أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة عنوانها: مكيرد














المزيد.....

قصة قصيرة عنوانها: مكيرد


إيمان سبخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6288 - 2019 / 7 / 12 - 15:32
المحور: الادب والفن
    


مكَـــــيـــْـــرَدْ يزاوج بين مئزريه الأبيض و الأزرق حسب مزاجه الصباحي، كمصحح ألوان... يدلف إلى باب المستشفى قبل صياح الديك أو أبكر بقـليل على حليب الدجاج، كما تقول الجدة حــدّة، وفق توقيتها الفــريد؛ بياقة قميصه الناصعة، بأكمامه المثنية بعناية كمروحة عروس... ببنطاله المكوي و حذائه الإيطالي اللامع الذي يأتيه خصيصا من "أمقران" الطبيب المتقاعد الذي فضّل البقاء في القــرية وحيدا.. بعيدا عن زوجته و أبنائه الذي رفضوا المكوث معه، يكنس أروقة المستشفى ذهابا و إيابا مستقبلا المرضى ببشاشة يخفـيها حاجبيه الثــقيلين، فوق عينين كبيــرتين غائــرتين في محجـــريهما، مفتوحتين على مصراعيهما، على فراغ كبير و خاليتين من أي معرفة بعالم الطب و التمــريض، لكن طول ملازمته للأطباء أكسبته عدة مصطلحات حفظهـا عن ظهــر حب، لتلك الأجواء و رائحة المحاليل الطبية و الأدوية دون أن يعرف توظيفها في وقتها و مكانها اللائقين... مقحما رأسه كحشوة هامبرغـــر بين ممرضين أو طبيبين أو بين مريض وطبيب، يهز رأسه بالموافقة كمن يصادق على أمراض الجميع و تشخيصاتهم و آجال شفائهم المحددة... يعطيه الكل لقاء خطواتـــه المضنية و خــدماته البسيطة، قطعا نقدية مختلفة الأحجام و الأرقام، لقاء فتح باب أو جلب الماء أو خــدمة المرضى بحمل حقائبهم، كما لديه ذاكرة غـــريبة تحفظ الغــرف و المرضى و تاريخ إجراء العمليات و تواريخ خروجهم... إذا يعتبر أفضل مرشد للزوار.. هذا الصباح أقحم رأسه في أشعة الراديو التي سحبها من يد أم النون، التي خرجت للتو من الغرفة متوجهة للطبيب من أجل قراءتها و لم تكن تعرف أنه على باب الله (نتاع ربي) بهندامه المموه، إذ تصورت أنه أحد الأطباء أو الجراحين، رفع الورقة عاليا نحو الضوء أمعن النظر في غبش التصوير الإشعاعي، أطلق كذبته البيضاء الناصعة، الواثقة الخاطفة كالموت: عندكا الكونسار أ مدام... أي السرطان. خـــّرت مغــشيا عليها كجــذع شجرة مجذومة، ركض الكل صوبها محاولين إفاقتها مفـنــدين ادعاءه بشتى الأساليب و بأنه مجرد عامل بسيط و أنها مجرد مزحة أراد إطلاقها لرؤية ذلك الأسى على وجـــوه المرضى. تلك الكلمة التي اعتقد أنها التوقيع الذي ينقص مئزره، لينال شهادة طبيب مختص... من قال أن الكلمة لا تقتل أو تحيي... أحيانا في طـــريقنا للتعافي تردينا قتلى و في أحسن الأحوال أكثر مـــرضا... الكلمة هي روح من أمر ربها، قد تنفخ فيك أو تسحب منك... هذه المرة الكلمة لسيت مجرد مزحة أطلقها درويش، أردت "أم النون" طريحة الفراش لأيام، معتقدة أن الكل يكذب و وحده "كيرد" يقول الحقيقة، من يقنعها أن الهندام أكـــذب من مسيلمة و أنه لم يستطيعوا طرده من المستشفى رفقا به، المستشفى الذي يعد أحد عطايا الله للقــرية، بعد الشيخ عطا الله، الذي كان وراء جلب المشروع و اشتهار المدينة... بين التراجيديا و الكــوميديا صار الكل يتداول قصة "مكيرد"، رافعا أي ورقة عاليا نحو الضوء مطلقين ضحكات مجلجلة، مرفـقـينها بعبارة: (عندك الكونسار).



#إيمان_سبخاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: أزرار مفتوحة
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جدا


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان سبخاوي - قصة قصيرة عنوانها: مكيرد