أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - مصر و عتريس














المزيد.....

مصر و عتريس


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 6365 - 2019 / 9 / 30 - 03:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في فيلم "شيءٌ من الخوف" جسَّد المخرج حسين كمال ما يمكن اعتباره أفضل شرح تعليمي مبسط لعلاقة الحاكم العربي بمحكوميه المغلوبين دائماً على أمرهم..تلك العلاقة التي تلخصت أغلب أركانها تقريباً في مشهد لم يتجاوز البضعة دقائق و هو مشهد ذهاب عتريس الجد لسرداق عزاء سالم أبو عوضين..في ذلك المشهد أبرز المخرج حسين كمال الركيزة الأساسية التي تقوم على أساسها أغلب الأنظمة العربية و هي ركيزة الخوف..ذلك الخوف الذي -ككل شيءٍ آخر في حياتنا- يتبع قانون نيوتن للحركة..فكلما ضرب الخوف جذوره بعمق في صدور المواطنين كلما ازدادت قوة القبضة التي تسيطر عليهم و على تفاصيل حياتهم..قانونٌ فيزيائي بسيط و بديهي و لا يحتاج لأي قدراتٍ عقلية خاصة أو خارقة لكي تستوعبه..و لعلنا لهذا السبب نجد أن شخصية ذات ذكاءٍ محدود كشخصية عبد الفتاح السيسي لم يتفتق ذهنها عن طريقة أكثر مباشرة لكي تصل إلى سدة الحكم و من ثم لتستمر فيه سوى تلك الطريقة..فنجده قام اثناء سنوات حكمه قد قام بتطبيقٍ حرفي لفيلم "شيءٌ من الخوف" على أرض الواقع و كأنه يعتبره كتابه المُقدَّس الذي يحرُم الحياد عن تعاليمه.

فتمت السيطرة على الإعلام المصري بشكلٍ تام -بقطاعيه العام و الخاص- و توحيد الخطاب الإعلامي لتحقيق هدفٍ واحد فقط لا يوجد سواه و هو التأكيد على فكرة أن السيسي هو الاختيار الذي اتفقت عليه "جميع" أطياف المجتمع..أي أنه حصل على الإجماع الذي لم يحصل عليه الإله حتى اللحظة!!..و مع مرور الوقت أصبح خيار المعارضة لتلك الفكرة المقدَّسة مُقترنٍ بالخيانة في الخطاب الإعلامي لهذه الآلة الإعلامية المأجورة مما أدى إلى المزيد من القمع و هو الأمر الذي قد لا ينصح به أي خبيرٍ سياسي..فأي هامشٍ للحرية مهما صغُر حجمه سيسمح لذلك المواطن المقموع بممارسة نوعٍ من أنواع التنفيس تجاه الضغط الشديد الذي يمارسه النظام القمعي تجاهه..لكن سياسة الأبواب المُغلقة التي يتبعها السيسي تجعل ذلك المواطن المقموع يفر باتجاه وسائل أخرى للتعبير عن غضبه و سخطه..تلك الوسائل تتدرج بين النزوح الجماعي لمواقع التواصل الاجتماعي و هجر الإعلام المُسيطر عليه من قبل النظام و بين ممارسة المعارضة السلمية بشكلٍ خجول و خلف العديد من الأسماء و الصور المستعارة إلى أن يصل إلى مرحلة الصدام الحتمي مع النظام بالكلمة أو بالسلاح.

أيضاً نجد أن السيسي قام بالسيطرة المُطلقة على معظم مفاصل الدولة التي كانت تضمن في السابق هامشٍ ضئيلٍ جداً لممارسة العمل السياسي المُعارض..فبينما كان نظام حسني مبارك يعتمد في مجمله على سياسة "شعرة معاوية" نجد أن الخوف و القمع هما سيدا اللعبة لدى عتريس مصر الحديث..و في الوقت الذي كنا نجد فيه أن نظام مبارك سمح بوجود هامش حرية ضيق كمتنفس لتلك المعارضة..نجد أن السيسي قمع جميع -و ليس أغلب- المعارضين و أفرد لهم ثلاثة أماكن لا رابع لها ليختاروا منها مُستقراً لهم..فإما المعتقل أو القبر أو المنفى و هو الأمر الذي لم يقم به أي حاكم مصري ممن سبقوه بهذه الوحشية و التطرف..و لكن على أية حال فسياسة التفرد المُطلق بالحكم و التي يتبعها السيسي ليست بالسياسة الجديدة بل اتبعتها من قبله أنظمة تطرفت بشدة في قمعها لمواطنيها كنظام صدام حسين البعثي و نظام نيكولاي تشاوتشيسكو الشيوعي و كانت النتيجة في كلا الحالتين هي سقوط تلك الأنظمة بطريقةٍ دراماتيكية بالرغم من شدة و قسوة القبضة الأمنية و الإعلامية في حينها..تلك القبضة التي جعلت فرائص المواطنين ترتعد رُعباً فقط من المعارضة حتى و لو كانت مجرد فكرةٍ عابرة تمر بعقولهم دون إفصاحهم عنها.

يعتقد الغربيون بأن المرآة المكسورة تجلب لصاحبها الحظ السيء لمدة سبع سنوات..و ما حدث في مصر طوال فترة حكم السيسي الممتدة حتى الآن لست سنواتٍ تقريباً يجعل أي متشككٍ في صدق هذه الفكرة التطيرية يبدأ في الإيمان بها..فمصر التي كُسرت سياسياً و حقوقياً و مُجتمعياً منذ اللحظة التي استولى فيها السيسي عليها أصبحت فيها خرافة الحظ السيء واقعٍ يرزح تحته المواطن المصري ليهشمه كما تهشمت مرآة الديمقراطية في ذلك البلد العربي المنكوب برؤسائه المتعاقبين..و لا أعلم حقاً ماذا سيحدث في الأيام أو ربما الأسابيع القادمة لكني أعلم جيداً بأن الضغط يولِّد الانفجار و أعلم أيضاً بأن التاريخ سيعيد تكرار نفسه بإصرارٍ غريب لأن "عتريس" دائماً يرفض الإصغاء إليه.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عامان و ما زالوا
- يجب أن تحترق
- صلصال
- نصر المنابر
- التجربة المُحمدية
- لا تصالح
- براءة
- خلافة
- فلنجلد زين كثيراً!!
- مثلي مثلك
- طابورٌ خامس
- 24 ساعة
- تحالف
- إلهٌ تهاوَى
- بضع ساعات
- أوهام
- عن أركانٍ خمسة!!
- مكعبات
- الطوق و الأسورة
- من دون أي شغف


المزيد.....




- وزارة الصحة في غزة تكشف عن آخر حصيلة للقتلى خلال 295 يوما من ...
- قتلى وعشرات الجرحى في هجوم صاروخي بالجولان.. وإسرائيل تتهم ح ...
- الرئيس الإسرائيلي: حزب الله -قتل بوحشية- أطفالا في الهجوم عل ...
- حزب الله ينفي ضلوعه باستهداف مجدل شمس الذي أدى لمقتل وإصابة ...
- إيطاليا: إعادة فتح -طريق الحب- في الأراضي الخمس بعد سنوات من ...
- هل كانت أوكرانيا تخطط لضرب العمق الروسي دون علم أمريكا.. اتص ...
- إسرائيل تتوعد برد قاس وحزب الله ينفي مسؤوليته عن استهداف مدن ...
- أردوغان: تركيا تنتظر اعتذارا من محمود عباس
- وزير الداخلية الإسرائيلي: الرد على قصف مجدل شمس لن يكون أقل ...
- مجازر غزة..هل يسعى نتنياهو لإطالة الحرب؟


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - مصر و عتريس