تعليم الكبار - كوريا الجنوبية كمثال

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ
(Mohamed Wagdy)

الحوار المتمدن-العدد: 6324 - 2019 / 8 / 18 - 00:01
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

تعليم الكبار: هو تعليم مُوازٍ للتعليم الفنّي، والتعليم العامّ، وتستهدفُ برامجه الأفراد الباحثين عن فرصة التحاق بالتعليم الرسميّ، وتعزيز القدرات والمهارات؛ لتتناسب مع مهنة، أو حرفة ما.
ويمكن تعريف تعليم الكبار أيضاً بأنّه: مجموعة من الجهود التربويّة التي تهتمّ بالشباب والكبار خارج منظومة بيئة التعليم التقليديّة، كالمدارس، والجامعات، كما أنّه يُعتبَر نشاطاً علميّاً ثقافيّاً فنّياً يُمارَس ضمن مُؤسَّسات خاصّة، ويقصدُه الكبار، والجماعات، برغبة شخصيّة، وهو يرتكزُ على مجموعة من الأفكار، والقِيَم، والمُمارَسات التي تتناسبُ مع مُتغيِّرات العصر، وتطوُّراته.
أهمّية تعليم الكبار:-
يُعتبَر برنامج تعليم الكبار ذا أهمّية كبيرة للأفراد، والمجتمعات، وتكمن أهمّيته في النقاط الآتية:
1 - مساعدة الأفراد المُنتظمين فيه على معرفة نقاط ضعفهم، ونقاط قُوّتهم في كيفيّة التعامُل مع البيئة المُحيطة بهم، سواء كان التعامُل مع الأسرة، أو بيئة العمل، أو المجتمع بكافّة مُكوِّناته.
2- تزويد الأفراد المُنتظمين في برنامج تعليم الكبار بمجموعة كبيرة من المعارف، والمهارات، والنمط الذي يُمكِّن الفرد من التعامُل مع نفسه، ومع الآخرين بطريقة مثاليّة، وتحقيق نَمَط فعّال لعلاقة الأفراد مع الأدوات، بهدف تحقيق ما لم يتمكَّنوا من تحقيقه قَبل الانتظام في برنامج تعليم الكبار.
3 - تعريف الأفراد المُنتظمين في البرنامج بواجباتهم بهدف أدائها، وتعريفهم حقوقهم، وحقوق الآخرين؛ بهدف المطالبة بها بوسائل قانونيّة، وديمقراطيّة مشروعة، حيث تساعدهم هذه الوسائل على صيانة ذواتهم الفرديّة، والاجتماعيّة.
4 - مواكبة التقدُّم الكبير في مجال العلوم، والتكنولوجيا؛ فتعليم الناس بمختلف الفئات العُمريّة باعتبارها القُوى العاملة في المجتمع، يساهم في تنمية القدرات والمهارات؛ لمواكبة عصر التكنولوجيا.
5 - تعزيز وتطوير معارف المُنتظمين في برنامج التعليم؛ لمُواكبة كَمّ المعرفة الهائل في الساحة الدوليّة.
6 - التصدّي لظاهرة الأُمّية؛ حيث أدَّت الزيادة الكبيرة في أعداد السكّان إلى تَفشّي ظاهرة الأُمّية؛ ولذا ظهرت الحاجة إلى الاهتمام بالنُّظُم التعليميّة القائمة، ومحاولة تطويرها.
7 - مساعدة الفرد على تحقيق طموحاته الشخصيّة التي يريد تحقيقها في الوقت الحاضر، والمستقبل.
خصائص تعليم الكبار:-
يتميَّز تعليم الكبار عن غيره من أنواع التعليم بأربع خصائص:-
1- أنّه نشاط طوعيّ، وغير إلزاميّ، حيث ينتظمُ الفرد في هذا النشاط بمَحْض اختياره.
2- نشاط لا يتطلَّب تفرُّغاً كاملاً من المُتطوِّعين، والمُنتظمين، حيث يتمّ تخصيص بعض الوقت له.
3- نشاط لا يتمّ تمويله من جهة واحدة فقط، حيث تُعنى العديد من المُؤسَّسات بتمويله، وتنظيمه، وقد تكون هذه المُؤسَّسات حكوميّة، أو غير حكوميّة.
4- نشاط يشمل تعليم الأفراد الكبار الذين تجاوزوا سنّ التعليم الإلزاميّ الأساسيّ، بالإضافة إلى تعليم الأفراد الأُمّيين الكتابة، والقراءة، والعمليّات الحسابيّة البسيطة.
سِمات برنامج تعليم الكبار الناجح :-
يتَّسم برنامج تعليم الكبار الناجح بالسِّمات الآتية:
1- تلاؤم الموقف التعليميّ مع قدرات، وحاجات، واهتمامات المُنتظمين في البرنامج.
2- عدم استعلاء المُعلِّم على المُتعلِّمين، وتميُّز البرنامج التعليميّ بالصداقة بين المُعلِّم، وتلاميذه.
3- المساهمة الفعّالة للمُنتظمين في العمليّة التعليميّة، والتأكيد على أنّ دَور المُعلِّم هو تيسير العمليّة التعليميّة ومساعدة المُنتظمين على ممارسة عمليّة التعلُّم، وتجاوُز الصعوبات التي قد تُواجههم.
4 - الاستفادة من خبرات وتجارب المُتعلِّمين الكبار المُتراكمة في مجال البرامج الخاصّة، وإدراج هذه الخبرات كمصدر من مصادر التعلُّم.
5- وَضْع قوائم الأهداف، والإنجازات، بالتعاون بين المُعلِّمين، والمُنتظمين في برنامج التعلُّم.
أنواع تعليم الكبار:-
يُصنَّف تعليم الكبار إلى خمسة أنواع مختلفة:
1- التعليم المُختَصّ بالكفاءة التقنيّة والمهنيّة:
وهو برنامج التعليم الذي يهدف إلى إعداد الأفراد المُنتظمين فيه للالتحاق بوظيفة جديدة، وتطوير مهاراتهم، أو إيجاد مهارات جديدة تتناسب مع مهنة، أو حرفة ما.
2- التعليم المُختَصّ بالرعاية الاجتماعيّة، والحياة الأسريّة، والصحّة:
وهو النوع الذي يتضمَّن برامج تنظيم الأسرة، ورعاية الطفل، وأساليب الاستهلاك، والعلاقات الأسريّة، والصحّة، والنظافة.
3- التعليم المُختَصّ بالمجالات السياسيّة:
وهو برنامج التعليم الذي يشمل الشؤون العامّة، والدوليّة، والتنمية المجتمعيّة، والمشاركة السياسيّة للفرد والأنشطة ذات الصلة بالحكومة.
4- التعليم المُختَصّ بتحقيق الذات:
ويشمل المهارات المُكتَسبة للأفراد، كالموسيقى، والفنون، والأدب، والحِرَف اليدويّة، والرقص.
5- التعليم التعويضيّ:
وهو النوع الأهمّ من أنواع برنامج تعليم الكبار، وهو شرط أساسيّ للانخراط في الأنواع الأخرى لتعليم الكبار؛ إذ إنّ هذا النوع يهدف إلى مَحو الأُمّية في المجتمعات المختلفة، وتحقيق التعليم الابتدائيّ للفئات العُمريّة جميعها.
ونتناول الآن الأمية كهدف من الأهداف التي يتناولها ويستهدفها تعليم الكبار
تعريف الأمية :

هي ظاهرة اجتماعية سلبية متفشية في معظم أقطار الوطن العربي ومختلف البلدان وبخاصة النامية منها.
ويختلف مفهوم الأمية من دولة إلى أخرى ففي البلدان العربية مثلا نقصد بالأمية الإنسان الذي بلغ الثانية عشرة من عمره ولم يتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب بلغة ما. أما في البلدان المتقدمة كاليابان فنقصد بالأمية الشخص الذي لم يصل إلى المستوى التعليمي الذي يجعله يفهم التعليمات الكتابية في المواضيع التقنية في عمله.

الواقع الراهن للامية في البلاد العربية:

وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان سنة 2006، فقد بلغ عدد الأميين 17.014 مليون أمي، مـوزعين على فئة
الإناث و هن الأكثرية، حيث بلغت نسبتهن 61.5 % أي 10.468 مليون أنثى مقابل 6.546 مليـون ذكـر بنسبــة 38.5 % مـن جملــة الأميين.

أسباب تفشي الأمية في البلدان العربية:
تعود ظاهرة تفشي الأمية في البلاد العربية إلى أسباب سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية منها: -

1. الزيادة السكانية الكبيرة في البلاد العربية .
2- تسرب الأطفال من التعليم .
3. عجز معظم الأنظمة عن تطبيق التعليم الإلزامي بشكل كامل في معظم أقطار الوطن العربي
4 - عجز معظم الحكومات العربية عن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التربوية
5- عدم جدوى الإجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الأمية .
6 - عدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية في البلاد العربية بالتنمية التربوية التعليمية .
7- تدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل .

التدابير الواجب اتخاذها في سبيل مكافحة الأمية:

1- تطبيق التعليم الإلزامي ومده إلى نهاية التعليم الأساسي من أجل سد منابع الأمية
2- إقامة دورات فاعلة للأميين الكبار
3- تقديم الحوافز المادية والمعنوية للمتحررين من الأمية الكبار والصغار
4- نشر الوعي الثقافي بين جميع أبناء المجتمع
5- إجراء البحوث والدراسات التي تعنى بهذا الجانب للوقوف على الأسباب والنتائج
6- الاستفادة من تجارب الدول المختلفة في هذا المجال .

أنواع الأمية :

1- الأمية الهجائيـة ( الأبجـدية) . 2- الأمية الأيديولوجية. 3- الأمية الوظيفية. 4- الأمية الحضارية
5- الأمية المهنية. 6- الأمية البيئية. 7- الأمية الثقافية. 8- الأمية العلمية. 9- الأمية المعلوماتية.



التجربة الكورية في مجال محو الأمية

شهدت كوريا الجنوبية تغيرا جذريا في معدلات الامية خلال الـ 60-70 عاما الماضية. حيث تجاوزت نسبة الأمية في ثلاثينات القرن العشرين 70%، أما الآن فهي أقل من 2%.

كيف استطاعت كوريا الجنوبية ان تتخلص من الأمية ؟

هناك عدة عوامل: الأول هو نظام القيم لدى الشعب الكوري. حيث أن التعليم يأتي في مقدمة أولويات الكثير من الكوريين عبر التاريخ. ويسعى الناس إلى تعليم أبنائهم حتى لو أدى ذلك الى نقص طعامهم. ويعتقدون أن مردود التعليم أعلى من مردود أي استثمار آخر في الأطفال.
ونظرا للعلاقة القوية بين الآباء والأطفال، كان الآباء دائما على استعداد للتضحية بنفسهم من أجل تعليم أبنائهم.

والعامل الثاني هو سهولة تعلم الأبجدية الكورية. فهي لغة صوتية علمية تتكون من عشر حركات و14 صامتا وهذا يجعلها سهلة التعليم والتعلم.

ثالثا: بعد تحرر كوريا من اليابان عام 1945، أدى التوسع الكبير في التعليم الابتدائي إلى تمكن جميع الصغار من القراءة. كما أن المناخ الاجتماعي يتوقع من كل فرد أن يقرأ ويكتب، وهذا يحفز الناس على تعلم القراءة. فالراشد الذي لم تتح له فرصة التعلم عندما كان صغيرا، عادة ما يخجل من نفسه ويحاول جاهدا أن يتعلم عندما تكون الفرصة سانحة.
وفي كوريا الجنوبية مؤسسات غير ربحية تعتمد على المتطوعين وتساعد الراشدين على التعلم. وهناك معاهد صغيرة تقوم بتعليم الأميين المحرومين اجتماعيا خاصة النساء.

ولم تعد الفروق بين النساء والرجال مشكلة اجتماعية البتة. ففي الماضي كان على الفتيات أن يضحين بأنفسهن من اجل إخوتهن الذكور أو من اجل الأسرة. وكن مستهدفات لترك التعليم. أما الآن فلا توجد فروق في التعليم الابتدائي والثانوي.

وقد قامت الحكومة الكورية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين بحملات لمحو الأمية في طول البلاد وعرضها، وكانت تلك الحملات ناجحة. ففي عام 1990، بلغت نسبة المتعلمين 99.1% بين الذكور و93.5% بين الإناث. وفي عام 1995 بلغت نسبة المتعلمين من الذكور 99.3% ومن الإناث 96.7%. أي أن نسبة المتعلمين الذكور ارتفعت 0.2%، والإناث 3.2%. مما جعل الفجوة بين نسبة المتعلمين الذكور والإناث تقل.

#محمد_وجدي (هاشتاغ)       Mohamed_Wagdy#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات