروا بعزائمكم مصير وطن. وطنا يتعطر بك وتتعطرين به، وطنا له ليل جميل كجمال شعرك الفاحم، وطنا له نهارات سعيدة، كسعادتك وأنت تحلمين بثوب زفافك، الذي أبدله القتلة بكفن. وطن يقفز فيه الأطفال فرحين وهم في رياضهم ومدارسهم، كما تتقافز العصافير على أشجاره ونخيله.

نور، لا أستطيع وأنا جالس بعيد جدا عن المكان الذي حولتيه بإستشهادك والمئات من أبناء جيلك الى مزار مقدّس أن أرثيك، فمثلك يا نور لا يُرثى. هل يُرثى النور في عصر الظلام؟ كيف أرثيك وأنت قد أعدت الحياة للعراق من خلال سقوطك على الجسر، عذرا قلت سقوطك. أعذريني يا إبنة النهرين فمثلك لا يسقط والعراق لا يسقط، أنّما الذي يسقط هم الساقطون القتلة.

تعالي إليّ وانا الرجل الستيني وعلّميني معنى الثورة، فقد خدّرتني السنين وبتّ كثير النسيان، بل قد أكون فقدت ذاكرتي. فمن يفقد وطن يا نور هو كمّن فقد ذاكرته. أعيدي اليّ ذاكرتي، أرشديني بنيّتي الى حيث الطريق المفضي لإستعادة كرامتي، دلّيني على أقصر الطرق التي تؤدّي للحرية والإنعتاق. نور تعالي اليّ ونوّري حياتي التي صادرها الطغاة، نوّريها بدروس التضحية والإباء، يا من سينير العراق بها وببقية شهداء سوح التحرير والثورة.

نور، هل قابلت بهيجة؟ بهيجة التي وقفت في منتصف الجسر تهتف ضد معاهدة بورتسموث، وكان هتافها سببا في تقديم عشرون نائبا إستقالاتهم ليتبعهم رئيس المجلس بإستقالته بعد إستشهادها، وليستقيل بعدهم رئيس الوزراء (صالح جبر). هتاف بهيجة أسقط تلك المعاهدة يا نور، هل أخبرتك شيئ عنها؟ إخبريها يا نور من أنّك كما هي، تقدّمت الى وسط الجسر تهتفين (نريد وطن)، الا أن ميليشيويا إيرانيّا من الذين صادروا وطنك أرداك صريعة. أخبريها أنّ الجماهير اليوم هي كما الجماهير وقتها، الا أنّ القتلة مختلفون. فقتلتها كانوا يتحدثون العربية، وقتلتك يتحدثون الفارسيّة.

أخبريها أنّ العراق ينتظر بزوغ الفجر بشروق الشمس على جسر الجمهورية، ليكون النهار دليلا للجماهير وهي تدّك المنطقة السوداء على قتلتك. أخبريها من أنّ قذيفة الغاز المسيل للدموع طرّزت (نفنوفك)، وأنت تهتفين :

يا دجلة خلني أحترگ
صار الشتا صيفي
محسوبة الي نجمتي
ومحفوظ الي طيفي
هم تنلكي بالعمر
شعبي زوافيفي؟

اليوم وفي كعبة التحرير سيتم زفافك يا نور،اليوم سترتفع الزغاريد وهي تزّفك الى العراق. اليوم ستحسدك الصبايا لجمال عريسك وبهاءه. أنّه العراق يا نور، فما أجملك من عروس وما أجمله من عريس.

اليوم ستطوف أمك في كعبة الأحرار وتسعى وهي تجّهزك لعريسك بين الجسر والجداريّة، اليوم سيكون المطعم التركي جاهزا لإستقبال المحتفلين بعرسك. اليوم وبعد العرس ستنشد أمّك وهي تعود الى البيت الخالي من ضحكاتك..

نور خالي دارنا *
الليل مثل الإسلاميين

وخفنا على عراگنا

بهيجة، فتاة الجسر التي إستشهدت في وثبة كانون سنة 1948 .
نور، فتاة الجسر التي أستشهدت في وثبة أكتوبر سنة 2019 .
* مع الإعتذار للشاعر كريم العراقي



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تبنى الأوطان بالأكفان
- مولاي ..!
- عنفوان شعب .. صورتان
- من للعراااااااااااااااااااااااق؟
- الدولة المدنية بالعراق.. نجاح إسلامي وفشل علماني
- سائرون .. لا آمال ولا تحدّيات
- قانون حمزة الشمّري 1.9 وتصويت الصدريين عليه
- زمن حمزة الشمّري
- نوري المالكي بين مادلين طبر وعازفة كمان
- رسالة الى السيد مسعود البارزاني
- عقدة الرابع عشر من تموز عند -المثقفين- والإسلاميين الشيعة
- الشهيد ستار خضير في ذكرى إستشهاده الخمسين
- إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟
- سيرك البرلمان العراقي بين الإصلاح والگوامة
- إنتحار الإمام عليّ
- وطن حر وشعب سعيد .. شعار شيوعي
- السم الزعاف بين الخميني وخامنئي
- هيفاء الأمين وبارومتر التخلف بالعراق
- الخارجيّة العراقية تكيل بمكيالين
- 9 نيسان إنهيار بلد وإذلال شعب


المزيد.....




- النيجر.. إطلاق سراح وزراء سابقين في الحكومة التي أطيح بها عا ...
- روسيا تشهد انخفاضا قياسيا في عدد المدخنين الشرهين
- واشنطن تدرس قانونا بشأن مقاضاة السلطات الفلسطينية بسبب هجمات ...
- هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين ...
- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يناقش غلاء الأسعار وتسييس القفة ال ...
- إسرائيل تعدل إجراءات الإنذار استعدادا لهجمات صاروخية كبيرة و ...
- القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية ترحيل الطالب محمود خليل المؤيد ...
- باراغواي تستدعي السفير البرازيلي لديها وتطالبه بتوضيحات حول ...
- موسكو: سنطور الحوار مع دول -بريكس- ومنظمات أخرى لبناء الأمن ...
- تبديد أسطورة فائدة أحد مكونات النبيذ


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - الوثبة والجسر بين بهيجة ونور