|
سلطة البعث السوري في حربها ضد الإنسان، استلهمات نقدية من رواية الوحش الذي بداخلي لحليم يوسف
ريبر هبون
الحوار المتمدن-العدد: 6348 - 2019 / 9 / 11 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنها تنتقم إن ناهضتها فئة أو جماعة أو فرد، وتجيد اقتناص الإنسان المناهض في الصميم ولا تدخر جهداً في أن تخلق منه فتات لحم متطاير إثر سياط ملتهبة تدع خطوطها على الجسد عميقاً ، لتموت العملية السياسية لصالح تشعب الخوف وتغوله، أجادت الرواية التعبير عن مخرجات الوجدان الإنساني الواقف أمام التعذيب والتغييب، تود السلطة إيجاد الفرد المنطوي ، العصبي النرجسي الغارق في عيشه مع نفسه ومعاناته داخل المعتقل، تريد فرداً يائساً محبطاً بعيداً عن السياسة وقد نجحت سلطة الأسد الأب والإبن في خلق هذا الأنموذج بالتقادم والتدرج، فها هو سالار يلتحق بركب آلان في المكوث معتقلاً ، ليقضي حقبة الموت الذي يتخلله الوجع والانتهاك للوجدان والكرامة ، وقد استطاعت سلطة البعث السوري كما العراقي الامتطاء على البشر على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم ، ونجحت في تفتيت المجتمع وتأليب بعضه على بعض ، فكان ما يسملا بالوطن معتقلاً كبيراً يتزاحمه الخوف إلا أن غاص في مستنقع الفوضى اللامنتهية والذي عرف بالربيع الدموي ، التوحش الذي تعتني به السلطة الفئوية داخل معتقلاتها ظاهرة ليست بجديدة تاريخياً ، لكن يتم تطويرها مع الزمن عبر ابتداع أساليب التعذيب لحصد ردة الفعل ضمن إطار ممنهج يخدم السلطة نفسها لمواجهة خصومها الألداء، حيث إطلاق سراح الإسلاميين من السجون والمعتقلات ، أجهز على تلك الهبة الشعبية من بداياتها ، عبر شعار الله أكبر وانطلاقة الجموع المنتفضة من المساجد في كل جمعة ، لم يكن ذلك مصادفة وإنما خطة تم الإعداد لها بغية وأد الحراك وإخصاءه، أشار لها حليم يوسف في روايته لنتأمل هنا ص 243 : „ اشتعلت الحروب الصغيرة في كل زاوية من زوايا البلاد، وكشرت الوحوش عن أنيابها وتسابقت على نهش أجساد من تبقى من البشر ، وأبدعت الوحوش في أساليب تعذيب خصومها وقتلهم بطرق مبتكرة ، وعلقت الرؤوس البشرية على عواميد أسيجة المدن وغطت مناظر الصلب والذبح وسلخ الجلد على المشهد، بدأ بعضهم يتحدث عن بطولات أجدادهم الذين كانوا يطبخون رؤوس أعدائهم ويأكلونها ، فأكلوا هم " أيضاً أكباد البشر وقلوبهم أمام عدسات الكاميرا فالهتاف العكسري الذي كنا نردده في معسكرات الصاعقة يثير الانتباه ويتعلق بتمجيد الرئيس على وجه الخصوص لنتأمل هذا الهتاف الهستيري : نار نار نار ’’’كلنا ثوار - نفدي الوطن "““ نفدي العلم "“ نفدي الفريق بشار- سوري سوري سوري „ "“الجيش العربي السوري "“ أسود وحوش "““ بشار بشار بعث في هذا الهتاف نجد أن بناء الإنسان يعتمد على التوحش ، واتخاذ الوطن وثن ، وكذلك اعتبار الوطن وشخص القائد على ذات المرتبة ، والتي يجدر على الجنود أن يفتدوه بأرواحهم، وكذلك فإن هوية الجيش عربية صرفة، وتابعة تماماً لحزب البعث العائد لشخص واحد يحتكر الدولة والمجتمع، وكل شيء، فعلى الجندي أن يتوحش وأن يكون أسداً ولاشئ خارج هذا الشعار يعنيه، تربية الجند على أن يكونوا وحوشاً هو جزء متمم من التوحش الممنهج الذي يستخدم بوصفه وسيلة لتعطيل القيم وترسيخ سلطة البعث المتمثلة بسلطة القائد الرمز، وبقاءه في الحكم ، أمثلة العنف تم استجلابها من الكتب المقدسة التي تصف الحوادث المتعلقة بمراحل نشوء الدين وترسيخه سياسياً، والظروف التي دعت لتبلور ذلك حياتياً ، حيث عقل الفرد معبأ بمواد الانفجار على الصعيد الأسري والتعليمي، وكذلك عبر اختلاطه بالآخرين ، من الطبيعي أن تنتهز السلطة السياسية ذلك وتستعمل العنف عبر إدخاله في المنهاج التربوي التعليمي الذي تلقفه الطلبة منذ ذهابهم للمدرسة وانخراطهم في التربية والتعليم ، لقد حمى النظام البعثي نفسه حيث أخرج الإسلاميين من المعتقلات ليتم بواسطتهم تدمير الثورة وإزاحة ذوي الكفاءات القادرين على تحريك الشارع والرأي العام ، واستفاد بشكل أو بآخر من صعود الإسلام السياسي في تركيا والذي سخر هذا الأخير الإسلاميين لبلوغ غاياته في الدخول للملف السوري واستخدام الجماعات الإسلامية كوسيلة للهيمنة وكذلك فعلت إيران عبر تجنيدها للجماعات الشيعية وهكذا بدا التوحش عباءة إسلامية طائفية مشبعة بأسباب الحقد والكراهية فبسم إسقاط النظام جرى إسقاط الشعوب وقصف منازلها وقطع رؤوس الناس تحت مسميات وذرائع عديدة ، لهذا باتت الأصولية الإسلامية بمثابة الوحش المعاضر الذي يبقي على الاستبداد لأمد أطول ، لقد تم تغذيته بأصول القتل التاريخية ، وتطعيمه بالكثير من الأساليب الحديثة للإرهاب، لأن ذلك يسهم في الإبقاء على الهيمنة الأحادية على العالم ، وكذلك التدخل بمصائر الدول من خلال يافطة مكافحة الإرهاب الإسلامي ، حيث يتعارض الإرهاب مع الأخلاق والقانون ، يتعارض مع الحرية والديمقراطية وينتصر للفساد لكونه من مفرزات التفتيت الروحي للمجتمع، فالمفردات النابية والقاسية المحاصرة للمعتقل السياسي، تتعارض مع القيم والوجدان الإنساني وتخلق مآس فردية تظل آثارها زمناً داخل الإنسان ، هذا التدمير المعنوي لابد وأن يقود عبر مراحل لفقدان الحرية والكرامة ، فقد تم الإطاحة بالله تحت بند نشر شريعة الإسلام بالقوة ، وتم الإطاحة بالقانون عبر الدعوة لإسقاط النظام السياسي، إذ لا تتلخص الثورة بردة الفعل إزاء ممارسات سلطة معنية ، وإنما هي مجموع إرادات وأفكار تسعى للولوج داخل المجتمع المقموع لتكون نواة للتغيير وليس مجرد تصفيات حساب سلطوية بين طرف يسعى للهيمنة على السلطة وهدفة إسقاطها، واستبدالها بسلطة لا تختلف عنها، إن تلخيص الثورة بتبديل هرم السلطة بآخر هو تحوير فظيع للحقيقة الاجتماعية ومحاولة خبيثة للقفز على أحلام الناس في العدالة الاجتماعية والتحول الديمقراطي ، هذه الإستماتة في الوصول للسلطة دون التغيير في بنيتها ، جعل الفساد الاجتماعي ينمو ويزداد بإطراد على حساب مكافحة النخبة الواعية الباحثة عن سبيل للتغيير الجوهري وإيجاد مشاريع تنموية قادرة على تبديل الواقع القائم بخلق واقع أفضل، بيد أن الخراب الذي عمّ في كل . مكان والتراجع الاقتصادي ودمار البنية التحتية حال دون بلوغ الهدف المبتغى
#ريبر_هبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرية الفكر المعرفي بمواجهة التجهيل
-
المعرفيون في كوردستان الشمالية
-
المعرفيون بمواجهة الخوف في غربي كوردستان
-
رحلة في سبر الألم في رواية عندما تعطش الأسماك لحليم يوسف
-
دلالة الحدث في مجموعة هذيان السمع والبصر لمحمود الوهب
-
تصورات نقدية في خوف بلا أسنان لحليم يوسف
-
تنهدات خريف كسيح، ريبر هبون ، بنار كوباني
-
الإرادة المعرفية في مواجهة القمع
-
حقيقة التنازع وتجلياته في سوبارتو لحليم يوسف
-
حول مناقشة مسودة رابطة الجامعيين والمثقفين الكورد، إعداد الم
...
-
تأملات استقصائية في أقاليم الرعد للشاعر جلال جاف
-
*سجالات كوردستانية مع ابراهيم كابان*
-
الشباب المعرفي ومتطلبات الغد، من نشاطات تجمع المعرفيين الأحر
...
-
أغاريد مكبلة في مجمرة الدمع
-
الشباب الكردستاني بمواجهة التحديات
-
بوح على عتبة الميلاد
-
(بوح ورؤى مع ملك علو)
-
العقل المعرفي شرق أوسطي بمواجهة القمع
-
مناظرة حول ملف التطرف الاسلامي ,
-
حول مفهوم الوطن والمواطنة , مناظرة , من نشاطات تجمع المعرفيو
...
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|