|
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (22)
عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 6369 - 2019 / 10 / 4 - 17:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الهزائم التي مني بها العرب في العصر الحديث بدءا من ابشع صور التآمر التي تعرض لها مشروع الشريف الحسين بن علي على يد الاستعمارين البريطاني والفرنسي في المنطقة العربية و تجارب الاستقلال التي انتهبت بنتائج كاريكاتورية لا تمت للاستقلال الحقيقي بصلة وكذا تجارب الانقلابات العسكرية التي اجهضت كليا الثورات المحتملة في البلدان العربية ومرورا بتجربة ضياع فلسطين وما الت اليه نتائج حرب 1948 وكذا حرب 1976 وحتى النتائج التي افرزها انتصار اكتوبر 1973 ومعطيات العمل الثوري الفلسطيني وما اعطى من نتائج على الارض الاردنية واللبنانية والشتات الثوري الذي ادت اليه نتائج الحرب على لبنان كل ذلك جعل من العربي فاشل من الطراز الاول او انه غير قادر على الاقتناع بقدرته على النجاح داخليا او الانتصار على اعداء الخارج فلا نحن استطعنا ان نبني دولة مدنية عصرية ولا نحن استطعنا ان نبني دولة عسكرية قوية ولا نحن استطعنا ان نلغي الجهل والتخلف والامية والفقر ولا ان ننتصر على من نهبوا بلادنا بشكل مباشر كما في التجربة الفلسطينية ولا من نهبوا بلادنا بشكل غير مباشر كما في تجربة الدول الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة مع ثروات العرب وعلى راسها البترول العربي الذي تحول الى نقمة على شعوب العرب بتغول الامبرياليين وفساد الحكام ومن لف لفهم. حالة الفشل المتواصل التي عاشها العربي ولا يزال في الحكم والمعارضة فأصحاب الحكم استقووا بالأجنبي واصبح الحاكم العربي امريكي اكثر من امريكا او فرنسي او بريطاني وهكذا زفي المقابل لم تجد نزعة استقلالية حقيقية ايضا لدى قوى المعارضة ان وجدت فهي اما قوى تستقوي بنفس قوى الاستعمار على الحاكم نفسه فيستخدمها المستعمرون متى شاءوا عصاة في وجه الحاكم لو فكر ان يحيد عن الطريق المرسوم له من قبل اسياده وفي احسن الاحوال جاءت قوى المعارضة اليسارية لتستقوي بالاتحاد السوفياتي في ايام عزه فلا المعارضة اليمينة اذن شكلت معارضة حقيقية او برنامج حقيقي ولا المعارضة اليسارية فعلت ذلك بل ان الاحزاب اليسارية كانت تقترب من حكومات بلادها او تبتعد عنها بمدى قربها او بعدها عن الاتحاد السوفياتي. هذا هو حال العربي حكومات تدور في فلك الغير من الدول الاستعمارية ومعارضة كذلك فالاستقلالية والاستقلال ظلا وهما لا علاقة له في الواقع على الاطلاق والبرامج الثورية والوطنية لم تكن اكثر من حبر على ورق وتصبح بلا قيمة ان هي تعارضت مع ارادات الغير من الاستعماريين الامبرياليين بقيادة الولايات المتحدة الامريكية على صعيد قوى اليمين حكاما ومعارضة ومن الثوريين الاشتراكيين بقيادة الاتحاد السوفياتي على صعيد القوى الوطنية التقدمية واليسارية وبالتالي كنا مستقطبين من القطبين وحين ضاع القطب الثوري بانهيار تجربة الاتحاد السوفياتي وجد جماعة قطبهم انفسهم ضائعين فلم تخجل قوى اليسار العراقي بعدها من التحالف مع امريكا ضد بلادهم وكذا فعل العديدين فمن اعتاد التبعية سيظل وفيا لعبوديته ولن يفعل اكثر من تغيير سيده. هذه الاوضاع جعلت المواطن العربي بشكل عام والشباب المثقف والمتعلم يائس من القدرة على احداث أي تغيير على الارض وفي بلاده مما دفعه لاختيار الهجرة كبديل ممكن لحالة القرف والاحباط التي يعيشها وكان عليه ان يختار احد نوعين من الهجرة ان لم يقبل الخنوع لماكينة النظام القائم فإما الهجرة المكانية الى الخارج وتحديدا الى الدول الاستعمارية نفسها التي تستعمر وتسرق بلاده ليساهم من هناك في انجاح برامج لصوصية الامبرياليين بيديه واما الهجرة الزمانية الى الوراء بحثا عن اجابات ماضوية ترضيه في الاجابة عن واقع حاله فيعتنقها ويؤمن بها ويساهم من جانبه ايضا في جر بلاده وشعبه الى الوراء اكثر فيعمق قدرة الامبرياليين على سيطرتهم التامة على شعبه وبلاده مما جعل من العربي خادم غبي للامبرياليين بكل احواله فهو خادم للنظام القائم المرتبط جذريا بالاستعمار الرأسمالي وقواه زاما فار من سيطرة المستعمر الى المستعمر نفسه ليستقوي بعدوه على ذاته واما هارب زماني الى الوراء ليستقوي بإجابات العصور القديمة عن واقع حاله المرفوض وفي كل الاحوال لا احد سعى لخدمة ذاته الجمعية على الاطلاق. الفشل تواصل اذن بكل حالاته في حياة العربي الفردي والجمعي اما بالصمت وقبول القائم والانخراط فيه على قاعدة الخنوع والقبول بلا أي استعداد او رغبة بالتغيير عبر قناعة ترسخت باستحالة ذلك او رفض اهوج لفشل للحال الجمعي انقذه بنجاح للحال الفردي عبر الهجرة المكانية للبلد الذي يسيطر على بلاده وينهبها مما جعله يصبح جزءا مشاركا رغما عن انفه في تقوية الحالة الجمعية لعدوه وافشال الحالة الجعية لشعبه وبلده او هروب زماني من اجابات دونية تابعة لم يحتملها فوجد خلاصه في اجابات بائدة لا يمكنه اثبات فشلها او نجاحها لبعدها عبر الزمان البعيد وذلك فشله هو وغيره في صياغة وتقديم اجابات عصرية حية لواقع الحال المرفوض منه او ما لاقاه من فشل وتبعية من الاجابات الموجودة مما جعل من هروبه الزماني افراغ للمعارضة الحية الحقيقية والقادرة على الصمود بإجابات عصرية دون أن تغرق في الظلامية والجهل مما جعله ايضا يفسح المجال للإجابات المعادية من الانتصار عليه وعلى مشروعه الماضوي البعيد او التابع الحالي المفرغ من أي مضمون وطني مستقل وقادر على الحياة.
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (21)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (20)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (19)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (18)
-
أنا قاتل اسراء غريب يا سيدي
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (17)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (16)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (15)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (14)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (13)
-
بسام الشكعة ... حيث تكون الوطنية
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (12)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (11)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (10)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (9)
-
البحث عن الذات ... اغتيال الدونية (8)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (7)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (6)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (5)
-
العثور على الذات ... اغتيال الدونية (4)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|