أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم المرعبي - سحرية الكلمة: مقدمة، ربما














المزيد.....

سحرية الكلمة: مقدمة، ربما


باسم المرعبي

الحوار المتمدن-العدد: 6360 - 2019 / 9 / 24 - 13:37
المحور: الادب والفن
    


هنا ـ مقدمة كتابي "في المدينة السحرية"، الصادر حديثاً، عن منشورات غاليري أي و بي ـ ستوكهولم.

لا شيء أثقل على الكاتب من تدبّر كتابة مقدمة لكتابه، وهو الذي أنجز كتاباً بعشرات الصفحات، لكن مقدمة من صفحتين اثنتين قد تبهضه. انه ليس العجز بطبيعة الحال، لكنه التثاقل من مهمة كهذه. وهو شيء شبيه بالتثاقل من كتابة رسالة حتى لو كان هناك ما يستدعيها. وكقارىء لطالما تجاوزتُ المقدمات، ودخلت مباشرة في صلب الكتاب، وأحسب أنّ هذا شعور الكثير من القراء إن لم يكن أغلبهم! والكاتب ربما يكون على حق، في نبذه فكرة المقدمة، كذلك القارىء، إلّا إذا كان في كتابتها ما يستجلي ويوضّح أشياء لابدّ منها. ولا أخفي القارىء، شعوري أنّ الضرورة المقصودة هنا من كتابة مقدمة لهذا الكتاب الذي بين يديه، قد تكون جمالية أو كمالية، لكن المفارقة، أنها ضرورية أيضاً، كما سيتضح لاحقاً. فقد رأيت ووفقاً لتجربة سابقة لي مع كتابي "مرآة النص والكاتب" ـ قراءات نقدية، وقد افتقر إلى التقديم، أن الدخول مباشرة على أو إلى مواضيع الكتاب أشبه ما يكون بموقف مَن كان يسير في شارع هادىء خالٍ وفجأةً يجد نفسه وسط زحام وضجّة، فيقف مشدوهاً مأخوذا،ً وقديماً قيل أنّ "للداخل دهشة". ولو كان ثمة شيء من التمهيد والتلبّث، لكان وقْع المفاجأة أقل وأكثر احتمالاً. إن المقدمة التي أروم تسطيرها هنا، ـ وها أنا لم أفعل حتى الآن ـ أردتها أن تكون عتبة تستوقف القارىء وخطوة أولى في مسيره المفترَض، إلى رواق الكلمات هذا، وبها أردتُ تجنّب موقف الانتقال السريع من الغلاف أو العنوان إلى صلب المواضيع، مباشرة، وهو ما وجدتُ نفسي فيه وأنا أُعاين الكتاب السابق المذكور آنفاً، كقارىء متجرد من الأحكام المسبقة، فقلت في نفسي ليتني قدّمتُ له. وهي الملاحظة ذاتها التي وصلتني من صديق كاتب، أثق بنباهته وقد أشاد بالكتاب، لكنه أخذ عليه خلوّه من المقدمة.

كأنني أعتذر إليك أيها القارىء عن وجود هذه المقدمة، مثلما أوضّح، في الوقت ذاته، لنفسي ضرورتها، أو دواعيها.
إن كان في هذا الكتاب، بدءاً، ما يتطلب التوضيح، هو عنوانه: "في المدينة السحرية"، والتسمية ترد في عنوان ومتن المقال الأول، لدى الكاتب الأمريكي بول بولز، كما تكشف عن ذلك يومياته في مدينة "طنجة" المغربية التي أَحبَّها، مطلِقاً عليها اسم "المدينة السحرية"، كما سيتعرف القارىء على تفاصيل ذلك بنفسه. غير أن المدينة السحرية أو العالم السحري المنشود في العنوان هو الأدب بما يتيحه من بدائل لا حصر لها ـ عن عالمنا القاتم ـ بدائل هي عوالم تحفل بالخوارق لصالح كل ما هو جمالي، لكأنّ هذه العوالم المتشكّلة بقوة سحر الأدب تغدو في حد ذاتها تطلعاً وحلماً. فالأدب العظيم يدفع إلى نشدان ما هو مثالي، وفي ذلك يتبيّن سموّ مهمة الكلمة في سعيها لانتشال الإنسان من رتابة دوره الأرضي الذي يبقى محدوداً وفقيراً، مهما كان، من دون التعرف إلى المقدرة السحرية للكلمة، ليرتفع عبرها فوق ما يتآكله من متطلبات يومية لو أخلد إليها لبقي عند حافة الوجود لا في قلبه، ولبقي مرتهَناً لليأس. من هنا، فإنّ تاريخ الأدب هو تاريخ الأمل، حسب التعريف النابه لواحد من أهم خبراء الكلمة في راهننا هذا، هو البرتو مانغويل.

الأمر الثاني الذي أردتُ الإشارة إليه عبر مدخل الكتاب هذا، هو أن جميع موضوعاته منبثقة عن القراءة وقائمة عليها، القراءة التي تقود بدورها إلى قراءات أُخرى من داخل النص وحوله، وصولاً إلى الموقف النقدي. لكن ليس هذا هو ما أردت قوله بالضبط بل أردتُ من وراء ذلك وقبل كلّ شيء، الإشادة بفعل القراءة، في حدّ ذاته، وهو فعل يتقدّم على الكتابة كما يراه كثير من الكتاب، وفي أكثر من معنى. وشخصياً لو أُتيحَ لي لأوقفتُ وقتي وجهدي على القراءة فقط، ففي ذلك سعادة مؤكّدة، ويحضرني الآن قول ذلك الراهب: "كنتُ أبحث عن السعادة في كل مكان، إلّا أنني لم أعثر على هذه السعادة إلا في زاوية صغيرة وبيدي كتيّب"*.
ومن هذا الفهم، أو هذه "الحقيقة"، فإنّ ما يتضمنه الكتاب هو نتاج الشغف بالكلمة، والانبهار بها والمديات التي تتيحها، لذا لم أجد متعة أكبر من البحث والتقصي ـ ما استلزم ذلك ـ في كل ما كتبتُ هنا، حتى إنني من أجل معلومة عابرة أو اسم يتطلّب التثبت منه أعود لقراءة كتاب ـ مصدر أو أكثر، خارج موضوع المقال الأصلي. وفضلاً عن دافع توخي الدقة الضرورية، فإنّ ذلك يتصل، بالأصل، بطبيعة شغفي الخاص بالبحث وسعيي لإثراء كل موضوع وتعزيزه بالمعلومة والشاهد والجديد، بصرف النظر عن نوع القراءة أو النقد الموجه للأثر الأدبي "المعايَن"، سلباً كان أم إيجاباً.

وأخيراً...
ولأنّ الكلمات كانت في البدء سحريةً وإلى السحر تُعاد على يد مبدعيها، كما يؤكد هذا المقتبس، مع شيء من التصرف فيه هنا، والذي سيطالعه القارىء ضمن واحد من المقالات.. لذا كان هذا الكتاب.



إشارة:
* الراهب هو توما الكمبيسي، وقوله هذا يرد في كتاب "تاريخ القراءة" لـ "ألبرتو مانغويل"، ترجمة سامي شمعون.



#باسم_المرعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيمان بماذا؟ - محاورات أُمبرتو إيكو وكارلو مارتيني: والاحت ...
- (صياد القصص) للأورغوائي إدواردو غاليانو: كتابة الدم والتجوال
- الكاتب المغربي حسن أوريد في سيرته (رواء مكة): الإطاحة بأصنام ...
- -غزلان الليل- كما يطلقها الخيال الأمازيغي.. لنقرأ قبل تلاشي ...
- رواية -متاهةُ الأذكياء شاعران ودكتاتور- للكاتب إبراهيم أحمد ...
- دليلك الى كتابة رواية في 777 صفحة، بمساعدة شبح!
- مجزرة قاعة الخلد.. ملامح احتلت وجه وطن بأكمله!
- صورة الإرهابي آكل الساندويتش
- السلام بأيّ ثمن سوريا مثالاً
- المِلح بالكردي والعربي
- منشورات الثور المجنّح شذرات*
- رواية الوهم... مصادر -فرانكشتاين في بغداد-!
- العرب موحّدون كما لم يتوحّدوا من قبل!
- الفرق بين سردشت عثمان وفخري كريم
- يوميات/ مواقف وتأملات نقدية
- حين يُفيق الرئيس فلا يجد نفسه رئيساً أو أما آنَ للرئيس أن يم ...
- أما آنَ للرئيس أن يموت..؟
- أعوامُ الفلول هل حدثت الثورة، حقاً!
- دعوة الى تأسيس البرلمان الثقافي
- عن ثقافة التضليل والشعارات وفصائل المرتزقة من الكتّاب والمثق ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم المرعبي - سحرية الكلمة: مقدمة، ربما