أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - انحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/1















المزيد.....

انحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/1


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6385 - 2019 / 10 / 20 - 15:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مرت منطقة شرق المتوسط بثلاث حقب من الانحدار ضمن حالة الانقطاع الحضارية التي تميز تاريخ هذا الجزء من العالم، وتطبعه بطابع الدورات والانقطاعات داخل البؤرة الرئيسية الإمبراطورية الازدواجية ارض الرافدين، وعلى المستوى الاوسع حيث المكونين الاحاديين لمجتمع اللادولة الجزيري، وكيان أحادية الدولة النيلي، إضافة للمجال المفتوح لساحل الشام، الحقبة الأولى من حالة الانقطاع الراهنة تبدا من القرن الثالث عشر ويمكن التاريخ لها مع سقوط العاصمة الإمبراطورية للدورة الثانية على يد المغول عام 1258. وقعت المنطقة ابانها تحت سيطرة قوى شرقية بالدرجة الأولى تعاقبت عليها، بعد ان فقدت دينامياتها التي استمرت حيه منذ القرن السابع والثورة الجزيرية التي حررت الاليات الرافدينية من وطاة الاحتلال الفارسي، لتتيح الفرصة لعودتها للاشتغال في دورة امبراطورية ثانية هي من خاصيات هذا الموضع الأساسية، ازالت مفاعيل حالة انقطاع أولى استمرت من سقوط بابل في القرن السادس قبل الميلاد، حين ختمت الدورة الأولى السومرية الابراهيمية البابلية.
القسم الثاني من حالة التردي يبدا من صعود اوربا الحديثة، وثورتها البرجوازية المصنعية ومجمل منجزها الهائل، وبالتحديد نقلها عملية الإنتاج من اليدوية الى الالية، وقتها توطدت حالة من التوهمية العالمية الطابع، وصار مظهر الانحدار الأبرزيتمثل بطبعات من التماهي مع مالايمكن تحققه واقعيا، وهي فترة اسميت زيادة في تكريس التوهمية وممارسة مايشبه تعاطي المخدرات الفكرية باسم "عصر النهضة"، تقابل ابانها وهمان، الأول اوربي حداثي ددينه العيش خارج ذاته، والثاني ذاتي لكن خارج ذاته زمنيا، يتقمص مع الاستحالة التامة، ماكانت الدورة الثانية قد افتتحت به كمنطلق، أي الثورة الجزيرية في القرن السابع، وهو ماعرف بنزعات "السلفية". والفترة المذكورة تمتد على مايزيد على القرنين من الزمن، ظل العقل متوقفا خلالها عن النظر الى اشتراطات ومحركات تاريخه، بالاخص منها المتفوقة موضوعيا على ماعداها.
الفصل الثالث بدات ملامحة تتوضح الان مع تغير التوازنات الدولية، وظهور التقابلية والتوازن بين الشرق والغرب على حسب الأسس الراسمالية، مع تراجع الغرب المطرد والمكبوت الى الان، بمقابل صعود الصين والهند وروسيا، واللحظة الحالية تنقسم الى شطرين: الأول تمثلها ظاهرة القطبية الدولية التي تسببت في ببروز نوع من ثنائية التماهي، مع الغرب من ناحية، ومع الشرق ومعسكره الاشتراكي، الامر الذي سيختل بقوة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، واتضاح حدود ماعرف بالتجربة الاشتراكية ومآلاتها، باعتبارها طريقا للانتقال المخطط نحو الراسمالية، يخص البلدان الاوربية الطرفية، الأقل تطورا راسماليا تدل عليه حالة من خارج اوربا،موطن الثورة البرجوازية، لكنها تتمتع بنوع من البنية الشبيهة ببنية الانشطارية الطبقية الغربية، وان على النسق الشرقي الأقل مرونة والاقرب للتكلس، كما هي حال الصين التي انتهت الى بلد راسمالي مع طلائع دخول وسيلة التكنولوجيا الطور الإنتاجي اللاحق على الالي، وصمود بنيتها امام صدمة التكنولوجيا، بعكس الاتحاد السوفياتي الذي وقع في التناقض بين جمود بنيته المخططة الايديلوجية، ومتطلبات المرونة الإنتاجية التكنولوجية، ماادى لما أدى اليه من خلل في بنية النظام ومرتكزاته الأساسية ثم انهياره.
وثمة لحظة رمادية اعترضت طريق تبلور هذا الفصل، مثلها ظهور الولايات المتحدة بمظهر القوة الوحيدة الأعظم، مع محاولة تكريس هيمنه النمط الراسمالي على الزمن والتاريخ، وهو مالم يطل كثيرا، اذ سرعان ماراحت روسيا تستعيد حضورها على أسس الراسمالية، في حين كانت الصين مستمرة في تكريس موقعها كقوة عملاقة بمقاييس محورة، مقارنة بتلك التي كرسها الغرب ومايزال مصرا على فرضها، وميزته طيلة فترة صعوده الهيمني الاستعماري والنموذجي المفهومي ومع التقاء هذين الموضعين فقد استعيدت حالة مستجدة من القطبية الدولية قد تكون هي ذاتها التي زالت من المشهد اليوم بعد ان زال منها الجانب الايديلوجي الذي تراجعت موجباته.
ليس من السهل متابعة كل خطوط وتعرجات سير الاحداث التي أودت اليوم الى عودة نشوء شكل من اشكال رضوخ المنطقة الشرق متوسطية لثقل الامبراطوريات التقليدي، الشرقية والغربية معا، لكن يمكن على الأقل رصد يعض ملامح الانعكاس الأبرز القابل للمس كما هو ممثل في المنحى الذي يتخذه الحضور الإيراني، وكيف يتشكل عمليا على الأرض، بالاخص من زاوية ماصار معروفا ب "المقاومة " او معسكرها، وليست ايران لوحدها التي تمثل تصادم الراسماليات الشرقية والغربية في الشرق الاوسط، فحضور روسيا العلني البارزفي سوريا، وبظهرها الصين، مقابل الولايات المتحدة ومعسكرها، يضع الظاهرة الإيرانية في خانة اقل أهمية مما تصورعادة، فايران الحالية ليست تلك التي كانت تحتل بابل، وهي اليوم غير فعالة بذاتها، ولم يكن لها ان تحتل أي موقع وازن فعلا، لولا الخلل الاستراتيجي في التوازنات الشرق متوسطية، الذي تكفلت الولايات المتحدة باحداثه بغزوها العراق، مرتكبة خطأ استراتيجيا قاتلا يقع في باب تردياتها الإمبراطورية التي تزداد عليها الدلائل.
كل هذا وغيره يجعل من التشابهات بين فترات ماضية من وقوع المنطقة تحت طائلة التجاذبات المزدوجة،ضعيفة حين يتعلق الامر بالتفاصيل والمستجدات وزحمتها وتشابكاتها، ذلك من دون اهمال حقيقة كون مثل هذا الإيقاع الاستراتيجي المميز للمنطقة ضمن المحركات الأساسية الدافعة لتعبيرها عن ذاتها وثوراتها التي عادة ماتتخذ طابعا كونيا يعقب فترات انقطاع وغياب، كما حصل في القرن السابع في جزيرة العرب التي عانت من الاختناق بسبب الحضور الفارسي واثر اغلاقه للافق التجاري القاري للجزيرة الممتد من جنوبها عبر البحرالى الهلال الخصيب، عدا عن ثقل الحضور المقابل الروماني ماقد ادخل الجزيرة العربية ازمة اختناق انعكست على واقع القبيله، وممكنات استمرارها لولا طبيعة المكان العصية على الاختراق، الامر الذي وفر مع الوقت إمكانية استثنائية قلبت بموجبها المعادلة الراجحة للوحدة المجتمعية ممثلة بالقبيلة، لصالح العقيدة ليظهر وقتها مجتمع عقيدي محارب بحكم الطبيعة، الحرب والقتال هي خاصيته الأولى ، واقتصاد الغزو و"القتال كشرط للعيش" بدل العمل المعتاد في المجتمعات الأخرى كوسيلة للبقاء، وهي حالة مجتمع اللادولة الأحادي الجزيري التي منحته القدرة الاستثنائية على الانتشار بقوة السيف التي هي ذاتيته المجتمعية التي لاتقاوم، مايفسر كيف ولماذا تمكن 120 الف مقاتل، خرجوا من هذا المكان ليصلوا خلال قرابة عشرين سنه الى الصين واسبابنا، فلقد كانوا في حينه بالمقارنه على زمنهم، بمثابة قنبلة نووية بشرية تركب حصانا وتحمل سيفا ورمحا.
وهكذا امكن وقتها استعادة اليات الدورة الحضارية المجتمعية الأولى الابكر التي ظهرت قبل غيرها من حضارات العالم في ارض مابين النهرين والنيل بناء على الياتهما الذاتية المتحررة من وطاة ماعداهما، اوما يجاورهما من مواضع ظهرت وتبلورت لاحقا متاثرة بهما، ومع تحرير الفتح العربي للاليات الحضارية الرافدينية المعطلة لاسباب بنيوية، ووطاة الاحتلال الفارسي ليعود الموضع الازدواجي الامبراطوري الكوني للانبعاث في دورة ثانية، استمرت حتى 1258 يوم سقوط بغداد الذي يذكر بسقوط بابل، ومن ثم بالايقاع والسمات التاريخية للعملية المجتمعية الحضارية في هذا المكان من العالم، من حيث خضوعها لقانون الدورات والانقطاعات، وتفاعليتها الكونية الذاهبة شرقا وغربا.
واهم مايميز المنطقة التي نتحدث عنها انها غير قابلة للاستيعب من قبل سواها، وانها قد تقع تحت وطاة غيرها من الامبراطوريات والأمم، غير انها في الحصيلة وعند نهاية المطاف تظل محكومة لالياتها وفعل وديناميات بناها التي لاتلبث ان تعود للحضور مخترقة وطاة الاحتلالات، التي تعجز عادة عن جعل هذه المنطقة خاضعة "حضاريا" لسواها، في حين يحدث العكس دائما ان بوسائل اخرى، فالامبراطورية الرومانية اخترقت بالابراهيمة التوحيدية المسيحية القراءة الابراهيمية الثانية، وهي ماتزال الى اليوم هي وامريكا تدينان بالابراهيمية وفارس فقدت في الحصيلة كل مايعتبر منجزها السابق على الاسلام، واضطرت لان تتخلى عنه لصالح الدين الجديد، هي وعموم الشرق المتصل الى الصين، بحيت صارت مجبرة من يومهاعلى التعبير عن ذاتها وطنيا ومفهوميا، بما هو من خارجها، والمنطقة المذكور الشرقية عرفت قبل الإسلام ديانه عراقية وصلت الصين، واخترقتها هي والهند وفارس، ومعظم بلدان اسيا الشرقية، وامتدت الى اوربا، هي "المانوية" التي ظهرت في القرن الثالث على يد النبي العراقي البابلي الميساني "ماني" الذي قال قبل النبي محمد ب " الختام النبوي"، وكان لديناته اربع صلوات، مع ميل الى التقشف، وينطبق هذا على حالة ايران في الماضي والحاضر، فالتشيع الذي عبرت ايران به في العصر الحديث عن ذاتها القومية بالحركة الصفوية في القرن السادس عشر،"عراقي" الأصول والمنشأ، ومثله تشيع الخميني، ولهذا تظل النوازع والتحسسات "الفارسوية" تضمر شعورا عميقا لا بالانكسار الحربي على يد العرب "الحفاة" البدو، بل لان هؤلاء انهوأ عقيديا ومفهوما حياتيا وتعبيريا حضاريا أي إمكانات حضور للفارسية، والامر ربما انطبق حتى على بنيتهم الإمبراطورية نفسها من حيث تاثرها بالبابلية، مايجعل الشرق كله وصولا الى الصين منطقة تاثر بالموضع الشرق متوسطي تاريخيا.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة العشرين اذا تجددت اليوم؟
- -قرآن العراق- والقراءة الرابعة!!2أ
- احتجاجات زمن مابعد الدولة(*)
- شيوعيتان: ووطنيتان متضادتان/4
- شيوعيتان: بنيوية وطبقية ماركسية/3
- شيوعيتان: بنيوية وطبقية ماركسية/2
- شيوعيتان: بنيوية وطبقية ماركسية/1
- البيان التحولي 2 / التحولية والماركسية واليسار الشرق متوسط ...
- البيان التحوّلي أ/-التحوليّة- والماركسية واليسار الشرق متوس ...
- ابراهيمية بلا نبوة -ب-/-التحوليّة-والماركسية واليسار الشرق م ...
- ابراهيمية بلا نبوه-أ-/-التحوليّة- والماركسية واليسار الشرق م ...
- خارج الذات/-التحولّة- والماركسية واليسار الشرق متوسطي/5
- استبدالات الايديلوجيا والواقع/- التحولّه- والماركسية واليسار ...
- مادية تاريخية تحوليّه/ -التحوليّه- والماركسية واليسار الشرق ...
- تكنولوجيا المصنع والتكنولوجيا -التحوليّة-/ -التحولّية- والما ...
- الصراع الطبقي يلغي ذاته/- التحوليّة- والماركسية واليسار الشر ...
- - التحوليّة- والماركسية واليسار الشرق متوسطي/1
- علم الاجتماع الابراهيمي؟/3
- علم الاجتماع الابراهيمي؟/2
- علم الاجتماع الابراهيمي؟/1


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - انحطاط عربي ثالث ودعوى المقاومة/1