أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - مخاطر التفكير في العراق














المزيد.....

مخاطر التفكير في العراق


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 6329 - 2019 / 8 / 23 - 13:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مخاطر التفكير في العراق

الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي
[email protected]

عندما كنت في اعدادية بورسعيد الواقعة في بداية التسعينات, في زمن الخوف والقلق, زمن تضخم صدام وحاشيته, وتضاعف الضغوط على المجتمع, نتيجة سطوة النظام والحصار الدولي المفروض على الفقراء ومحدودي الدخل حصرا, في ذلك الزمن اكتشفت هواية يمارسها بعض الناس مع انها متعبة, الا وهي التفكير, فالناس صنفان: صنف لا يفكر بل يتم تلقينه, وهو سعيد بان هناك من يفكر عنه! وتجده فرح بحياته البسيطة التي تفتقر للتفكير, وصنف اخر يفكر ويرفض التلقين وتوريث الافكار, وهذا الصنف لم يجد الراحة لا في زمن الطاغية صدام ولا في زمن الديمقراطية, وذلك لمسيرة الامور بشكل اعوج بالغالب.
في هذا الزمن دوما امارس هوايتي في التفكير, مع انها لا تجلب الا المتاعب, واحيانا التهديد بالقتل! لكن اصبحت جزء من ذاتي, قل انه ادمان.
كعادتي كل صباح الذهاب لمقهى الملتقى الثقافي في باب المعظم لشرب الشاي, وما ان وصل الشاي غرقت في التفكير, واذا بصوت اعرفه جيدا يبدد صمتي, انه صديقي ابو نجم يباغتني ويقطع حبل افكاري, جلس وطلبت له شاي, وسألني:
- بماذا تفكر؟ كأنك في عالم بعيد!

امسكت باستكان الشاي لارتشف رشفه ثم التفت الى ابو نجم وقلت له:
- افكر باللصوص الكبار وأتساءل: بعد كل هذا النهب والتبديد لأموال العراق ومازالوا ملتزمين بمنهج السرقة, فمتى يشبعون؟

ضحك ابو نجم وقال لي:
- يا صديقي ان العاهرة لا تشبع من ممارسة الجنس, هكذا تعودت, كذلك السياسي لا يكتفي من السرقة, بل يبقى مستمرا بالسرقة الى اخر يوم في حياته.

اعجبتني فكرة ابو نجم لكن كان لي ملاحظة عليها, فقلت له:
- كلامك دقيق جد, كلاهما من اقذر اصناف البشر, فاللصوص الكبار يمكن تشبيههم بالعاهرة, لكن هنالك فارق يجب توضيحه, وهو: ان العاهرة اشرف من الساسة الكبار لأنها تكسب من كد فرجها, اي تقدم خدمة مقابل المال, اما اللصوص الكبار فهم يكسبون من لا شيء, فمفاتيح الخزينة بيدهم! فتخيل معي مقدار الاجحاف بحق العراق في ان يكون حماة الخزينة لصوص!

صمت قليلا ابو نجم واهتممنا معا في اكمال شرب الشاي, ثم قال لي:
- انا دوما اتعجب من افعال جمهور واسع من مجتمعنا, يا ترى لماذا البعض يتبع اللصوص الكبار! مع ان رائحتهم النتنة وصلت للمكسيك وجزر القمر وغواتيمالا؟ وكما عبر اللبنانيون عن ساستهم الفاسدين بحملة " طلعت ريحتهم", فرائحة اللصوص الكبار ونتانتها لا يمكن اخفائها اليوم.

التفتت الى ابو نجم بعد انتهاء استكان الشاي تماما وقلت له:
- يا عزيزي ابو نجم ان الامر مرتبط بتصنيف الناس الى ناس تفكر وناس لا تفكر, لذلك لليوم تجد هؤلاء الذين لا يفكرون يدافعون بكل جهد وصلابة عن اللصوص الكبار, بل ويخلطون الامر بالقدسية والدين وحرمة الغيبة, فلا اعلم من اين جاءت الحصانة الدينية للص عفن وقذر.

اتجه ابو نجم الى ركن المقهى حيث يجلس جمع من العواجيز واكملت شرب الشاي وهممت بالمغادرة, فصاح بي ابو نجم:
- لا تتعب نفسك بكثرة التفكير باللصوص الكبار فقد يتهموك بالكفر او الزندقة, بل فكر باتحاد الكرة وسعيه الحثيث لتدمير المنتخب العراقي, فكر بلصوص الكرة, او فكر بمسلسلات قاسم الملاك السخيفة والعنها, او انتقد الغناء العراقي وتحوله الى غناء ايحائي جنسي, فهذه منطقة التفكير المباحة, التي لا تخالطها خطوط حمراء وتوج الراس والقدسية.

ضحكنا وضحك كل من في المقهى, واشرت له بيدي تعبيرا على الموافقة, نعم من المؤلم ان يكون كلام ابو نجم دقيقا, فالنقد اذا اقترب من اللصوص الكبار يعتبر جريمة قانونية ودينية وعشائرية! او كفرا وزندقة, عندها يصبح الدم مستباحا! هذا كله يجري في بلد يقال عنه حر وديمقراطي ويدعم الحريات ومنها النقد!



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيعة الغدير وحزب قريش
- ابو هريرة ورحلة الصعود السياسي
- قدسية كربلاء واخطاء اتحاد الكرة والمنافقون
- مصيبة المصائب هو تعديل قانون سانت ليغو
- بيتاً صغيراً يكفيني
- شهادة عليا لا تكفي
- شهيد ومحنة قبر
- ركوب موجة التظاهرات
- عدنان حمد وعار تصفيات كاس العالم
- منهج الساسة مخالف لمنهج الامام علي (ع)
- فضائيات وموبايل وانحطاط
- جسدها مقابل الشرف الرفيع
- اريد بيتا صغيرا
- عبد المهدي والثورة على رموز الفساد
- اكاذيب مترو بغداد
- ويسألونك عن تفاوت رواتب موظفي العراق
- الامام الخميني الزلزال الذي هز عروش المنطقة
- قراءة في ابعاد نتائج معركة بدر
- الأمام علي ومنهجه الإصلاحي
- الحازم القوي منهجا وحيدا لضرب الفاسدين


المزيد.....




- 6 إصابات على الأقل في حادثة إطلاق نار بجامعة في فلوريدا الأم ...
- شاهد اللحظات الأولى بعد اطلاق نار جماعي في فلوريدا
- نيبينزيا بشأن الوضع في ليبيا: محاولات خصخصة بعض جوانب التسوي ...
- في زيارة لافتة إلى طهران... وزير الدفاع السعودي يلتقي خامنئي ...
- تلسكوب يكشف عن أدلة واعدة على وجود حياة على كوكب بعيد
- وسط انتظار موقف حماس من المقترح الإسرائيلي... غارات متواصلة ...
- الجنائية الدولية تبدأ إجراءات ضد المجر لرفضها توقيف نتنياهو ...
- خلال زيارة سريعة.. رئيس الوزراء العراقي يلتقي الرئيس السوري ...
- بزشكيان لوزير الدفاع السعودي: نعتبركم أخوة لنا وجاهزون بالكا ...
- مخابرات عربية تقبض على دفاتر رسام سوري!


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - مخاطر التفكير في العراق