أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح كنجي - ليلة الرقص المؤجلة..














المزيد.....

ليلة الرقص المؤجلة..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 6319 - 2019 / 8 / 13 - 17:55
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ليلة الرقص المؤجلة..

اهداء..
الى من شارك في وأد البراءة .. اعتبرها وخزة ضمير ليس إلا.. بدوري أقول: انها البداية يا لبيد ..

كنت قد وعدت الأطفال بأن ارقص في اعراسهم.. لكي افلت من الحاحهم في تلك الليلة المتعبة التي وصلت فيها الى مراني بعد سير دام لأكثر من 14 ساعة متواصلة .. حينما طلبوا مني وهم يلتفون حولي يصفقون ويضحكون ويمرحون احتفاء بوصولي اليهم من جديد.. بعد فراق لأشهر قضيتها مختفياً فيما كنا نسميه بلغتنا المتداولة أيام الانصار بالعمق ..
والعمق يشمل سهل نينوى وبقية مدن العراق.. التي كنا ندخلها خلسة لنؤدي نشاطاتنا السياسية السرية بين الناس في ظروف الحرب والقمع و الاستبداد.. كان فرح الاطفال بقدومي يعني لهم الشيء الكثير.. معناها غداً ستكون مع وجبة الغذاء كمية من اللحم من الصيد.. او من الدجاج المجمد الذي يتاجر به الباعة الجوالون .. او في اقل تقدير كمية من البيض و الفواكه.. من القرى القريبة التي يتواجد دكاكين بسيطة وصغيرة فيها تتداول بعض المقتنيات من الفلاحين والعوائل لتعيد بيعها للآخرين بأسعار مناسبة ..
احداث تلك الليلة ما زالت عالقة في ذهني .. قاومت السهر .. حاولت التخلص من الملتفين حولي لينا عاصف.. بسيم.. الذين كانوا يشاركوني الفراش .. احدهم في اليسار.. والآخر من اليمين.. والثالث على صدري ..
كنت احاول ان امسد ظهورهم بحكم قناعتي لأهمية المساج للأطفال.. وكانوا يركنون للصمت والتوقف عن المشاكسة بعد ان ابدأ بتدليك اجسادهم الواحد بعد الاخر قدر المستطاع .. لا اعرف لماذا جاءتني فكرة أن ارقص في اعراسهم كما تخيلتها في تلك اللحظات .. ولا اعرف ان كان هذا له علاقة بالبقية ممن تجاوزوا عمر الأطفال .. قد دخلوا مرحلة المراهقة و الشباب .. مناضل .. شامل .. اميل .. خيري.. سربست .. زخاروف.. لوركا .. نصير .. فيدل .. فرمان.. شمو.. سردار.. طيبان.. جمال .. جلال..
وهكذا بالنسبة لـ ميديا .. نصيرة .. سندس .. .. سورياس .. بريفان .. بيمان.. هوزان.. وفاء.. نارين.. هافانا.. روزا.. جيزن.. رفين .. اطفال اجسادهم تنمو ويكبرون بين شعاب جبل كاره ومياه مراني العذبة ينضحون طيبة وفرحاً وسعادة .. اطفال يحلمون ببراءة.. كما يحلم بقية الاطفال في العالم بأشياء صغيرة.. واحياناً تافهة.. ويسعون لخلق اجواء مرحة تتفق مع اعمارهم وتنسجم مع طفولتهم.. كنت في الكثير من الحالات هدفاً لهم ..
ما جرى في تلك الليلة لا يمكن ان يمحو من ذاكرتي .. لا ادري كيف ومن بدأ بفكرة التحرش بي اولا.. وسرعان ما تجمع حولي الآخرون يسعون لجري للمشاركة في رقص وهرج ومرج.. اخذوا يؤدونه بفوضوية كأنهم على خشبة مسرح .. يرددون وفقاً لأدوارهم مقاطع تمثيلية و مشاهد مسرحية مما علقت بذهنهم .. من بينها رينكو .. منكو ..
لكني تشبثت بالأرض .. وبقيت اداعبهم دون ان البي مطلبهم.. او ابدي استعدادا للمشاركة في دعوتهم للرقص بسبب التعب والارهاق..
ها هي ثلاثة عقود مضت على تلك الليلة التي ما زلت اتذكرها اليوم.. سأنسى الأنفال وأشطبها من ذاكرتي .. سألغي العقود الثلاث المنصرمة كأنها لم تكن.. لن اتحدث عن الجرائم البشعة المتسلسلة في الأنفال ..
لا اريد ان اتذكر اسماء الجحوش ورؤساء العشائر والقادة العسكريين الذين كرموا في حينها من قبل الدكتاتور .. وما زالوا يكرمون للحين!! ..
لا اريد ان اتذكر شيء من ذلك الزمن المر ولا صفحة من صفحاته القبيحة ..
لا اريد ان اتذكر كل تلك السيئات.. أو أي تفصيل لتلك المحنة .. ولكن هيهات..
هل اقدر على النسيان؟..
هل اقدر أن امحو من ذاكرتي تلك الأسماء والضحكات البريئة لهؤلاء الاطفال الأبرياء؟.. الذين كانوا يشاكسوني ويسعون لجرجرتي لأجواء طفولتهم لأشاركهم الرقص والمرح.. كأني واحد منهم رغم فارق العمر ..
اتذكر كل تلك الأسماء ..
لينا .. سندس .. عاصف .. بسيم .. مناضل سربست.. سورياز .. ميديا .. كاوار .. وفاء..
اتذكرهم الليلة ليس كأطفال ما زالوا مدفونين في المقابر الجماعية ..
اتذكرهم جميعاً واحدا بعد الآخر .. شباباً وصبايا يافعين ويافعات يدعوني لحفلات زواجهم .. استعد للمشاركة و الرقص .. اتهيأ لأداء ما يناسب حفلات الفرح دون تردد .. سأغلق الباب على نفسي هذه الليلة.. كي ارقص للصباح وانا أتذكركم.. واحدا بعد الآخر في حفلات اعراسهم .. هذا وعد مني ان ارقص الليلة حتى الصباح ..
سأرقص .. رغم معاناتي من آلام الروماتيزم والتهاب المفاصل واوجاع الركب القلب المجروح .. سأرقص لـ سندس ولينا.. وبقية الاسماء.. لن أنسى شامل .. خيري .. أميل .. أو سربست .. ارقص و أرقص .. كطير مذبوح من الألم يرقص ويرفرف .. يدور حول نفسه ..
سأدور الأرض في هذه الليلة .. أجول المقابر الواحدة بعد الأخرى.. لأبحث عن رفاتكم بين المقابر الجماعية.. كي أشارككم الرقص حتى الصباح كما وعدتكم ..
ــــــــــــــــ
من حكايا الأنصار والجبل
8/8/2019



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المستفيد من الاساءة للناشط المدني هادي نايف محسن الزبيدي؟ ...
- دور الحزب الديمقراطي الكردستاني في التمهيد لانقلاب شباط 1963 ...
- دور الحزب الديمقراطي الكردستاني في التمهيد لانقلاب شباط 1963 ...
- دور الحزب الديمقراطي الكردستاني في التمهيد لانقلاب شباط 1963 ...
- شوقي الماجري يخترق حاجز الصوت بدقيقة صمت ..
- توضيح عن دور حزب البعث في الارهاب الداعشي
- الابرياء ضحايا جرائم شبكة التواصل الاجتماعي ..!
- عن النقد الموجه لتوثيق تاريخ الانصار ..4
- حول كارثة مراني للأنصار الشيوعيين في مراني ..3
- حول بدايات الانصار الشيوعيين في العراق ..2
- حول بدايات الانصار الشيوعيين في العراق ..1
- دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي..5
- دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي..4
- دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي..3
- دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي 2
- دور حزب البعث في الإرهاب الداعشي
- الاستعباد الديني وجرائم داعش الإسلامية..
- الايزيديون .. تحديات المواطنة والمحيط وآفاق المستقبل..
- المجتمع الايزيدي.. ماذا بعد رحيل الفقير والمير ؟
- عن الموت وما بعد الرحيل..


المزيد.....




- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح كنجي - ليلة الرقص المؤجلة..