سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 1551 - 2006 / 5 / 15 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن تأسس العراق عام 1920 و بعد التحرير البريطاني ، غرق العراق في صراع الهويات "الكاذبة" ، بدءا من الهويات القومية ، "العربية" و "الكردية" ، و الهويات الدينية ، الإسلامية من "سنية" و "شيعية" ، و كان من الطبيعي أن ينتهي صراع العقليات الرجعية إلى خراب و تدمير للوطن و المواطن ، و بينما كان العالم الغربي يقوي مفاهيم "المواطنة" على أسس إنسانية ، بعد أن أثبتت الحرب العالمية الثانية أن القومية هي أسوأ و أقذر أيديولوجية عرفها التاريخ.
منح العهد الملكي ـ رغم عدم براءته من الطائفية ـ فرصة للمجتمع العراقي ليتجه نحو الأسلوب الديمقراطي و البساطة في إدارة الحكم ، خصوصا و أن الملكية كانت قائمة على أساس دستوري ، لكن انقلاب 1958 م بقيادة قاسم ، منح فرصة لكل القوى المتطرفة قوميا ، فرصة للقفز إلى الكرسي و تحويل العراق إلى حقل تجارب خاص به ، و للأسف و من خلال العملية الديمقراطية في الجمهورية الثانية ، أي ما بعد التحرير الأمريكي للعراق ، قفزت قوى التطرف القومي العنصري إلى السلطة عبر "التحالف الكردستاني ـ البعث الكردي" و "جبهة التوافق ـ جبهة البعث العربي" و "جبهة الحوار ـ الحوار مع الإرهاب القومي" و "الوفاق الوطني ـ الذي يمثل البعث المعتدل".
الحقيقة أنه و منذ 35 سنة مضت ، عشش البعث و أفرخ في الثقافة العراقية ، إلى حد أنه استطاع أن يفسد لب العقل العراقي ، الذي يستخدم الكثير من المصطلحات المنتجة من قبل البعث و ثقافته و بشكل لا شعوري ، و الثقافة القومية الكردية هي ترجمة حرفية لثقافة "البعث العربي" إلى اللغة الكردية ، بل إن أحد المقربين من حزب البارزاني قالها و بكل صراحة : لــو كان اسم صدام "كاروان" أو "كاوة" أو "كوفان" ، لما نقمنا عليه.."!! بمعنى أنه لو كان طاغية كرديا لقبلنا به ، رغم أنهم قبلوا به و تحالفوا معه فيما بعد ، لكن لندرك أن "البعث" بحقارته ، بالكاد قد يصل إلى هذه الحقارة من العنصرية.
إن الحل الحقيقي لإنهاء عقلية صراع "الهويات" التافه ، هو البحث و العمل من أجل "حقوق الفرد" لأن هذه الحقوق وحدها تضمن للجميع العيش في عراق حقيقي لا قومية و لا طائفية فيه ، أما الحديث عن "القوميات الأساسية" ثم تحويل القوميات إلى أقليات داخل أقلية ، فهي بداية حرب عنصرية حقيقية ، لا تبقي و لا تذر ، و ما محاولات "التحالف الكردستاني ـ البعث" إلى تقسيم العراق إلى كردستان و غير كردستان ، و دعمهم لعمليات الاغتيال في الموصل و كركوك و الحويجة و إرسالهم البعثيين في مهمات خاصة هناك ، طبعا هي مهمات قتل و تخريب .
هذا المنهج المدروس هدفه الأول ، إفشال الولايات المتحدة و إعادة البعث و تفريخ المزيد من أعضاء "السلف الملعون" ، يكفي دليلا على ذلك أن حزب "البارتي" و بالتعاون مع الإسلاميين "يككرتوو" بنو خلال عشر سنوات فقط 2000 جامع و مسجد و مدرسة دينية ، تدرس الإرهاب ، و أمجاد سيد الذابحين "صلاح الدين الأيوبي".
إن دعم حقوق الفرد و إنقاذه من تحكم الأحزاب و القوميات و الطوائف هو وحده الكفيل بإطفاء نيران ســــــرطان اسمه "البــــــــــعـــــــث".
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟