وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6308 - 2019 / 8 / 2 - 17:44
المحور:
الادب والفن
وديع العبيدي
مقامات أندلوسيا.. [1]
(1)
في الثاني مِنْ آب..
سَقَطَ وَرَقُ التّوتِ..
في الثاني مِنْ آب..
فَقَدْنَا عُذْرِيتَنا..
في الثاني مِنْ آب..
أرَدْنَا قَطْعَ الذّيْلِ..
فَفَرَقْنَا الرّأسَ..
في الثاني مِنْ آب..
لَمْ نَقْطَعْ ذُيُولَ الْعَجَمِ..
وَلا أطْرافَ الرّومِ..
لَكِنّا فَرَقْنَا الرّأسَ الْعَرَبيَّ..
وَمنذُ الثاني مِنْ آب..
نَحْنُ بِلا رَأسٍ..
نَتَرنّحُ في فُوضى العَشْوائيّاتِ..
(سُكارَى..
وَمَا نَحْنُ بِسُكارَى)..
الْيَوْمَ هَدْرٌ..
وَغَدَاً أمرٌ..
وَماضِينا سُكْرٌ في سُكْرٍ..
(2)
آهٍ أيّتُهَا القَوْمِيّةُ..
وَأعْني الْبَدَاوَةَ فِعْلاً..
آهٍ أيّتُهَا الْعَصَبِيَّةُ..
وَأعْني الْكَرامَةَ الْقِبَلِيَّةَ..
آهٍ مِنْ بَناطِيلِ الْعَشيرَةِ..
وَآهٍ مِنْ حَضَارَةِ الدّشَاديشِ..
آهٍ مِنْ سَيْفش الشّرَفِ اليَعْرُبيّ..
الْمَغْرُوزِ تَحْتَ جُلُودِنَا..
وَآهٍ.. يَا كُلّ الآهَاتِ..
لَقَدْ فَقَدْنا خِيَامَنا وَجِمَالَنا..
وَلَمْ تَسْكُنِ الْمَدينَةُ في عُقُولِنَا..
[وَالعَصْرِ. انّ الإنسَانَ لَفي خُسْرِ]..
نَحْنُ وَالْعَصْرِ.. شَتّانَ..
دَرْبَانِ مُفتَرِقَانِ..
فِكْرَانِ مُخْتَلِفَانِ..
سَيْفَانِ مُتَقَاطِعَانِ..
عَيْنَانِ حَوْلاوَانِ..
الْوَاحِدُ مِنّا إثنَانِ..
الْأصْلُ فينا ضِدّانِ..
الْهَوَى مَا هَوَى..
وَالْقَلْبُ مَا انْقَلَبِ..
وَالْجُرْحُ عُرُوبَتُنا التي لا تَنْدَمِلُ..
(3)
هَرَبْنَا مِنْ مَكَّةَ إلى يَثْرِبَ..
وَمِنْ يَثْرِبَ نَحْوَ تَبوكَ..
تَحَرْكَنا نَحْوِ دِمَشْقَ..
تَجَحْفَلْنَا في بَغْدَادَ..
وَانْغَمَسْنا في (الْحُوْرِيّاتِ)..
خَمْرٍ وَكَوَاعِبَ وَغِلْمَانٍ..
هَرَبْنَا نَحْوَ الرّومِ..
هَرَبْنَا نَحْوَ الْهِنْدِ..
تَدَاخَلَ فينا الشّرْقُ مَعَ الْغَرْبِ..
صَارَتْ صَنْعَاءُ في أنْدَلُسٍ..
وَبِعْنَا مَكّةَ لِلْتِجّارِ..
حَمَلَتْهَا قَوَافِلُ - إسْمَاعيليينَ- إلى أفْرِيقيا..
وَتَنَازَعْنا (السّلْطَةَ)..
(الدّينَ) أمِ (الّسْلْطَةَ)..
(السّلْطَةَ) أمِ (الْمَالَ)
(الْمَالَ) أمِ (الجّاهَ)..
وَفي الثاني مِنْ آب..
رَفَعْنَا عَقيرَتَنا..
رَفَعْنَا كُلّ عَقَائِرِنَا..
وَسَقَطْنَا جَمْعَاً..
سَقَطْنَا في يَوْمِ الجّمْعَةِ!.
(4)
في الذّكْرى الْألْفِيّةِ لِمَعْرَكَةِ (الجّمَلِ)..
بَدّأنَا الْحَرْبَ بِغَيْرِ جِمَالٍ..
مُحَمّلَةً ذَهَبَتْ إلى الْبُندُقِيّةِ..
وَمُحَمّلَةً عَادَتْ مِنْ روما..
امْتَهَنَتْ جِمَالُنَا التِجَارَةَ بَدَلَ الْحَرْبِ..
وَسَارَتْ بِنا (الأبَاتشي) بَدَلَ الْقَوَافِلِ..
في وِسْطِ الصّحْرَاءِ..
تَكَوّرُ الدّمُ الْعَرَبيّ حَوْلَ الدّمِ الْعَرَبيّ..
حِزْبِ الزّبَيرِ وَحِزْبِ (الإمَامِ)..
أبْنَاءِ الْعُمُومَةِ وَأبْنَاءِ الْخُؤولَةِ..
وَالْأعْدَاءُ في الضّفَةِ الأخْرَى..
الْأعْدَاءُ عَبْرَ الْمَاءِ..
الْعَدُوّ مِنْ وَرائِكُمْ..
وَانْتَصَرَ السّيْفُ الْخَاسِرُ..
انْتَصَرَ الْكِذْبُ..
انْتَصَرَ الْإعْلامُ الفَاجِرُ..
(5)
في الثاني مِنْ آب..
صَارَ الْكُلّ غَريبا عَنْ نَفْسِهِ..
(صِرْنَا غُرَبَاءَ عَنْ أنْفُسِنَا)..
(صِرْنَا غُرَبَاءَ عَنْ غُرْبَتِنَا)..
وَاغْتَرَبَ الْكُلّ عَنِ الْكُلّ..
اغْتَرَبَ الْوَاحِدُ عَنِ الثاني..
لَيْسَ لَنا شُهَدَاءٌ وَلا أسْرَى..
في حَفْرِ الْبَاطِنِ..
لَيْسَ لَنا قُوّاتٌ أوْ مَعْرَكَةٌ..
في حَفْرِ الْبَاطِنِ..
هَذا مَدْفَنُ طَلْحَةَ في رَمْلِ الْبَصْرَةِ..
هُنَا ضَيّعْنَا عُرُوبَتَنا..
هُنا ضَيّعَنَا طُفُولَتَنا..
وَامْتَسَخَتْ رَايَاتُ الدّينِ.
(6)
في الثاني مِنْ آبَ، ضَيّعْنَا مَكّتَنا..
حَوّلْنَا - إلى إسْرائيلَ- قِبْلَتَنا..
مَا عَادَتْ - فِلَسْطينُ- قَضِيّتَنَا..
مَا عُدْنَا عَرَبَاً قَوْمِيّينَ..
وَقَعْنَا أسْرَى بِأيْدي الرّومِ..
زمَا قَامَتْ رَامَتُنَا..
بِعْنَا حُلّةَ كَعْبَتِنَا لِلفاتيكان..
يَا عَرَبَ الذّمّةِ..
بِعْنَا (الدّينَ) لِـ(أهْلِ العِمّةِ)..
وَتَخَذْنَا الْعَجَمَ (أئمّةً)..
وَصَارَ الْوَاحِدُ مِنّا..
يُدَافِعُ عَنْ كُلّ الْأشْيَاءِ..
إلّا مِلّتَهُ..
(7)
في الثاني مِنْ آب ..
وُلِدْنَا ثانِيةً..
قَابِلَتُنَا كانَتْ إفْرَنْجِيّةً..
ذِرَاعَاهَا بَيْضَاوَانِ..
وَمُهْجَتُهَا سَوْدَاءُ كَـ(قلْبِ الظُلْمَةِ)..
في الثاني مِنْ آب..
مَسَخْنَا هِجْرَتَنَا..
صِرْنَا عَرَبَاً ضِدّ الْعَرَبِ..
عِرَاقيّينَ ضِدّ عِرَاقيّينَ..
وَخَليجيّينَ انْقَسَمُوا بِالْضِدّ..
صَارَتْ ايرَانُ وِلايَتَنَا..
وَ- إسْرائيلُ- حِكَايَتَنَا..
وَصَارَ الرّومُ، وَمَا خَلْفَ الرّومِ..
أبْناءَ عُمُومَتِنَا ..
قَتَلَتتْا (الْعُمّةُ)..
(8)
صَارَ التّقويمُ الْعَرَبيّ في آبَ..
وَصَارَ التّقويمُ الْفِلَسْطينيّ في آبَ..
وَصَارَ الْأوّابُونَ الحَرّابُون (عْجيدَ) الْخَيْمَةِ..
في الرّبْعِ الْخَالي..
في حَفْرِ الْبَاطِنِ..
سَقَطَتْ خَيْمَتُنَا..
تَحْيَا الْـ(مِسْ أبْريلُ)..
وَتَحْيَا في الصّيْفِ القَائِظِ (عِنّتُنَا)..
(9)
لَا أبْكي مِنْ نِفْطٍ وَلا أرْثي زَرْعَتَنَا..
لَا أخْرُجُ مِثْلَ سَبَايَا بَابيلَ..
تَنْقُطُ مِنْ دَمي رَايَتُنَا..
(صِرْتُ القَاتلَ وَالْمَقتُولَ..
صِرْتُ الظّالمَ وَالْمَظلُومَ..)
صِرْتُ الْخَادعَ وَالْمَخْدُوعَ..
وَصِرْتُ الْخَائنَ وَالْمَخُونَ..
وَهَذِهِ.. هَذِهِ سَوْءَتُنَا..
مَا سَقَطَتْ بَغْدَادُ..
مَا ضَاعَتْ فِلَسْطينُ..
وَلَا انْتَحَرَتْ أنْدَلُسٌ..
أمْسِ وَلَا الْيَوْمَ..
وَلَكِنْ في الثاني مِنْ آب..
فَضَحْنَا الْمِيثاقَ اللّاقَوْميّ..
وَصَنَعْنَا (نِكْسَتَنَا)..
[كُلّ مَنْ لَا يَغزُو جَارَتَهُ مُنْتَصَفَ الْلَيْلِ..
يَخْرُجُ مِنْ مِلّتِنَا..]
(كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ)..
(10)
مُنْذُ قُرُونٍ نَتَحَدّثُ في الفُلْكِ وَفي الْقانُونِ..
مُنْذُ قُرُونٍ نَدْعُو الْعَالَمَ أنْ يَدْخُلَ
في شِرْعَةِ (حَمَأ مَسْنُونٍ)..
مُنْذُ قُرُونٍ لَا نَنْظُرُ في الْوَاقِعِ..
لَا نَنْظُرُ في الطّبْعِ وَلَا نَتَحَرّى الطّبَائِعَ..
مُنْذُ قُرُونٍ نَفْتي وَنَعِظُ..
وَنَعْفي أنْفُسَنَا مِنْ يَوْمٍ سَافِع..
مُنْذُ قُرُونٍ لَا نَنْظُرُ في الْمِرْآةِ
إلّا لِنَزيدَ طُولاً..
مُنْذُ قُرُونٍ.. وَالرّومُ دَخَلَتْ فينا حَتّى النّسَغِ التّاسِعِ..
مَاذا يَنْتَظِرُ عَرَبَ الرّومِ مِنَ الْيَوْمِ السّابِعِ..
مَاذا يَنْتَظِرُ الْعَرَبَ مِنْ أنْفُسِهُمْ..
أمَا تَكفيهُمْ غَزَوَاتُ الذِلّ*..
مَتّى تَتَفَتّحُ بَصَائِرُهُمْ كي يَرَوا أنْفُسَهُمْ..
أمَا يُولَدُ جيلٌ أذْكَى أوْ أرْقى..
وَيَعْرِفَ أنّ عَدُوّهُ في الْقَبْوِ..
وَأنّ الشّعْبَ أوْلىَ بِالْمَالِ وَبِالجّاهِ..
إنَّ الشّعْبَ هُوَ الجّائِعُ!.
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟