مظفر النواب
الحوار المتمدن-العدد: 6368 - 2019 / 10 / 3 - 04:20
المحور:
الادب والفن
لم يأتِ..
-------------------مظفر النواب .
موحَشٌ عالَمُ اليوم
تبحثُ فيهِ العصافيرُ
عن فُسحةٍ في الفضاءِ
وسائط نقل المدينةِ
قد أتلَفَت روحَها
شَدوها صارَ
مثل الضجيجِ العُمومِيّ
صارَ تموتُ مُبَكِّرةً .
يا عابِرَ الفَجرِ
إن سَقَطَت قَطرةٌ
في الصباحاتِ جِداً
على وجهِكَ السَّمح
مِن دونِ غَيمٍ
فذاكَ بكاءٌ بِلا أحَدٍ
أو جميعُ البكاءِ وحزنٍ بعيد.
موحَشٌ عالمُ اليوم
ذَبحُ الخَليقةِ لا شيئَ يُنتِجُ
إلّا دُخاناً حَزيناً وعِشقاً
كحَرقِ النُفاياتِ في الفجرِ
أو طلقةٌ ليسَ نَعرِفُ
مِن أينَ تأتي
وإن قد عَرِفنا
فلا نستطيعُ سوى صَمتِنا
ويجيئُ رجالٌ
ويقيسونَ بالمِلّمِتراتِ
حَجمَ الجريمةِ
ثم تظلُّ القياساتُ
حتى القيامةِ عاطلةً
فإذا سقَطت طلقةٌ
في الصباحاتِ جِداً
بجانبِ حُزنِكَ يا عابرَ الفجرِ
أو قطرةٌ من دونِ غَيمٍ
فذاكَ بكاءٌ على أحَدٍ
ليسَ مِن أحدٍ
والطلقةُ أطلَقَها أحدٌ
ليسَ مِن أحَدٍ
وصِراعٌ بعيد .
موحَشٌ عالمُ اليوم
أرقُدُ في غرفتي
والشوارعُ تمشي على جسدي
يَعبِرُ الناسُ رأسي
بدونِ اكتراثٍ
وفي آخرِ الليلِ
تبقى النفاياتُ
لا شيئَ غيرَ النفاياتِ
أو بعضُ موتى سُكارى
بلا ذكرياتٍ
يضيعونَ في الظلِّ .
في ذكرياتي القديمةِ
سيدةٌ جِسمُها
مُنتَهى الغُصن
مَبخرَةٌ يُحرَقُ الكونُ فيها
وتَقطرُ رِجساً عَفيفاً
فإن سقَطَت قَطرةٌ
في كتابات عُمرِكَ
يا عابرَ الفجرِ
مِن دونِ غيمةٍ شيءٍ
ونَزَّت دموعُكَ
مِن دونِ حُزنٍ
ولا ذكرياتٍ
ولا أيّ شيءٍ
أرِح رُكبَتَيكَ
واطبِق كتابَ حياتِكَ
ما عادَ شيئٌ
ولا أيّ حَظٍّ فيكَ.
موحَشٌ عالمُ اليوم
لا شيئَ
في طُرُقاتِ
الصباحِات الحزينةِ
ما زِلتُ في كُوَّتي
نِصفُ مَيتٍ
أفَتِّشُ عن عابرِ الفجرِ
تأخرَ هذا الصديقُ
الذي أعرِفُ عنهُ
الكثيرِ من الجَهلِ
أعرِفُ عنهُ
الكثيرَ مِن العِشقِ
لم يأتِ هذا الصباح
ولا بَعدَ هذا الصباح
ولا أيّ صُبحٍ
فإن سقَطَت زهرةٌ
في فراغِ الطريق
ولم يأتِ قَطُّ
ولم يرتَعِش أحَدٌ
فَليُوُفَ غروبُ المدينةَ
لم يَبقَ مَن أحَدٍ
غيرُ صوتِ الوجومِ البعيد.
#مظفر_النواب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟