فتحي البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6361 - 2019 / 9 / 25 - 00:01
المحور:
الادب والفن
أصدّق أنّ لممارسة الحبّ طاقةً لونيّةً..
خضرةَ غابة استوائية وحشية..
حمرةَ شريان يتفجّر شهوة..
سوادَ تربة يَنبت الزّعفران فيها مثل حبّات عرق من جسدين يرتديان شهقة قمر عضّه اللّيل من رقبته..
بياضَ سائل منويّ تخثّر على نهدين منتصبيْن كحبّتيْ رمّان تنضجهما شمس سبتمبر..
لكنّي لا أصدّق أنّ للقبلة لونا وطنيّا!
هكذا.. كلّما مزّقت شفتيكِ بأنياب ذئب جائع في ليلة شتوية باردة أمزّق معهما بطاقة الهويّة التي تسجّل للقُبلة جنسيّة فرنسيّة أو أنجليزيّة..
كيف لطائر مهاجر أن يمتثل لعلامات الطوبوغرافيا الحمقاء؟
كيف لجناحيْه اللذين يعرفان جيّدا
السّماء
و الأرض
و البحر
أن ينتظرا الحصول على خارطة بخطوط العرض و الطول الوهميّة حتّى يبدآ الرّحلة؟
أضحك طويلا كلما تصوّرت تضاريس الشفاه مرسومة بخطوط هندسية على ورقة مسطّحة...
أستغرق في ضحك أطول إذا خيّل إليّ أنّ أحدهم أخضع القبلات إلى القياس بالمسطرة,
و سجّلها في إدارة الملكيّة الوطنيّة..
ثم إنّي أحزن كثيرا كلّما رأيت الأغبياء يصدّقون أنّ للقبلة حدودا جغرافيّة و ثقافيّة.
القبول بأنّ الشّفاه يمكن أن تكون مسطّحة..
و أنّ لسان عاشق فرنسيّ خطّ يفصل بين بلديْن,
أشبه ما يكون بالاستسلام إلى استعمار استيطانيّ لم يترك لفلسطيني يحلم بالعودة أكثر من مفتاح بيته العتيق بعد أن سلبه:
جنسيته المقدسيّة..
شجر الزيتون و البرتقال..
كوفيّة الفدائيّ..
ثوب عروس مطرّز بزخارف المشربيّة..
خطوات الدّبكة..
و ربّما يكون شبيها بالتصديق أنّ سادة العالم الجديد كانوا الأكثر تحضّرا و هم يبيدون الهنود الحمر!
أنا لا أصدّق هذا لأنّي مازلت أشاهد كلّ يوم الفنّان "ليو روجاس" يركض حافيا نحو مهبط الشّمس يودّعها بمزاميره و يتوسّل لها أن تطلع من جديد..
أنا أعلم –أيضا- أنّ الهنديّ الأخير مازال يفرّ من بربريّة "الكاوبوي" إلى فنّ إلهٍ
يعترف كلّ شفق بخطيئة الدّم..
يعترف كلّ مطر بالنّدم..
و أعترف أنّ روجاس يغيّر لون الموسيقى كي يهب الهنديّ الأحمر حياة أخرى كما يغيّر طائر الكوندور لون ريشه ليغريَ حبيبته بممارسة الحبّ و البقاء.
لذلك أدعوكِ حبيبتي أن نوقد في كلّ مرّة قبلة مختلفة..
و لتكن لها:
الطّاقةُ اللونية لثوب العروس المطرّز بزخارف المشربية
أو الطاقةُ اللونية للشمس و هي تهبط و تطلع راقصة على موسيقى "روجاس"
أو الطّاقة اللّونيّة لريش طائر الكوندور حين يغازل حبيبته.
#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟