مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 03:54
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
مقدمة المترجم : أريد أن أستبق هجمات رفاقي الثوريين خاصة من غير الأناركيين الذين ستفتح كلمات نيتلاو شهيتهم على ممارسة عادتهم في تكفير خصومهم و وصمهم بالردة و تحسس مكان مسدساتهم المفترضة , إن لم يكن في جنوبهم ففي خيالهم الذي يحكم على كل خصومهم بشكل ما من أشكال الجحيم الإلهي , أن أقول لهم سلفا أنه لا يجب أن تثيرهم كلمات نيتلاو فكثير من الأناركيين , ربما الأكثرية الساحقة منهم , تشارككم رأيكم هذا بصدد مواقف نيتلاو من الثورة و الطبقات العاملة الخ الخ .. في الحقيقة أنا شخصيا فعلت ذلك أيضا لسنوات قبل الربيع العربي , لكن ما حدث في خضم هذا الربيع يحتاج منا وقفة , على الأقل من غير المهووسين بالسلطة و الراغبين بتحويل ملايين البشر إلى فئران تجارب في تجارب اجتماعية جديدة تقوم على دوغما تساوي بين نفسها و الحقيقة المطلقة بثقة و إصرار تسمح لأصحابها بارتكاب أشنع الجرائم و التفاهات بضمير مرتاح بل و برغبة و حماسة .. خاصة و أن كلمة ثوري تعني اليوم بالضبط ما انتقده نيتلاو , أي تملق الجماهير , إسقاط أي مسؤولية عن كاهلها , تبرير كل أفعالها , في المقدمة كل جرائمها و تفاهاتها , بحق بعضها البعض و بحق الآخرين , لأنها مضطهدة و مستغلة , هذا من جهة , و من جهة أخرى إطلاق الوعود الغبية بالزعم بأن الثورة , الحرية , العدالة الاجتماعية الخ , ستطعم الجماهير الجائعة و تحل كل المصائب التي تعيشها , بينما الواقع أنه سيبقى على الجماهير أن تطعم نفسها و أيضا من سينتقل للعيش في القصور أما الحرية فهي ليست سوى ممارسة يومية تعني أن يعيش أكبر عدد ممكن من البشر كما يريدون لا كما يريد أحدهم أو كما يريد الآخرون و ليست للأسف ماكينة لإنتاج الطعام و الحاجات الضرورية لكل البشر …. أنا لا أحب الأنظمة القائمة , و لا اية أنظمة , و أعتقد جازما أكثر من أي يوم مضى أن أية سلطة لن تأتي بالمن و السلوى و لا بالحرية و لا بالعدالة , و أن الصحيح هو مصارحة الناس بمحدودية ما تسمى بالثورات و البدائل القائمة خاصة السلطوية لكي يتصرفوا و هم في إدراك كامل بحقيقة ما يفعلون و خاصة أن الحلول السهلة التي يتحدث عنها الآخرون , السلطويون خاصة , ليست حلولا لأي شيء على الإطلاق .. أخيرا فإني أعتقد أن كلام نيتلاو عن تقبل الآخر و التقبل المتبادل مهم جدا ليس فقط للرفاق الماركسيين على اختلاف تلاوينهم , و طبعا للأناركيين و عموم البشر الذين يختلفون جدا بل و يتناقضون حول كل شيء تقريبا , بل أيضا للإخوة الإسلاميين و القوميين و أشباههم , ليس من الضروري أن تقتلوا بعضكم البعض أو تحكموا على خصومكم بالعذاب و السجن و الأشغال الشاقة المؤبدة , ما هو أسوأ من الموت نظريا على الأقل , إذا اختلفتم حول شخص ما لا تعرفون عنه شيئا في الواقع
في 1901 و 1903 كتب ماكس نيتلاو , الذي يعتبره البعض أعظم مؤرخي الأناركية , سلسلة من الكتابات الموجهة "فقط للأصدقاء و الرفاق" , لكن ليس للنشر العام , تناول فيها ما رأى أنه صعوبات أو مشاكل في الممارسة الأناركية . يبدو أن أولها كان "نقد لبعض المعتقدات الأناركية الحالية" و هو نص في 49 صفحة باللغة الانكليزية أتبعه بمسودتين لمخطوط مكتوب بالفرنسية بشكل أكثر دقة يتألف من قرابة 200 صفحة .
نقد لبعض المعتقدات الأناركية الحالية – ماكس نيتلاو
الملاحظات التالية كتبت ربما تحت تأثير تشاؤمي بسبب عزلتي الشخصية و تقاعدي . أن أحيا كما أفعل بعيدا في الأغلب عن الأصدقاء و الرفاق و في بلدان رجعية حيث لا نشاهد أي مظهر للحرية و الثورة بالمعنى الذي نفهمه , و قليل من الاهتمام بالأحداث الصغرى المعاصرة لكن مع متابعة المسار العام للأحداث و بعض الاهتمام بما تكتبه الصحافة البرجوازية , لا أجد إلا القليل فقط مما يفرحني و قد أجد كل ذلك شديد القتامة . ما زلت أعتقد أن الآخرين الذين يعيشون غالبا بين الرفاق , الذين يتشاركون الأفراح الصغيرة للنجاحات المؤقتة , و الذين يقرؤون قبل أي شيء الكتابات التي يكتبها الرفاق حيث تجمع كل علامات و أعراض التقدم بينما يغضون أبصارهم بقدر الإمكان عن الغالبية الهائلة المؤلمة من الأشياء التي تقع حولنا , ستكون نظرتهم إلى الأمور أكثر وردية بالتأكيد . إنهم يرون بعض التقدم و هذا يكفيهم . قد أتجاهل بالفعل الكثير من هذه الأحداث و النزعات التقدمية لكنهم أيضا يتجاهلون ربما الكثير جدا من تنامي قوة الرجعية و تقدمها المرعب . بما أني أشعر أني واحدا منهم في القضايا الرئيسية , فإن آراؤنا المختلفة حول كثير من الأشياء لا يجب أن تكون بالضرورة نتيجة لنزواتي و آرائي الغريبة , بل إن ملاحظاتنا المنطلقة من أفكار مختلفة قد تكمل بعضها بشكل مفيد أحيانا و يجب أن ينظر إليها كمزايا في الواقع .
ملخص
بعد قراءة الصفحات السابقة مرة أخرى يمكنني أن أواصل بكلمات قليلة ما حاولت أن أبينه : يبدو لي أن مبدأ الحرية الكبير لا يجد سوى تعبيرا غير ملائم , إن وجد هذا التعبير على الإطلاق , سوى تعبيرات ضيقة و محدودة في الحركات الأناركية القائمة فقط , - إن هذه الحركات مثقلة : بالعقائد الاقتصادية ( التي ليست سوى فرضيات و قليلا ما يعترف بها كذلك ) , و بالمشاركة غير الكافية في حركات الطبقة العاملة التي تطالب فقط بتحسين ظروف الحياة المادية و لا تكترث كثيرا بالحرية . هذه السمة الضيقة للحركة الأناركية ناتجة عن الاعتقاد بالبروليتاريا كعامل ثوري , يبدو أن هذا الاعتقاد لا أساس له أو أنه قد جرت المبالغة فيه كثيرا , أحد أسباب ذلك هو الدونية الأخلاقية للبروليتاريا , الناتجة عن غياب الشعور بالمسؤولية ( 1 ) . السبب الآخر هو الدونية الفكرية و الجسدية للبروليتاريا , الناتجة عن حقيقة أن معظم العناصر المتفوقة التي تضمها يتم امتصاصها باستمرار أو على الأقل تحييدها من قبل الطبقة الوسطى , ثبت ذلك أولا من خلال التجربة العملية , و ثانيا من التكملة الضرورية للنظرية التي تحل اليوم مكان النظرية التي تم نقضها عن تركيز رأس المال , أن الصناعات الصغيرة الخ , تعني أيضا تمايز البروليتاريا – كما يعني تركيز رأس المال جماهير عمالية متراصة و متشابهة . كيف يمكن الدعوة إلى الحرية بطريقة أفضل ؟ بإظهار ما يمكنها تحقيقه في كل محالات الحياة ( كما كشفت عنه بالفعل في العلم و الفن الخ ) . و لكي تفعل ذلك يجب أن تحقق حالة من تقبل الآخر ( 2 ) التي يجب مقابلتها بالتقبل المتبادل . ( هذا يعني : ترك أولئك الذين لا يهتمون بالحرية أن يبقوا كما هم – مستغلين أو مستغلين ! فقط إذا تركوا أولئك الذين يريدون أن يكونوا أحرارا دون تدخل ) . هل هناك أية احتمالات لذلك بالفعل ؟ قليل جدا من الناحية العملية , لا يزال تقبل الآخر عاملا ناشئا في الحياة الإنسانية , للتو فقط تركت الوحشية المتزايدة للمتوحشين من حولنا تقبل الآخر أكثر عريا من ذي قبل . يجب دعم هذه الحركات و تقويتها , النظرية الحالية لتمثيل الأقليات ( في السياسة , التمثيل النسبي ) يجب أن توسع لتشمل الشؤون الاجتماعية و غيرها – بمحاولات تلو أخرى يجب أن يفوز الأناركيون بالاعتراف و حق العمل لأنفسهم دون تدخل أو عقبات , في كل جوانب الحياة . عندها سينضم المزيد و ستتوسع الحركة . هل سيحدث هذا ؟ هذا شيء قليل الاحتمال أيضا , لكن كما في هذا الاحتمال فإن القوى الفاعلة ستكون أكثر الرجال و النساء رغبة بالحرية و ذكاءا و حيوية في عصرنا – و ليست العناصر المجهولة لجماهير البروليتاريا الباهتة – يبدو مثل هذا النضال أكثر مدعاة للأمل من ثورة البروليتاريا الاجتماعية , التي حتى لو حدثت فإنها ستأتي إلى السلطة بتلك العناصر التي لا تهتم بقضية الحرية و الذين لن يكون أصدقاء الحرية بينهم أقل عزلة أو عجزا عما هم اليوم . في أي الأحوال كلما وسع الأناركيون نطاق دعايتهم و عملهم كان ذلك أفضل .
29 يوليو تموز 1901
( 1 ) سأحاول أن أشرح كلام نيتلاو بما كتبه هو في أماكن أخرى من ملاحظاته هذه , فهو يكتب في مكان سابق شارحا موقفه من البروليتاريا : "سأدرس هنا كيف أن الحرية مثقلة و محملة بأعباء قضية أخرى لا توجد وسائل جدية لحلها بأسرع من الوسائل الأخرى التي قد تحلها ( ظاهريا ) , أعني قضية تحسين أوضاع البروليتاريا . قد يعطي هذا الكلام الانطباع بأني أرفض الاشتراكية لكني سأناقش ذلك أكثر في السطور التالية لأشرح ما أعنيه منعا لأي سوء فهم . اليوم كما دائما تحاول الجماهير الشعبية تحسين ظروف حياتها و حتى الآن تفعل غالبيتها ذلك بدون أية مبادئ . إنهم يأخذون كل ما يمكنهم الحصول عليه من الدولة , الكنيسة , الجميعات الخيرية , السياسيين , الاشتراكيين السلطويين الخ . كل الأحزاب تعرض عليهم هذه الرشوة أو تلك و هم لا يرفضونها . نحن فقط لا نملك ما نعطيهم إياه سوى النصيحة و مثال الحرية و الثورة . بالنتيجة فإن بقية الأحزاب تملك تأثيرا أكبر عليهم لأنهم يعطونهم أو يعدوهم بشيء ما فعلي . في هذا لا يمكننا و لا يجب أن نحاول منافسة هؤلاء …" , و يضيف في مكان آخر : "لقد شرحت كيف أني لا أختلف في الأساس مع اي من النظريات القائمة . إذا حدثت الثورة الاجتماعية ستكون الأناركية الشيوعية هي الشيء الصحيح في المستقبل القريب . لكني بدأت أشك فيما إذا كانت قوى ثورة كهذه , البروليتاريا الثورية , في فترة التحضير للتطور نحو الحرية و التضامن توجد أو يمكن أن توجد في وقت يمكن أن أراه قريبا . ما دفعني لتغيير رأيي في الطبقات العاملة هو أني قد صدمت بواقع أنهم اليوم لا يعتبرون مسؤولين عن أي شيء يفعلونه بأمر من أرباب عملهم . هذا يضعهم في موقف متميز خاص , بالفعل لا يمكنني أن أمنع نفسي من الشعور , بينما كنت أنظر إليهم بتعاطف فيما مضى بسبب تعرضهم للاستغلال و بسبب معاناتهم , من اللحظة التي لاحظت فيها ذلك الامتياز الأخلاقي الذي يتمتعون به , اصبحت أنظر إليهم بعين نقدية كما أفعل مع كل من يملكون أو يزعمون امتلاك امتيازات ما . لن أقبل بعد الآن بأن الفقير لا يرتكب أخطاءا بل يتصرف فقط كأداة و ضحية لمن يستغله و أنه لا يلام على أي شيء . إني لا أفرق بين الجندي أو عنصر الجندرمة الذي يطلق النار , و الضابط الذي يأمر بإطلاق النار و الرأسمالي أو رجل الدولة الذي يوجد خلف الضابط و الذي يوافق أو يوقع على تعليماته . – أرى العمال يسممون طعام زملائهم و آخرون يبيعون ذلك الطعام و آخرون يفرضون القوانين الأكثر ضررا الخ الخ – كلهم بناءا على طلب أرباب عملهم – و كلهم يعتقدون أنهم أكثر الناس صدقا و أمانة و أنهم يمارسون أفعالا مخلصة – و لا يجرؤ أي اشتراكي على أن يقول لهم الحقيقة , أن يخجلوا مما يفعلوه ! إذا قبلنا بحججهم عن تلقيهم أوامر عليا و ضغط الحاجة فكيف نلوم اي جندي أو شرطي أو مخبر يفعل بالضبط ما يفعله هؤلاء : أفعال قذرة بأوامر من الأعلى ! …. الشجاعة الأخلاقية ! نعم لأنه لا يوجد أي شخص يتعرض للتملق و الإفساد بتدليله كما يجري للطبقة العاملة اليوم التي لا يتحدث أي كان لها مباشرة و بصدق ! أيا كان ما يفعلونه فإنه ليس خطأهم , أما كرمهم فليس سوى دوغما , و يجري تقريظ حسهم و حكمتهم السياسية و امتداحها من كل الأطراف , التي تتسول أصواتهم الخ . لا يمكنهم أن يكونوا على خطأ …. مثل هذا الغياب لأي نقد فقط يمكنه أن يفسد أية طبقة …" , …. "لقد اعتقدت سابقا أن العامل لا يمكنه أن يرتكب أي خطأ . أما الآن فإني أعتقد : أن مثل هذا التلاعب و إنكار المسؤولية من طرف العمال هو امتياز شنيع" … "أذكر أنه قبل قرون سادت دوغما تقول أن الملوك لا يمكن أن يرتكبوا أية أخطاء – أما الآن فإن مبدأ المسؤولية ( الفردية ) قد جرى إقراره عموما …. نفس التطور يجب أن يحدث مع العمال و إلا فإنهم سيتحولون إلى طغاة جدد كما كان حال ملوك الأمس" … " ( كما ) لا يمكنني أن أتخلى عن التفكير المنطقي و أنحني أمام الدوغما القائلة بأن العمال لا يرتكبون أية أخطاء لأنهم يتعرضون للاستغلال , لا يمكن لتعاطفي و تضامني مع الأناركيين أن يدفعني لأوصي بالأناركية كعلاج فوري لبؤس العمال . هذا سيكون صحيحا في حالة حالات خاصة لعوائل أحد العمال القريبين منا الذين يمكنهم أن يطلبوا نصيحتنا عن كيفية تحسين ظروف حياتهم . نحن لن نوصيهم بالتأكيد بالانضمام إلى جماعة أناركية بل سنحاول أن نجد حلولا عملية صغيرة لحاجاتهم الأكثر إلحاحا – عمل أفضل , سكن أكثر نظافة الخ …" , "يمكن لبؤس جائع أن يجعل منا أناركيين أو أن يقوي توقنا للأناركية – لكن الأناركية ليست علاجا لبؤس ذلك الرجل أكثر من الكثير من العلاجات العملية ( و إن قصيرة المفعول فقط )" …
( 2 ) فيما يتعلق بتقبل الآخر يتساءل نيتلاو : "هل الاقتناع بصحة فكرة ما يعني قطعا أنه يجب أن يتبناها الجميع ؟ ألا يكفي أن يتصرف من يعتقدون بها حسب أفكارهم دون تدخل من الآخرين الذين يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون هم أيضا ؟ يبدو هذا مقبولا ظاهريا على الأقل في كل الأحوال تقريبا إلا في حالة الأنظمة الاجتماعية . نحن نود أن نرى الأشياء الجيدة تقدر عاليا , ألا تتعرض للمنع , أن تزدهر الخ , لكن رغباتنا تنتهي هنا إذا لم نكن مجرد متعصبين . إن أكبر المعجبين بالموسيقا لا يهمه أن يسمع لحنه المفضل يصدح من كل النوافذ و في كل الشوارع . إن التعصب في هذا الصدد سيخلق التطابق و التمائل بين الجميع , هذا التطابق الكريه دائما . نحن لا نعتقد أن الاشتراكيين السلطويين سيتمكنون أبدا من فرض نظامهم على الجميع – فكيف يمكننا إذن أن نتوقع أننا سنجعل الحرية مقبولة من قبل الجميع , حتى أولئك الذين لا يكترثون بها ؟" … "في مثل هذه الظروف أعتقد أننا أضعنا الكثير من الوقت و الجهد في محاولة إقناع الجميع بالحرية . لا يمكننا أن نتوقع إقناع الجميع و لا حتى أكثرية كبيرة و لا حتى ربما أقلية كبيرة – و لا يمكننا كذلك أن نأمل في أن نكون عاملا حاسما في انعتاق الطبقات العاملة . يمكننا فقط أن نتقدم في كل المواقع الممكنة لنشرح أفكارنا بالكلام و الأفعال" … "إننا نرفض النظام الحالي , رفاقنا يرفضونه , لكن الغالبية العظمى من البشر لا ترفضه – ليحصلوا عليه إذا ! من هذا المنطلق كل ما نحتاجه منطقيا هو القبول المتبادل و ليتصرف كل حسب أفكارهم . بالنتيجة ( إذا افترضنا أن القبول المتبادل ممكن , فقط من أجل مواصلة النقاش ) فإن النظم الاجتماعية لن تتلو بعضها زمانيا بل ستوجد معا في نفس الوقت . سيمكن عندها أن يوجد : أولا المجتمع الحالي من المستغلين و من يعمل عندهم ( بعضهم على أمل أن يصبح مستغلا هو نفسه ) , ثانيا كل أشكال الاشتراكيين السلطويين و أشباههم , ثالثا مجموعات حرة من الأناركيين و أصدقائهم . عندها ستظهر التجربة أي من هذه الحقول الثلاثة أو أكثر ربما هي أفضل ما يمكن أن يعاش و كل نوع أو صنف سيعيش تجربة حقيقية" … "هذه الطريقة تتوافق مع الطريقة التي أفضلها أكثر من غيرها لاتخاذ القرارات . بعضهم يدعو إلى حكم الأغلبية في حالات عدم التوافق الأمر الذي أرفضه لأنه ينتج قرارات اعتباطية تماما في نهاية المطاف . آخرون يرغبون باستمرار النقاش حتى التوصل إلى إجماع , هذا بالنسبة لي إهدار للطاقة , يؤدي فقط إلى المساومات و غالبا إلى انتصار الطرف الأكثر عنادا و ضيق أفق الذي يستطيع أن يجدال الآخرين حتى يصيبهم بالتعب ( مثل هيئة محلفين بريطانية معارضة ) . لكني أقول بالفصل الحر و العمل الحر بكل الوسائل , إذا لم يتوافق الجميع بشكل حر" … لكن السؤال المهم طبعا , هل سيمكن تحقيق مثل هذا التقبل المتبادل , و بأية وسائل ؟ بالنظر إلى التاريخ نرى صراعات كبرى تم خوضها بأكثر الأساليب بربرية لضمان الوجود الحصري لدين معين , نجد أيضا أن تلك البلدان التي انتصر فيها دين ما بشكل حاسم على بقية الأديان ازدهرت لبعض الوقت ( مثل إسبانيا و النمسا ) أما تلك البلدان التي تبنت التقبل أو التسامح الديني أولا أصبحت مراكز قائدة للحضارة . يجري بالتأكيد تطور نحو تقبل الآخر , نقل تنظيم الكثير من الأمور التي كانت في الماضي امتيازات خاصة للملوك أو للحكومات , لأن أصبحت اليوم تخضع للقرارات و الرغبات الشخصية للأفراد . بالطبع هذا ما يزال يواجه بمعارضة من هم في السلطة لكن الرأي العام في بعض المسائل على الأقل أصبح يؤيد مثل هذا التقبل أو التسامح . إذا كنا نرى إلى جانب ذلك اليوم المزيد من تدخل الدولة في الأمور الشخصية للبشر , فإن هذا نتيجة العقائد الرجعية السائدة , إن كل الأحزاب بما في ذلك الاشتراكيون الديمقراطيون , يطالبون الدولة بإصلاح كل العلل و الشرور – لذا لا عجب من أن الدولة راغبة جدا في أن تمارس تدخلها المتخبط على صعيد أوسع . هذه هي النتيجة المنطقية للنظريات التي يجب على دعايتنا أن تحاربها" …
نقلا عن
library.libertarian-labyrinth.org/items/show/3172
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟