أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكبير الوهابي - هشاشة النموذج أم نموذج الهشاشة ؟















المزيد.....

هشاشة النموذج أم نموذج الهشاشة ؟


عبد الكبير الوهابي
باحث

(Abdelkabir El Ouahabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6307 - 2019 / 8 / 1 - 05:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هشاشة النموذج أم نموذج الهشاشة ؟
إن النموذج التنموي الحقيقي ليس مرتبطا بالتنظير السياسي -المتعالي عن الواقع المجتمعي- الهادف بشراسة إلى امتصاص ميزانيات المؤسسات بشكل من الأشكال ، و ليست له علاقة بربط علاقات فوقية غرب-غرب أو شرق -شرق ..ننير بها صورتنا الإعلامية ..لكن هو في العمق انصات سياسي فعال لهموم الهوامش و ربط النص القانوني بالواقع السوسيوثقافي تفعيلا لا كلاما، تنزيل هتاف حقوق الإنسان على مناحي الحياة المعاشة، بناء القرار من- تحت لا تنزيله كصاعقة غير منتظرة على رؤوس فئات لا تربطها بالدولة إلا بطاقات التعريف الوطنية،، ربط المسؤولية بالمحاسبة بأجهزة محكمة يكون فيها القضاء مؤسسة لا شخصية أو زوايا ، لكن الذي يبدو في مجتمعنا هو كما ذهب لوبون؛ أن " غلو مشاعر الجماعات يظهر غالبا في الشر ، و تلك بقية مما ورث أهل هذا الزمان عن آبائهم و الأولين ..وهذا هو السبب في سهولة قيادة الجماعة إلى أقبح درجات التطرف " 1، وهو كذالك ما يمكن أن نطلق عليه بالفهم البوردياوي " إعادة إنتاج رساميل اردناها سياسيا هكذا ، خاصة و ان مناعة تمحيص و نقد الافكار و القيم و الصور النمطية تفتقد إليها ذهنية الأفراد في معظم تفاصيل الحياة اليومية بالمجتمع المغربي ، و هو ما يبدو لنا بشكل يومي داخل البيت أو المدرسة أو الجامعة ...الخ" مما يزيد في غلو مشاعر الجماعة أن كل إحساس يبدو ، فسرعان ما ينتشر بعامل التأثر و العدوى،و إجماع الكل على قبوله يزيد في قوته زيادة كبيرة " 2 ، الأمر الذي يتجلى في تخدير العقول إعلاميا في مجتمعنا المغربي بأشياء تافهة و نماذج رديئة- ( كاكشوان انوان ، مهرجانات فارغة من المعنى ، الملقب ب نيبا ، سامحيني الذي اخذ زمن اجيال بدون فائدة. ..)- لا تليق بصيانة الحق في تتبع الشأن العام السياسي و المشاركة فيه و الانخراط في النقاش العام .أنه لا ربما يريدون خلق أجيال من الضباع بتعبير السوسيولوجي الفقيد محمد جسوس.
المجتمع ليس ضيعة تتوارثها الأقوام السياسية ، و تحكمها بسفسطة و اقناعية لتربح منها معاشات دورية و غنائم مجانية ، كما ليس مجالا للارتزاق الذي تحدث عنه حجازي الذي " يكتسب طابع الحظ مما يبخس مفهوم العمل تماما ، نظرا لأن المثل الأعلى لطالب الوظيفة ليس المؤهلات و الجهد الإنتاجي ، بل هو تلك الفئة المحظوظة التي تسبح في الرخاء المادي ، و العاطلة عن العمل بالوراثة ، نظرا لتكدس الثروة في أسرها ..و أهم من ذلك هناك مقاولة للتغيير تنبع من تضافر نظرة رضوخية إلى العالم الطبيعي مع بنى إجتماعية ذات نمط تسلطي تعرقل عملية التغيير3،، كما ان المجتمع ليس عملية تقديم هبات و صدقات موسمية مناسباتية و زياردة الاضرحة مرة كل سنة ، و قيام صلوات جماعية مطالبين الرحمة و سقوط المطر كبداية للرفاه بعد اعلام سياسي متوقع ..المجتمع نسق من التنظيمات الاجتماعية المشكلة لجوانب حياة المواطن ،والتي من اللازم أن تدبر بشكل عقلاني ؛ بفعل سياسي هادف يلبي حاجيات المواطن و المواطنة ، و يضع إمكانية المشاركة في ممارسة السلطة متاحا للمجتمع المدني و غيره من الهيئات الغير الحكومية،و إدارة المنحى الدستوري في كثير من أوامره ليرى ما يحدث في المجتمع و ما ينظر له .
فالقانون ليس مغفلا، بل أصيب بعصاب ذهني مع الساسة حتى فقد من خلال ذلك رابطه الفعلي بالواقع الإجتماعي، بالتالي لم نعد نرى أي علاقة بين القانون و ما يحدث في الانساق الاجتماعية المختلفة ، تعالى كثيرا حتى بات بطلا على مستوى الادلوجات الإعلامية ، يلعب فيها الفاعل السياسي دور الرائد و المسوق لمنتوجه القانواعلامي ، في الوقت الذي يقول المجتمع بفئاته المتعددة و المختلفة قولا آخر ؛ تحكي فيه مرارة الفقر و هشاشة الدخل الفردي ، معاناة التفاوتات المجالية و الإجتماعية و الاقتصادية ، أزمة الحوار الإجتماعي مع أقرب هيئات إدارية أو سياسية ، موت منظومة حقوق الإنسان في أغلب عناصرها إن لم نقل جلها في هوامش المجتمع ، رداءة الفاعل الإداري في التواصل و في أداء الخدمة الإدارية بشكل كامل ، انعدام سياسات ادماجية لشباب الغد و انتظاراته..مما يجعلنا بحاجة اكثر إلحاحا إلى " عقلانية نقدية مركبة تواجه التناقضات و اللايقين..كذا إلى أن نسعى لطرد الذكاء الأعمى الذي يرى إلا القطع المنفصلة ".4 و كذا غربلة تفاصيل الثقافة التي تؤبد الهيمنة و تجعلها معتادة في عقول الأفراد بدون أدنى شك ، ذلك عبر ممارسات و تفاعلات قيمية يومية معتادة تقوم ب التنشئة على الثبات الأبدي عبر التاريخ ، هذا الأبدي في التاريخ لا يمكن ان يكون غير نتاج عمل تاريخي بالتابيد بتعبير "بيير بورديو " .
ان التخطيط لنموذج مجتمعي على الأقل انقادي مستعجل بصدق و بوضوح بلا تسويف ، يستدعي استهداف الفئات المجتمعية قبل كل شئ في إنجاز هذه السياسات من الاقتراح الى حد التقييم، باعتبار الفئات الاجتماعية هي البداية و هي النهاية في النهوض بالأوضاع المجتمعية و خلق مسارات حقيقية للتنمية التي تأتينا من روح الاجتماع بدل سلطة المركز ، و تركز على الشمولية بدل التجزئة ، على المجتمعي ككل بدل التقني المادي فقط ، على اعتبار كما ذهب " ادغار موران " ؛ " أن دعاة التنمية غالبا ما يجهلون أن النمو التقني ينتج كذلك تخلفا اخلاقيا و نفسيا "5
إن الاعتراف بالجهوية كنموذج سياسي يهدف الى تحسين الأوضاع على العموم ، لن يتأتى بجدية إلا إذا تجلى ذالك في الديمقراطية التشاركية و أفعال ؛ النقاش العمومي و التواصل و التشاور ،على اعتبار هذا الاخير " يعطي لكل مشارك في المناقشة حق النقد و الادلاء برايه في فضاء عمومي ديمقراطي ..للدفاع عن المصالح العامة للمجتمع باكمله" 6 ، اضافة الى توزيع الخيرات الإقتصادية و المادية عامة و الاستفادة من المساواة على مستوى الإنجازات و المشاريع المركزية و تصويبها صوب احياء روح "المحلية" بمواردها البشرية و خيراتها المادية و تعزيزها بالتقنية ..بدل رجم القطاعات العمومية بخدماتها الاجتماعيةو سفك دماءها من خلال تفقيرها و خوصصتها و تهميش قانونيتها .
إن التنمية ليست مشروع اقتصادي يقتضي أن يحدد له هذا القدر من المال العام و هذا القدر الاخر لفائدة مصالحنا كسياسيين - باعتبار البرنامج المسطر انتهى- على خلاف ذلك التنمية عملية شاملة تسعى لتحسين أوضاع المجتمع ،إداريا،اجتماعيا،اقتصاديا،فكريا،ثقافيا،تربويا،فنيا،..مع مراعاة ان هذه الأبعاد تشكل كلا واحدا متكاملا ، رهين بتخطيط سياسي متين و رؤية واضحة قابلة للاجرائية و ترسانة قانونية واضحة و مشاركة مجتمعية فاعلة.لأن السياسة اليوم باتت تابعة كليا للاقتصاد و صارت تهمل من الحياة لحمها و دمها.
و اختم هذا الكلام في هذا المقام ، بقول ادغار موران في كتابه " هل نسير نحو الهاوية " ؛ " إن الأمل الذي نحمل هو المشعل الذي نرفعه في الليل ، فليس هناك ضوء باهر و إنما هي مشاعل تصارع ظلمة الليل .
1.لوبون جوستاف،روح الاجتماع ،مؤسسة اقرأ للنشر و التوزيع و الترجمة ، الطبعة الأولى 2015 ، مصر .ص29
2.نفس المرجع السابق .
3.حجازي مصطفى ، التخلف الإجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور ، المركز الثقافي العربي ،دط.ص29-30
4.موران ادغار ، هل نسير نحو الهاوية " ، دط.ص44
5.نفس المرجع السابق .موران ادغار
6.محمد عبد السلام الأشهب ، أخلاقيات المناقشة في فلسفة التواصل لهابرماس ، ص175



#عبد_الكبير_الوهابي (هاشتاغ)       Abdelkabir_El_Ouahabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكبير الوهابي - هشاشة النموذج أم نموذج الهشاشة ؟