أحمد موسى قريعي
مؤلف وكاتب صحفي سوداني
(Ahmed Mousa Gerae)
الحوار المتمدن-العدد: 6289 - 2019 / 7 / 13 - 13:08
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يوميات الثورة السودانية.. الحل في البل (51)
الوجع فات حد الاحتمال و الصبر
أحمد موسى قريعي
فليسمح لي صديقي (علاء الدين بابكر) أن أستعير منه عنوان هذه اليومية (الوجع فات حد الاحتمال والصبر) لأني لا أجد عنوانا أفضل منه يعبر عن حالتي وحالة الملايين من أبناء السودان بدقة تتمدد بحجم اوجاعنا وآلامنا بشأن حملة "تتار السودان" الجدد الذين نطلق عليهم مجازا و"تدليعا" اسم "المجلس العسكري" فعلا ما قام به هذا المجلس في "مجزرة الخرطوم" يفوق حد الوجع والاحتمال والصبر.
ما حدث يوم 29 رمضان لا يمكن تصوره ولا يمكن تصديقه لكنه حدث بالفعل, فقد كانت جريمة مكتملة الأركان تم التخطيط لها "بحقد وغل" ونُفذت بطريقة لا أجد لها وصفا بأية لغة من لغات العالم، بل أن جميع مفردات لغات العالم تعجز أن تصف ما تم، لأن كمية "الحقد والغل" التي صاحبت عملية "فض الاعتصام" لا يمكن أن نطلق عليها "بربرية" أو "همجية" أو "سادية" أو غيرها من مفردات "الوحشية" والانتقام لأنها لا تصف المشهد بدقة.
إن عملية فض الاعتصام لم تكن وليدة يوم المجزرة بل تم الاعداد لها قبيل شهر رمضان بأيام عندما أجمع "كيزان المجلس" أمرهم وقرروا قتل جميع من كان بالقيادة مهما كانت الكلفة ومهما كانت النتائج، فقد أجمعوا على فض الاعتصام "بالقوة المفرطة" لأن الاعتصام بالنسبة لهم كان "كابوسا" لا يمكن احتماله وأنه الحائل الوحيد بينهم وبين التمتع ببريق السلطة وحلاوتها وصولجانها، وأن استمراره يشكل "هاجسا" يُذكرهم دوما بأنهم "لصوص سلطة" و "حرامية ثورة".
رغم كل كثافة المشاهد الوحشية التي ظهرت بعد عودة خدمة الانترنت، إلا أنني واثق أن ما خُفي أعظم وأفظع وأنكأ مما "كُشف" فقد كانت منطقة الاعتصام "ساحة" معركة حقيقية اختبرت فيها قواتنا الأمنية والعسكرية والشرطية مهاراتها القتالية والحربية التي ظلت تتدرب عليها لمدة ثلاثين عاما، والغريب أن هذه أول معركة تكسبها هذه القوات منذ 30 يونيو 1989م. لكنها قتلت إلى جانب الثوار "عقيدة" الجندي السوداني، وقتلت ضميره وشرفه ونخوته و"رجولته". وسوف تظل هذه المجزرة تلاحقهم وتلعنهم وتضع أخلاقهم في أسفل سافلين، ماذا يفيد الجندي إذا فقد شرفه ورجولته؟ وماذا تفيده الرتب والنياشين والأوسمة إذا فقد "نفسه"؟ واستبدلها بكائن "هلامي" تافه وحقير.
لماذا نصر على منح القتلة الشرعية؟ رغم فظاعة المشهد؟ لماذا نجلس معهم؟ لماذا نضع أيدينا على أيدهم الملطخة بالخزي والعار؟ ولماذا نفاوضهم أصلا؟ فهم مجرد "قتلة" أدمنوا القتل والكذب، وسيظلون في نظري "مصاصي دم" و "قتلة" وإن اغتسلوا بماء الثورة وشنقوا أنفسهم في ميدان عام. فالقاتل قاتل لا يمكن أن يصبح غير ذلك، وليس له غير القتل قصاصا، ولكن من عجائب الأقدار في السودان أن القتلة يُصبحون أبرياء فجأة بلا مقدمات أو محاكمات أو مرافعات. بل يُمنحون "شرعية الحكم" لقتل مزيدا من الأبرياء.
(الثورة لسه مكملة)
[email protected]
#أحمد_موسى_قريعي (هاشتاغ)
Ahmed_Mousa_Gerae#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟