|
الفنون الشعبية في توات
عقيدي امحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1557 - 2006 / 5 / 21 - 10:43
المحور:
الادب والفن
لا يزال تاريخ الفنون في توات مهمشا الى حدالساعة فهناك صعوبات عديدة تواجه دراسة هذا الموضوع الشاسع ، وإحدى هذه الصعوبات هي ندرة الوثائق التي يمكننا الاعتماد عليها .وتكاد تنحصر المصادر الأولية في حفظ البعض منها إلى المجتمع التواتي ، لكنهم لم يتركوا لنا سوى القليل عن الحياة الفنية ، وتتراوح على الأرجح أسباب هذه الظاهرة بين عدم الإلمام بمبادئ الموسيقى وبين اللامبالاة إزاء الفن والفنانين معا. وتنشا صعوبات أخرى في دراسة هذا الموضوع مردها التوجه السائد لدى المؤخرين المعاصرين نحو التقليل من أهمية الفن المحلي الذي هو اليوم سيد للعديد من الفنون الوطنية والعالمية ، وقد يمثل تاريخ الفن في توات في الحاضر استثناءات قليلة لتلك القاعدة ، فبفضل موقعها الجغرافي المركزي واحتكاكها الحضاري بشتى الدول المجاورة ، كانت توات محطة لعدد من الباحثين الأوربيين الذين زاروا المنطقة وسجلوا بعض الملاحظات الخاطفة حول الفن والراقصين ، وقد كانت تغلب بوجه عام على هذه الأعمال روح العصبية ، وفي توات نفسها ظهر عدد من الأعمال الرائدة عن الفن التواتي ، وتمكن المصادر المتوفرة من إعادة بناء صورة تاريخية عامة عن الرقص ة البارود ، والحياة الفنية في توات في العصر الحالي مع التركيز على المدن الأثرية هناك . ويمكن لمثل هذه الصورة أن تحيط بوظائف الفن والوضع الاجتماعي للفنانين ، والدور الذي يقوم به الفن والأداء الفني والأشكال والآلات والمعتقدات . ومن العسير جدا أن نتحدث بشكل مطلق على مدى شعبية الفنون في حضارة معينة ، ولكن من وجهة نظر محلية على الأقل ، يمكننا القول بأن الفن كان يحظى بمحاسن أهل المنطقة في القديم ، ونظرا لممارستهم لتلاوة القرآن الكريم والتي تدرس في جميع قصور المنطقة . تساهم في زيادة ولعهم الطبيعي بالفن، ومن ناحية أخرى كذلك الأثر العاطفي العميق الذي يبعثه الفن في نفوس المستمعين من أهل البلد.كما كان قسم كبير من الأغاني القديمة في توات يؤدى بصاحبة الآلات النفخية (( الزمارة)) والدف الكبير ، والدف الصغير .ولا تزال معظم هذه الآلات مستخدمة في المجتمع التواتي ، ومن بينها مزمار (1). يتميز هذا باستخدام إحدى القصبتين لأحداث الصوت المستمر ، وأخير صنف من الناي المفتوح من كلتا الجهتين ، وكانت العروض الفنية أيضا تعكس الفصل الثقافي والفعلي بين مجتمعي الرجال والنساء ففي المناسبات الخاصة كحافلات الأعراس ، كان الفنانون الرجال يقومون بتسلية المستمعين من الرجال ، بينما كانت الفنانات من النساء يؤدين عروضهن لجماهير النساء ، وقد لوحظ إن ذلك لم يمنع من الاتصال المحدود بين الجنسين في مجال الفن ، وقد أمتد هذا بين الجنسين إلى الموسيقى نفسها ، وعلى ما يبدو فإن الرجال كانوا يستخدمون آلات تختلف إجمالا عن تلك التي كان يستخدمها النساء ، وكانت الأغاني والقوالب الفنية على شئ من التباين أيضا فالفنانون كانوا يعملون في فرق تتكون عادة من مغن أساسي ومجــــموعة يصفقون ، وعازف ناي ، وتســـمى هذه الرقصــة الطـــــبل ( الشلالي ) ومن إحدى أغانيه هذا المقطع . دقتني دقتين وحدة يا خويا وحدة فوق الضمير أوثنتين إيلاقو عمري ما نحساب العشيق يغدر عشاقو. وبالمقابل كانت مجموعة النساء ترأسهن المغنية ومجموعة من النساء وثلاثة يضربن على الطبلة ، ومنهن من يضربن على الطار وهو دف كبير ، ومن احدى اغانيهن هذه المقطوعة . يا لمولى رازق العبادي اوفي مرادي وذهب التباين بين الجنسين إلى ابعد من ذالك فبوجه عام كانت النساء أقل فعالية في الممارسات التقليدية وكانت الفتيات يرقصن بمناسبة الزواج والخطبة ، وينتمين إلى درجة منخفضة في السلم الاجتماعي أقل تقليدا بقواعد السلوك ، هذه وكن يؤدين الرقص بمصاحبة مجموعات مختلفة من الآلات ، المزمار والطبل والطار وكن الفتيات يرقصن في مجموعة أمام الرجال. ويعتبر المرشوق أكثر الأنواع الموسيقية مكانة وانتشار في توات والمرشوق هو بمجمله بيت شعري موزون ويعتمد على نص بالعامية التواتية ، وكان المرشوق يعرف بسيد السهرة فهو يمثل عادة أطول قطعة في الوصلة وبشكل ذروتها ، ويعتقد أن المرشوق ظهر منذ أمد طويل في توات ويرجع الفضل في نمو هذا النوع إلى الإسهامات المبدعة لبعض الفنانين ، ومن الناحية التركيبية يتكون المرشوق من فقرات غنائية ثابتة تفتح الشكل وتنهيه مع جزء وسطي طويل كان من شأنه أن يتيح فرصة الإبداع التلقائي ، فإن الجزء مقاطع يناوب وأحيانا تداول بين المغني المنفرد والجوق المصاحب له ، ويعرف هذا التناوب في توات عموما بالمرجوعة ، وكانت هذه التناوبات والتشابكات تشكل عنصرا أساسيا لصيغة واختيار القدرة ومهارة المغني الطموح . وخلاصة القول أن الفن والحياة الفنية في توات في القرن الحالي أبدت سمات قوية من التواصل والتجديد ، ففي وقت مبكر كانت الثقافة الفنية نتاجا إلى مجتمعات تقليدية أخرى وهكذا استمرت هذه الثقافة خلال هذه الأيام ، وإن كانت بعض معالمها قد بقيت حتى أواخر القرن وربما مازالت موجودة حتى ألان ولكن انقضاء السنوات الأخيرة كانت أقوى التحديث والتأثير قد لمست معظم الفنون هناك في توات ومهدت الطريق لظهور أنواع أخرى. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) : هو مخزن الهواء يصنع من جلد الحيوان والقصب .
#عقيدي_امحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراسة حول عرض مسرحية المنتحر
-
التجربة المسرحية في الجزائر
-
مسرحية التمرين بين العرض والنص
-
دراسة نقدية حول مسرحية الكترا
-
المسرح المدرسي فضاء لاكتشاف المواهب وترسيخ الاسس التربوية
-
دور الموسيقى الشعبية في ترقية المجتمع التواتي
-
توني موريسون روايتها تجسد السخرية المأساوية
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|