من يسرق علبة معجون طماطم من متجر ويضعها تحت ثياب رضيع في عربة أطفال لا يمكن أن يكون أمينا على شرف عائلة أو حارسا ليليا أو رئيس تحرير قادم لصحيفة مرتزقة ولا يمكن أن يكون قاطع تذاكر في قطار أو في حافلة.
ومن يسرق ساعة يدوية رخيصة في مثل سعره ويضبط ويهان أمام الناس في متجر أوروبي يصلح أن يكون حامل كيس في ماخور وليس كاتبا سياسيا يحكم في شؤون الناس.
أحد أشرس الأصوات النابحة بالحرب ليل نهار هو من هذا الطراز، وإذا كنت لا أريد أن اسميه الآن فليس ذلك إلا استنكافا وكي لا تتلوث هذه المساحة البيضاء بهذه الوساخة.
ولكني إذا وجدت نفسي مضطرا فليس هناك ما يمنع من تقديمه لكم، مع نسخ كثيرة من مقالات رخيصة وانتهازية كان يكتبها في نشرة تافهة خصصها لمدح آل سعود وحسني مبارك وغيرهم مقابل حفنة دولارات كان يتقاضاها من السفارات هنا لا تكفي لشراء حذاء .
وهذا النموذج القذر هو صورة للرائحة العفنة التي بلغت من القوة والحدة والانتشار بحيث أن أحدا لم يعد يشمها.
كلب شرس يفتقد لأخلاق كلب البيت.
ورداءة سياسية تغرف مفرداتها من شوارع ليل.
وأفعى عشب تغير جلدها أمام كل دولار.
ومهرج قادر على القيام بالدور ونقيضه في كل لحظة حسب أخبار الطقس.
وقدرة عجيبة على تغيير الجلد في غير مواسم تغيير الجلد كما هو في طبيعة الأفاعي.
ولسان مصنوع من خلاصة المياه الآسنة.
نجده في كل موقع وصحيفة ومحطة وفي كل حرب وسلم وزمان ومكان.
مستعد وجاهز للركض خلف كل وليمة أو أسلاب.
يقبل بالغنيمة ولو كانت خاتم ميت أو مخمور أو نائم.
انتهازي على تقدمية.
ولص على وطنية.
ومجرم حرب تحت غطاء الحرية.
يقبض من كل يد ممدودة حتى لو كانت يد عابر ليل مخنوق بالرغبة.
وطني مع الوطنيين.
مفكر وسياسي وثوري مع المفكرين والسياسيين والثوريين.
قواد محترف مع القوادين.
صاحب عقيدة مع أصحاب العقيدة.
وصاحب دكان مع أصحاب الدكاكين.
ديك على كل مزبلة.
وذبابة على كل فنجان عسل.
وخنجر فوق كل جثة مسلوبة.
لماذا لا نعود إلى البداهة ونرى الأشياء في صورتها؟
وما الذي يجعل مسخا من هذا النوع معارضا لسلطة؟
الشرف؟
الضمير؟
الحقيقة؟
الحرية؟
تذكروا جيدا هذا النموذج في الأيام القادمة.
فسلطة الاحتلال لا تتأسس إلا على أبناء منتصف الليل !