أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - مصـطــفى















المزيد.....

مصـطــفى


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 444 - 2003 / 4 / 3 - 02:44
المحور: الادب والفن
    


                     

                                                               

                                             ( 1 )

                                  شجرٌ صافٍ ، وســماءٌ خضراءْ
                                  وبرائحةٍ من مومباسا يبتلُّ المــاءْ
                     وبرائحةٍ من حنّاءِ البحرِ عرفناكِ وسمّـيناكِ . مدينتَـنا ! 
                      أيامَ أتيناكِ  تعلّـمْنا كيف يدورُ الفِـطْـرُ خبيئاً بين الظلِّ
                     وبين النخلِ ،
                      تعلّـمْـنا كيف نؤذِّنُ في العيدِ
                      وكيف نُلاعبُ أسماكاً هادئةً
                     كيف نراوغُ حيّاتِ الماء …
                     وتعلّمـنا أن نجلسَ أحياناً والغيمَ …
                     كباراً كنّـا ؟
                     وكباراً كانت قطراتُ المطرِ ؟
                    اسـتَـرْوَحْـنا زهرَ النوّامِ
                   عرفنا كيف تكونُ توَيجاتُ الزهرةِ كاللحمِ .
                    بعيداً في أنهارٍ غامضةِ الأصواتِ نخوضُ .
                  ومَن أنبتَ هذي العنبةَ عند مُـسنّـاةِ الجامعِ ؟
                  مكتبةُ المخطوطاتِ الأولى في جيبِ الدشداشةِ .
                  سافرتُ بعيداً حتى بابِ سـليمانَ
                  أميري في قلعتهِ النهريةِ كان سجيناً.
                 حينَ تظاهَـرْنا – طلاّبَ المحموديةِ –
                 قالوا  ستطاردنا الشرطةُ .
                 دَخَـنّـا في البستان المهجور سجائرَنا الأولى ،
                وبكَـينا من خوفٍ .
                رائحةُ الأشَـناتِ
                السمكُ المـيّتُ في القيظِ …
                قناطرُ تحملُـنا
               وقناطر تركلنا
               وقناطر تغسلنا ،
          شُـرُفاتُ أميراتِ الهندِ بعيدةْ
          والبستانُ بعيدٌ
          بابُ سليمانَ بعيدٌ
          والبيتُ بعيدٌ …
         والشمسُ التـفّـتْ بالسعَـفِ اللدْنِ ونامت.
          ..................
          ..................
         رِجْـلُ المعزى
         رجْـلُ المسحاةِ
        ...................
       ونسمعُ في العتْـمةِ خطوَ السّـعلاةِ ...
      وفي الدمع انطفأتْ نارُ سجائرنا الأولى .
     
      يا حلو ، يا مصطفى
      يا قُـرّةً للعينْ
      نومَ الهنا ... مصطفى
     يا أشهلَ العينينْ
     غَـمِّـضْ على خيلنا
     والبصرةِ الصّـوبَـين
    تحميك بعد النبي
    والسادةِ الألفَـين
   يحميكَ يا مهجتي
   مختارُ " كوتِ الزين "

                       ( 2 )
               وردٌ أزرقْ
              وسمـاءٌ حمراءْ
              وبأسنانِ الكوسجِ يبتلُّ الماءْ
لا بأسَ ، سأفتحُ جرحاً في كفِّـي
لأخبِّـيءَ نجماً
ثم أذرُّ دقيقَ الليفِ عليها
وأقولُ سلاماً يا حمّــالي سفنِ العالمِ
يا عمالَ قطاراتٍ لم تمنحني تذكرةً أو ذاكرةً …
في الليلِ نجوبُ درابينَ الصيفِ
ونفتحُ في جدرانِ رطوبتهِ ثقباً نتنفسُ منهُ ،
ويا أوحالَ صرائفنا ، يا مطرَ الأمطار
فساتينٌ تَـزَّيَّـنُ بالأطمار
وتكتمُ نجماً …
وعباءاتٌ تعتمِـرُ البصرةَ  كوخاً كوخاً
ومناشيرٌ تخْـفُقُ تحتَ سماءٍ حمراء …
وبين القُـرنةِ والفاوِ:
بساتينُ النخلِ ، وأزهارُ الملحِ
سلاماً للطالعِ
للطّـلْـعِ
لكل امرأةٍ تحملُ في سُـرّتها نجماً قطبيّـاً
وتُـطَـوِّفُ بين القرنةِ والفاو …
مدينتَـنا !
سبعُ عرائسِ ماءٍ جئنَ إلينا في ليلٍ شتويٍّ ،
قُـلْـنَ لنا : أبصرْنا سربَ كواسجَ يأتي من جهةِ الغربِ ،
فأبحَـرْنا نلقاهُ …
لكنْ بزوارقَ من برديٍّ
من ورقٍ
من سعفٍ هشٍّ
أبحرْنا …
لكنّ البلطةَ كانت تحْـتَـزُّ زوارقَـنا كالماءِ ،
الماءُ سـماءٌ حمراءُ
دمٌ يتدفّـقُ مطلولاً بين القرنةِ والفاوِ ، وهذا الكوسجُ
يبحثُ عن نجمٍ قطبيِّ يأكلهُ .
انفتحتْ بوّاباتُ الغربِ …
مدينتَـنا !
أيَّ طبولٍ نسمعُ في الليلِ الهامدِ …
أيُّ حكاياتٍ يسمعها حتى النخلُ
فيذوي منكفيءَ الجذعِ ،
وأيُّ خريفٍ سيطولُ إلى آخرةِ الدنيا …

يا حلو ، يامصطفى
يا زينة الشبّـانْ
مرّتْ غيومُ العِـدا
مرتْ على " حمدان"
يا حلو ، يا مصطفى
هانَ الذي ما هانْ
بعد الندى والندامى
ضعضعوا البنيانْ
يا حلو ، يا مصطفى
يا سدرة البستانْ
يا ليت شمس الضحى
حنّتْ على الولهانْ

                  (3 )
تابوتٌ أخضرْ
وسماءٌ بيضاءْ
وبِـطَـلْعِ النخلةِ يبتلُّ الماءْ

في الضفةِ الأخرى : عـمِّـي.
في شاطئنا : كان أبي .
في شط العربِ:
الزورقُ مختبيءٌ بين البرديّ . وحيدٌ .
لم يبقَ من النخلِ سوى أعجازٍ خاويةٍ .
إن سماءً بيضاءَ
سماءً كانت خضراءَ
تمدُّ يديها نحو سماءٍ ثالثةٍ :
" أنا عريانةْ
أنا عريانةْ
ذهبتْ بالنخلِ مدافعُـهمْ
ذهبتْ بالأهلِ مدافنُـهم
أنا عريانةْ "
والبصرةُ تدخلُ تحتَ شوارعها
تدخلُ تحت الماءِ أُجاجاً
تدخل تحت الكتبِ الموصوفةِ
تدخلُ في الروحِ ولا تخرجُ إلاّ والروحَ …
مدينتنا !
مَـن ضيّـعَ عاداتِ النورسِ ؟
من جاءَ بغربانِ الجثثِ الأولى؟
من جاءكِ بالأكياسِ الرمليةِ يا فيروزَ الشطآنْ ؟
من عضَّ سِـباخَـكِ بالقتلى ؟
نهرٌ عبّـاسيٌّ يحفر مجراه
قروناً هذا النهرُ العبّـاسيُّ يتابع مجراه
من أسباخِ الزَّنجِ يتابعُ مجراه
ونحن ، حلمْـنا ، يوماً ، أن نوقفَ بالأيدي مجراه …
مدينتَـنا !
سنظلُّ – وإنْ شِـبْـنا – أطفالَـكِ
نحملُ طلْـعَـكِ في جيبِ الدشداشةِ
نشربُـهُ في حشرجةِ الماء …
مدينتَـنا !
ما ضِـعتِ
وما ضعنا ،
لكنْ ، ضَـيَّـعَـنا الأعداءْ …

يا حلو ، يا مصطفى
يا زينة البصرةْ
نوم الهنا ، مصطفى …
ما أضيقَ الحفرةْ !

                                        ___________

 



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يومٌ في منتهى الغرابة
- - العراقيون C.I.A - مثقفو الـ
- بغداد ON / OFF
- أوراقُ التينِ اليابسةُ
- عن العراق الذي لم يكنْ
- نشــيدٌ شــخصــيٌّ
- بــيــزنــطــة
- بانوراما الشعر العراقي في الفضــاء الأميركي
- صـــواريخُ القيـــامة
- رسالة مبكِّـرة إلى الجنرال تومي فرانكس
- عُـرسُ بـنـاتِ آوى
- النبيذ الذي ظل منتظراً كل تلك السنين
- من قتل فرهاد عثمانوف؟
- أكثر من ذكرى ، أقلُّ من ذاكرة


المزيد.....




- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - مصـطــفى