إبراهيم أبوحماد المحامي
الحوار المتمدن-العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 03:58
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
يحتدم الجدل في الكيان الصهيوني حول قضايا جوهرية في الأسرة , إذ يحاول الكيان الصهيوني أن يرسم استراتيجية للحفاظ على الزواج الديني، ودعم أي زواج مدني أو مثلي أو أي علاقة ينجم عنها وجود أطفال ،بقصد الحفاظ على التفوق الديمغرافي الصهيوني , وهو المبدأ الذي قام عليه الكيان الصهيوني , والسبب الحقيقي خلف النكبةوالتغريبة الفلسطينية .
ولذا فإن قضايا التحول إلى اليهودية ،وتعريف من هو اليهودي والزواج المختلط، ومركز الأجنبي في الدولة الصهيونية , والموقف من زواج اليهودية من العربي يستند الى مبدأ الديمقراطية المدافعة بقصد إقصاء العنصر العربي , وكذلك مبدأ يهودية الدولة ،والذي يعتبر الايدلوجيا السائدة في الكيان بقصد نقاء الدم اليهودي, إذيحاول الكيان الصهيوني جاهداً أن يضفي الشرعية على كيانه عبر خطط استراتيجية لتوظيف نظريات اجتماعية وسياسية واقتصادية،لضمانوجوده الزائل لأطول مرحلة ممكنة، باستخدام الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والتحالفات الدولية , بهدف تغيير الحقائق على الارض باستخدام حق القوة لا قوة الحق , ويتم توظيف كل الإمكانات لخدمة هذا الهدف من قوى أمنية واستخبارية وسياسية واقتصادية وعسكرية ودبلوماسية, ويبقى الصراع الوجودي للسكان هو أبرز ما يوجه السياسة الصهيونية .
الحرية الصفرية في الطلاق
وأهم ما يميز قانون العائلة الصهيوني هو مبدأ الفصل بين العائلة والدولة , وإن القانون هو الذي يحدد مدى وحجم تدخل السلطة في الأسرة ،ومن أبرز آثار ذلك هو عدم اجبار الزوج والزوجة على الطلاقلأنه حق شخصي للزوج ولاعتماد المرأة على الرجل وفقا لتعليل القانوني للمحكمة الحاخامية , وعند تعسف أي منهما في ذلك، فإن المحكمة ترشدهما الى الطلاق مع الحكم للمتضرر بالتعويض وفقا للضرر والتعويض عن التأخير بالطلاق وفقا لاتفاقية ما قبل الزواج التي تبرم بشكل اختياري كملحق لعقد الزواج , و على الرغم من ذلك لا تملك المحكمة الحاخامية او محكمة الاسرة بموجب قانون فض الزواج ،الحلول محل ارادة الزوج لإصدار حكم بائن بالطلاق , بل تملك إصدار قرار مانع لحريته أو حرمانه من حقوقه للإذعان للأمر القضائي ،وتسجيل طلاق توافقي بين الزوجين،ويعتبر ذلك اغرب توجه قانوني في العالم في دعوى الطلاق ،التي قد تستغرق مدة لا تزيد عن سنتين في العالم العربي والغربي ،وبينما في الكيان الصهيوني قد تستغرق عشرة سنوات ، اذ ان الاسباب الموجبة للطلاق حصرية ومحصورة بحدود ضيقة ،ومن اجل تعزيز أمن الكيان فإنها تعتبر الكيان الوحيد في العالم التي توجب تجنيد المرأة بشكل اجباري بالجيش الصهيوني ،وبناءً على ذلك سنحاولفكألغازوأحاجيالسياسةالأسريةفيالكيانالصهيوني , وبيان بانوراما التوجهاتالقضائيةوالقانونيةمنها
الزواج المثلي
تتصدر الصحافة العبرية قضية زواج المثليين أي الزواج من جنس واحد , وكذلك العلاقة المعروفة للجمهور "الحياة المشتركة", وبالنتيجة فإن مفهوم الأسرة بالمجتمع الصهيوني مفهوم متغير عن المفهوم التقليدي , وتتأثر الأسرة بالمجتمع الصهيوني بالأسرة في المجتمع الغربي , إذ أن أول زواج مثلي تم في عام 2001 في هولندا. ثم انضمت 30 دولة لهولندا وفي الآونة الأخيرة قررت المحكمة العليا الأمريكية السماح بهذا الزواج , وان المنطق القضائي للمحكمة العليا الامريكية يستند الى حجج المساواة وحرية الزواج وتمكين المثليين من ذات الحقوق المقررة للأسرة المكونة من رجل وامرأة , ولقد تم الاعتراف بزواج المثليين في الكيان كزواج مدني عن طريق اجراء عقد الزواج في دولة تعترف به، فيسجل في وزارة الداخلية كزواج مدني , وتلهث القوى السياسية الصهيونية خلف الصوت الانتخابي للمثليين وذلك بالسعي لإضفاء الاعتراف على عملية تأجير الأرحام والتبني واعتبارها مؤسسة زوجية لغايات التعامل الضريبي .
الزواج المختلط والمدني
إن المنطلقات العنصرية تحث على نقاء الدم اليهودي لذا فإن المجتمع الصهيوني خاصة المتدين يقف ضد الزواج المختلط اي زواج اليهودية او الاسرائيلية اليهودية من الاجنبي اوالأغيار، وخاصة زواج العربي من يهودية , إذ تعترف به في إطار الزواج المدني وليس الزواج الديني , وتتربع العنصرية عرشها في الكيان في حال الزواج من مسلم أو مسيحي عربي , وعلى الرغم من محاولات الحد من التساؤل من هو اليهودي؟ وذلك بهدف زيادة عدد السكان للكيان الذي أصبح يبلغ ما يزيد عن تسعة مليون بما في ذلك الوجود السكاني العربي , والمقصود من ذلك أن يتم تحقيق زيادة ديمغرافية لليهود عن العرب من المسلمين والمسحيين , إلا أن الاعتراف القضائي الصهيوني لتحول الشخص المتزوج الى اليهودية واندماجه الطائفي لا يعتبر شرط كافي لاكتساب الجنسية الاسرائيلية بموجب قانون العودة , إذ رفضت المحكمة العليا الصهيونية طلب تَحول مواطن بوليفي الى الديانة اليهودية بسبب المخاوف والشكوك بنوايا هذا التحول , وتسمح وزارة الداخلية الصهيونية للشخص غير العربي المتزوج من يهودية من الإقامة في الكيان، والتمتع الى حد ما بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية , إلا أن التحول الديني للحصول على جنسية الكيان بموجب قانون العودة يعتبر شرط ضروري ،ولكنه غير كافي ،إذ تتحقق وزارة الداخلية والمحكمة العليا الصهيونية من وجود مشاعر حقيقية للانتماء إلى الدين اليهودي , وليس من أجل الحصول على مركز قانوني .
الثورة التشريعية للحد من الطلاق
ويعمل الكيان مؤخرا على احداث ثورة في منازعات الطلاق وذلك عبر توجه أحد الزوجين بطلب تسوية للمنازعات من طلاق ونفقة وحضانة , بحيث يتم دعوة الزوجان لأربع اجتماعات مستمرة لمدة 45 يوم لتدارس وفحص النزاع من قبل مختصين اجتماعيين وعلماء نفس وأطباء نفسيين ومحامي مستقل لا يمثل الخصوم , وتقدم هذه الوحدة، المساعدة للخصوم، وتمدهم بالمعلومات عن الاجراءات القانونية والقضائية والمواقف العاطفية والمالية والقانونية ،والضرر الذي يلحق بالأطفال بسبب التقاضي, وتقدم هذه الوحدة النصح والارشاد للخصوم لمعالجة النزاع , وذلك بعد دراسة احتياجات الزوجين وإرادتهم ومصالح الأطفال ورغباتهم , وبالنتيجة تحاول التوصل للحل الامثل للنزاع العائلي بالاتفاق , والحد من اللجوء للقضاء، وتفاقم الصراع العائلي ،والتخفيف من الآثار السيئة للطلاق على الأطفال , ولم نعلم بعد ما الآثار السلبية لهذا القانون ومدى فاعلية تطبيقه الذي دخل حيز التنفيذ في شهر آب لعام 2010 .
المحكمة الحاخامية والاندماج بالنظام العام
وإن المحكمة الحاخامية الصهيونية تسمح بالزواج المدني في حال انجاب طفل من علاقة آثمة لا تجيزها الشريعة اليهودية , وتسمح بالزواج المدني على الرغم من عدم حدوث الطلاق في حال انجاب أطفال , وتبلغ عدد حالات الزواج المدني في الكيان 79000 حالة , ويشكل الزواج الديني 95% من نسب الزواج وفقاً للمكتب المركزي للإحصاء , ويعتبر الزواج المدني منخفض بالمقارنة مع الزواج المدني في ايطاليا الذي يبلغ 7% والنرويج 27% .
الحضانة المشتركة
تكون الحضانة من حق الأم بسن 6 سنوات لعلة حاجة الطفل السيكولوجية للام في مرحلة الطفولة المبكرة ,وللأب حق رؤية الاطفال ويتم تمديد هذا الوضع القائم بعد هذا العمر ،إلا أن هذا النهج طرأ عليه تغيرات جوهرية فيما يعرف بالمصلحة الفضلى للطفل , ويتداخل هذا المصطلح القانوني مع مصطلحات الوصاية والولاية والأهلية القانونية , وتستند المصلحة الفضلى للطفل على عنصرين :
1. مراعاة الطفل وحقوقه .
2. رغبة الطفل عندما تصبح إرادته الحرة محل اعتبار .
اعتبارات منح الحضانة :
1. عمر الطفل , بالغ , إرادته ورغبته الشخصية.
2. قدرة الوالدين , الظروف المعيشية , ظروف العمل , القدرة على التربية والوضع الاقتصادي .
3. العلاقة بين الوالدين ومدى تعاونهما .
4. التجاور الجغرافي للوالدين .
وقد يستغرق ذلك عدة سنوات لوصول المحكمة إلى منح الحضانة المشتركة للوالدين , ويشتق من مصلحة الطفل الفضلى مصلحة الزوج الأجنبي بحق الاقامة في الكيان حفاظا على الأسرة ولم شملها .
تقسيم الميراث
يعتمد تقسيم الميراث على الوصية , أما إذا لم تكتب وصية فيعتمد التقسيم على القانون ووجود زوجة تكون شريكة بالإرث ويقسم القانون الدوائرالإرثية إلى ثلاث وتكون الأولى من الأبناء وذريتهم والثانية من الآباء وذريتهم , والثالثة من الأجداد وذريتهم , ويتم التقسيم ووفقا لمبدأ المساواة في هذه الدوائر ويحق للورثة الأبناء والآباء الحصول على النفقة من التركة .
العنف الأسري
تلجأ محاكم الكيان إلى تطبيق العقوبات البديلة كالخدمة الاجتماعية على حالات العنف الأسري وذلك دعما للأسرة ،وتطبيق تدابير مؤقتة للحماية ،على الرغم من ان الشريعة اليهودية تسمح بضرب الزوج للزوجة الا ان القضاء والقانون ومقتضيات النظام العام تجرم هذا الفعل وتعتبره عمل خارج عن القانون ،وذلك في اطار التنظيم العلماني للدولة
الزوج الأجنبي
منذ عام 2000 تقريبا منع الزوج العربي من الحصول على الاقامة والجنسية في الكيان , أما بالنسبة لغير العربي فإن منحه الجنسية قد يستغرق 5 سنوات , وتعمل وزارة الداخلية الصهيونية على فتح ملف الزوج الأجنبي وتحديد مكان اقامته , وتقديم العديد من الوثائق لإثبات صدق العلاقة وهوية الزوج الأجنبي , فإذا كان الانطباع إيجابي يمنح الزوج الأجنبي تصريح عمل بعد عقد جلسة استماع للزوج وقد يستغرق هذا الإجراء عدة أشهر , وان الاجراءات في حال الزواج المثليفإنها تستغرق زمنا ابعد من ذلك .
القانون العلماني والدين اليهودي
إن قانون الأحوال الشخصية الصهيوني يسمح بالزواج من سن 18 بالإرادة الحرة , إلا أنه يجيز الزواج من سن 16 بموافقة الحاخامية للتحقق من القدرة على الزواج والمقدرة المالية للزوج , وكذلك في حال انجاب طفل غير شرعي , وعلى الرغم من أن الدين اليهودي يجيز تعدد الزوجات , إلا أن ذلك منع بنص القانون ويسمح للجالية اليهودية الغربية بتعدد الزوجات في حالة العقم , وعلى الرغم من جواز ضرب الزوجة في الدين اليهودي إلا أن ذلك ممنوع بالقانون ،وان قسمة الاموال المشتركة بين الزوجين لم تعرفها الشريعة اليهودية الا ان النظام العام للكيان الصهيوني شرعن ذلك بين الزوجين في اطار سيادة الدولة على الدين وفصل الدين عن الدولة وليكون الدين متوافقا مع النظام العام للكيان على الرغم من نفوذ المتدينين الواضح في مؤسسات الكيان ،وعلى الرغم من ذلك فإنه لا توجد أسباب معينة للطلاق في الكيان الصهيوني إلا أن المحكمة قد تحكم بالتعويض بعد مرورالسنوات عديدة على الخصم الذي يرفض الطلاق بدون سبب معقول , تكون النفقة التزام على الزوج دون الزوجة،مع وجود اراء توجب الزام الزوجة بدفع النفقة للأطفال .
وختاماً فإذا كانت عملية السلام الموهوم قائمة كنصوص قانونية ومعاهدات صداقة فإننا يجب أن نفعل الروابط الأسرية بين الأسرة الفلسطينية والعربية , لتحقيق وضع قانوني لهذا الزواج ومعالجة اشكالياته وإلغاء كافة الاجراءات التمييزية ضد الشعب العربي الفلسطيني ،ومعالجة الاشكاليات القانونية التي قد تنجم عنه والخاصة بالرؤية للأطفال، وحقوق العائلة ولم شملها وتعزيز وحدتها ووجودها ،والتي قد تحصل بالمناطق المحتلة والدول العربية المجاورة.
المحامي إبراهيم محمد أبوحماد
#إبراهيم_أبوحماد_المحامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟