محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ
(Mohamed Wagdy)
الحوار المتمدن-العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 13:26
المحور:
الادب والفن
سألت طفلة يوماً أحد الأساقفة قائلاً :
" سيدنا أنا خلصت . إنت كمان خلصت ؟ " . فابتسم الأسقف وقال : " أنا خلصت وباخلص وهخلص " . فلم تفهم البنت . هي فقط اختبرت بهجة التبرير، ولكنها لم تك تعلم أن هناك " التقديس " ثم " التمجيد " .
هي اختبرت خلاصاً " نلناه "، ولم تكن تدرك جيداً بعد خلاصاً " نحياه ثم من بعده خلاصاً " نترجاه " .
كانت تلك من كلمات أبي الراحل القس منيس عبد النور من على منبر كنيسة قصر الدوبارة ألقيت في إحدى اجتماعات مساء الأحد، وما زلت أذكرها بنبرته حتى الآن . ربما لبساطة المثل . ربما للتعبيرات والمصطلحات . ربما قصد الله نفسه .
والحق أننا كلنا نسير في أغلب أوقاتنا كمؤمنين في درب تلك الفتاة الصغيرة فنتوقف عند تلك المرحلة اللحظية التي نتبرر فيها مجاناً بنعمته بالفداء ؛ ظانين أن العمل كله ملقى على عاتق يسوع . أو لم يقم يسوع بالعمل اللازم وأدى حساب الخطية على الصليب ؟ وما دامت الخطية قد انتزعت أفلا يجب أن نتحول " بصورة سحرية " إلى صورته ومثاله ؟ .
ولكن بولس الرسول في نفس الرسالة يبين أن التغير " الشكلي " عن شكل إنسان الخطية القديم الذي بقي مطبوعاً فينا من آدم المائت لن يتم قبل أن يتم تجديد الذهن نفسه فيقول " ولا تشاكلوا أهل هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم " والعلة من هذا التجديد ليست " مكياجية " لكي يكون شكلنا " كلاس " أو مودرن " مختلفاً عما حولنا . وإلا لكانت العبارة البولسية هي " تغيروا عن شكلكم بتجديد مكياجكم " .
العلة من التجديد هي سبب لإكمال مسيرة الحياة مع الله، وهي معرفة إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة . فبدونها لن يتم معرفة أين ومتى وكيف ولماذا نسير .
تخيل أنك في الصباح الباكر قمتَ واغتسلتَ وتوجهت قاصداً طريق عملك اليومي، ولكن دون أن تصحب معك " نظارتك " فلم تميز أي حافلة ( أتوبيس ) سوف تقصده لتصل لهدفك . حينئذ سوف تكون في حيرة أو تتردى في اختيار خاطئ قائم على الظن، ولكن مع تصحيح النظر " تجديد الذهن " فسوف تعرف ما هو الباص الواجب ركوبه " إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة " الذي تصل به لمقر عملك " مقر أبديتك حيث المسيح جالس عن يمين أبيه " .
التجديد لازمة حياتية للمسيحي، وهو ليس رفاهية قاصرة على قسوس وشيوخ وخدام الكنيسة . بل هو نظارة كل مسيحي ليرى الطريق؛ فكلنا نحن البشر ضعاف البصر لن نرى بدون تجديد الذهن الذي يهب لنا فهم ومعرفة وإدراك ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة لنا لنستنير وننير لغيرنا .
والآن .
هل تختار " تجديد مكياجكم "
أم
" تجديد أذهانكم " ؟
#محمد_وجدي (هاشتاغ)
Mohamed_Wagdy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟