علي عبد السادة
الحوار المتمدن-العدد: 1547 - 2006 / 5 / 11 - 10:28
المحور:
كتابات ساخرة
على مدى نصف ساعة خوف، وقبل إن اكتب هذه السطور، كنت أحاول جاهداً معرفة مصير أخي.. هناك إخبار عن انفجار سيارة مفخخة بالقرب من محل عمله. حقاً أنتابتني مشاعر الغبطة عندما علمت إن ذلك المهووس بقتل نفسه والاخرين قد استثنى أخي من (زيارة النجف) هذه المرة، فأنه مازال يحلم ويتأمل عراقاً أخر، غير ذلك الذي نشتم دخانه من على رصيف محروق بنار عبوة ناسف اختلطت به رائحة دماء أدمية، وقد جلست عليه اليوم عجوز تبيع ما تبقى من إغراض منزلها.
الأمر كان مماثلاً لذلك الصديق الذي رحل قبل أيام، وقبل خطوات من محكمة شرعية في مدينة الثورة "الصدر". وقبل لحظات من إن يقبل بيد حبيبته.
كان يجمع قواه، ورواتب سنة كاملة، ومعونة والدته المقعدة، واوراقه الرسمية ومسك يد حبيبته التي رافقته أيام الجوع والدراسة والمفخخات، وذهبا الى المحكمة. كلاهما تحدثا عن المنزل والأطفال والراتب والغزل في سيارة الأجرة، إلا أنهما اختلفا حول تسمية أول الأبناء وأول البنات... سائق السيارة يقول: هذه هي المحكمة تفضلوا، (شايفين خير).
هكذا توقفت سيارة الاجرة بهما إمام باب المحكمة، مثلما كانت تجوب سمائها طائرات أمريكية سوداء، صاحبي كان يسمع الناس يتحدثون عن شيء سيحدث مادامت هذه الطائرات موجودة. لقد كانوا يقولون بأنها لا تجلب الأمان بل شيئا أخر.
ولكن (العبوة) أو (الانتحاري) حسم إمره في أن يخلط قطع الحلوى مع (الهلاهل) مع دماء صديقي وحبيبته ويرميهم مذبوحين على رصيف المحكمة الذي لم يدخلوه. بعدها حملت عربات الباعة المتجولين الضحايا إلى المستشفى.
على أثر ما حدث، النهار في البلدة مازال موحشا فطائر (الفخاتي) لم يعد يكسر هدوئه وصمت الناس بتلك الأصوات التي يطلقها عندما يقف على أسلاك الكهرباء.
وحتى شاي المقهى مازال باردا، فالرجلين يختلفان حول أمر ما:
الأول: لقد خلصتنا أمريكا من جور صدام وطغيانه.
الثاني: لكنها احتلت بلادنا واضعفت قوانا.
الأول: هذه أخطاء أمريكا في العراق.
الثاني: لم أكن اعرف إنني أصادق رجلا امياً لا يعرف أي شيء.
* جدل الناس لا ينتهي ولكنها، حتما، تعرف الحقيقة.
#علي_عبد_السادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟