أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - محنة المثقف














المزيد.....

محنة المثقف


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6393 - 2019 / 10 / 29 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مهما سعى المثقف للتحرر مما يعرف ب «الازدواجية»، فإنه لن يفلح، ليس، بالضرورة، لأن العزيمة أو الشجاعة تنقصانه، لكي يقدم على قهر ازدواجيته والرسو على أرض من الاتساق بين سلوكه وأفكاره، وإنما لأن للواقع الذي يعيش في جنباته سطوة لا تقهر، وإن شئنا بعض التفاؤل، فلنقل إن قهر هذه السطوة مهمة معقدة وطويلة الأمد.

في أحد مقالاته لاحظ المفكر المغربي عبد السلام بنعبد العالي أن سبب ازدواجية المثقف يكمن في أنه أدرك ثقافة غير ثقافته، بمعنى الثقافة التي ولد ونشأ في جنباتها، ولكنه ليس حراً، كما قد يتوهم، في القدرة على تخطيها، لينتقل وعياً وسلوكاً إلى الثقافة الجديدة التي أدركها، لذلك يعيش ما وصفه بنعبد العالي ب «التمزق على مستوى الوعي».

ليس جديداً السجال حول ما يطلق عليه «رسالة المثقف»، التي تتمحور، حسب دعاتها، في أن على المثقف دوراً يجب أن ينهض به في خلق الوعي ونشره في أدمغة الناس، وحتى هنا فالمفردات بحاجة إلى غربلة وتدقيق، فعندما نقول «خلق» الوعي فإننا نفترض أن لا وعي سابقاً في أذهان الناس، يتعين علينا أن نخلقه أو نصنعه، فيما الحقيقة ليست كذلك أبداً.

هذه الأذهان ليست خلواً من الوعي، ففيها وعي مستقر وراسخ، أكثر استقراراً ورسوخاً من ذاك الذي في ذهن المثقف، لسبب يجمع بين البساطة والتعقيد في الآن ذاته، فالمثقف، مهما بلغ وعيه من عمق ونضج، يظل فرداً. وحتى لو جمعنا كل المثقفين فإنهم سيظلون أفراداً لا جماعة، فيما الوعي المستقر والراسخ في أذهان العامة هو وعي جمعي بامتياز. يمكن أن نؤثر في وعي أفراد، ولكن ليس بالسهولة نفسها يمكن تغيير وعي الجماعات.

هذا الوعي الجمعي يعيد إنتاج نفسه بديناميكية أنشط بكثير وأكثر فعالية من تلك الديناميكية التي يمكن أن يحدثها نشاط المثقف ل «تطوير» الوعي أو «تغييره»، لأنه يستمدّ قوته من رسوخ ومتانة البنى الموروثة، وهي لا تتداعى كما قد يبدو في الظاهر. ما يحدث حقيقة هو أنها هي الأخرى تجدد نفسها كما تتجدد الخلايا، وتكيّف أداءها مع المستجدات.

على مر العصور واجه المصلحون والمفكرون والمثقفون تحديات من الطبيعة نفسها. الذي اختلف هو تجلياتها أو صورها، لا طبيعتها أو جوهرها.

زمننا الراهن، على سبيل المثال، استحدث صورة «الخبير»، ويراد إيهامنا بأنه بديل للمثقف، لكنه، في أحسن الأحوال «مثقف تقليدي»، حسب تعبير جرامشي، حتى لو ظهر ببذلة أنيقة وساعة فاخرة وعطر فوّاح. مأساة عصرنا، يقول أحدهم، «كون البلاهة تفكر».



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمير أمين
- فيلتسيا لانغر.. وداعاً
- هكذا تكلّم أحمد سند في الأول من مايو
- معاقبة موسكو أم ترامب؟
- بين البحرين وتونس
- الروس والعرب
- إرهاب عابر للقارات
- ترامب الأوروبي
- المهم وغير المهم
- المرأة الحديدية
- سعيد العويناتي .. رجل ضد النسيان
- مقدمة كتاب علي دويغر
- بين القيصر والسلطان .. بندقية
- عبدالله خليفة في مبحثه عن الاتجاهات المثالية في الفلسفة العر ...
- لماذا لم يلتقِ تولستوي وديستوفسكي؟
- ناظم حكمت وبابلو نيرودا.. قدر القلوب الكبيرة
- الثقافة في مجتمعات الخليج العربي من العزلة إلى النفط
- العراقيون تحت جدارية جواد سليم
- الإسلام الحضاري في آسيا
- نساء في عيون العاصفة


المزيد.....




- ترامب يسعى لولاية ثالثة.. شاهد رد فعل مستشار سابق بالبيت الأ ...
- سوريا: الحكومة الجديدة تضم وجوها قديمة وأقليات.. ما هي رسالة ...
- فرح بعيد الفطر ممزوج بالحزن والخوف والقلق في الضاحية الجنوبي ...
- ما أصل -العيديّة-، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟
- على أحد شواطئ كينيا.. صلاة عيد الفطر تجمع الآلاف والدعاء لغز ...
- الوحدة الشعبية يزور ضريح الحكيم وأضرحة الشهداء صبيحة أول أيا ...
- خامنئي يرد في خطبة العيد على تهديدات ترامب
- أحدث غواصة نووية متعددة المهام.. مواصفات غواصة -بيرم- الروسي ...
- تعرف على الهاتف الأحدث من Realme (فيديو)
- مشكلة صحية خطيرة يشير إليها الألم الصدغين


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - محنة المثقف