|
ياوزير الأوقاف ..وعاظك يروجون لدين غير دين الله!
محمد القصبي
الحوار المتمدن-العدد: 6329 - 2019 / 8 / 23 - 22:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن تم إسناد حقيبة وزارة الأوقاف إلى معاليكم في 16 يوليو 2013..وأنا -المواطن محمد القصبي- تابع بإعجاب جهود معاليكم للقضاء على زوايا المكفراتية في سراديب الشارع المصري و تطهير المنابر من ألغام التطرف .. مهمة خطيرة ترتبط عضوياً بأهداف ثورة 30يونيو ..تجفيف منابع الإرهاب ..ليس في مصر وحدها ، بل في القارات الست ، وهذا ما شددتم عليه في بيانكم الصادر في مارس الماضي بقولكم أن الوزارة ستعمل على تفكيك الفكر المتطرف أينما وجد. لكن ماذا بعد معالي الوزير ؟ لاشيء ..وكأنه لاتوجد حقول ألغام أخرى لاتقل خطراً عن الإرهاب.. من مكنوز قرآننا الكريم .. عشرات الآيات التي يحتوي بنيانها اللغوي على عبارة " الذين آمنوا .." ..ودوماً ثمة معطوف يبدو حتمياً .."وعملوا الصالحات" ..الله سبحانه وتعالى من خلال هذا التشكيل اللغوي يشدد على أن الإيمان به وحده ليس بكافٍ لاكتمال عبوديتنا ..لابد من العمل الصالح " لكن وعاظك سيدي يتغافلون عن المعطوف عليه ..العمل الصالح ..ويكتفون بالحديث عن الذين آمنوا .. ومن هم الذين آمنوا من منظور معتلي المنابر سيدي .. أن نصلي على النبي مرات ومرات ..ويفتشون بين السلف الصالح عن قدوة كان يمضي ليله ونهاره ،يصلي على النبي آلاف المرات ويسوقوه لنا على أنه النموذج المثالي للمسلم.. يوم الجمعة 16 أغسطس الحالي أديت الصلاة في أحد مساجد الساحل الشمالي ..وفاض الخطيب كثيراً في الحديث عن حتمية أن نحمد الله ونشكره ..ولاذ بخير قدوة للبشرية ، النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال إنه كان يمضي ليله حامداً شاكراً ..وعن ماذا نحمد الله ؟ ..لم يقل خطيب الساحل الشمالي ولا أي خطيب آخر ..لحظتها هامت عيني بين وجوه المصلين ..وتخيلت أحدهم سيتوجه ليلاً إلى منزل خالٍ من سكانه ..ليكسر مثلاً أحد الأدراج ، فإن وجد مالاً ..ذهباً ..حمد الله وشكر ..وربما قبل أن يغادر المكان صلى ركعتي شكر!! معالي الوزير ..ألا تتابع مثل كل المصريين امتحانات الثانوية العامة ؟! منذ عدة سنوات وهي تتوافق مع رمضان ..شهر الورع والتقوى ..فماذا نفعل في هذا الشهر ؟ نصوم ..نفطر على تمرة.. سُنة عن النبي الكريم .. وكما نبهنا مشايخنا من فوق المنابر ..نصلي المغرب جماعة ..العشاء جماعة ..حتى سُنة التراويح والقيام والتهجد جماعة ..نكثر من قراءة القرآن ..فجراً نتوجه إلى المساجد لنصلي جماعة .. صباحاً نتوجه -الطالب،وولي الأمر ،والمدرس - إلى لجان الامتحانات لنحيلها إلى معجنة غش ! وماذا بعد أن يحصد بعض من الأبناء النجاح بمجموع قد يتجاوز 100% !!!! يسجد الأباء والأمهات والطلاب شكراً وامتناناً ..ومنهم من يقتدي بالرسول الكريم فيمضي الليل حامداً شاكراً!! ولايغيب عن بال أحد ..مسلماً أو غيرمسلم..أن الغش ظاهرة كارثية ،يعده علماء الدين من الكبائر ، ووصفه أ.د.شوقي علام مفتي الديار المصرية بأنه من أخطر المشاكل التي تواجه العملية التعليمية لاشتماله على كثير من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية ، ولما فيه من الإثم والعدوان.. ومع ذلك.. وكما نرى تفشى بين "المؤمنين" فاعتدنا عليه ..وما عاد يثير غضب أحد ..حتى مشايخنا!! وكثيراً سيدي ماكنت أحرص على الحديث مع خطباء المساجد عقب صلوات الجمعة لأنبههم إلى خطورة تلك الكارثة على الدولة المصرية ..وحتمية أن يتناولوها .. ..ودوماً ينصتون إليَّ باهتمام ..وابتسامة تنفرج عما يبدو مباركة لما أقول..لكن في الجمعة التالية ..كل يعتلي المنبر ليصرخ قال الذئب وقال له الذئب !ولاشيء عن " "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " لاشيء عن القيم الجوهرية التي أدى تهميشها إلى تردي أحوالنا..! لتحتل مصر -بلد الأزهر- المرتبة 105 في قائمة الدول النظيفة طبقاً لتقرير منظمة الشفافية العالمية ببرلين لعام 2018 " أقل الدول فساداً ..دولة..الدنمارك..الكافرة !"
وبعض من وعاظك سيدي يوقنون - ولاأدري من أين استمدوا هذا اليقين ..ربما من الفقه البدوي الذي تهب علينا رياحه من شرق البحر الأحمر- أن الله العلي العظيم ماأنزل دينه إلا لأمر واحد ..تأديب نسائنا وترويضهن ..نقاباً وغض بصر ..وطاعة للزوج ..فإن طلبها ..وامتنعت باتت ملعونة من الملائكة ..لاشيء لديهم في دين الله سوى إنذاراته سبحانه وتعالى لنسائنا إن حتى سُها على إحداهن وانسلت شعرة من رأسها على جبهتها ..أو مدت يدها لتحية رجل ..أما القضايا الكبرى لنسائنا ..مايتعرضن له من ظُلم بين ..حتى ماشرع لهن الله من حقوق ..لاشيء ..ونادراً إن تطرق أحد من مشايخنا إلى تلك المصيبة المتفشية بيننا.. حرمان النساء من ميراثهن الشرعي، 250 ألف امرأة رفعن دعاوي قضائية خلال عامي «2014 و2015»، للحصول على ميراثهن ..وبالطبع ثمة مئات الآلاف غيرهن يحرمن من حقهن الشرعي ، و يلتزمن صمت العجز وربما الخوف! وثمة دراسة للباحثة الدكتورة سلوى محمد المهدي أستاذة علم الاجتماع بآداب قنا ة أن المرأة في الصعيد تعاني من واقع أليم فيما يتعلق بميراثها خاصة في محافظتي سوهاج وقن حيث تحرم 95.5% من نساء المحافظتين من ميراثهن. وكثيراً ما ألفت نظر من أعرف من المشايخ إلى أكوام الزبالة التي تنتشر في كل مكان ..وليست الشوارع المحيطة بالمساجد بمنأى عن هذا القبح..حتى مرتادو هذه المساجد الذين تتساقط دموعهم تأثراً بصراخ وعاظك..كُثر منهم حين يغادرون المسجد ..وبدون أن يشعروا.. يلقون بمخلفاتهم أينما كان !!.. فإن نبهت أحدهم .. وهذا ماأفعله ..أفاجأ به يرمقني في دهشة ..ربما باستهجان..هو لايدرك أنه أتى بخطأ جسيم..وعاظك لم يقولوا له ما قاله النبي العظيم " إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة..." لهذا تحولت مصر إلى أكبر مقلب زبالة على الكوكب ! ولايخفى عليك سيدي توحش امبراطورية الدجالين ..سنوياً ينفق المصريون مايقرب من 30 مليار جنيه على مباخر هؤلاء المشعوذين..هذا غير إهدار أعراض نسائنا في سراديبهم ..وإن اشتعل حريقاً في هذا البيت أو ذاك يشيع هؤلاء الدجالون أن الجن وراء هذه الحرائق ، ويصدق الناس لأنهم لم يسمعوا رأياً آخر من مشايخنا الأجلاء. وكما نرى جميعا معالي الوزير.. تشهد مصر اﻵن ملحمة بناء هائلة..يقينا غير مسبوقة منذ سبعة عقود . معدﻻت النمو تضاعفت مرتين خﻻل السنوات الماضية..حيث تقترب اﻵن من 6% وكانت عام 2012/2013.. 2%. ،مايقرب من 8آلاف كيلومتر من الطرق شيدت وطبقاً للمواصفات العالمية.. المبادرات الرئاسية ﻻنتشال مﻻيين المصريين من فراش العلل المميتة كفيروس سي ..تأتي ثمارها.. وسوف تشهد صحة المصريين قفزة هائلة مع قانون التأمين الصحي الجديد. لكن معالي الوزير ﻻجدوى من ملحمة البناء هذه إن لم يتم كبح جماح أرحام نسائنا.. هذا الانفجار السكاني الذي تشهده مصر لن تنفع معه كل المشروعات الضخمة التي تشيد الآن على تراب مصر..وحين سألت اللواء أبو بكر الجندي عندما كان رئيسا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء خلال ندوة في قاعة مصطفى أمين بدار أخبار اليوم شرفت بإدارتها عن معدل الزيادة السكانية المثالي مقارنة بمعدلات النمو الاقتصادي ..قال : 1إلى 3 ، ليس لتزدهر أحوالنا بل لنبقى على ما نحن عليه!! وما يقوله اللواء الجندي يبدو تحقيقه صعبا في ظل معدلات النمو السكاني الحالية والتي تصل إلى 2,56% خلال زيارتي الأخيرة لقريتي في أرياف الدقهلية التقيت بزميل دراسة قديم ..سألته عن أخباره فتهلل وجهه وقال أن ابنته بعد أن أنجبت ست بنات ..أخيرا أنعم الله عليها وعليه وعلى الأسرة كلها بالذكر!! أظن لو أن وعاظك معالي الوزير وجهوا شيئاً من اهتمامهم لمواجهة تلك المصيبة ..لما أنجبت ابنة زميل الدراسة ست إناث وذكر ..يقيناً كانت ستكتفي بابنتين أو حتى ثلاث ..لكن إن قلت أنا أن مافعلته خطأ جسيم ..سيكون الرد : كل عيل بيتولد معاه رزقه !! لكن لو قال مشايخنا أن مافعلته تلك السيدة ومثيلاتها.. ملايين النساء في مصر لاعلاقة له بالدين ..فسوف ينصت لهم الجميع ! ..وأظنك سيدي تتذكر وقائع الرشوة التي أدينت بسببها سعاد الخولي نائبة محافظ الأسكندرية السابقة وصدرت ضدها أحكاماً بالسجن لمدة 12 عاماً .. كان من بين وقائع الرشوة تلك، مطالبتها لأحد المقاولين أن يتحمل نفقات رحلتها إلى الحجاز لأداء فريضة الحج " 205 آلاف جنيه"! مشايخنا سيدي يركزون في حديثهم إن كان عن الحج على الطقوس ،وعن ماء زمزم والحجر الأسود ..,عن صيام العشرة الأوائل ..ولاأحد يتحدث عن أهمية فريضة الحج كمعلم فارق..يبدأ بعدها المسلم حياة من الطهر والنقاء ..فلا يسرق ولايرتشي..ولايلوث طريقاً حتى ببصقة ..ويؤدي عمله باتقان ..ولأن أحداً من مشايخنا لا يتحدث عن نلك الدلالات العميقة للحج تحول إلى فرح عمدة وديكور اجتماعي ..نسعى إليه ولو... بالرشوة!
واسمح لي معالي الوزير أن اختم رسالتي هذه بحديث النبي عليه الصلاة والسلام .. "انما بعثت ﻷتمم مكارم اﻷخلاق.." فإن كان بناء الدولة في حاجة ملحة الآن لإطلاق مشروع قومي لإعادة هيكلة الدماغ الجمعي للمصريين على أسس من التفكير العلمي والاستنارة وقيم الجمال والانتاج والعدل والأمانة والمحبة والتسامح ..يصبح لدلالات هذا الحديث النبوي.. الأولوية على المنابر.. إن لم تخني الذاكرة معالي الوزير أنه مع بدء تطبيق تجربة الخطبة الموحدة ..اعتليتم منبر جامع عمرو بن العاص وتحدثتم عبر خطبة قوية عن المال الحرام.. لكن على حد علمي .. لاشيء عن هذا - وهو موضوع بالغ الأهمية - تطرق إليه أحد من مشايخنا.. معالي الوزير .. معالجة هذا الخلل في خطابنا الديني ..خاصة هذا الذي يبث إلى عقولنا عبر منابر المساجد ..تبدأ من مكتبك طالما أن هناك خطبة موحدة....فإن كان ثمة من لايلتزم ..فينبغي إقصاؤه.. فما نحتاجه سيدي الآن ..وكل آن ..دين الله ..لادين هؤلاء المشايخ !
#محمد_القصبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا والموت وسمير غريب!
-
لماذا لم تصدر وزارة الداخلية حتى الآن بياناً حول واقعة مارين
...
-
جائزة الشعب.. للشاروني !
-
الشامتون في وزيرة الثقافة- السابقة- !
-
د.عواض :لماذا لايصبح حملة الأقلام.. أيضاً حملة مقشات؟!
-
لو أسند عبد الناصر وزارة المعارف لسيد قطب لتغير مجرى التاريخ
-
سمير غريب..كيف لانحبه ..وكل من أحب ؟!
-
ما أشرسها حروب عمرو فهمي ..ضد المرض ..ضد الفساد!
-
صفقة القرن ..من يجرؤ أن يقول نعم!
-
سيدي الرئيس : لماذا لاتخضع الثقافة في مصر لنظرية الأواني الم
...
-
د. هشام: ماذا لديك تقدمه للمراكبي المجاور لمكتبك؟!
-
شهر الورع أم شهر الفجع؟!!
-
أزمة الممثل الراحل أحمد راتب مع التعديلات الدستورية!
-
الفريق كامل الوزير قائداً للمؤسسات الصحفية!
-
كلاهما وطني ..من يقول : نعم ..من يقول: لا
-
سيدي الرئيس ..هل سأعاقب إن قلتُ للتعديلات الدستورية..لا؟!
-
-منكوس- أبوظبي ..شجن وبهجة وجوائز بالملايين
-
انحياز نقابة الصحفيين للدولة لايعني زواجاً كاثوليكيا بالحكوم
...
-
انحياز نقابة الصحفيين للدولة لايعني زواجاً كاثوليكياً بالحكو
...
-
في رواية -جابر- ..الكل فصيح ..الكل يؤرخ
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|