أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - أزمة -الطبلة- العربية














المزيد.....

أزمة -الطبلة- العربية


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 6366 - 2019 / 10 / 1 - 07:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان أمراً يفوق قدرتي على الاحتمال أن يظهر أمامي في يومٍ واحد مقالان يمجدان في إثنين من حكامنا العرب الغير أعزاء..هذه هي الجرعات القاتلة التي يتحدث عنها الأطباء طوال الوقت و التي قد لا يحتملها قلبك فيتوقف فجأة عن العمل..لن أتحدث عن اللغة الركيكة التي كُتب بها كِلا المقالين..فأغلبنا -إن لم يكن جميعنا- يعاني كثيراً و هو يستخدم اللغة العربية الفصحى في كتابة مقالاته -أتحدث عن نفسي على الأقل- بالرغم من أنها اللغة الأم للكثير من الكتاب..و لكني سأتحدث عن الأفكار الركيكة التي كان يمتلئ بها كِلا المقالين.

فالمقال الأول كان يتحدث كاتبه بكل فخر عن مدى عظمة الحاكم الذي قرر افتتاح دار سينما لأول مرة في البلاد و عن الانفتاح الفكري الذي بدأت معالمه تظهر في تلك الدولة..في هذا المقال كانت الوحدة الرياضية لقياس مدى "العظمة" هو عدد دور السينما التي تم افتتاحها..لم يتحدث الكاتب عن وحدات قياس أخرى مثل عدد مُعتقليَّ الرأي في ظل حاكمه العزيز و لم يتطرق لعدد حالات الانتهاك الإنساني التي حدثت بجانب افتتاح دور السينما تلك..و لم يذكر و لو باختصارٍ شديد حالات ترهيب و تهديد المعارضة المدنية داخل البلاد و خارجها..ذلك الحاكم عظيم و رائع بسبب دارٍ للسينما و أنتم أيه المواطنون لا تعلمون قيمة الجوهرة التي تملكونها و كفى..هذه العبارة الأخيرة كانت باختصار هي مضمون الجرعة الأولى التي ضربت عقلي فقط لتضربني بعدها مباشرة الجرعة الثانية.

ففي المقال الثاني كانت الكاتبة تتباهى بأن الحاكم قد قام ببناء العديد من الجسور و تطبيق الحد الأدنى للأجور و لكنها تغاضت عن ذكر الحد الأعلى لغلاء المعيشة و الذي خسف بمواطنيَّ دولتها لما تحت خط الأرض و ليس الفقر..و بالطبع تجاهلت الحديث عن حقيقة أنه يكاد يكون أكثر حاكمٍ عربي بُنيت السجون في عهده..السجون التي أصبح السعي في رفع أعدادها و طاقتها الاستيعابية ضرورةً شديدة في عهده خاصة مع "استضافته" لكل و لأي شخص يُعارض استبداده في الحكم و لو كانت تلك المعارضة بورقةٍ بيضاء كُتب عليها كلمة واحدة فقط..لم تتحدث الكاتبة عن تبديد المال العام و لا عن سياسة الاحتكار التي أصبحت السمة العامة لنظام حكم حاكمها العظيم..الاحتكار الذي لو مارسه صاحب أكبر شركة تجارية في الولايات المتحدة -كما حدث مع شركة مايكروسوفت- لتم تغريمه بمبلغٍ خيالي و ربما سجنه لأنه ينتهك حق المُستهلكين في أن تتوفر أي سلعة بأسعارٍ تنافسية..فعن أي "عظمةٍ" هي الأخرى تتحدث إن كان ذلك الحاكم يمارس انتهاك القوانين و بالجملة!!.

التشدق بعظمة "س" و "ص" من الحكام العرب و إفراد المقالات لتمجيدهم بل و المشاركة في المظاهرات المرئية أو المكتوبة لتلميع صورة تلك الأنظمة البوليسية القذرة يكشف نوع الأزمة الحقيقة التي تُعاني منها تلك الفئة من "المُستثقفين" العرب..الأزمة التي تظهر في إيمانهم بأن الثقافة تُقاس بعدد الكتب التي تظهر في خلفية صورهم الشخصية و التي تتزين بها مقالاتهم التلميعية لهذا الحاكم أو لذلك النظام..الأزمة في حقيقة إنهم اقتنوا تلك الكتب لتصبح خلفيةً لصورهم و ليس لتُثري أرواحهم أو لتزيد من اتساع أُفق عقولهم..الأزمة في اعتقادهم بأن تحولهم لمجرد طبلٍ أجوف يُردد رأي الحاكم في نفسه هو الغاية الأهم و الأسمى و ليس التعبير عن المعاناة القاسية التي يتقاطع معها المواطن العربي بشكلٍ يومي..تلك المعاناة التي تتضمن مفاهيم بشعة كالاعتقال التعسفي و القمع السياسي و التعذيب و انعدام الحريات و ارتفاع معدلات الفقر و البطالة..تلك القضايا لا يمكن مقارنتها أبداً ببناء دارٍ للسينما أو عدة جسور..تلك القضايا الإنسانية غير قابلةٍ للمساومة و لا يمكن التغاضي عنها أو تهميش أهميتها في مقابل بعض "الفُتات" الذي أُلقاه هذا الحاكم أو ذك للمحظوظين الذين بقوا خارج حدود سجنه الكبير حتى حين..الحديث عن تلك القضايا و انتقاد الحاكم الذي جعلها واقعاً يومياً في حياة مواطنيه هي الاختبار الحقيقي لمدى ثقافة المرء -و من قبلها إنسانيته- و إلا سيكون حينها مجرد طبل أجوف آخر يُزين ديوان الخليفة.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر و عتريس
- عامان و ما زالوا
- يجب أن تحترق
- صلصال
- نصر المنابر
- التجربة المُحمدية
- لا تصالح
- براءة
- خلافة
- فلنجلد زين كثيراً!!
- مثلي مثلك
- طابورٌ خامس
- 24 ساعة
- تحالف
- إلهٌ تهاوَى
- بضع ساعات
- أوهام
- عن أركانٍ خمسة!!
- مكعبات
- الطوق و الأسورة


المزيد.....




- شرطة تحضر للتحقق من معاملة رديئة لخيول لتكتشف ما هو أسوأ بكث ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم تيك توك بجمع بيانات حساسة للمستخد ...
- استئناف محادثات وقف إطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل، وأوام ...
- زعيم المعارضة الألمانية يدعو للاستعداد جيدا لاحتمال فوز ترام ...
- المافيا الهولندية تتمدد في ألمانيا والسلطات تدق ناقوس الخطر ...
- قتلى ومصابون جراء تصادم 13 سيارة بالسعودية (فيديو)
- زاخاروفا: افتتاح أولمبياد باريس فشل ذريع واستهزاء مثلي بالمق ...
- الدفاع التركية: دمرنا 25 هدفا بغارات جوية شمال العراق
- رغم مرضها النادر.. سيلين ديون تغني بأولمبياد باريس وترودو يع ...
- غزة: إسرائيل تقصف بـ3 صواريخ مستشفى ميدانيا بمدرسة تؤوي نازح ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - أزمة -الطبلة- العربية