في الحديث عن الفساد..الحرامية صاحت على أهل البيوت..!

يوسف دعيس

الحوار المتمدن-العدد: 1548 - 2006 / 5 / 12 - 06:06
المحور: كتابات ساخرة
    

(1)
لم يكن الحديث عن محاربة الفساد ومكافحته وليد هذه الأيام فحسب، ففي سبعينيات القرن المنصرم شُكلت لجنة باسم لجنة الكسب غير المشروع، ومن طرائفها آنذاك أنها قامت بالتحقيق مع أحد المتنفذين ممن أوغلوا في عملية النهب حتى فاض بين ظهرانيه السمن والعسل، وعندما طرحت عليه شعارها المعهود من أين لك هذا؟ أجاب باعتزاز: إن الفائض الذي بحوزتي من زوجتي، ولا تسألوني من أين أتت به، فأنتم أعرف مني بذلك!
(2)
وبالكاد سارت هذه اللجنة وهي ترفع شعارها عالياً إلى أن جاء زمن وفُرغّت من محتواها، وولغ من ولغ بالمال العام كمثل الكلاب المسعورة والمدربّة في آن، لا أحد يُثني عزمهم في اقتناص الفرص وانتهازها، وانتهاك العرى الأخلاقية التي توطدت منذ سنين عديدة، لا يردعهم وازع من ضمير، ولا تأبه نفوسهم لمنتقد أو لمحاسب عن أي تقصير، إلى أن طلّ علينا القرن الواحد والعشرين وكان من أهم طروحاته قضية مكافحة الفساد ومحاربته التي شغلت البلاد طولاً وعرضاً، لكن السارق والمقصرين تابعوا طريقهم في الولوغ بالسرقة والفساد أكثر، رافعين هم هذه المرة شعارات مكافحة الفساد ومحاربة الرشوة والتقصير عالياً، على طريقة الحرامية صاحت على أهل البيوت، وهذا مثل شعبي فراتي يُضرب حينما يأتي الحرامي إلى بيتك بهدف السرقة، وعندما تكتشف أمره، بدل أن تصيح عليه: حرامي.. حرامي! يبادرك (بالعين الحمرا) صائحاً: حرامي..حرامي! وما تلبث أن تقول: حسبنا الله ونِعم الوكيل!
(3)
عرفت الأدبيات الاقتصادية مبدأ تبييض الأموال، لكن اللافت ظهور جماعات تبييض الملفات خاصة الاقتصادية، فهناك تقارير تصدر عن الرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تؤكد على ضلوع بعض المتنفذين في الفساد فتكفّ أيديهم ويحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، والبعض منهم يعاقبوا بحسم من الراتب والتأكيد على عدم استلامهم لأي مهام لها علاقة مباشرة مع المواطنين، لكن ما نلبث قليلاً حتى نسمع بأن صفحة هؤلاء قد أصبحت بقدرة قادر بيضاء ناصعة لا تشوبها شائبة، وعلى طريقة تبييض المال الحرام ما حدا أحسن من حدا...! فيعودوا بكل تبجح لاستلام وظائف جديدة ربما تكون أعلى من مراتبهم السابقة.

#يوسف_دعيس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات