فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6272 - 2019 / 6 / 26 - 11:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في زقاق قريب إلى بيتنا يوجد زقاق يطلق عليه (زقاق اليهود) وكانت تسكن فيه امرأة بمفردها في بيت ورثته من أبيها اسمها (غزالة) هذه المرأة لها روابط وعلاقات اجتماعية إنسانية مع جميع أبناء المنطقة من مسلمين ومسيحيين وصابئة ويهود تتفقدهم وتسأل عنهم وتساعدهم وأصبحت محبوبة ومحترمة من الجميع ... هذه المرأة لديها حشرتين تشبه (النملة) لكنهما أكبر منها وأصغر من (الزنبور) وضعتها في كوز من الفخار (شكله مخروطي يشبه الكأس مصنوع من الطين المفخور) بجانب (الناكوط) (يشبه الإناء الصغير مخروطي الشكل مفتوح من الأعلى مصنوع أيضاً من الفخار) تحت (الحِبْ) (يشبه الإناء الكبير مخروطي الشكل اسطواني مصنوع من الفخار) يحفظ فيه الماء الذي يجلب من النهر بواسطة رجل يحمل إناء كبير من جلد الخروف أو البقرة الصغيرة يملأه بالماء من النهر ويوزعه على البيوت ومن ثم يوضع على الماء في الحِبْ كمية صغيرة من الشب لتصفيته لأن إسالة الماء غير متوفرة في البيوت في ذلك الزمن ويكون ماءه ومكانه بارد لأنه يوضع في ظل بعيدً عن أشعة الشمس وكان الكوز الذي فيه الحشرتين يوضع بالقرب من الناكوط الذي تتساقط فيه نقط من الماء المرشح من الحِبْ ... كانت هاتان الحشرتان تستعمل في معالجة (رمد العيون) الذي كان ينتشر بين الأطفال ... كل طفل مصاب بالرمد ترافقه أمه وتذهب به إلى بيت (غزالة اليهودية) وكانت هذه المرأة تضع كل حشرة على أحد خدي الطفل فتمشي الحشرة نحو جانب العين وتمتص المكان الذي فيه الإصابة وبعد يوم أو يومين يعافى الطفل من الرمد ... كانت هذه المرأة تمارس هذه المهنة مجاناً كما تقدم للطفل بعض الحلوى ... هذه الصورة تصور بوضوح العلاقة الاجتماعية الإنسانية بين المجتمع في مدينة الحلة الفيحاء بدون تميز طائفي وطبقي بين الإنسان وأخيه الإنسان حيث كانت هذه المرأة اليهودية تختص حشرتها ليس لمعالجة أبناء طائفتها فقط بل كانت تعالج جميع الناس على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ومشاربهم.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟