أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - بين الفكر والسّلوك














المزيد.....


بين الفكر والسّلوك


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6390 - 2019 / 10 / 25 - 01:21
المحور: الادب والفن
    


كثيراً ما يتمّ التطرّق لمفهوم (عدم التطابق ما بين الفكر والسلوك لدى المبدع) طبعاً أيٍّ كان هذا المبدع؛ فنّان تشكيلي، فيلسوف، عازف موسيقي، روائي، شاعر.. إلخ. وكأن المبدع خُلِقَ من طينةٍ أخرى لا علاقة لها بتكوين باقي البشر!. حتى إن البعض يرفض قراءة أو مشاهدة أو حتى سماع ما ينتجه ذلك المبدع، بذريعة أنه يقول شيئاً ويمارس نقيضه فهو (كذّاب ومنافق ومدّعي.. وما إلى ذلك) وبالتالي يجب فضحه ومحاربته، وإن اقتضى الأمر إعدام موهبته وإبداعاته.
بالتأكيد عندما يتطابق الفكر النّيّر والسلوك لدى أيّ مبدع، فإن ذلك يسرّنا ويزيد من إجلالنا له. وربما يتحوّل فيما بيننا إلى رمز، إلى أيقونة مقدّسة. ولكن، أين هو ذلك الكائن المبدع الخارق؟
لنفترض أن مدرّساً أعطى درساً رائعاً في الأخلاق وبشكلٍ مقنعٍ جداً. لكنه خسيس وفاسد في الحياة العملية. فهل يعني هذا أن الدرس باطل؟ أكيد لا. فالدرس قوته في ذاته، بغضّ النظر عن الممارسة. وإذا ألّف فنّان تشكيلي بارع لوحة عظيمة تمجّد الحبّ والصداقة والسلام.. وتدعو إلى نبذ الحرب والتطرّف والهمجيّة.. لكنّه على الصعيد الشخصي لديه ممارسات تثير الاشمئزاز. هل نرفض إنتاجه؟ وإذا اشتهر طبيب بمهارته في اختصاصه، لكنه على الصعيد الشخصي جشعٌ فاحشٌ وعبدٌ للمال.. ومن ثمَّ، هل نكتفي بقراءة أطروحة الفيلسوف، أم من الضروري أن نعرّج على حياته الخاصة، لنرى مدى التطابق بين الادّعاء والتطبيق؟
لو قمنا بنبش الحياة الشخصية لأيّ مبدعٍ في الدنيا، سنجد العجب العجاب لجهة ممارساته التي لا تتفق ومنظومة القِيم التي نادى بها ودافع عنها وأفنى حياته في سبيلها.
إذ من النادر أن نجد تلاؤم السلوك بالفكر، لأن الفكر أنظف وأطهر، أو لنقل إن الفكر مستقلّ عن العمل.
إن قوة الفكر في ذاته بصرف النظر عن حامله. لأن فكرة “التطابق” مستحيلة. فالفكرة الميتافيزيقيّة تجعل من التحاق السلوك بالفكر أمراً وهميّاً وضرباً من ضروب الخيال. إنّ تعالي الفكر على السلوك يجعل كلّاً منهما ينتسب إلى عالم مختلف تماماً. ففي حين ينتسب الفكرُ إلى “عالَمِ المُثُل”، عالَم ما يجب أن يكون، فإن السلوكَ ينتسب إلى عالم الواقع، عالم ما هو كائن أو عالَم المُمكِن.
ولما كان الإبداع الحقيقي ليس رهناً بمرحلة زمنية معيّنة ينتهي بزوالها؛ فالإبداع الإنساني الذي يُحاكي هموم البشر وتطلّعاتهم ويساهم في ترقيتهم وتطوّرهم، خالد خلود الشمس. لذلك يجب ألّا تهمّنا تفاصيل الحياة الشخصية لمبدعه. مَنْ منّا مثلاً يعرف أدقّ التفاصيل عن الفارابي أو شكسبير أو مايكل أنجلو أو نجيب محفوظ أو طاغور.. والقائمة تطول؟ أصلاً ينبغي ألاّ تعنينا تلك التفاصيل بشيء إلاّ بما يعزّز استفادتنا من إنتاجهم.
الخلاصة: المبدعون قِلّة، علينا أن نلتفت إلى ما ينتجونه ونغضّ الطرف عن حياتهم الشخصية. فالمبدع ليس نبيّاً أو رسولاً أو ملاكاً معصوماً منزّهاً.. إنه واحدٌ من أفراد المجتمع خضع لذات النظام والعادات والتقاليد وتأثّر بها، ولديه عيوبه ومثالبه كباقي البشر. إنما يختلف عن غيره في أن الطبيعة حَبَتْه موهبةً استثنائية، استطاع من خلالها أن يقدّم للإنسانية ما جادت به قريحته. فعلينا شكره وتقديره وتكريمه والحفاظ على إنتاجه وتثميره وحسن توظيفه.. بما يحقق الخير للبشرية جمعاء.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملعبُ البلديّ والسُّلُّمُ الخشبيّ
- أوّلُ أجرٍ أتقاضاه
- فأر الحقل
- مع عدم الموافقة!
- خطاب رسمي
- من ذكريات «الزمن الجميل!»
- روسيا وتركيا و«الكباش» المعلن والمخفي
- أوَّلُ مهمّةٍ حزبيّة
- هل روسيا «الأمّ الرؤوم» لأصدقائها؟
- سورية إلى أين؟!
- هل الحلفاء أخوة؟!
- «القرضاوي» والمسيحية
- مرةً أخرى عن العلمانية
- ذَكَرُ العجل
- دوامُ الحال، من المُحال..
- المنشور
- جاري والدكتورة
- قراءة في «بالخلاص يا شباب!»
- قراءة موجزة في «زمن مستعمل»
- «العمى»


المزيد.....




- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...
- نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
- الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - بين الفكر والسّلوك