أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - إكسباير- قصة قصيرة














المزيد.....


إكسباير- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 6350 - 2019 / 9 / 13 - 06:06
المحور: الادب والفن
    


اكسباير
في العالمِ بلدانٌ كثيرة تشتهر بأمرٍ ما فمثلا إيطاليا "بالسباكيتي" والروس "بالدب الروسي"والأمريكان"بالصقرالأصلع"والبرازيل"بالكنغر"والبيرو"باللاّما"والأعرابُ "بالبعير" أما بلادنا فتشتهر "بالبالونات"، لمْ تكنْ المدينةُ التي أنتمي إليها لتعيشَ يوماً واحداً دون بالونات ولا يمكن أن يكون الإنسان فيها سوياً بدون بالونه الذي يربطه بخيط إلى عنقِهِ طائراً فوقَ رأسه وكنا نفهمُ ماذا يعني أن :كلّا ألزمَ بالونهُ الطائر في عُنُقِهِ وذلك يعني لنا الكثير، جميعنا نحملُ البالونات ذاتها لا يرتفع بالون على أخيه البالون الآخر في العمل و السوقِ وفي المدرسة والأعياد ترى البالونات صفّا لا تتفاوتْ إلاّ قليلا وهكذا سارت الحياة لا تشوبها شائبة، حتّى ظهرت البالونات الصُفر لأولِ مرةٍ في المدينة "وذلك الأمر يطولُ سرده " لكنكم تعرفون تفاصيله كلها ، صرخنا جميعا : كيفَ ذلك؟ تلك البالونات أكبر حجما وأطولُ خيطا وبها ما يشبه الدبابيس الحادة التي ما أن تقترب من بالونات الآخرين الذين يحتجون على خرق القواعد حتى تنفجر بالوناتهم وينتهون مهملين حتى يجبرهم ذلك على الإختفاء والعزلة، أنا يا سادتي من أصحاب البالونات الصفر التي تلمعُ أشواكُها والتي يحاذر ذوي البالونات العادية من الإقتراب منها .. حظينا نحنُ أصحاب البالونات الصفر بالمجد والوجاهة و السلطة على مدى طويل "وذلك أيضاً يطولُ شرحه ولكنكم تعرفونه جيدا"... حياتنا تأسست على هذا لا نجيد الحياة إلا وبالوناتنا ذات الأشواك تنتفخ طائرةً فوق رؤسنا لا يدانيها أي بالون آخر تلك التي كانت تشغل الناس بالنظر إلى مواقع أقدامهم خوفا من الإقتراب منا وحصول ما لا تُحمَدُ عقباه،بالوناتنا لا تفجّر بعضها ذلك أن العرف قد فرض علينا مراعاة ذلك وهكذا رغب الكثير من ذوي البالونات العادية أن ينتموا إلى عالمنا الأصفر الذي طغى على المدينة فكنا نفاخرُ باسمها الجديد ( المدينةُ الصفراء)... حتى جاء اليوم الذي حدث فيه ما لم نستطع تفسيره،لا نعلم ما الذي حدث ، لقد بدأت البالونات الصفر بالإنكماش شيئا فشيئا مما جعل بعض البالونات القديمة تبدو أكثر زهوا ورحنا نستبدل بالوناتنا بأخرى وأخرى ولكنها كانت جميعا تنكمش بعد يوم ويومين كانت ظاهرةً عامة حتى انتبهنا إلى صوت المنادي وهو يقول أن البالونات الصفر قد انتهت صلاحيتها ومضى زمنُها وتردد الصوت الذي بدا خافتا حتى صرنا نسمعه بوضوح (اكسباير)...(إكسباير) ......، أسقط في أيدينا وصرنا ننظرُ إلى بعضنا بريبة وتعالت علينا البالونات القديمة وظهرت أخرى بأشكالٍ وألوانٍ جديدة ولم يعد أحدٌ يحسبُ لنا حساباً ...صارت حياتنا بائسة بين الناس..وصارَ من الطبيعي أن ترى بالونات على شكل تماسيح أو ديناصورات أو كلاب أو طيور مرفرفة، لم تكن البالونات الجديدة لتمثل حالاً أفضل مما كنا فيه لكن الناس جميعا قد انشغلت بالبالونات الجديدة وتركت ما دون ذلك حتى ظن صاحب بالون التمساح أنه تمساح وصاحب بالون القرد أنه قرد وذاك الذي يحمل بالونا على هيئة علي بابا أنه لصٌ ظريف حقا، تهرأت المدينة وضاعت معالمُها وأصابها البؤس جرّاءَ ذلك .أما أنا فقد أنفقتُ ما تبقى من أيام بالنوم ، حبستُ نفسي في البيت، حاصرتني الحاجةً إلى مورد رزق جديد ومللتُ من نظرات امرأتي التي تجيد بث الرسائل السريعة امرأتي كانت تتباهى ببالوننا الأصفر ذي الأشواك وكان ذلك مدعاة فخر ومجد لها ، مللتُ النوم واشتقتُ إلى التسكع على الشارع الذي كان يطيّر بالونيَ الأصفر بمحاذاة رصيفه وهالني ما تغير خلال مدةِ عزلتي وما آل إليه الشارع الأثير وكنتُ أردد أحقا هذا هو شارع البالونات الصفر الذي كان يزهو بنا ويُفاخر؟؟..نحنُ أصحاب السطوة والمجد الأصفر يا لسخرية القدر !...
سرتُ متمهلاً في الشارع الطويل المهمل، شارعٌ صار يستفزني وكأنه يناصبني العداء ، أسفلتهُ العتيق وحصاتهُ القافزة ، لم ينقص منّي شيءٌ سوى بعض تغضنٍ في ملامح وجهي وزيادة الشيب في رأسي والشارع ذاته إلا أنه قد بهُتَ أسفلته الأسود ومال إلى لونٍ أشبهُ بالرماد..وتكسرت بعض أرصفته وتفتت حصاهُ وانخفض تحت صرير العجلات المستمر ليلاً ونهارا التي ترفد المدينة بأطنانٍ من البالونات المستوردة حديثا وكان أغلبها على هيئة علي بابا والتماسيح لرواج شكليّ هذين البالونين بين الناس ، فكرتُ أن هذا الشارع الذي كان يؤنسني رصيفه فيما مضى يمكن أن يقتلني الآن هكذا ببساطة تختفي حصاة مدببة بين تضاريس عجلةٍ مطاطيةٍ تسير بسرعة، تشاءُ تلك العجلةُ أن تُطلقَ هذه الحصيّةَ باتجاهي بقوة ألفي حصان ، آه.... ألفي حصان ، تتجه نحوي مباشرةً، تخترق جمجمتي الرخوةَ نسبياً بالنسبةِ لقوة ألفي حصان ، .." ألفا حصان تتجهُ نحوك برفسةٍ واحدة ... تسقطُ ميتا على الإسفلت الذي يضمك إلى محتوياته المُهملة ، ربما يحملك بعض المارة أو يتعرف عليك المستطرقون" .... عند هذا الحد استدرتُ وعدتُ من حيث أتيت .... وقد زاد حنيني إلى زمنِ البالون الأصفر فعرجتُ إلى سوق الألعاب اشتريتُ علبةً من البالونات الصفرمنتهية الصلاحية وفي البيت ولكي أرضي امرأتي وأداعبُ ذاكرتها رحتُ أنفخ بالونا فينفجرفأنفخ الثاني وينفجر ..."اكسباير""إكسباير"..رحتُ أدندن وهكذا حتى سجى الليل إلا من أصوات فرقعات بالوناتي فصاحت امرأتي كفاك من هذه البالونات "الأكسباير" فقد أزعجنا الجيران وورّثَ ذلك فينا الصُداع. ...



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن لم تكن قاتلي
- ياطائرَ التمّ
- من دقّ بابَ الهوى
- ساقية الحلم
- حاكمتُ قلبي
- لو أن قلبي شكا
- مواويل
- زغبٌ جناحي
- تباريح الصفصاف
- تهافت
- ضوء على جدار ذاكرة الروائية منى ماهر
- غريب
- لا أنكر الشوق
- أمن غابة الزيتون
- قالوا المحبةَ
- أشكو إليك
- عويل الريح
- تبّ قلبي
- أشواق
- وحيدة جنسها


المزيد.....




- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...
- رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - إكسباير- قصة قصيرة