أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طه النوباني - هل يتوقف ثور الساقية عن الدوران ويفكر؟














المزيد.....

هل يتوقف ثور الساقية عن الدوران ويفكر؟


علي طه النوباني

الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 06:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: علي طه النوباني
تتكون بنية الدولة الديمقراطية القادرة على الإنتاج والتقدم من مكونات أفقية، وأخرى عمودية.
أهم المكونات الأفقية هي الأحزاب التي يمكن أن تضم في عضويتها كل أطياف المجتمع: المزارع والصانع والتاجر والمهني والعامل والمتعلم وغير المتعلم والغني والفقير...، وهي بذلك لا بدَّ أن تتبنى مشروعا يلائم جزءاً كبيرا من المجتمع. وهي أيضاً بما تمتلكه من قدرة على استيعاب أحلام الناس وآمالهم الأقدر على المشاركة السياسية وصناعة القرار أو المشاركة فيه والذي يأخذ بالاعتبار مصالح كل الطبقات والمكونات الاجتماعية المتنوعة. ومن المكونات الأفقية للمجتمع أيضا الروابط الثقافية والهيئات بشكل عام؛ وإن كان بعضها يندرج ضمن التشكيلات العمودية من ناحية أنه مغلق في عضويته.
أما المكونات العمودية فهي بلوكات مغلقة غالبا تقتصر على فئة ذات مواصفات خاصة لا يستطيع غيرهم أن يندرج فيها أو يستفيد مباشرة من إنجازاتها مثل النقابات والتجمعات العشائرية، فلا يمكن لطبيب أن يصبح عضواً في نقابة المهندسين، أو موظف أن يصبح عضواً في نادي رجال الأعمال، أو لشخص من العشيرة ( أ ) أن يصبح عضوا في العشيرة ( ب ).
النوعان من التشكيلات الاجتماعية ضروريان ومهمان في بنية الدولة والمجتمع؛ لكن اختفاء واحد منهما لصالح الآخر يسبب اختلالا خطيرا في بنية الدولة والمجتمع، فإذا ما ضعفت مؤسسات الأحزاب التي تحاول - بشكل عام - تكوين رؤية تحقق شكلا من التوافق الاجتماعي بحكم حاجتها إلى الرضا العام عن برنامجها؛ فإن الناس تلقائياً يتجهون إلى البنى العمودية التي تحول المجتمع إلى حقل للتنافس على المكتسبات المشروعة حينا وغير المشروعة أحياناً، فليس هنالك من يمتلك شرعية الحكم/الإدارة من الأغلبية العامة للناس بسبب غياب المؤسسات الأفقية وعلى رأسها الأحزاب السياسية.
وهكذا تتجه السلطات الدكتاتورية الحاكمة إلى إضعاف المكونات الأفقية للمجتمع، وتعميق الفجوة بين المكونات العمودية من أجل إلهاء الناس وضربهم ببعضهم البعض إذا لزم الأمر في سبيل البقاء في السلطة. إنَّ تكثير البنى العمودية في المجتمع وتعميق الهوَّة بينها مقابل غياب البنى الأفقية ذات التشكيل الصلب يؤدي إلى تفتيت المجتمع بهدف إحكام السيطرة على مقدَّراته، وإطلاق أيدي الفاسدين والانتهازيين.
الخاسر الأكبر في هذه المعركة هم الفئات المهمشة والضعيفة، أولئك الذين لم تمكنهم ظروفهم من الاندراج في أي من البنى العمودية التي تحقق المكتسبات، وكلما اتسعت رقعة الفئات المهمشة كلما ازداد التهديد على الدولة والمجتمع، لكنَّ النّخب الحاكمة تنتخب من بين هؤلاء المهمشين مجاميع تستميلها إلى جانبها بطرق عديدة لكي يواجهوا بقية المهمشين إذا ما فكروا بتغيير هذه البنية المشوهة للمجتمع والدولة.
وضمن هذه الحلقة المفرغة فإننا نتحدث عن طرفين متباينين: السلطة والمستفيدون منها من جهة، وهم مرتاحون للغاية، ولديهم إمكانات هائلة لتوفير البدائل والأدوات وعلى رأسها التلاعب بالدلالات المعرفية لتحويل اللاأخلاقي إلى أخلاقي، والأسود إلى أبيض، والطرف الثاني يتكون من المهمشين بما منحتهم إياه ظروفهم من نزق وقلة حيلة وشعور بالخسارة، - ضمن هذه الحلقة المفرغة تدور مجتمعاتنا المقهورة، وتتسع رقعة المهمشين كل يوم على حساب مستقبل الأجيال القادمة وحقِّ المجتمع في التقدم والرفاه. والمشكلة الأبرز في هذا التشكيل المؤلم للمجتمع أنه يدرِّب عدداً هائلاً من الذئاب الجاهزة لاختراع أساليب جديدة من الافتراس المتوحش مبعدة المجتمع عن كل ما هو إنساني ونبيل.
ربما كان التلاعب بالمحاور الأفقية والعمودية للمجتمعات العربية على هذا النحو وصفة من الكولونيالية الذين عاثوا في بلادنا فساداً – وما زالوا - منذ أن رسموا الحدود بيننا بالمسطرة، وجعلونا نتبناها ونحارب من أجلها، بل إن البعض أعاد كتابة التاريخ بما يتوافق مع تلك الخطوط، وحالنا في ذلك حال النملة البائسة عندما ترسم حولها خطاً بالطبشورة فتبقى تدور حول نفسها مثل ثور الساقية. وإذا كان الأمر كذلك فأين هي وصفتنا التي تخرجنا من دائرة ثور الساقية الذي ينتج التخلف والبؤس والمظالم المتراكمة التي لا تحملها الجبال.
وعلى كل حال فإنَّ الغابة معاكسة للحضارة وعودةٌ إلى حيوانية البشر، فتوقف أيها الثور عن الدوران، وفكر قليلاً لعلنا نوجد لنا مكاناً على خارطة العالم قبل أن يطوينا النسيان.




#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب السياسية صوت المجتمعات وممثلها الغائب
- العدالة الاجتماعية هي حارسة الإنسانية وصانعة التنمية
- مقاربة الإعلام العربي للسيجارة الإلكترونية
- القبض على أبي العلاء المعري
- مسلسل:- العاشق صراع الجواري، والإعلام العربي
- أنطون سعادة، ومشاريع الوحدة العربية
- الألغاز في قصص البنزين والكاز
- حجب مواقع الانترنت وأخبار الراقصة لهلوبة
- إنتاج المعاقين في الدول المعاقة
- الدراما العربية من القاهرة إلى نيودلهي
- قهر العباد في فن الفساد
- كثرة الشعراء، وقلة العلماء
- الحرية بين الكبت (والانجلاق)
- حرَّم الخمر...، واختار النساء
- تحقيق الصفو العام في بلاد الخوف العام
- بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا
- الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات
- معادلة أحادية المقاربة بين التسليم والعقم الحضاري
- الفصل من جروب الفيسبوك، عقوبة ثقافية جديدة
- اليسار التقدمي يُغير الشعب


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طه النوباني - هل يتوقف ثور الساقية عن الدوران ويفكر؟