سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6347 - 2019 / 9 / 10 - 04:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من هو الصحافى هذه الايام ؟
سليم نزال
قد يبدو السؤال غريبا بعض الشىء و قد شهدنا ثورة رقمية غيرت مسار التاريخ الانسانى كله.
و انا من الجيل الذى يتذكر كيف كنا ندخل الى مبانى الصحافة و نحن نشعر ببعض من خشوع .نجد السكريتاريات الجميلات فى مكتب الاستقبال .و تنتظر فى الصالون الى ان ياتى الصحافى الذى انت ذاهب للقاءه .تمر بغرف التحرير و كل صحافى كان على راسه طير و هو تعبير لم اره فى اللغات التى اضطلع عليها . و كل صحافى امام ماكينة الطباعة لانه لم يكن هناك كومبيوتر بعد .و لا تسمع سوى تكتات الة الكتابة .
لكن الزمن الرقمى تغير .دخلنا فى مرحلة الصحافة التفاعليه .صار بالامكان خلال ثوان الرد على الكاتب ,الاثناء على المقالة او نقدها او التعقيب عليها و الاضافة .
بدانا نرى تراجعا لدور الصحافى فى احتكار الاخبار .سقط الصحافى من برجه العاجى و لم يعد بوسعه مقاومة ملايين المواقع الاخبارية .و بدانا نرى صحفا كبرى تنتقل الى الكتابة الرقمية فى سعى منها لكى لا تواجه الفناء.
كانت الصحف تختار مراسلين عادة ما يتمركزوا فى العواصم او ينتقلوا داخل البلاد ان ما حصلت تطورات تستدعى ذلك .جاءت مواقع الاتصال الشعبية لتجعل من كل مواطن مراسلا ينقل ما يدور فى حيه الصغير.
تغير العالم و صارت مهنة الصحافة تبدو مهنة يتداولها اى عابر طريق .و قد شكوت مرة امام طبيب ان دراسة مواد مثل التاريخ و السياسة صارت لا اهمية لها فى نظر الكثيرين لانه اى واحد صار بوسعه حتى و لم لم يقرا سوى كتاب واحد ان يعطى رايه عن معرفة ام بدون معرفه فى اي نظرية .ابتسم و قال و كذلك مهنة الطب .صار بوسع اى شخص ان يسال محرك غوغل عن اى دواء و صار اى شخص يظن انه يعرف مثل الطبيب !
اذن ما العمل و ماذا عن مستقبل الصحافيين و الصحافة.احد كتاب الفايننشال تاميز يقول ان المشكلة ان الصحافيين يريدون ان يبقوا صحافيين كما كان الوضع سابقا فى مهنة بدات بالاختفاء التدريجى !
اى صحيفة قادرة فى العالم كله الان على منافسة غوغول او الفيس بوك او تويتر ؟و كيف سيكون مستقبل الصحافة على ضوء هذه التغيرات .سؤال صعب ليس من السهل الاجابة عليه لكن من المؤكد ان زمن احتكار الصحافة للخبر و التحليل الاخبارى قد انتهى .و بات من غير الممكن اعادة التاريخ للوراء , لم يعد امام الصحافة سوى ان تراجع نفسها و تضع لها دور يختلف عن الدور القديم .
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟