|
قضية فلسطين بين الأفيون التلمودي المعتق و الانسنة !
عمر الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 03:45
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ الاف السنين و ارض فلسطين يحكمها الغريب ، فقد تعاقب الغرباء على حكم هذه الارض التي خضعت لفصول طويلة من التزوير الديني و الاسقاطات الخرافية و الاسطورية على هذه المساحة الجغرافية الصغيرة، فمنذ الحكم الروماني قبل ما يزيد عن ٢٠٠٠ سنة مرورا بالحكم الاموي الاسلامي قبل ١٥٠٠ سنة و هذه الارض يتعاقب عليها المزورون.. وما الاحتلال الصهيوني الاستيطاني الاحلالي منذ ٧١ سنة الا فصل و طور جديد من فصول و اطوار ما تعرضت له الارض الفلسطينية تاريخياً. و من المعروف و البديهي ان اي احتلال او استعمار يبنى على اسباب و اهداف توسعية و اقتصادية حتى وان كان في ظاهر هذا الاحتلال سمات و دوافع اخرى الا ان في باطن المسألة حتماً توجد الاسباب التوسعية و الاقتصادية للظاهرة الاحتلالية و الاستعمارية والحالة الصهيونية بكل تأكيد ليست بمعزل عن هذه البديهية التاريخية و لو اخذت هذه الحالة شكل اخر بحيث ان الكيان الصهيوني القائم على ارض فلسطين كيان استيطاني احلالي عنصري يرمي الى تهجير السكان الاصليين و افراغ الارض من سكانها العرب الفلسطينيين عبر سياسات استيطانية مستمرة منذ اليوم الاول لاحتلال فلسطين لا فقط منذ ان بدأ احتلال ما تبقى من فلسطين في ١٩٦٧. فالكيان الصهيوني بإعتباره التجسيد المادي لمشروع الحركة الصهيونية العالمية هو ايضا يجسد مصالح الامبريالية العالمية التي اوجدت هذا الكيان اللقيط و هيئت لوجوده وبقاءه كل الاسباب و الظروف فالغيتو الصهيوني في صورته الحقيقية و في ظروف نشأته التاريخية ليس سوى ثكنة عسكرية اوجدتها الامبريالية العالمية لتثبيت مصالحها في هذه المنطقة و بتعبير اوضح فإن الكيان الصهيوني وليد النظام الراسمالي العالمي في اعلى مراحله و اكثرها توحشاً (الامبريالية).
فالقضية الفلسطينية في جوهرها الاساسي قضية الانسان الفلسطيني الذي سلبت ارضه منه و هجر عنها قسراً ليعيش في المنافي و مخيمات اللجوء في الدول المجاورة، ان هذا الجوهر الانساني لقضية فلسطين قضية الانسان وحقه بالوجود على ارضه هو ما يسعى الكيان الصهيوني الى تغييبه عن الوعي. ان المشروع الصهيوني لا يقوم على اسس دينية بقدر ما يتخذ من المسألة الدينية غلاف ليغلف بها مشروعه العنصري القائم على التطهير العرقي فهم يؤمنون بأن بقاء اسرائيل مرتبط بالتمدد الاستيطاني و الاستيلاء على الاراضي فالمزيد من الارض يعني المزيد من الاستيطان مما يكرس الضعف و الوهن و صعوبات الحياة و البقاء في الجانب الاخر للسكان الاصليين الفلسطينيين الذين قال عنهم الاب الروحي لليمين الصهيوني فلاديمير جابوتنسكي بأنهم سيظلوا يقاتلون ضد المشروع الاستيطاني حيث قال ان الاستيطان و التمدد الاستيطاني غير ممكن الا بقوة السلاح فلم يعرف التاريخ اي شعب تنازل عن ارضه طواعية كما يقول هو بنفسه وهو من اسس لفكرة جدار الفصل العنصري عبر نظرية (الجدار الحديدي) التي ابتدعها منذ اربعينات القرن الماضي قبل نشوء وقيام الكيان الصهيوني اللقيط، حيث ادخل كل من شارون واولمرت و نتنياهو هذه الفكرة الى حيز التنفيذ من خلال اقامة و بناء جدار الفصل العنصري الذي قطع اوصال الضفة الغربية. ان هذا الكيان العنصري اللقيط الجاثم على ارض فلسطين في صورته الحقيقية ليس الا غيتو يجمع كل النفايات البشرية التي اراد الاوروبيين تهجيرها الى فلسطين ليس فقط منذ وعد بلفور في ١٩١٧ بل قبل ذلك بكثير فجذور مشروع توطين اليهود في فلسطين تعودالى عام ١٧٩٩ نتيجة فشل حملة نابليون و هزيمة جيوشه على اسوار عكا وفي مختلف المناطق الفلسطينية حيث تمكن السكان العرب من هزيمة جيوش نابليون و افشال حملته على فلسطين و التي كانت تهدف الى فتح طرق التجارة مع الهند فكما اسلفت كل احتلال و استعمار هدفه الاساس توسعي و اقتصادي بلا شك، واثناء حمة نابليون الفاشلة على فلسطين في ١٧٩٩ دعا كل يهود اسيا و افريقيا للانضمام له و تأييده و وعدهم بإسترجاع القدس و قد وجه نداءه اليهم قائلا "يا ورثة فلسطين الشرعيين" و قد عرض نابليون عليهم المساعدة لتحقيق وجودهم السياسي لاسترجاع ارضهم و حمايتها و الدفاع عنها امام كل المخاطر و قد نشرت الصحيفة الرسمية في فرنسا وقتذاك "لو مينيتور" عن نابليون يوم ٢٢ ابريل ١٧٩٩ في نداءه لليهود انه يدعوهم الى الانضواء اليه من اجل اعادة القدس و قد قدم نابليون اول وعد لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين قبل وعد بلفور بما يزيد عن ١٠٠ سنة!. اي انه و من خلال ما سبق ذكره فإن الكيان الصهيوني اللقيط ليس الا ثمرة جهود و وعود استعمارية من اجل جمع كل القمامات البشرية للانضواء تحت هذا المشروع الاستعماري الذي يخدم المصالح الامبريالية في ابقاء هذه المنطقة بدائرة التخلف و التبعية و الحفاظ على طبيعتها الاستهلاكية و نهب ماردها الطبيعية و المواد الاولية ليعاد تدويرها على شكل بضائع استهلاكية كل هذا يتم عبر وجود هذا الكيان الصهيوني في قلب هذه المنة طقة المهيمن عليها. ان هذا الكيان اللقيط قائم بجوهره و اساسه على فكرة استعمارية لخدمة اهداف الاستعمار لكن هذه الفكرة تم تغليفها بغلافها الديني حتى تنال تأييد و تعاطف من كل الشعوب تحديداً الشعوب الغربية لا سيما ان اليهو من خلال سيطرتهم اهم وسائل الاعلام و اكثرها انتشاراً بالعالم كانوا قادرين على تقديم سرديتهم التاريخية المبنية على الاباطيل حول حقهم التاريخي في فلسطين كذلك توظيفهم لمسألة المحرقة التي تمكنوا من خلالها من نيل تعاطف معظم شعوب العالم الغربي. و امام هذا الواقع سعى الصهاينة بكل قواهم على تثبيت مشروعهم في فلسطين كوطن قومي لليهود و لا احد يعلم كيف تتحول الاديان الى قوميات و هنا تتجلى الفاشية الصهيونية بأقبح صورها، فالصهاينة عمدوا الى ترسيخ مشروعهم الاستعماري عبر سردياتهم الدينية و التاريخية المبنية على الخرافات و الاساطير الافيونية فحتى بن غوريون اول رئيس وزراء بتاريخ الكيان الصهيوني كان ملحداً لكنه امن بأهمية يهودية الدولة بالنسبة للمشروع الصهيوني! هذه الخرافات التلمودية لم تكن ارض فلسطين مسرحاً لها في اي حقبة تاريخية و ما فشل كل علم الاثار الحديث بإكتشاف اي اثار قديمة تثبت بأن جغرافيا فلسطين هي مسرح احداث التوراة او المكان الذي دخل اليه النبي موسى مع قومه الا دليل دامغ على بطلان السردية التاريخية الصهيونية و هذه السردية الاستشراقية مع الاسف الشديد اخذناها نحن كمسلمات لا يجوز الاقتراب منها او التشكيك فيها، فهم نصبوا لنا الفخ الذي يريدوه و وضعوا لنا السردية التاريخية و نحن سلمنا بهذه السردية ليأخذوا الصراع الى حيث يريدون و يصبغوه بالصبغة التي يريدوها. فقد نجح الصهاينة عبر سرديتهم التي سلمنا بها بتحويل المسألة الفلسطينية برمتها الى مسألة دينية و صراع ديني وسجال بين اصحاب الزعم الاسلامي القائل بأن ارض فلسطين ارض المحشر و الرباط و بين اصحاب الزعم اليهودي الصهيوني القائل بأن ارض "اسرائيل" ارض الميعاد!. و هكذا اخذ الصهاينة القضية الى الفخ الذي نصبوه فبكل تأكيد من الاسهل على الصهاينة ان يحاججونا بمنطق سرديتهم و روايتهم التاريخية التي سلمنا بها و اخذناها كمسلمات غير قابلة للتشكيك على ان يحاججونا بالمنطق و الوجه الحقيقي للصراع البعيد عن كل السرديات الاستشراقية الصهيونية التلمودية كون ان الصراع في صورته الحقيقية بين امة مظلومة نهبت ارضها و هجرت منها بشكل قسري وبين مجاميع من النفايات البشرية و المرتزقة شذاذ الافاق القادمين من شتى اصقاع المعمورة ليحلوا محل السكان الاصليين في فلسطين. وحتى ان الصهاينة يحاولون اخفاء اجرام العصابات الصهيونية في النكبة و كما اشار البروفسور اليهودي (اسرائيل شاحاك) هناك مئات القرى التي دمرت بالكامل في النكبة و حتى القبور وشواهدها لم تبقى قائمة مثلما كانت الا انهم (الصهاينة) قالوا بعد النكبة لكل الزوار القادمين ان هذه الاراضي التي طهرت عرقيا وتم تدميرها بالكامل كانت خاوية و غير مأهولة بالسكان.. وهذا ما يفسر قيام الاحتلال بتشجير كل المناطق التي طهرت عرقياً بعد النكبة فقد قام الاحتلال بزراعة ملايين الاشجار في هذه المناطق لاخفاء هويتها الحقيقية و لاخفاء جرائم التطهير العرقي التي تمت بها. هكذا حاول الصهاينة مسح اثار النكبة، وهكذا عمدوا الى حصر الصراع وتقديمه بالقالب الذي يريدوه بعيدا عن حقيقة هذا الصراع. و كما اشرت سابقاً فلأننا اخذنا السردية الاستشراقية الصهيونية كمسلمات و لم نقدر حتى على تقديم سرديتنا الخاصة لمجابهة تلك السردية الصهيونية لذلك اُخذ الصراع الى الفخ الذي نصبته الصهيونية فصرنا و للاسف نسقط التسميات التي وردت في الكتب "المقدسة" على صراعنا مع الصهاينة المرتزقة و شذاذ الافاق فمثلاً صرنا نتحدث عن بني اسرائيل القبيلة العربية البائدة بالجزيرة العربية في الصراع مع الصهاينة و من هنا تبدأ المشكلة العظمى فالحديث عن بني اسرائيل تأكيد على تسليمنا بالسردية الصهيونية فبني اسرائيل قبيلة عربية بائدة لم يعد لها وجودعلى الاطلاق فحتى ال١٢ سبط من اسباط بني اسرائيل اختفوا تماماً لكن مع ذلك نصر نحن بكل سذاجة على تبني السردية الصهيونية بل ان بائعوا الافيون من شيوخ الدجل استخرجوا لنا النبؤات القرأنية التي تتحدث عن هزيمة بني اسرائيل و وعد الاخرة و دخول المسجد كما دخلوه اول مرة وتحرير فلسطين حسب "الاعجاز العددي" بالقرأن في عام ٢٠٢٢ وطبعا اصحاب هذه النبؤات و الخرافات من الدجالين في ورطة الان لان لا شيء يشير الى ذلك على المدى القريب و المنظور! و هذا يذكرني باحد شيوخ الدجل الافاقين و الذي تحدث عن نبؤة قرأنية عن خروج المهدي المنتظر في عام٢٠١٥ و ها نحن لا زلنا ننتظر هذه الخرافة لتتحقق!. علما ان (اساطير الأولين) التي اخذ شيوخ الدجل نبؤاتهم منها عن دخول المسجد هذه تتحدث عن اسطورة السبي البابلي حينما سبى نبوخذ نصر بني اسرائيل من اليمن الى بابل ولا ادري كيف يكون نتنياهو من بني اسرائيل في عرف شيوخ الدجل تجار الافيون التلمودي المعتق! واخترعت الاحاديث و الروايات حول شكل المعركة التي ستدور بين المسلمين و اليهود في نهاية الزمان و هنا فقط نعلم حقيقة الدور المشبوه الذي يقوم به تجار الافيون من خلال ربط تحرير فلسطين بصيرورة مثالية فالتحرير وفق هؤولاء الدجالين لن يكون بصيرورة مادية قبل نهاية الزمان فما ينطبق على اي احتلال واستعمار من قوانين الطبيعة لا ينطبق على فلسطين فأي احتلال لا ينتهي ولا يزول إلا بالمقاومة وتراكم ونضوج الشروط المادية لزواله ونهايته (فيتنام كمثال) إلا أن شيوخ الدجل الأفاقين يصرون على أن تحرير فلسطين لن يتم إلا بوعد الآخرة ومع الأسف صارت هذه الخرافة الأفيونية شيء مسلم به عند عامة الناس البسطاء الذين لا يرون أي أفق لتحرير فلسطين قبل نهاية الزمان حيث يعتقد هؤولاء أن المهدي المنتظر الخرافي سيخرج ويقود التحرير والانتصار! إن هذا الأفيون التلمودي المعتق الذي ترسخ في الوعي الجمعي الإنهزامي والانبطاحي عند عامة الناس هو ما يبقي الكيان الصهيوني قائماً إلى الآن وسيبقى قائماً حتى يدرك الجميع أن صيرورة الحياة والظواهر ما كانت يوماً الا صيرورة مادية لا مثالية فزوال إسرائيل سيكون بتراكم ونضوج الظروف والشروط والأسباب المادية بالكفاح المسلح وحرب الشعب طويلة الأمد. لا بأفيونك التلمودي المعتق أيها الدجال!.. ان هذا الوعي الافيوني هو نتيجة عقود طويلة عمل فيها الكيان الصهيوني على تغيير الوجه الحقيقي للصراع و للاسف نجحوا بمقدار ما فشلنا بأنسنة القضية و اعادتها الى اصلها و اساسها كقضية انسان لا قضية خرافات افيونية تلمودية. قضية ملايين اللاجئين و المشتتين و المنفيين و المقهورين و الاسرى لا قضية احجار بنيت في ظرف تاريخي يؤكد ان هذه الارض حملت اكثر مما تحتمل. فالمسجد الاقصى الذي بناه الامويون نتيجة طردهم من الجزيرة العربية التي كان يسيطر عليها عبدالله ابن الزبير بني في سياق تاريخي مناقض لتلك السردية القائلة بأنه المكان الذي اسري اليه الرسول وعرج منه الى السماء حسب التراث الاسلامي، ان هذا المسجد لم يكن قد وجد قبل سنة ٧٢ هجرية اي بعد وفاة الرسول بوقت طويل جدا فبنيت هذه الاحجار التي قدسها الامويون باختراعهم للاحاديث لضرب تجارة الزبير بالحج في مكة و القارئ للتاريخ و التراث الاسلامي يعلم ان الامويين في خضم ذلك كله و في مسعاهم لضرب تجارة الزبير ابن عبدالله بالحج الى مكة قد هاجموا الكعبة ورموها بالمنجنيق. ان تحرير فلسطين من خرافات و اساطير العصور البائدة هو اول خطوة لتحريرها من الاحتلال الصهيوني الذي هو حتما مستفيد من هذا الاغتراب للانسان الفلسطيني عن قضيته و انسلاخه عنها و تهميشه كجوهر اساسي لهذه القضية لصالح خرافات التلمود الافيونية فعندما تعود القضية الى طابعها الانساني و يتم تحرير فلسطين من كل هذا الموروث الفاسد يمكننا ان نتحدث عن تحرير فلسطين، و ان اي حركة تحررية لا تأخذ انسنة القضية لا يعول عليها فالانسان هو جوهر القضية و نحن لدينا قضية نمسك و نؤمن بها فقضيتنا قضية الانسان فوق كل الاعتبارات. الانسان هو القضية و ما دون ذلك مجرد هوامش. الكيان الصهيوني اللقيط وليد النظام الرأسمالي العالمي في اعلى درجاته (الامبريالية) فإن زوال هذا الكيان لن يتم الا بالنضال ضد كل امتداداته الامبريالية و الرجعية وبدون النضال لتغيير النظام الرأسمالي العالمي الذي انتج هذا الكيان اللقيط سنبقى ندور بحلقة مفرغة لذلك انخرطت جموع المناضلين الامميين بالنضال الفلسطيني ، فهؤولاء المناضلين الامميين لم ينخرطوا بالنضال الفلسطيني لاجل الافيون التلمودي المعتق ولاجل "صلاة في المسجد الاقصى قبل الممات" بل انخرطوا بالنضال لايمانهم المطلق بأنهم يناضلون ضد عدو واحد فمن يناضل ضد الكيان الصهيوني هو حتماً يناضل ضد امتدادات هذا الكيان الامبريالية و الرجعية ومن يناضل ضد امتدادات هذا الكيان الامبريالية و الرجعية فهو حتما يناضل ضد هذا الكيان اللقيط الذي لا يعيش بدون تلك الامتدادات شريان الحياة و عصب الوجود بالنسبة له. وسبق للشهيد غسان كنفاني ان قدم دراسة مفصلة عن العدو وامتداداته في مجلة الهدف. و هنا نتذكر بعض المناضلين الاممين الذين ناضلوا و انخرطوا بالنضال الفلسطيني كالنيكاراغوي السانديني الشهيد باتريك ارغويللو و شهداء الجيش الاحمر الياباني ابطال عملية مطار اللد و كارلوس و غيرهم الكثيرين من المناضلين الاممين الذين عرفوا ان البوصلة واحدة و العدو في فلسطين و المنطقة العربية هو نفسه العدو في نيكاراغوا و في كل اميريكا اللاتينية و كل دول العالم الثالث من الامم المضطهدة. انضوا هؤولاء حين كان اليسار الفلسطيني ينبض بالحياة اما اليوم فلم يعد لهذا اليسار الميت و المتعفن اي دور يذكر بل ان هذا اليسار الديالكتيكي صار عبئاً فمن ينتسبون له لا يقلون بلاهة وتعاطي للافيون المعتق عمن ينتمون للحركات الاسلامية. ان غياب الحزب الطليعي الذي يمثل الارادة الشعبية و يقود الجماهير و يعلمها اسس النضال هو بالتأكيد ما اوصل الحالة الفلسطينية الى هذا المستوى من التردي و اعلاء قيمة الافيون وما يجسده على قيمة الانسان وحقه بالحياة و الوجود و تقرير المصير، فالطغمة البرجوازية الفلسطينية قد تنازات عن اكثر من ثلاث ارباع فلسطين بجرة قلم و قد اعطت ولا زالت تعطي لنفسها الشرعية من خلال ذر الرماد في عيون الناس بأنها تمسكت بالقدس الشرقية حيث تتمركز العواطف الافيونية فيمكن في العرف الافيوني تقبل التنازل عن ٧٨٪ من فلسطين بجرة قلم فهذا ليس بخط احمر بالنسبة لاصحاب المبادئ الانتقائية لكن بكل تأكيد المسألة ليست كذلك بالنسبة للقدس الشرقية من هنا استطاعت الطغمة العرفاتية البرجوازية الرجعية ان تلتف وتنقلب على كل الثوابت و اعطت لنفسها الشرعية لانها لم تقبل التنازل عن مركز الكون الافيوني المتمثل بالقدس الشرقية، و حتى بالنسبة للطغمة الرجعية الاخرى في امارة غزة فهم صرحوا مرارا ان لا مانع لديهم من اقامة دولة على حدود ٦٧. طالما ان مكتسباتهم لن تمس و طالما ان حدود ال٦٧ تتضمن مركز الكون الافيوني فأصحاب الامارة الاسلامية في غزة ربما يحبون تقليد صلاح الدين الذي اقام صلح الرملة مع الصليبيين و سلمهم ساحل بلاد الشام كله و هم بالمناسبة يتحدثون عن صلح الرملة كمثال لمرحلة تكتيكية ! لا احد على الاطلاق اصبح يتحدث عن كامل التراب الفلسطيني فالبرجوازية الفلسطينية الوضيعة تحتفل في بداية كل عام بذكرى انطلاقة الثورة عام ١٩٦٥. ولاحظوا ان الثورة التي انطلقت عام ١٩٦٥ انطلقت لتحرير اراضي احتلت عام ١٩٦٧! على اعتبار ان فلسطين في عرف هذه البرجوازية الرجعية الوضيعة ليست سوى ما تم احتلاله في ١٩٦٧! ان هذا نتيجة حتمية لغياب الحزب الطليعي الذي يمثل الارادة الشعبية حزب العمال و الكادحين و للاسف الشديد ان الثورة الفلسطينية قادتها ثلة برجوازية وضيعة تخلت عن الثورة عند اول التقاء لمصالحها مع مصالح الاحتلال و الاستعمار فخدعت الجماهير و اوصلت الحالة الفلسطينية برمتها الى قاع الحضيض من خلال دورها الوظيفي الخياني الذي قامت به عبر جهازها البيروقراطي (سلطة الحكم الذاتي). و اليوم يدعي هؤولاء انهم يحاربون صفقة القرن و لست ادري كيف يحاربوها. ان من يحارب صفقة القرن لا يختزل القضية و يساهم بإخراجها من طابعها الانساني بإتجاه طابعها الديني و يختزلها و يحصرها في نطاقه الافيوني السطحي الضيق ومن يتنازل عن حقوق اللاجئين هو اكبر خادم لصفقة القرن. اما اليسار الذي يعبر بوضوح عن الطبقة البرجوازية الصغيرة فهو انضوى تحت راية البرجوازية الفلسطينية الكمبرادورية عبر مؤسساتها البيروقراطية. للاسف ان البنية الفكرية و الثقافية الرجعية لم تسمح بوجود حزب طليعي يغير الموجود ولا يتغير لاجله، حزب الشعب الطليعي الذي لا يؤمن الا بإنتصار الشعب على غرار الاحزاب الشيوعية في فيتنام و الصين التي لم تتنازل عن شبر من اراضيها ولم تسعى و توافق على اقامة دويلة او سلطة على اي جزء مقتسم من اراضيها بل ان هذه الاحزاب الطليعية قادت شعوبها بالنضال و الكفاح المسلح من اجل توحيد كامل التراب الصيني و الفيتنامي وهذا ما نجحت به لانها احزاب طليعية حقيقية. لم يشهد التاريخ حالة شبيهة بالحالة الفلسطينية فكأن احتلال فلسطين و كما سبق و ان ذكرت ما ينطبق على اي استعمار و احتلال من قوانين الطبيعة بزوال هذا الاحتلال عند تراكم الشروط و الظروف المادية التي تؤدي لزواله لا ينطبق على فلسطين بحكم ان تجار الافيون الدجالين الافاقين اصحاب الفكر الميتافيزيقي الرجعي ممن يسوقون السردية الاستشراقية الصهيونية وجعلوها كمسلمات في عقول الناس يسوقون ايضا فكرة ان فلسطين لن تتحرر الا بوعد الاخرة و امام ذلك فلا بأس بالنسبة لمن هم بالمشهد الفلسطيني من خيارات تكتيكية و مرحلية تحفظ لهم مكتسباتهم و مصالحهم الضيقة! اخيرا اقول ما قاله الشاعر الراحل توفيق زيادة لياسر عرفات حين كان هذا الاخير بأسلوبه الشعاراتي الاستعراضي يقول "سنصلي جميعاً بالقدس في يوم من الايام" لكن توفيق زياد رد عليه بتلقائية جميلة "القدس سيادة وليست عبادة". فخذوا اساطيركم وخرافاتكم و افيون
#عمر_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزواج البرجوازي. أقرب الى الدعارة المقنعة !
-
نقد الدين و ترهل الأحزاب الشيوعية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|