أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - التوافق والاختلاف بين علي الوردي وفالح عبد الجبار















المزيد.....



التوافق والاختلاف بين علي الوردي وفالح عبد الجبار


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 6310 - 2019 / 8 / 4 - 00:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صدمت الاوساط الاوساط الثقافية العراقية عام 2018 بوفاة المفكر الدكتور فالح عبد الجبار الذي رحل عنا وهو في قمة عطائه المعرفي ونتاجه الثقافي الذي تبلور من خلال مؤلفات ودراسات متنوعة توزعت على جميع فروع المعرفة (علم الاجتماع والسياسية والدين والانثروبولوجيا والقانون والتاريخ والفلسفة والايديولوجيا والاقتصاد وعلم النفس) . وعبد الجبار هو الكاتب العراقي الوحيد الذي يستحق لقب (مفكر) – حسب اعتقادي على الاقل – بعد استاذه في السوسيولوجيا والتنوير والحداثة الدكتور علي الوردي , ليس بسبب الابتكارات الفكرية والانجازات المعرفية الجديدة التي جاء بها في حقل السياسية والفكر والايديولوجيا فحسب , بل وتطبيقاتها العملية والمنهجية على ارض الواقع الاجتماعي في العراق , وهو الاسلوب والنسق الذي اتبعه سابقا استاذه الوردي الذي انزل الفكر العراقي من السماء الى الارض – كما وصفه على حاكم صالح – وتسامى عن التجريد والتنظير الى فضاء الواقع والتجريب .
ولد الدكتور فالح عبد الجبار النعيمي في محلة باب الشيخ عام 1946 . وهى من المحلات الشعبية القديمة في بغداد / الرصافة , والتي سميت بهذا الاسم نسبة الى مرقد الشيخ الصوفي عبد القادر الكيلاني . وهى المحلة التي شهدت ولادة الشاعر المعروف عبد الوهاب البياتي التي ذكرها شعرا (حلم من باب الشيخ ورائي يمتد كخيط مسحور .... امسكه ..... فارى بيتا يغرق بالنور) . تاثر في بواكير حياته بالفكر القومي , وانضم الى صفوف حزب البعث , الا انه سرعان ما انشق عنه بعد انقلاب شباط 1963 بسبب الطروحات والميول اليسارية , واعتقل مع عبد الجبار محسن في ايار 1963 من قبل الحرس القومي بعد العثور على نشرة موقعة باسم (لفيف من اليساريين) لتنظيم حزبي منشق معهما يسمى (حركة الكادحين العرب) يحمل افكارا ماركسية وتروتسكية . وقد تحول هذا التنظيم بعد انقلاب عبد السلام عارف على البعثيين في تشرين الثاني 1963 الى (المنظمة العمالية الثورية) والتي ذابت لاحقا في صفوف الحزب الشيوعي . ويبدو ان الفكر الماركسي قد استهوى عبد الجبار في وقت مبكر من حياته الفكرية والسياسية , وانضم رسميا الى صفوف هذا الحزب في مطلع السبعينات , وعمل في جريدة طريق الشعب ومجلة الفكر الجديد . وهاجر الى خارج العراق بعد انفراط عقد الجبهة الوطنية والقومية التقدمية بين البعثيين والشيوعيين عام 1979 , وعمل في الصحافة اليسارية في سوريا ولبنان , وانضم الى فصائل الانصار الشيوعية التي قاتلت نظام صدام حسين في شمال العراق ابان سنوات الحرب العراقية الايرانية في عقد الثمانينات , بالتعاون مع الاحزاب الكوردية والبيشمركة والاحزاب الشيعية في ايران , ثم حصل على اللجوء السياسي في بريطانيا واستقر في لندن , وعمل محاضرا في جامعاتها , وحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1999 من كلية (بير كيك) بجامعة لندن باشراف استاذه العراقي الاصل المغترب الدكتور سامي زبيدة , ثم انتقل للعيش والاستقرار النهائي في لبنان , واستمر باحثا ومترجما ومحررا حتى وفاته عام 2018 .
عمل المفكر فالح عبد الجبار باحثا ومحاضرا في العديد من الجامعات والمؤسسات البحثية من بينها : معهد دراسات السلام في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدرسة السياسة وعلم الاجتماع في كلية بيركبك ، ومدرسة الدراسات الافريقية والشرقية (سواس) بجامعة لندن ، وجامعة ميتروبوليتان – لندن ، وجامعة اكستر في بريطانيا. وأسّس المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية "دراسات عراقية" الذي كان يرأسه منذ عام 2004 ومقره في بيروت ، وهو امتداد لمجموعة بحثية تأسست في لندن عام 1993 تحت اسم المنبر الثقافي، وتخصصت بدراسات العراق ودول الجوار الإقليمي في الشرق الأوسط .
للدكتور عبد الجبار العديد من المؤلفات والبحوث والدراسات والكتب المترجمة اهمها :
معالم العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي - التوتاليتارية - الديمقراطية المستحيلة الديمقراطية الممكنة (نموذج العراق) - آيات الله والصوفيون والايديولوجيون (تحرير) - القبائل والسلطة : القومية والإثنية في الشرق الأوسط - الأكراد والقومية والسياسة (تحرير) - القومية مرض العصر ام خلاصه؟ (تحرير) - في الأحوال والأهوال : المنابع الاجتماعية والثقافية للعنف - العمامة والأفندي : سوسيولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الشيعي(نموذج العراق) 2009. وهى اطروحته للدكتوراة التي طبعت اول مرة باللغة الانكليزية عام 2003 بعنوان (الحركة الشيعية في العراق) عن دار الساقي - الدولة والمجتمع المدني في العراق - بنية الوعي الديني والتطور الراسمالي - المقدمات الكلاسيكية لنظرية الاغتراب – المجتمع المدني في عراق مابعد الجرب .
وكرس المفكر فالح عبد الجبار سنوات طويلة من حياته البحثية لترجمة كتاب (رأس المال) لكارل ماركس، الذي صدرت طبعته العربية في ثلاثة مجلدات. كما أصدر كتابين عن ما بعد الماركسية ، أحدهما بالعربية والثاني بالإنجليزية ، حمل عنوان (مابعد الماركسية والشرق الأوسط). وترجم أيضاً كتاب (الأقتصاد السياسي للتخلف).
واما النتاجات الفكرية في عام 2017 والتي سبقت تاريخ وفاته فهى : (كتاب الدولة - اللوياثان الجديد) و (دولة الخلافة : التقدم إلى الماضي داعش والمجتمع المحلي في العراق) . واَخر كتبه : (حركة الأحتجاج والمساءلة : نهاية الأمتثال بداية المساءلة) و ( الإستلاب) .
بعد وفاة الدكتور فالح عبد الجبار المفاجئة عام 2018 وجدنا – للاسف – ان بعض الكتاب استغل حالة التعاطف والصدمة بسبب ذلك الحدث للنيل من الدكتور علي الوردي , وتفضيل المفكر عبد الجبار عليه , من خلال سرديات عاطفية ومقولات غير عقلانية او علمية . وقد يكون قسما من تلك الاراء يغلب عليها الجانب العاطفي والتمجيدي , الا ان الكثير منها يحمل جانبا مغرضا او موتورا من الانحياز والانتقاص من الدكتور الوردي , وكانهم يطلبون ثارا تاريخيا حان سداده , معتمدين على مقدمات بائسة ومطارحات ساذجة , هم من وضعوها مقدما , او من خلال دوافع ايديولوجية وبواعث سياسية تتعلق بطبيعة التضامن مع المرحوم عبد الجبار بصفته ماركسيا سابقا وثوريا متقاعدا , رغم يقيني ان بين الوردي وعبد الجبار نقاط كثيرة من التوافق , وان الاخير هو مكمل للوردي , وليس خارجا عنه او متمردا عليه , وان قضية التفاضل بينهما , انما هى قضية ساذجة لاتليق بالعلماء الكبار الذين يعتمدون مبدا التكامل المعرفي وليس التضاد او التغالب والتنافس الثقافي السوقي , الا انهما في الاخير منهجان منفصلان , او على الاصح ان عبد الجبار اختط لنفسه منهجا مختلفا عن الوردي , وهو اقرب الى منهج خالد الذكر الاستاذ المرحوم حنا بطاطو , من حيث ابراز العامل السياسي والاقتصادي بقوة وافراط في كتاباته وتحليلاته السوسيولوجية , وهو السياق المعرفي الذي لم يعتمده الدكتور الوردي الذي كانت جل تحليلاته ودراساته ترتكز على القيم البدوية والبنى التقليدية وتاثيراتها الاجتماعية والنفسية .
اول تلك المقالات الموتورة نشرها الكاتب عبد الحميد الكفائي في مقال بجريدة الحياة اللندنية بعنوان (فالح عبد الجبار عاش فاعلا ومات واقفا) ذكر فيها (ان عبد الجبار قد فاق علي الوردي في قيمة الابحاث التي قدمها والنشاطات التنويرية التي مارسها) . وهو راي لايخلو من التملق والنفاق لعائلة عبد الجبار وزوجته فاطمة المحسن , لانه حشر اسم الوردي مرتين في المقال دون مناسبة او ربط واضح بالموضوع , رد عليه العديد من الكتاب ابرزهم الدكتور عبد الخالق حسين في مقال في موقع الحوار المتمدن بعنوان (علي الوردي وفالح عبد الجبار هل فاق التلميذ استاذه؟) منتقدا ذلك الراي بالقول (لحد علمي لم يتفوق كاتب او عالم اجتماع عراقي على الراحل علي الوردي الذي يعتبره البعض ابن خلدون عصرنا) . ومقال الدكتور عبد الخالق حسين هو من افضل الدراسات الموضوعية المقارنة بين منهجي علي الوردي وفالح عبد الجبار , تصلح ان تكون اساسا علميا للانطلاق الرحب نحو فضاء الدراسات المقارنة بين المفكرين الكبيرين , سيما في موضوعة الاصلاح . فقد اكد الدكتور حسين ان هناك اتجاهين لدى الإصلاحيين ، الأول يرى أنه من الأفضل أن يبدأ الإصلاح الاجتماعي، أو السياسي، أو الديني، من فوق إلى القاعدة (Top down)، أي أن يكسب المصلح الطبقة السياسية الحاكمة، والنخب المثقفة من المتخصصين الإنتلجنسيا . ويبدو أن الدكتور فالح عبدالجبار كان من هذا الاتجاه . لذلك كان يخاطب المتخصصين والنخب المثقفة . أما الاتجاه الثاني فيرى البدء في الاصلاح من الجماهير - أي من القاعدة إلى الأعلى - (Bottom up). وعلي الوردي من هذا الاتجاه ، لذلك اتبع اسلوباً اتصف بالبساطة والوضوح لمخاطبة الجماهير وكسبهم ، وقد نجح في ذلك .
كما علق على مقال حميد الكفائي السالف الذكر الكاتب الدكتور كاظم حبيب في مقال بعنوان (حوار بين كاتبين حول فكر وابحاث علي الوردي وفالح عبد الجبار) تميزت ايضا بالموضوعية والعلمية مستعرضا الظروف السياسية والاجتماعية التي احاطت بحياة المفكرين الوردي وعبد الجبار ودورها في صياغة الاراء والتوجهات والمطارحات التي نادوا بها , رغم انه لم يعلن فيها انتقاده لحميد الكفائي حول رايه السابق ولم يرجح احدهم على الاخر .
ومن الكتابات المازومة ايضا مقال رشيد الخيون (الشيوعي المتقاعد سابقا والسعودي الرجعي حاليا)(فالح عبد الجبار ومواجهة الانحطاط) في جريدة الاتحاد الاماراتية الذي اراد الربط بين الطفولة والاعجاب باراء الوردي بقوله في معرض وصفه ومدحه للدكتور عبد الجبار (بدا معجبا بعلي الوردي ولكنه بعد النضج اشار الى الثلمات في منهجه دون ان يتعالى على اسبقيته وريادته في سبر اغوار المجتمع العراقي) .
واما الروائي العراقي المعروف علي بدر فقد سار على نفس منهج التملق لعائلة عبد الجبار من خلال نشره على صفحته بالفيس بوك رايا مختصرا احتوى خطابا مضمرا فيه نوعا من التلميح والاساءة للدكتور الوردي جاء في قسما منه (ان الوردي معلم العامة فيما عبد الجبار هو معلم المثقفين ..... وان الوردي جعل علم الاجتماع حكاية وقصة وطرفة , بينما رفع عبد الجبار علم الاجتماع في العراق كاداة تحليل بيد .... الافندية) . والمؤسف له ان الكاتبة فاطمة المحسن ارملة المرحوم عبد الجبار سرعان ما ايدت الروائي علي بدر بهذا الراي المازوم وعلقت على المنشور واصفة الوردي بانه (حكواتي) او (قصخون) (كلمة فارسية الاصل تعني راوي القصة), وهو من اغرب الاراء التي تخرج من هذه الكاتبة المختصة بالانتلجنسيا العراقية وخطاباتها المعرفية ومطارحاتها الثقافية وتحولاتها الفكرية عبر التاريخ المعاصر . ورغم معرفتها ايضا ان عبد الجبار اكد في لقاء مع قناة الجزيرة استاذية الوردي وريادته بالقول (استاذنا الكبير واكبر سوسيولوجي بالعراق الدكتور علي الوردي) .
علما ان هناك دراسات علمية عديدة تطرقت لموضوعة المقارنة بين علي الوردي وعبد الجبار اهمها دراسة الدكتورة لاهاي عبد الحسين (الماركسية الاكاديمية عند فالح عبد الجبار) والدكتور نادر كاظم من البحرين ودراسته (اللوثيان الجديد والانحدار المتسارع نحو اللادولة) والكاتب ياسر جاسم قاسم في مقاله (صراع البداوة / الحضارة بين علي الوردي وفالح عبد الجبار) والدكتور بارق شبر في مقاله (فالح عبد الجبار كما عرفته) .
ان اهم نقاط الاختلاف بين مشروع الدكتور علي الوردي وافكار فالح عبد الجبار هى :
1 . ان مشروع الدكتور الوردي هو مشروع نقدي , اعتمد مبدا التعرية للمسلمات الضمنية التي تتحكم بالانتاج الفكري للمجتمع العراقي , وتحليل المسارات الاجتماعية وتفكيك البنى التقليدية والتابوات النفسية الراسخة ضمن اللاشعور الجمعي العراقي . فيما لم يعتمد عبد الجبار المنهج النقدي في كتاباته ومطارحاته الفكرية , بل ويمكن القول ان التعرية والتفكيك غائبة تماما عن مؤلفاته ودراساته . ويبدو ان هذا من اهم الاسباب التي جعلته محط اعجاب وتقدير من الجميع , فالعراقيون بطبيعتهم لايحبون النقد والتعرية والتفكيك ويفضلون السرد والاستعراض والتحليل .
2 . لم يقتصر الوردي في نقده للاطر الاجتماعية والتابوات النفسية والبنى التقليدية في المجتمع العراقي , وانما تجاوز ذلك الى نقد المثقفين التقليديين والعصريين (الانتلجنسيا) على حد سواء وتعرية منطلقاتهم النفسية وتحليل مقولاتهم الفكرية وتفكيك خطاباتهم الثقافية . واعتبر الخطابات الفكرية والايديولوجية العصرية تخفي ورائها روحا مصلحية وقناعا زائفا وبنى تقليدية راسخة , وهى من تسير ذلك الخطاب وتحدد توجهاته المعرفية والسياسية . فيما ان الدكتور عبد الجبار لم يعتمد هذا المنهج النقدي المباشر في جميع كتاباته , وانما حاكم الخطاب الفكري الظاهري كما هو دون تحليل لركائزه الاجتماعية . ويبدو ان هذا السبب الذي جعل اغلب المثقفين من الانتلجنسيا يميلون الى عبد الجبار اكثر من انحيازهم الى الدكتور الوردي .
3 . ان الحقل المعرفي الاساسي عند الدكتور الوردي هو (المجتمع العراقي) بكل اصنافه وطبقاته ومجموعاته , مع التركيز على الانسان الاعتيادي والعامة من الناس . فيما كان المسار المعرفي عند الدكتور عبد الجبار هو الدولة والاحزاب السياسية والانتلجنسيا والنخبة الاجتماعية من رجال الدين وشيوخ العشائر والسادة والبرجوازية , وهو – كما قلنا – اقرب لمنهجية الباحث الامريكي المعروف حنا بطاطو في كتابه (الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق) الذي ترجمه الكاتب العراقي عفيف الرزاز بثلاث مجلدات باسم (العراق) .
4 . حدد الوردي ثلاث فرضيات رئيسية تفسر المجتمع العراقي وتوجه سلوكياته وانماطه وتحركاته وانساقه الثقافية وهى (صراع البداوة والحضارة وازدواجية الشخصية والتناشز الاجتماعي) . وهى الاقانيم الثلاث الراسخة التي لم يقف امامها احد حتى الان , من حيث المصداقية والشمولية والانتشار . فيما لم يخرج عبد الجبار باي فرضيات شاملة او قوانين عامة تسير الشخصية العراقية او تفسر المجتمع العراقي على حد سواء .
5 . المجال الزمني لكتابات الوردي ودراساته الفكرية والسوسيولوجية والتاريخية هو العهد العثماني والفترة الملكية وحتى ثورة تموز 1958 , مع استعراض التحولات الاجتماعية والتطورات الثقافية والمتغيرات النفسية التي واكبت كلا العهدين . فيما كان المجال الزمني لكتابات عبد الجبار ومؤلفاته هو اواخر العهد الملكي والمرحلة الجمهورية وحتى مابعد سقوط النظام البعثي عام 2003 . ويبدو ان السبب في توسع مجاله الزمني والتاريخي الى هذه الحقب المعاصرة , هو حالة الحرية التي توفرت له اثناء هجرته واستقراره خارج العراق .
6 . اعتمد الدكتور علي الوردي منهجية ماكس فيبر في تحليل الجماعات التقليدية في العراق , ولم يعتمد المنهج الماركسي في تحليل الطبقات وتصنيفها , واعتبره غير متوافقا مع الاشكالات الحقيقية للمجتمع العراقي , الذي تتحكم به البنى التقليدية لما قبل الدولة كالقبيلة والعائلية والطائفية والدينية والاثنية والمناطقية . واذا كان الدكتور عبد الجبار قد اعتمد منهجية ماكس فيبر ايضا في تحليل الجماعات العراقية , الا ان تركيزه على المنهج الماركسي الطبقي قد اخذ حيزا كبيرا من دراساته وتحليلاته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية بصفته شيوعيا سابقا .
7 . المجتمع المدني ومؤسساته العصرية ليست حاضره في كتابات الدكتور الوردي كالاحزاب السياسية والنقابات والاتحادات وغيرها , لانه اصلا لايعتبر المجتمع العراقي قد وصل الى هذه المرحلة المدنية حقيقية , وان من يسير العراقي من خلف الستار القيم البدوية والمحلاتية والعقلية العثمانية والبنى التقليدية , وان عملية التحول الحضاري والتطور العقلي تسير ببطء شديد . فيما تسير عملية التحضر المادي بوتيرة متصاعدة وقفزات كبيرة , وهو المفهوم المعني بمصطلح (التناشز الاجتماعي) الذي اطلقه الوردي على المجتمع العراقي . فيما ان مؤلفات عبد الجبار ومقالاته تحفل بدراسة مؤسسات المجتمع المدني وتاثيرها الاجتماعي والسياسي على الفرد العراقي واستعراض التشكيلات الاجتماعية الحديثة . وقد يكون المجال الزمني الذي اهتم به الوردي وهو – كما قلنا - اواخر العهد العثماني وبدايات تاسيس الدولة العراقية الحديثة السبب في ذلك , فيما كان المجال الزمني لدراسات عبد الجبار هو اواخر العهد الملكي والعقود الجمهورية اللاحقة دور في ذلك , حيث كان للاحزاب السياسية والاتحادات المهنية والنقابات العمالة دور كبير في النشاط السياسي المعارض انذاك .
8 . تركيز الوردي ظاهرا في علم اجتماع المعرفة وعلم النفس الاجتماعي , فيما كان اهتمام عبد الجبار منصبا على مجال علم الاجتماع السياسي وعلم الاجتماع الديني .
9 . كتابات الدكتور الوردي متفردة , ولاتشبة في الاسلوب والمضمون والمنهج والرؤى اي مؤلفات كاتب اخر , سواء اكان عراقيا او عربيا او اجنبيا , فهو نسيج وحده . فيما ان كتابات عبد الجبار الفكرية والاجتماعية قريبة لكتابات حنا بطاطو وبرنار لويس وسامي زبيدة واسحق النقاش .
10 . الاحداث السياسية وتداعياتها المباشرة على المجتمع العراقي من قبيل التظاهرات والثورات والانتفاضات والانقلابات والصراع الحزبي والتاثير الدولي والاقليمي غير ظاهر في كتابات الدكتور الوردي , فيما تحفل كتابات الدكتور عبد الجبار بالتفاصيل السياسية والتحولات الحكومية والصراعات الحزبية .
11 . اعتمد الوردي الاسلوب المباشر في الكتابة . فهو يخاطب المثقف العصري من جانب والقارىء الاعتيادي والعامة من الناس من جانب اخر, بل انه طرح افكارا تنويرية متميزة ومعقدة , ولكن باسلوب لغوي بسيط وسهل , ولم يستخدم لغة فلسفية او مصطلحات اجتماعية معقدة او غير مفهومة . كما قام ايضا (بعرقنة) بعض المفاهيم والمفردات النفسية والاجتماعية واعطائها روحا عراقية لاتخلو من الطرافة . فيما كانت كتابات عبد الجبار اكثر نخبوية واكاديمية وفلسفية , ليس من حيث عرض المعلومات وتحليلها وسردها فحسب , بل وذكر المفاهيم الفلسفية والمصطلحات الاجتماعية التي قد لايعرفها الا المختصون بالفكر الغربي من قبيل (الدولة الليوثيان والاغتراب والاستلاب والبنية واليوتوبيا والانتلجنسيا والبيروقراطية والايديولوجيا والليبرالية والكلاسيكية والدولة التشاركية والتصورات القبلية والنزعات الارواحية والنزعة التجريبية والتحليل البنيوي وغيرها) .
12 . لم ينشر الوردي كتبا عن المطارحات الفكرية والايديولوجية السائدة في عقدي الخمسينات والستينات الثورية كالماركسية والقومية والوجودية – كعادة السديم الثقافي العراقي والعربي انذاك – واعتبرها مفاهيم وافدة لاتتلائم والبنىة الاصلية والحقيقية التي تتحكم بالشخصية والمجتمع العراقي , وانها لاتعدو ان تكون وجدان كاذب او وعيا زائفا او صرعات ثقافية سياسية استهوت الشباب المتطلع للاضواء والشهرة وتحقيق الذات المازومة التي تعاني من الازدواج والتشظي والاستلاب . فيما انغمس الدكتور عبد الجبار بهذه المسارات الفكرية والايديولوجية , ونشر بهذا الصدد كتبا ودراسات ومقالات كثيرة جدا عن الماركسية والقومية والوجودية .
13 . لم يمارس الوردي العمل السياسي والحزبي المباشر, وانما بقى مستقلا طوال مراحل حياته . وكما ذكر نفسه في مقابلته مع الكاتب حميد المطبعي انه قد دعى في عقد الثلاثينات للانضمام الى حزب في طور التاسيس (وقيل بانه الحزب الشيوعي فيما اعتقد انها جماعة الاهالي) , ولكنه رفض ذلك . كما انه استمر امينا على افكاره الليبرالية والديمقراطية في جميع مراحل حياته او سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين عاما , ولم تخضع افكاره للتحولات السياسية والثقافية التي خضع لها اغلب الانتلجنسيا العراقية بين الماركسية والقومية والليبرالية والاسلامية . فيما مارس الدكتور عبد الجبار العمل السياسي والحزبي المباشر وانضم للاحزاب الايديولوجية والثورية منذ عقد الستينات وحتى عقد التسعينات , بل وشارك بالقتال ضد النظام البعثي الحاكم ضمن فصائل الانصار في شمال العراق ابان عقد الثمانينات اثناء الحرب العراقية الايرانية - كعادة اغلب الشيوعيين انذاك - . كما خضعت افكار الدكتور عبد الجبار وتوجهاته السياسية للتحولات المعتادة عند الانتلجنسيا العراقية , فقد بدا حياته قوميا متطرفا ثم تحول نحو اليسار الماركسي مطلع السبعينات , وانتهى به ليبراليا ديمقراطيا في عقد التسعينات بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي وانتصار المعسكر الراسمالي وسيادة القيم الليبرالية وانتصارها في معركة التاريخ .
14 . تميزت اراء الوردي - في الاجمال - بسيادة النزعة التشاؤمية والجبرية حول مستقبل الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق , التي تتحكم به المسارات البدوية والاقصائية والتقليدية , والتشاؤم من الانطلاق نحو افق الحداثة والتنوير والليبرالية وسيادة الدولة الديمقراطية والعدالة في البلاد . واعتقد ان سبب تشاؤم الدكتور الوردي هو معايشته لرسوخ العقلية البدائية والعثمانية على مقدرات الدولة العراقية وتمظهراتها العشائرية والعائلية والطائفية والعنصرية , رغم التحولات الفكرية والمدنية والسياسية التي مرت بها الدولة العراقية منذ تاسيسها عام 1921 وحتى وفاته عام 1995 . وقد يكون لبقاء الوردي في داخل العراق طوال حياته - ولم يهاجر كما فعل الاخرون من المناضلون والثوريون والمجاهدون - ومعايشته للاستبداد السياسي والديكتاتورية البعثية والحروب المزمنة والحصار الاقتصادي والاقصاء الطائفي والتهميش القومي والاثني وغيره دورا في ذلك . فيما نجد ان الدكتور عبد الجبار اكثر تفاؤلا وانفتاحا على مستقبل العراق , وان التبشير بالاصلاح السياسي وتطبيق الديمقراطية وتاصيل العلمانية والقيم الليبرالية والدعوة لها اخذت جانبا كبيرا من كتاباته . وقد يكون لهجرته الى اوربا واستقراره لاحقا في بيروت , وتحقيق ذاته وطموحه بفضل الحريات الديمقراطية والاستقرار السياسي والاجتماعي التي وفرتها له الدول الاوربية دورا في ذلك التفاؤل الذي اتسم به .
واما تمظهرات التطابق بين الدكتور علي الوردي والدكتور عبد الجبار في المسار الفكري والاجتماعي فهى عديدة ويمكن ادراج اهمها :
1 . ان الحقل المعرفي الذي عمل عليه الوردي وعبد الجبار والمحور الاساس في المشروع الثقافي عندهم هو (المجتمع العراقي) وقيمه وسايكولوجيته وتوجهاته واختلالاته واشكلاته السوسيولوجية . كما عملوا على تطبيق المفاهيم والافكار والمناهج الغربية الحديثة على هذا المجتمع , ولم يبقوا ضمن اطار التجريد وفضاء التنظير كما فعلت الاغلبية من الانتلجنسيا العراقية .
2 . الترويج للمتنبيات الليبرالية والديمقراطية كحل احادي للاشكالات المستعصية التي يرزح تحت ظلها المجتمع العراقي . واذا كان الوردي اكثر صراحة وجراة في تلك الدعوة التنويرية والاصلاحية , الا ان عبد الجبار كان خطابه مضمرا بهذا المجال وغير مباشرا في تلك الدعوة , وربما كان لجذوره الماركسية دورا في هذا المجال , حتى اني عندما وصفته باحدى الحوارات في موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) بالليبرالي رفض ذلك وقال (انا لست ليبرالي بالمعنى الضيق للكلمة وانما انا ديمقراطي) . فيما سبق ان وصف استاذه الوردي بانه كان يدعو الى الليبرالية السياسية . وطبعا لايوجد معنى ضيق لمصطلح الليبرالي فهو يعطي لوحده اوسع المعاني من حيث الديمقراطية والتعددية والحرية والتسامح والمساوة , ولكن الانتلجنسيا العراقية التي تبلورة بعد الحرب العالمية الثانية التي تماهت مع التيارات الفكرية والتوجهات الايديولوجية والثورية , اخذت تنظر الى الليبرالية كنمط مرادف للاستعمار والغرب والعمالة .
3 . الدعوة الى التعددية الثقافية والسياسية والدينية , واهمية قبول الاخر المختلف بالتوجه والراي والتبشير بالتسامح والاعتدال وعدم تهميش المكونات الاثتية والمذهبية والقومية والدينية , كسمة حضارية تنهي حالة الاحتراب والتشرذم والتشظي في المجتمع العراقي , مفاهيم راسخة في خطابات الوردي وعبد الجبار .
4 . التاكيد على مفهوم (الدولة) عند الوردي وعبد الجبار , والترويج له والتغني به كمفهوم مؤسساتي متعالي على الفرد والمجتمع وضابطة اجتماعية تحتكر العنف المشروع . وهذا التاكيد اتخذ مسارين :
أ - التاكيد على مفهوم الدولة لذاته كمعادل موضوعي لمواجهة قوى التخلف والبدائية والقيم البدوية والبنى التقليدية كالعشائرية والطائفية والاثنية والمناطقية وانهاء الحرب الاهلية غير المعلنة بين افراد المجتمع .
ب - التاكيد على مفهوم الدولة الديمقراطية والليبرالية كمعادل موضوعي لمواجهة قوى التسلط والديكتاتورية والاستبداد التي اخترقت الدولة لصالحها , وتهميش الميول الاستحواذية والاستبدادية عند بعض الفئات التي تريد احتكار السلطة والمكاسب والمناصب لصالحها دون مشاركة الاخرين او تفاعلهم .
5 . ان كلا من الوردي وعبد الجبار قد استعانا بالمناهج الغربية الحديثة واعلام الفكر الغربي الفلسفي والسوسيولوجي الحديث في دراسة المجتمع العراقي وقيمه وانماطه وانساقه الثقافية المعلنة والمضمرة على حد سواء . فاذا كان الوردي قد اعتمد منهجية كارل مانهايم وروبرت ماكفير ووليم اوغبرن ووليم جيمس وماكس فيبر ودوركهايم وجون ديوي وهيغل ونيتشة ووليم كراهام سمنر وجورج هربرت ميد وتالكوت بارسونز وجون سيتوارت ميل وفرويد وكارل يونغ وتوينبي وغيرهم فان المفكر عبد الجبار قد اعتمد كثيرا على اراء ماركس وفيبر ودوركهايم وبرنار لويس وهوبزبوم ولويس دمونت وغيرهم .
6 . لم تحوي كتابات الوردي وعبد الجبار اي شذرات طائفية او تلميحات عنصرية او اي مسارات قومية ودينية اقصائية ضد الجماعات الاثنية والمذهبية الاخرى سواء اكان في العراق او في غيرها من البلدان , بل العكس من ذلك فقد هاجموا بلاهوادة تلك السلوكيات البدائية والدعوات الانقسامية وحللوا توجهاتها السلطوية وخطاباتها التهميشية باعتبارها نمطا متخلفا يتناقض ومفهوم المجتمع المدني والدولة العصرية . كما لم يتبنوا المنهج الوطني الخطابي والشعاراتي والمزايدات السياسية العراقية السائدة عند اغلبية الانتلجنسيا العراقية , لذا لاتجد في كتاباتهم اي كلمة او مفهوم يدل على التخوين والعمالة للدول الاجنبية مثل امريكا او بريطانيا او الدول الاقليمية مثل ايران .
7 . عدم انسياق الوردي وعبد الجبار لخطابات المركزية السنية والقومية العربية والخضوع لتوجهاتها الاقصائية والالغائية او الخصاء والعجز امام مطارحاتها الايديولوجية والفكرية كما حصل – للاسف - عن الاغلبية من الانتلجنسيا العراقية , بل العكس من ذلك تماما فقد كانوا رجالا شجعان في مواجهة تلك المركزية الاقصائية وذلك الخطاب العربي القرو – سطي وتعرية مضامينه وانتقاد ركائزه وفضح منطلقاته الفكرية والايديولوجية والسياسية باسلوب معرفي حديث وسياق ثقافي موضوعي . ولم يكونوا مخصيين قط امام مطارحاتها الثقافية ومتبنياتها السلطوية , وهو سياق لانجده الا عند المفكرين والكتاب الكبار امثال محمد اركون وادونيس وحسين مروة ونصر حامد ابو زيد وغيرهم .
8 . عندما تطلع على سيرة الوردي وعبد الجبار والقاءات الصحفية والتلفزيونية معها , لايمكنك الشعور الا بمحبتهما والاعجاب بشخصيتهما الهادئة والبسيطة , فهما قد جمعوا بين العلمية والاكاديمية والاخلاق الطيبة والتواضع الجم والسمو الانساني والترفع عن الصغائر , والتعاطف مع المظلومين والمهمشين والرفض المعرفي والسياسي للاستبداد والتخلف والاقصاء , وهى سمات نادرة قلما جمعت عند مفكر واحد .
9 . ان كلا من الوردي وعبد الجبار مفكران (هيغليان)(ديالكتيان) اعتمدا المنهج الجدلي الهيغلي في التحليل والكتابة والقائم على الصراع والتناقض وتحليل الظاهرة وصيرورتها وتحولاتها عبر التاريخ . واذا كان الوردي قد اعتمد الجدل الهيغلي فقط , فان عبد الجبار اعتمد المنهج الجدلي الهيغلي – الماركسي مستعرضا الجانب الاقتصادي بقوة في تحليل الظواهر الاجتماعية واثارها السياسية .
10 . تمحورت كتابات الوردي وعبد الجبار على فكرة (الصراع) بين المكونات والفئات الاجتماعية العراقية ,الا ان الاختلاف بينهما ان الصراع عند الوردي اتخذ اشكالا ثلاث :
أ – الصراع القبلي والعشائري والمناطقي والمحلاتي .
ب - الصراع الطائفي والاثني .
ج – الصراع القومي والديني .
ولم يتطرق الى الصراع الطبقي الرائج بحسب الادبيات الماركسية ,وربما لم يعترف بوجوده اصلا في العراق ,واعتبره فكرا وافدا لايتلائم وطبيعة الصراع الحقيقي بين المكونات والفئات الاجتماعية الثلاث التي ذكرناها انفا ,الامر الذي عرضه لانتقادات كبيرة من اوصياء التنزيل الايديولوجي الماركسي في البلاد واعتبروه كاتبا مغرضا يريد نقل المعركة من المستغلين والاقطاعيين الى الجماعات العراقية . فيما اتخذ الصراع عند المفكر عبد الجبار بعدا طبقيا اكثر من غيره , ولكن بصورة لاتلغي طبيعة الصراعات الاخرى , وان كانت قد اتخذت مسارات سياسية اكثر منها اجتماعية .
11 . لم يركنا الوردي وعبد الجبار لتنادر (عصاب الغرب) ونظرية المؤامرة والانسياق الشعبوي للخطابات الثورية والايديولوجية التي تنال من الدول الاوربية والحضارة الغربية وانجازاتها ومالاتها والسائدة عند الانتلجنسيا العراقية من جهة وعامة الناس من جهة اخرى , وانما عرضوا تاريخها وانماطها الثقافية والسياسية بموضوعية وحياد يدعو للاعجاب والتقدير , بل انهم في حالات معينة دعوا الى استلهام الفكر الاوربي وقيمه ونظمه ومطارحاته الفلسفية والاجتماعية والسياسية .
12 . ان كلا من الوردي وعبد الجبار قد تعرضا للاتهام بالصهيونية والامريكية وموالاة الغرب والاستعمار ,والسبب هو ارائهما الليبرالية والتنويرية والعقلانية وانتقادهما الايديولوجيات الثورية والبنى التقليدية التي يرتكز عليها لاشعوريا الكثير من المثقفين العراقيين . واذا كان الوردي قد اتهم بالماسونية والجاسوسية والشعوبية والاعجمية فان عبد الجبار اتهم باليهودية والصهيونية والعلاقة مع المخابرات الامريكية , وطبعا ان اغلبية تلك الاتهامات جاءت من الافراد الموتورين والعصابيين والشيوعيين الثوريين امثال الكاتب نوري المرادي المسؤول عن تنظيم (الكادر) الشيوعي المتطرف . او التشكيك بشهادة الدكتوراة التي حصل عليها من جامعة لندن بدعوى ان استاذه العراقي اليهودي الاصل الدكتور سامي زبيدة هو من وهبها له دون اطروحة او مناقشة او موضوع ,والسبب موالاته للصهيونية العالمية والاستعمار !!
13 . تاكيدهما القاطع واليقيني ان هناك حالة من الانفصام والاغتراب بين المجتمع العراقي والدولة ابان الحكومات التي سبق التغيير عام 2003 . وهذا الانفصام يرجع الى طبيعة الانظمة الاستبدادية والطائفية والعنصرية التي تحكم انذاك بالشعارات العلمانية والمدنية البراقة , فيما كانت ترتكس يوميا نحو مستنقع التمييز والتهميش والاقصاء والظلم ,حتى التجلي الاخير لها في صيرورة الديكتاتورية الصدامية . وان الحل الوحيد لانهاء حالة الانفصام والاغتراب بين المجتمع والدولة في العراق هو بتطبيق النظام الديمقراطي والتعددية السياسية . واذا كان الوردي قد اعطى شذرات وتلمحيات عن هذا الموضوع , ولم يتوسع فيه , بسبب بقائه داخل العراق وتوجسه من الانظمة الاستبدادية في البلاد , فان عبد الجبار كان اكثر صراحة وتفصيلا بهذا المجال , حتى انه امتد بمسار دراساته الى مابعد 2003 مستعرضا التحولات المفصلية والمتغيرات البنيوية التي واكبت التشكيلات الاجتماعية ونظام الدولة السياسي والقانوني .
14 . ان كلا من الوردي وعبد الجبار اعتمدا التاريخ كاساس لفهم الحاضر وتفسيره وتحليل ظواهره الاجتماعية , لذا تجد في مؤلفاتهما ودراساتهما الكثير من المقدمات التاريخية والاستعراض السياسي والتطور الحضاري لها , ثم ياتي لاحقا التحليل والاستقصاء لتلك الظاهرة . واذا كان الوردي قد ارجع الكثير من فهم تلك الظواهر الحديثة التي تحرك المجتمع العراقي للحقبة العثمانية التي اعتبرها اهم ركيزة في تاسيس الشخصية والمجتمع العراقي وتحديد قيمه البدوية وانماطه السايكولوجية والانثروبولوجية , فان الدكتور عبد الجبار قد ارجع الكثير من التفسيرات السوسيولوجية للظواهر المعاصرة للحقبة الملكية وتحولاتها السياسية وتطوراتها الحضارية والمدنية .



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الوردي في ملفه الامني (عرض كتاب)
- بيلوغرافيا علي الوردي (الكتب والدراسات التي ذكرت الوردي ومشر ...
- السيرة الاجتماعية والعلمية للدكتور علي الوردي
- علي الوردي ومشروع جامعة الكوفة
- علي الوردي معلما في الشطرة
- بواكير ظهور الانتلجنسيا العراقية وتحقيب الاجيال الثقافية في ...
- الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (القسم الثاني)(مقاربا ...
- الانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 (قضاء النصر انموذجا)( ...
- تاريخ العمارة وتخطيط المنازل في مدينة النصر
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الرابع والاخير)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الثالث)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الثاني)
- ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي (القسم الاول)
- لماذا يشعر العراقيون بالنقص امام العرب ؟
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- الدوافع الايديولوجية والسياسية والذاتية في الهجوم على الدكتو ...
- ماهية الفتاوي الغريبة عند اهل السنة ..
- القاص علي السوداني قوميا متطرفا !!


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - التوافق والاختلاف بين علي الوردي وفالح عبد الجبار