أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - رسالة الى السيد مسعود البارزاني














المزيد.....

رسالة الى السيد مسعود البارزاني


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 6302 - 2019 / 7 / 26 - 04:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مساء الأمس وكعادتي اليومية كنت في مقبرة مدينتي الصغيرة، لأسقي الزهور التي تزيّن ضريح صغيري الراقد هناك بهدوء والأشجار تظلل مرقده والمكان. وحالما جلست لأعدل من لعبه التي تنتشر على ضريحه منذ ساعة رحيله وأنا أناجيه كعادتي، حتى شعرت وكأن شخص ما يتحدث إليّ. فوقفت ملتفتا في أرجاء تلك المقبرة لأرى المتحدّث، وإذا به صغيري نفسه. للحظات، شعرت وكأنّ روحي قد خرجت من جسدي وأنّ القيامة قد قامت، فأرتعش كل شيء في جسدي خوفا ورعبا. الّا إنني وكأب تقدمت منه لأحتضنه وأقبله، فأبتعد عني بقدر تقدمي نحوه، وأستمر الحال هكذا للحظات.

سألته متعجبا عن سبب خروجه من ضريحه وحديثه إليّ، وإبتعاده بنفس الوقت عني كلما تقدّمت نحوه. فنظر في عينيّ وهو يقول: لقد جئتك برسالة عليك إيصالها للسيّد مسعود البارزاني! مسعود البارزاني، أجبته وأنا شديد العجب من طفل فارق الحياة ولم يبلغ الرابعة من عمره؟ نعم، أجابني بثقة وهو يقول، سوف يأتي بعد قليل ملاك من الجنة التي نقيم فيها نحن الأطفال، لينقلك الى صحراء مدينة أسمها السماوة وأظنك تعرفها جيدا، فهي من مدن العراق الذي أنت منه. نعم أعرفها، ولكن إلى أي مكان في تلك الصحراء الواسعة سينقلني الملاك؟ إلى مقبرة جماعية فيها عدد من الأطفال الكورد وأمّهاتهم، مقبرة من مقابر البعث التي تملأ أرض بلدك، ولتذهب معهم الى حيث يقيم البارزاني في سه ري ر ه ش. وكأنني أحاور شخصا بالغا قلت له مستفسرا، لكنك قلت للتو من أنّك قادم من جنّة الأطفال التي في السماء، فلماذا لا يقيم فيها أطفال تلك المقبرة الجماعية. فأجابني وإمارات الأسى بادية على وجهه الجميل، أنّ الأطفال هؤلاء لا يريدون دخول الجنّة إلّا إذا وصلت رسالتهم للسيد مسعود البارزاني.
لم يطل الحديث بيننا طويلا، فالملاك الذي أخبرني عنه صغيري ما لبث أن هبط من السماء، ليحملني وأنا أودّع صغيري والحزن يلّفني وكأنني فقدته للتو، الى صحراء السماوة الحارقة ..

في صحراء السماوة الحارقة حيث الرمال تمتد الى الأفق غير المتناهي وكأنها قطعة من جهنم، هبط بيّ الملاك عند تخوم قبر جماعي فيه أجساد نسوة وأطفال رضّع ورؤوس إستقرّت فيها رصاصات جبانة في وقت ما. تقدّمت بخطى ثقيلة نحو القبر، فإذا بنسوة عليهنّ بقايا ملابس كانت زاهية يوما، وهنّ يحملنّ أطفالهنّ الرضّع ومعهنّ أطفال صغار يتقدمون نحوي. فتوقفت والملاك بعد أن تقدّم منا أحد الأطفال ليسألني، إن كنت أنا من سأقوم والملاك بنقل أمّهاتهم الى مقر السيد مسعود البارزاني لعرض رسالتهم عليه. نعم، أجبت وأنا التفت الى الملاك الذي رأيته يفرش جناحيه ليطير بنا الى سه ري ر ه ش، بعد أن عادوا جميعا للحظة الى القبر، ولتخرج منه النسوة فقط ومعهنّ أكياس لم أرى ما في داخلها، فطرنا الى حيث يقيم البارزاني.

لحظات وكنت وأمّهاتهم قرب مقرّ البارزاني، والذي جاءه خبر قدومنا من حرسه المتعجب من هبوط ملاك ومعه العشرات من النسوة. ففتح لنا الحرس أبواب مقر إقامة البارزاني بأدب جم وتعجب أكبر وأشّد. وما أن حضر البارزاني مرحبّا بالجمع، وليسأل عن النسوة ومن أين أتين وما سبب زيارتهنّ. حتى تقدمت إحدى النسوة وبيدها كيسها المغلق كالذي بيد النسوة الأخريات وقالت: نحن نسوة كورد ومن ضحايا الأنفال أيها السيد مسعود البارزاني، وكنّا نعيش كما باقي فلاحي الكورد البسطاء والفقراء في قرانا آمنين، حتى فتح النظام البعثي علينا أبواب جهنم وأبادنا كما أباد حلبجة والبارزانيين والكورد الفيليين والملايين الآخرين من شعب العراق.

السيد البارزاني: إن العالم بأكمله يعرف كما أنت أن نظام البعث هو من أرتكب جريمة الأنفال، وقد رأينا بأنفسنا أجهزتهم العسكرية والأمنية وهي تعتقلنا وتنقلنا الى حيث صحارى الجنوب وتقتلنا بدم بارد. ولسنا بالحقيقة هنا لنقول لك ذلك، فقولنا أن البعثيين مجرمين وقتلة لا يحتاج الى برهان، ولسنا هنا لنقول أنهم دمروا قرانا وهتكوا أعراضنا وأنفلوا ما نخجل من ذكره لتفاهته وهو الآخر لا يحتاج الى برهان ودليل، ولسنا هنا لنشكوك من وجودهم في البرلمان الأتحادي وفي أجهزة الدولة المختلفة. إننا هنا أيها السيد البارزاني لنشكو من دلّ البعثيين على قرانا الآمنة، من تقدم صفوفهم وهم يحشروننا في السيارات العسكرية الى حيث مقتلنا وأطفالنا. إننا هنا لنشكوك الجحوش الذي كانوا أشّد فتكا بنا من البعثيين، إننا هنا لنسألكم أن لماذا لم تحاسبوا قائدا منهم، إننا هنا لنسألك متعجبين: أن كيف تصرفون لهم وعوائلهم رواتب خيالية!!

صمت البارزاني للحظات، وقبل أن يبدأ الحديث فتحت النسوة أكياسهنّ ورمين رؤوس أطفالهنّ التي ثقبها رصاص الجبناء بين أرجل السيد البارزاني قائلات: الأمر يعود إليك أيها السيد البارزاني، فأطفالنا يرفضون دخول الجنّة ونحن معهم لأنّهم يريدون رؤية الجحوش في أقفاص الأتهام. هذه جماجم أطفالنا أمامكم ، فأمّا أن تركلوها الى حيث أرجل الجحوش ليتلاعبوا بها، أو يضعوها على موائد طعامهم الدسمة والمنهوبة من جيوب فقراء الكورد، وأمّا أن تثبتوا للشعب الكوردي قبل أن تثبتوا لنا من أن إمتيازات الجحوش والذين تعرفهم أكثر منّا ستنتهي بقانون، وأن لا مكان لهم في الحقل السياسي بكوردستان بعد اليوم. من المعيب أيها السيد البارزاني أن يكون القتلة طلقاء، والمقابر الجماعية شاهدة على إجرامهم ودناءتهم. السيد البارزاني، هناك من يتعامل بالمثل بين الجلاد والضحية، لكن أن يكون الجلاد مكرما معززا والضحية تصرخ (وإذا الموءُودة سئلت . بأي ذنب قُتِلَتْ)، فأنها وقسما بأطفال الكورد في مقابرهم الجماعية لقسمة ضيزى كما تقول العرب.ا



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة الرابع عشر من تموز عند -المثقفين- والإسلاميين الشيعة
- الشهيد ستار خضير في ذكرى إستشهاده الخمسين
- إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟
- سيرك البرلمان العراقي بين الإصلاح والگوامة
- إنتحار الإمام عليّ
- وطن حر وشعب سعيد .. شعار شيوعي
- السم الزعاف بين الخميني وخامنئي
- هيفاء الأمين وبارومتر التخلف بالعراق
- الخارجيّة العراقية تكيل بمكيالين
- 9 نيسان إنهيار بلد وإذلال شعب
- السيد السيستاني .. هل يشاركني وكلائكم فقري؟ زكي رضا
- -قرّة- عيونكم سائرون .. رايتكم بيضة سائرون!!
- الكورد الفيليون في حوار قناة دجلة الفضائية حول مشروع قانون ا ...
- زعماء الشيعة والجغرافيا والخيانة
- رواندا نحو الفضاء .. والعراق نحو الهاوية
- أنا مواطن عراقي .... أنا أرفض
- إشكاليات مفهوم العمليّة السياسيّة بالعراق
- 14 شباط .... الكارثة
- التحالفات اليسارية مع القوى الدينية في تجربتين
- كم فنحاس إسلامي في العراق اليوم ..؟


المزيد.....




- الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر ...
- آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
- تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو ...
- إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
- السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا ...
- البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
- ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
- الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية ...
- في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
- القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - رسالة الى السيد مسعود البارزاني