أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - مئوية «لبنان الكبير» والمتغيرات الأكبر!















المزيد.....

مئوية «لبنان الكبير» والمتغيرات الأكبر!


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 6351 - 2019 / 9 / 14 - 11:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أطلق الرئيس ميشال عون «احتفالية» «لبنان الكبير» بمناسبة دخول إعلان مشروع بلدنا التأسيسي مئويته الأولى ابتداءً من بداية أيلول الجاري. حمل الاهتمام والتبكير في إطلاق الاحتفالية دلالات عديدة في الشكل وفي المضمون. الاحتفالية تقع فعلياً في سياق يواظب فيه الرئيس عون وتياره على سياسة رفع شعار «استعادة الحقوق»، والتفاخر بما أنجزاه في هذا السياق على مستوى النفوذ في مؤسسات السلطة والإدارة كافة: في الوطن والمغتربات. «المناصفة» بالمعنى الشامل للكلمة، هي الشعار التنفيذي الأبرز، ولو اقتضى الأمر (فضلاً عن رفض وتعطيل البنود الإصلاحية في الدستور) ارتكاب مخالفة دستورية فجّة، كما حصل ويحصل بالنسبة إلى مباريات مجلس الخدمة المدنية المعطَّلة بقرار وضغط الرئيس عون وفريقه، بذريعة عدم المساواة في أعداد الناجحين، ما بين المسلمين والمسيحيين. قبل ذلك جرت، ولا تزال، ورشة تطييف لم يسلم منها حقل من حقول السياسة والإدارة، ولا حتى، خصوصاً الشكليات، للتأكيد أن «بعبدا» هي «مركز القرار»، وأن «الصلاحيات» ينبغي أن تستعاد، وأن ثمة تعديلات على الدستور ينبغي إنجازها. توجيه رسالة الرئيس إلى مجلس النواب، بغرض طلب «تفسير» المادة 95 من الدستور، معطوفة على طعن «التيار الوطني الحر» في المادة 80 من الموازنة، يسيران في خدمة الهدف نفسه. والهدف هو استحثاث الخطى والمحاولات، وتوليد الأجواء والمناسبات، وتسخير العلاقات والسياسات، من أجل استعادة توازنات ما قبل إقرار «اتفاق الطائف» والحرب والأهلية التي أدت إليه: أي استعادة مرحلة الامتيازات التي وصفت في السجال الدائر قبل شهور، من قبل الفريق العوني، بأنها كانت مجرد «ضمانات» فحسب!

في هذا السياق ولخدمته تأتي عملية إطلاق الاحتفالية، وعلى مدى سنة، من أجل تعزيز وتوفير الشروط الكفيلة بالمضي قدماً في رحلة الحنين إلى الماضي الذي قد مضى وزال العديد من الشروط التي أوجدته ووفرت استمراريته لعقود أربعة.
في خطاب إطلاق الاحتفالية هاجم الرئيس عون الأتراك العثمانيين بحدة استثنائية. لكنه، بالمقابل، أشاد صراحة أو ضمناً بالفرنسيين الذين أعلنوا هم دولة «لبنان الكبير». وهم من أعلن دستورها بعد ست سنوات من ذلك. وهم من أرسى صيغتها وتوازناتها حتى الاستقلال بعد 23 سنة، أي عام 1943. وهم، بالأساس أيضاً، من قدَّم ممثلي الموارنة على سواهم وصولاً إلى تسليمهم مواقع القرار الإداري والسياسي والأمني والاقتصادي الأساسية...
يؤكد المؤرخ الراحل المرموق كمال الصليبي أن لبنان لم يكن تاريخياً ذا كيان متبلور. وهو اتخذ الصيغة الراهنة برعاية من الانتداب الفرنسي، وبإلحاح ومثابرة من الأكليروس الماروني وسياسيين موارنة من الاتجاه نفسه. هؤلاء نشطوا جميعاً بهدف إقامة كيان خاص و«فريد». نظَّر المفكر والأديب والمصرفي الراحل ميشال شيحا لهذا الكيان ولبنائه على أسس التمثيل الطائفي والمذهبي بأرجحية حاسمة للمكوِّن الماروني وبرعاية أجنبية ثابتة...
دور الانتداب الفرنسي الحاسم في إنشاء الكيان وفرض توازناته كان مدعاة إحساس عميق بالشكر والامتنان من قبل الموارنة لفرنسا التي سمِّيت «الأم الحنون». أكثر من ذلك، فلقد تغذى شعور بالانتماء والولاء لفرنسا خصوصاً وللغرب عموماً في الأوساط المارونية. عُبِّرَ عن ذلك بصيغ ومعادلات عديدة: لبنان ذو «وجه عربي» فقط. طلب الحماية الفرنسية والغربية عموماً، بما في ذلك الالتحاق بالأحلاف والمشاريع الاستعمارية على قاعدة أن لبنان «بالتبعية يعتز وبالاستقلال يهتز» كما كتب السياسي والمفكر الراحل إدوار حنين الذي كان أميناً عاماً لـ«الجبهة اللبنانية» في المراحل الأُولى من الحرب الأهلية (1975-1990).
استمدت «الصيغة» اللبنانية «فرادتها»، أيضاً، من الأرجحية البسيطة، آنذاك، في العدد للمسيحيين على المسلمين. كانت تلك الأرجحية موجودة خلافاً لما هو الوضع عليه في كل البلدان الأخرى، العربية والإسلامية، في المنطقة. كان شائعاً إقامة أنظمة حكم على أساس ديني في المنطقة، في السعودية واليمن والعراق والأردن والمغرب... وبالنسبة إلى لبنان اعتمدت «الصيغة الفريدة» أي الطائفية، بأغلبية وأرجحية مارونية. زد على ذلك بضعة قرون من تشكُّل الأقليات الطوائفية في صيغة هويات.. للحماية ضد الاستهداف والقمع والاضطهاد...
الدول الغربية التي أقامت، منذ انتصار الثورة البورجوازية فيها (في أواسط الألفية الماضية)، ثورة التصنيع والإنتاج ووسائله، ومن ثم التوسع والمنافسة بحثاً عن الأسواق والموارد الأولية، فرضت في بلدانها فصل الدين عن الدولة أو أقامت ملكيات دستورية مقيّدة وصنَّفت الحقوق الفردية في التفكير والمعتقد حقوقاً أساسية... هذه الدول نفسها لجأت إلى عكس ذلك في البلدان التي استعمرتها لجهة تكريس الصيغ القديمة وتغذية الانقسامات الدينية والطائفية والمذهبية والإثنية والقومية في امتداد سياسة «فرِّق تسد» الإنجليزية المنشأ.
حضور العامل الطائفي المذهبي في السياق التاريخي، وفي ظروف محدَّدة، لا يعني تبنّيه وتحويله هويةً وانتماءً سياسيين بديلين من الانتماءات الوطنية خصوصاً. ثم إن التوازن والصيغة اللذين أملتهما أسباب وظروف وعوامل معينة لا يمكن أن يستمرا بعد تبدُّل تلك الظروف والأسباب والعوامل. بالنسبة إلى لبنان، وبعد نحو ثلاثة أرباع القرن على الاستقلال و«الصيغة الفريدة»، تحولت التوازنات بشكل شديد الاختلال لمصلحة قوى جديدة: سواءً بالنسبة إلى الدور الخارجي، أو إلى جهة النسب الديموغرافية والتوازنات الداخلية عموماً. ورغم ازدياد منسوب التطييف والتمذهب في المرحلة الراهنة، إلا أن الأخذ بالقاعدة (أي الأداة) الطائفية لتوزيع النفوذ والإدارة سيكون محفوفاً، فضلاً عن التوترات والانقسامات والشلل والتعطيل، بتقلبات تتجاوز ما كان قائماً من امتيازات قديمة أو جديدة، بما فيها بقايا «المناصفة»، أو حتى حلول امتيازات نقيضة، وربما هيمنة واستئثار وتفرد...
تغيير التوازنات والمعادلات لم يمر ولا يمر بشكل سلمي غالباً. تفاعل الوضع اللبناني الداخلي مع صراعات المنطقة وارتباط القوى المحلية بمرجعيات خارجية، ببعد طائفي أو مذهبي، قد يكونان أيضاً سبباً من أسباب توليد صراعات جديدة يكون العنف فيها هو سيد الموقف.
تقف اليوم الصيغة الطائفية، واستخدامها على أوسع نطاق لإقامة منظومة محاصصة شاملة ووقحة ومتجاوزة، عائقاً أمام استقرار البلاد وأمام بناء مؤسساتها على قواعد سويَّة في التمثيل والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية: بعيداً عن الفئوية والتحاصص والنهب والفساد والتبعية...
سقط أساس نظام الامتيازات. الحل ليس بالتمسّك به أو بامتيازات نقيضة في نطاق المنظومة نفسها. الحل بنظام مساواة بين المواطنين: نظام عصري يكون فيه الدستور والقانون واحترامهما فوق كل فئوية داخلية أو إملاء خارجي. المواطنة المتساوية، المحصنة بدولة قانون ومؤسسات، هي فقط الحَكَم بين اللبنانيين والضمانة لهم جميعاً.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعد من حملة نتنياهو
- فرج الله الحلو في ذكرى اغتياله الستين [2/2]
- فرج الله الحلو في ذكرى اغتياله الستين 1
- مخاطر المسار الطائفي على وحدة لبنان
- «القوى الوطنية» والمشروع الوطني
- المؤتمر الوطني لمواجهة العبث والخراب
- ثلثا عمرنا الاستقلالي: بين الحرب والوصاية والنهب!
- من الاعتراض إلى المعارضة
- ذكريات «الشيوعي الوحيد»!
- تقدّم العامل الاقتصادي الاجتماعي
- تصهين واشنطن وعدوانية تل أبيب
- فلاشات في نهاية العام
- الفشل والعجز في صلب منظومة المحاصصة
- الحزب الشيوعي التأسيس وإعادة التأسيس
- وطن قيد الدرس
- واشنطن: من الحرب بالواسطة إلى الحرب المباشرة؟
- مساهمة في نقاش نتائج «الشيوعي اللبناني» الانتخابية
- صراع على السلطة لا على السياسات والتوازنات فقط
- معركتا الفساد
- «الهجمة الأميركية» الراهنة


المزيد.....




- معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف: ...
- مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر.. ...
- نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
- -نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل ...
- بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية ...
- -معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد ...
- شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11 ...
- صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا ...
- بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي ...
- -إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - مئوية «لبنان الكبير» والمتغيرات الأكبر!