أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث رسمي الهيتي - كي لا يقتلنا النفط














المزيد.....

كي لا يقتلنا النفط


حارث رسمي الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 6376 - 2019 / 10 / 11 - 23:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قبل أيام التقيت بصديق لي من مدينتي هيت، ولأني أحب أن امازحه لأسمع أحدى قفشاته الجميلة، سألت قيصر صديقي عن سبب عزوفه عن الزواج رغم انه سيكمل قريباً ثلاثة عقود ونصف العقد عن قريب، ضحكنا بادئ الأمر بعد اجابته، لكن ما أن فارقته حتى استعدت ما حدثني عنه هو، قيصر يحمل شهادة البكالوريوس في احدى الاختصاصات الانسانية، باءت كل محاولاته الرامية الى ايجاد تعيين في مؤسسات الدولة بالفشل، ولأنه يعمل مصوراً في استوديو صغير في المدينة فقد كيّف نفسه مع الوقت، في السنوات ما بعد انتهاء الاقتتال الطائفي كانت الاموال في السوق كثيرة، فقد كان الانفاق الحكومي في اعلى مستوياته بحكم اننا بلد يعتمد على واردات النفط فقط، ولأننا دولةً ريعية فإن القائمين على سدة الحكم وبعد ان واجهوا مشاكلاً كثيرة وعلى اغلب مستويات ومجالات الدولة والمجتمع فهم يلجأون الى زيادة الانفاق العام بدلاً عن ايجاد حلول لكثير من الأزمات التي تعصف بنا وما زالت تمارس فعلها الى اليوم، وصل الأمر في هيت الى درجة ان أجرة البنّاء "الخلفة" وصلت الى مائة الف دينار باليوم والعامل الى أربعين الف تقريباً، وانتعشت شركات النقل والسفر، ومحلات بيع الملابس والأشياء الكمالية حتى، مقابل ذلك زاد الاستيراد حتى فيما يتعلق بأبسط انواع الخضر والفواكه التي كانت بساتين هيت تشتهر بزراعتها، يقابل ذلك ارتفاع في اسعار تلك الخضر، خاصة بعد أن ترك الفلاحون أراضيهم وذهبوا الى ما سمي وقتها "الصحوات" التي بذخت عليها الدولة أموالاً طائلة حتى أصبحنا نضحك حين نرى ان سيارة ابسط فرد في الصحوة أفضل وأحدث من سيارة القاضي والاستاذ الجامعي ولكم أن تتصوروا حجم الاموال التي انفقت هباءً!!
يبدو أن احداً لم ينتبه لكتاب تيري لين كارل ( مخاطر الدولة النفطية ) الذي يكتب فيه عن مخاطر اعتماد الدولة على واردات النفط فقط دون الاهتمام بتطوير الجوانب الاخرى التي من شأنها ان تخلق سوقاً للعمل، ومجالاً لانتاج الكثير من الخيرات المادية بعيداً عن الاعتماد على الاستيراد، فيذكر تيري كارل ما نصه:
"ان البلدان التي تصدر النفط بوصفه نشاطها الاقتصادي الرئيسي تولد انواعاً محدودة من الطبقات الاجتماعية والمصالح المنظمة وانماط العمل الجماعي الداخلية والخارجية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالدولة وتستفيد من الريوع النفطية وتكون لدى هذه الطبقة أسباباً وجيهة لتعزيز البترلة كوسيلة لتحقيق مطالبها".
سأتحدث عن الانبار باعتبارها محافظتي وأعرف ما فيها جيداً، ففيها أربعة منافذ حدودية الوليد والقائم مع سوريا، وعرعر مع السعودية، وطريبيل مع الاردن، هذا اذا علمتم ان المنفذ الأخير وحده كان يعطي تقريباً 300 مليار دينار سنوياً قبل داعش حسب تصريح السيد حميد العلواني عضو مجلس المحافظة هناك، ناهيك عن الفوسفات وحقل نفط عكاز الذي لم يباشر العمل فيه ومعامل السمنت والجص في المحافظة، وليس أخيراً عيون الكبريت والقار التي تشتهر بها المحافظة والى غير ذلك من الموارد الطبيعية التي ما ان يضع القائمين على مواقع السلطة في المحافظة خططاً حقيقية وجادة للنهوض بواقعها المعاشي فستتحول الى محافظة معطاء لأبناءها الذين اتعبتعهم الحروب والسياسات الخاطئة.
ما اتحدث عنه يبتعد عن كونه مشكلة شخصية لصديق والكثير مثله، وليست شيئاً كمالياً ممكن ان نؤجله حالياً، أنا اتحدث هنا عن قضية تتعلق بالأمن الوطني ومصلحة هذا البلد، هل فكر مسؤولينا الأجلاء بأن شاباً اكمل دراسته الجامعية ويجبر على العمل ليعيش وعائلته يضطر اليوم للعمل في محل لبيع الملابس مثلاً أو في اسواق تجارية يتقاضى راتباً شهرياً مقداره (120) الف دينار ويبدأ دوامه منذ الساعة الثامنة صباحاً الى الثامنة مساءً، شاباً مثل هذا كيف لنا أن نقنعه أن الغد هو أفضل ونحدثه عن الانتماء لهذا البلد الذي يتجار ساستنا به وبنا وبمستقبل اطفالنا أيضاً.



#حارث_رسمي_الهيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام عادل .. الاستثناء في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
- الوطن هو أنتم، الوطن هو أنا
- ملاحظات من عطلة العيد
- القفز من مركب الرئيس !!!
- من حفل التنصيب !!
- فندق حامد المالكي الذي شغلنا !!
- قادةُ مروا بعد فهد ، لهم وعليهم
- كيف خيبت سائرون حلماً كان قريباً ؟
- الذاتي والموضوعي في تشكيل فهد
- وثبة كانون ... فتاةٌ على الجسر وكسر للنهج الطائفي مبكراً
- اليشوف الموت ما يرضى بمجلس مكافحة الفساد
- وزير الثقافة و ورث بابا خرابة
- الموقف من الشيوعيين !!
- قراءة بصوت عال لمقال الرفيق جاسم الحلفي
- الهرمنيوطيقا .. ومحاولة فهم النص الديني
- ثلاث رسائل لمئوية ثورة أكتوبر
- لماذا لا يؤسس النظام الأمريكي دولةً للرفاه ؟!!
- ( المجتمع المدني ... قراءة في المفهوم )
- وثائق CIA وجائزة نوبل
- معالم وخصائص التجربة العراقية في الخصخصة خلال فترة النظام ال ...


المزيد.....




- المصانع الصينية تنقل الحرب التجارية مع أمريكا إلى مكان جديد ...
- الصين تحتفظ بورقة استراتيجية في صراعها التجاري مع ترامب
- هذه الصور الزاهية هي رسالة حب لنساء المغرب القويات
- ماذا نعرف عن الكلية العسكرية التي درّبت قوات المعارضة قبل ال ...
- أمير قطر يزور موسكو
- صراع النفوذ على النفط يعمق أزمات ليبيا
- عراقجي يميط اللثام عن رسالة خامنئي لبوتين
- غزة.. نزوح نصف مليون فلسطيني جراء استمرار العمليات العسكرية ...
- توتر تركي يوناني حول التخطيط المكاني البحري
- مصادر بوزارة الدفاع التركية: آلية خفض التصعيد مع إسرائيل لا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث رسمي الهيتي - كي لا يقتلنا النفط