|
الإقتصاد الدولي وغطاؤه السياسي (2)
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 6296 - 2019 / 7 / 20 - 20:41
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
(رد على هذر المفلسين)
المهرب الوحيد لكافة المحللين الإقتصاديين البورجوازيين من الإستحقاق الإشتراكي والذي سبق الشيوعيون الخونة بقيادة خروشتشوف إلى فتحه والهروب منه هو إنكار الدور التاريخي لثورة أكتوبر الإشتراكية باعتبارها مغامرة قام بها لينين في غير مكانها وغير زمانها وقد انتهت وكأنها لم تكن خاصة وأن الخائن خروشتشوف كان قد إدعى في خطابه الشخصي بعد انتهاء المؤتمر العشرين للحزب في 25 فبراير شباط 1925 أن الإتحاد السوفياتي إنما كان دولة أقامها الدكتاتور ستالين بالحديد والنار خدمة لأغراضه الشخصية . خيانة خروشتشوف تلك ساهم فيها المكتب السياسي للحزب حيث لم يعلن مباشرة معارضته لخطاب خروشتشوف الشخصي بل حافظ على سريته ستراً للفضيحة غير أن النتيجة كانت عكس ما استهدف المكتب السياسي حيث اعتبر العالم وفي المقدمة الأحزاب الشيوعية نفسها أن تقرير خروشتشوف هو تقرير للمكتب السياسي مما أكسبه مصداقية لا يملك ذرة منها حيث خروشتشوف نفسه عاد يخطب في المؤتمر الحادي والعشرين في فبراير شباط 1959 يقول .. " لقد تغلب حزبنا بقيادة ستالين لفترة طويلة على مختلف الأعداء من تروتسكيين وغيرهم من البورجوازيين وبنى لنا دولة اشتراكية عظمى نعتز بها " . أن تتجاهل الأحزاب الشيوعية في العالم تراجع خروشتشوف عن نقده لستالين بل والإعتراف بدوره التاريخي الكبير والحاسم في تطوير الثورة الإشتراكية لا يمكن اعتباره غير أنه مشاركة هذه الأحزاب في الخيانة . تشريع المهرب الوحيد من استحقاق الإشتراكية التاريخي والذي ليس من قدرة البورجوازية الوضيعة الإفلات منه رفضته وقائع التاريخ المتوالية منذ منتصف القرن العشرين . عبثاً يجهد مختلف صنوف الرجعية والبورجوازية بمن فيهم الشيوعيون المفلسون الإفلات من أحكام مشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية .
تجهد مختلف صنوف الرجعية والبورجوازية بمن فيهم الشيوعيون المفلسون للإفلات من أحكام المشروع اللينيني وإنكار الدور التاريخي لثورة أكتوبر الإشتراكية في أنساق متباينة منها التالية .. النسق الأول – ينكر الشيوعيون المفلسون الصراع الطبقي في المجتمع الإشتراكي مع أن مرحلة الإشتراكية هي مرحلة يستوجبها الصراع الطبقي الأشد حدة بين طبقة البورجوازية الوضيعة من جهة وطبقة البروليتاريا من جهة أخرى . ذلك ما رتب على الشيوعيين المفلسين التجاهل المستهجن لقرار اللجنة المركزية في سبتمبر ايلول 53 القاضي بإلغاء الخطة الخمسية الخامسة التي كانت ستؤمن الرفاه المتميز للشعوب السوفياتية في العام 55 . كيف يمكن تصديق أن اللجنة المركزية تلغي قراراً للمؤتمر العام للحزب مخالفة بذلك القانون مخالفة صريحة وفظة !؟ وكيف يمكن لحزب العمال أن يلغي الإنتاج المدني الذي يعودعلى العمال بالسعة والرفاه لاستبداله بإنتاج الأسلحة وهو ما أفصح عنه ذلك القرار الهجين والمستهجن، الأسلحة التي تضيّق العيش على العمال وتأكل من خبزهم !؟ الشيوعيون الخونة الذين انتصروا للخائن خروشتشوف في الخمسينيات وأنكروا أن طبقة أخرى غير الطبقة العاملة، وهي طبقة البورجوازية الوضيعة، قد انقلبت على الطبقة العاملة وسلبتها سلطاتها، نسوا أنفسهم ويصرون اليوم على أن طبقة رأسمالية تتشكل في روسيا وفي جمهوريات الإتحاد السوفياتي سابقاً، وكأن هذه الطبقة نزلت بالبراشوتات من السماء أو أن النظام الرأسمالي أو حتى أي نظام إنتاج آخر يتشكل وفقاً لتخطيط مسبق من قبل جماعات لا علاقة لها بالنظام المعني . مثل هذا النمط من الإفلاس في التفكير لا يستحق التوقف عنده للحظة . البورجوازية الوضيعة بقيادة الجيش التي انقلبت على الإشتراكية هي بطبيعتها وبحكم تقسيم العمل معادية للرأسماليين بقدر معاداتها للبروليتاريا وهو ما أكده كارل ماركس وفردريك إنجلز في البيان الشيوعي . البورجوازية الوضيعة لا تمتلك وسيلة إنتاج مليئة قادرة على توفير أدنى شروط الحياة لشعبها ؛ ولذلك لن يكون لها دور في التاريخ، ولن يكون هناك أي نظام للإنتاج في روسيا وسائر جمهوريات الإتحاد السوفياتي المنحل وهو ما يعني أن الإشتراكية ستظل على الباب في هذه الجمهوريات .
النسق الثاني – في السنوات الأولى من هذا القرن كان لي نقاش حاد مع القائد الشيوعي البارز في سوريا والأردن طيب الذكر الدكتور نبيه إرشيدات الذي أنكر لدهشتي أن ثورة التحرر الوطني 1946 – 1972 هي الإبنة الشرعية لثورة أكتوبر الإشتراكية التي شكلت المظلة الجبارة في نهاية الحرب العالمية الثانية ووفرت الحماية التامة والنجاح لثورة التحرر الوطني . تلك المظلة الجبارة كانت قد أصدرت إنذار بولغانين الرهيب كما وصفته الصحافة العالمية وهو ما أفشل العدوان الثلاثي على مصر في نوفمبر 56، وإنذار وزير خارجية الإتحاد السوفياتي ديمتري شبيلوف لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا يطلب سحب قواتهما من لبنان والأردن وكانت قد أنزلت في البلدين في 16 تموز 58 توطئة للعدوان على الثورة في العراق، سحبها خلال ثلاثة أيام وإلا سيضطر الإتحاد السوفياتي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حدوده الجنوبية وهو ما فسره المراقبون على أن الإتحاد السوفياتي كان ينوي احتلال كل من ايران وتركيا حيث كان قد تم حشودات عسكرية سوفياتية كبيرة على حدود البلدين . الإنذار أرغم الولايات المتحدة وبريطانيا على تكليف عبد الناصر بالوساطة ليجعل مهلة الإنذار ثلاثة أشهر مع التعهد بعدم الإعتداء على العراق، وهو ما كان تكريماً لعبد الناصر . وكنت ذكّرت الدكتور إرشيدات برسالة لينين إلى زعماء الشرق الإسلامي المجتمعين في باكو في العام 1921 يؤكد لهم عبثاً يناضلون من أجل التحرر والإستقلال دون التضامن مع البلاشفة في الإتحاد السوفياتي إنطلاقاً من الوحدة العضوية للثورة الإشتراكية الدائمة مع ثورة التحرر الوطني والمبدأ الذي رسّخه لينين إذ قال في الرسالة .. "قال ماركس يا عمال العالم اتحدوا وأنا أقول يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة إتحدوا !!" . حجة الدكتور ارشيدات كانت أن حركة التحرر الوطني في الصين بقيادة الزعيم الوطني الكبير سن يات سن، وفي الهند بقيادة المهاتما غاندي، وفي المشرق العربي بقيادة الشريف حسين بن علي جميعها كانت قبل قيام ثورة أكتوبر . ذلك كان صحيحا بالطبع لكن ما كان أيضاً هو الفشل التام لهذه الثورات – لم أكن أعلم حينذاك أن سن يات سن بعد أن تحقق من فشل ثورته إنضم عضو شرف للأممية الشيوعية وورث عنه تشان كاي تشك عضوية الشرف في الأممية الشيوعية . أسفت جداً لوفاة الرفيق الصديق نبيه ارشيدات لأنه صديق عزيز علي إذ كنا على تواصل رفاقي في العام 53 ولم أجتمع به مؤخراً لأعْلِمه عن سن يات سن عضواً في الأممية الشيوعية . طبعاً مثّل الدكتور ارشيدات الأحزاب الشيوعية التي باتت تعتقد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أن ثورة أكتوبر جاءت في غير مكانها وغير زمانها وما يدلل على ذلك هو أنها لم تترك أثراً في العالم كما يعتقدون خطأً بالطبع . لو اعترفوا بأثر واحدٍ فقط لكان ذلك قميناً بكشف خيانتهم للثورة . ليس بلا سبب أن حركة التحرر الوطني بدأت تحقق استقلالها السياسي بعد انتهاء الحرب كما أملاها الإتحاد السوفياتي وخرج منها أقوى قوة في العالم ؛ ونجحت كافة الدول المستعمرة والتابعة في فك روابطها بمراكز الإمبريالية فكان أن أعلنت الأمم المتحدة في العام 1972 إنتهاء كل أثر للإمبريالية في العالم . وتأكيداً على الإرتباط العضوي بين الثورة الإشتراكية وثورة التحرر الوطني هو أن خيانة عصابة خروشتشوف للثورة الشيوعية ومطالبة خروشتشوف بوقاحة الخونة المفضوحة في مؤتمر الحزب الحادي والعشرين في العام 59 بفصل الثورة الإشتراكية عن ثورة التحرر الوطني كانت الضوء الأخضر للمخابرات الأميركية في الستينيات للقيام بالعديد من الإنقلابات العسكرية الفاشية في الدول المستقلة حديثا وقتل مئات ألوف الشيوعيين في أندونيسيا والعراق . عشرات الدول التي كانت قد نجحت في فك روابطها مع مراكز الإمبريالية فيما بين 1946 و 1972 كانت تؤمل أن تبني اقتصادها المستقل بمساعدة مباشرة من الإتحاد السوفياتي . لكن الإتحاد السوفياتي كان قد خان الثورة في العام 53 واستبدل الإنتاج المدني الإشتراكي بالإنتاج العسكري المنافي للإشتراكية، والدول المستقلة حديثاً كانت بحاجة للتنمية الإقتصادية ولم تكن بحاجة للأسلحة . الإستقلال السياسي بدون تحقيق الإستقلال الإقتصادي لا معنى له بل عاد وبالاً على أهله ، وعليه يمكن أن يقال للدول التي تحررت وقطعت رباطها مع دورة الإقتصاد الإمبريالي دون أن تتقدم ولو خطوة صغيرة في بناء اقتصاد وطني يوفر أدنى الحاجات الحيوية لشعوبها، أن يقال بها المثل العربي المعروف .. "في الصيف ضيعت اللبن !!" . ثورة أكتوبر الإشتراكية وفرت كل الأسباب لشعوب الدول المستعمرة والتابعة لأن تقوم بثورتها الوطنية وتعلن استقلالها لكن الثورة المضادة التي قامت بها البورجوازية الوضيعة السوفياتية بقياد العسكر ضد الإشتراكية في العام 53 وتحويل الإقتصاد المدني الإشتراكي إلى إقتصاد عسكري منافٍ للإشتراكية من خلال تزوير قرار للجنة المركزية للحزب الشيوعي يقضي بإلغاء الخطة الخمسية الخامسة في سبتمبر ايلول 53 لأنها كما زعم القرار "توهن وسائل الدفاع عن الوطن"، ذلك الإنقلاب على الإشتراكية هو بالضبط ما دفع بثورة التحرر الوطني في العالم كله إلى الفشل التام ؛ وكان باكورة الأفشال الإنقلابات العسكرية الرجعية في عشرات الدول المستقلة حديثا ومنها انقلاب بومدين في الجزائر في العام 64 وانقلاب حافظ الأسد في سوريا في العام 70 والإنقلابان كانا من تدبير المخابرات السوفياتية وليس الأميركية لوضع حد للتوجهات الإشتراكية في البلدين . وكانت الفضيحة المجلجلة الكبرى هي موقف الإتحاد السوفياتي من هزيمة مصر في العام 67 إذ قال عبد الناصر لبريجينيف أثناء اجتماعه به في فبراير شباط 70 "وقفتم تتفرجون علينا ننهزم". بل ثمة ما يدعو للإشتباه في تواطئ الإتحاد السوفياتي في هزيمة ناصر، فالطائرات الحربية الإسرائيلية عبرت من فوق الأسطول السوفياتي إلى غرب المتوسط لتدمر كامل سلاح الطيران المصري دون أن تنبه موسكو القاهرة مع أنه لا يمكن ألا يلحظ الاسطول السوفياتي مرور الطائرات الحربية الإسرائيلية من فوقه خاصة وأن الإتحاد السوفياتي كان في اليوم السابق للحرب قد تعهد لمصر ألا تقوم اسرائيل بالضربة الأولى في الحرب مقابل ألا تقوم مصر بمثل ذلك ؛ قامت إسرائيل بالضربة الأولى وظل الإتحاد السوفياتي يتفرج على مصر تنهزم .
ما يسنوجب الإشارة إليه في هذا السياق هو أن متمركسيي البورجوازية الوضيعة ينكرون مسؤولية الإتحاد السوفياتي عن إنتهاء ثورة التحرر الوطني في العالم إلى الفشل الذريع ؛ ويفاجئنا أحدهم وهو الدكتور سمير أمين بالزعم الفظ والمستهجن وهو أن البورجوازية العربية لم تشأ أن تفك روابطها مع الإمبريالية !! كيف لأحدهم أن يظن بأن عبد الناصر لم يشأ أن يقطع روابطه مع الإمبريالية التي شنت عليه حربين كبريين للتخلص منه . وكيف يمكن الإشتباه بالشريف حسين في الحجاز، ويوسف العظمة في سوريا، وبن بلا في الجزائر، وعبد الكريم قاسم في العراق، بأن مثل هؤلاء القادة لم يشاءوا أن يقطعوا روابطهم مع الإمبريالية !!؟ - للإفلاس فنون
(يتبع)
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإقتصاد الدولي وغطاؤه السياسي
-
طلاق الثورة الشيوعية
-
حسن حمدان (مهدي عامل) لم يكن يوماً ماركسياً
-
نقد الدين هو الشرط الأولي لعموم النقد
-
مستقبل الدول والإمبراطوريات ؟!
-
في علم الثورة الشيوعية (7)
-
في علم الثورة الشيوعية (6)
-
في علم الثورة الشيوعية (5)
-
في علم الثورة الشيوعية (4)
-
في علم الثورة الشيوعية (3)
-
في علم الثورة الشيوعية (2)
-
في علم الثورة الشيوعية
-
الديموقراطية اللاطبقية والعدالة الإجتماعية أكذوبتان سمجتان
-
الماركسية فيما بعد انهيار العوالم الثلاث
-
الولايات المتحدة لم تعرف يوماً النظام الإمبريالي
-
الموضوعة الحديّة في الماركسية اليوم
-
السفهاء من أدعياء الشيوعية
-
الأساس المهمل من أسس اللينينية
-
أعداء الشيوعية الأكثر وقاحة اليوم (6)
-
أعداء الشيوعية الأكثر وقاحة اليوم (5)
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|