أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - آداب قضاء الحاجة في المجتمع العراقي المعاصر















المزيد.....



آداب قضاء الحاجة في المجتمع العراقي المعاصر


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 6267 - 2019 / 6 / 21 - 22:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لعله يبدو لكثير منا أن آداب قضاء الحاجة هو السلوك الاكثر شخصية وطبيعية، وانها بذلك خارج مجال البحث، يضاف الى ذلك، ان ارتباط هذه الآداب بإفراغ الفضلات، يثير التقزز والنفور في وجوه كثير من المستمعين او القراء. ألا يكفي وجود آداب اجتماعية لقضاء الحاجة للدلالة على اهميتها بالمجتمع؟ الا يكفي ان نلاحظ ان المرحاض والآداب المتعلقة بها قاومت الاختراق الثقافي للعولمة، بحيث صارت هناك مرافق شرقية ومرافق اسلامية في مقابل مرافق غربية، وغدت سمة لتنجيس الغرب لاختلاف مرحاضه وآدابه فيها، عنا؟ وهذا وحده كافياً لاثبات ان قضاء الحاجة سلوك ينتظم ثقافيا من قبل الجماعة. فلماذا هذا الصمت والاهمال لبحث الموضوع. وكما يقول لؤي حمزة عباس: فمن أجل إعلاء صورة الجسد الجميل، المرغوب، على فعل التغوط أن يُقصى خارج المنظور ويُزاح وراء الفكرة، فبقدر احتفائنا بالفتحة العليا والتفنن بصناعة لوازمها (الغذاء، التجميل، التقبيل) ظلت الفتحة السفلى خارج التداول، لاتحضر إلا في مقام الشتيمة ومقام التعبير عن الشذوذ والنقص والقذارة والمرض، منفية عن صلتها الحتمية بالجسد. كأنها لاتنتمي له ولا تؤدي وظيفة من وظائفه.(عباس،2018، 110) وهو ما يجعلني أتخطى الانتقادات الاجتماعية للحديث عن هذا الموضوع من منظور اجتماعي. وهذا المعتقدات التي تخص المرحاض نتشارك بها أمم أخرى. فحاجات التغوط كانت تسمح بتلبية مشتركة لدى البدائيين بسبب هيمنة الدوافع الجمعية على الدوافع الفردية(فرويد،1979: 80، 81). وأفراد (النافاهو) يحرصون على إخفاء الغائط ومنع الآخرين من الحصول على أي شيء يخرج من اجسداهم(هرسكوفيتر،1973: 163). لأن العقلية البدائية تعتبر الجسم والرأس واللعاب وقلامات الأظافر والفضلات وبقايا الطعام أجزاء مكملة للشخص الذي تنسب إليه.(بريل، ب ت: 187) وعند الاقوام البدائية يقرن البراز مع الثروة والبول مع المني(الأحمد،1975: 97_100) والذهب وينطوي على قوة الشخص.(كوبر،2014: 204) ويأخذ بعض الهنود الأميركيين الإستشارة من الغائط بعد اطالة النظر اليه ليأخذ منه النصح والتوجيه من شكله ولونه وكثافته. وهذه العادة منتشرة وترددت في اساطير الأوجبوا.(سليم، 1981: 946) وبعض المجتمعات تستخدمه بالسحر (السحر التغوطي).(دوغلاس،1995: 206) وفي بعضها الآخر يكون البراز خطيراً، وفي بعضها يكون مجرد نكته.(دوغلاس:210) ويتبرز الهنود في كل مكان، ولا يهمهم أن يجدوا ستاراً يحجبهم عن الأعين(دوغلاس:215) وكأنهم غير موجودين. ويستعمل الفلاحون الصينيون مراحيض لاثنين يجلسان للتبرز فيها بوقت واحد.(العلوي،2016: 40) وفي المجتمع العراقي يدل غرابة لون الغائط وكثرة الضراط على احتمالية تعرض الشخص للسحر، ويستعمل المرحاض لابطال الاحلام السيئة والسحر بالبول على الشيء المسحور وحكي الحلم انفراديا بالمرحاض لابطال فعاليته اذا كان سيئا.

مقدمة تاريخية:
تنوعت وسائل النظافة على مر العصور من الإستنجاء باستخدام الماء والإستجمار إلى التجفيف بالحشائش مرورا بـأوراق الذرة وجوز الهند ثم الاعتماد في مراحل أكثر تطورا على الإسفنج وقطع القماش المبللة، وقد كان الاغريق القدماء يستخدمون الطين والحجارة والمياه المالحة كورق حمام إلى أن تم اختراع ورق المرحاض وتعميمة على بقية الناس.
عرفت الصين في القرن الثاني قبل الميلاد أول محاولة لاستخدام الورق في النظافة الشخصية، باستعمال أوراق كبيرة الحجم، إلا انها اقتصرت فقط على الإمبراطور وحاشيته، ولم تكن عامة الإستعمال والفائدة فقد اقتصر استخدامها على صفوة المجتمع.
خلال القرن الـ16 عرف البلاط الملكي الفرنسي استخدام الحرير والقماش المطرز لتأدية الغرض النظافة الشخصية، وفي نفس التاريخ لجأت الطبقات الغنية لورق القنب.(1)
لقد خاف الانسان الاول من سمية فضلاته، فاستقر قرب الينابيع الطبيعية للمياه الجارية؛ وفي الشرق الأدنى قبل 5000 عام ضمت منازل الهندوس غرف حمام مستقلة. وعثر علماء الآثار في وادي نهر الأندوس في الباكستان حمامات لها انابيب فيها صنبور ماء. وانتقلت تقنية غرف الحمام الى قدماء المصريين.(باناتي،2003: 206) وفي حضارة العراق القديم لم تكن البيوت الاعتيادية تتصل بمجاري عامة بل كان تصريف المياه القذرة يتم بواسطة شطفها الى خارج البيت او لتصب في بلاليع صغيرة في وسط ساحة اعدت لهذا الغرض، في حين كشف عن نظام دقيق لتصريف المياه القذرة في القصور الملكية مؤلف من اقنية فخارية مدفونة تحت مستوى ارضية الغرف والحمامات وتتصل مع بعضها لتصب في خزان كبير يؤدي الى النهر. ولم تكن البيوت الصغيرة والفقيرة تحتوي على دورة مياه بل كانت العادة ان يخرج افراد الاسرة الى العراء لقضاء حاجتهم. ويبدوا من المكتشفات ان الماء كان يستخدم في المرحاض(عبد الواحد، سليمان، 1979: 83) وفي العصور الوسطى عندما شددت الكنيسة على احتقار الجسد زالت تقنية بناء الحمام وصار الانسان يتخلص من فضلاته خارج المنزل في الخنادق او القصريات (وعاء للتغوط فقط يفرغ خارج البيت كلما امتلئ) وانتشرت نتيجة لذلك الاوبئة.(باناتي:208) ومع القرن الثامن عشر اخترع السيفون واخترع بالقرن الذي بعده المناديل الورقية في الولايات المتحدة بعدما كان الامريكيون يستخدمون اوراق الروزنامات والصحف والاعلانات كمنظفات مرحاض.(باناتي:211_213) ولم تكن للعرب الوثنيون مراحيض داخل البيوت انما كانوا يقضون حاجاتهم بالعراء، يتنظفون بالحجر او بالتراب.
ثمة اسماء بديلة كالتبول والتفوط تعبر بلطف عن اشياء بغيضة ترجع للقرون الوسطى حيث اقيمت أماكن للتخلص من فضلات الجسم في الأديرة والقلاع.(باناتي:205)
في اسطورة الخلق العربية الاسلامية قصة عن التغوط الاول "للنبي آدم"(2) عن طريق وضع جبرائيل اصبعه في مؤخرة ادم عند نزوله من الجنة (عباس،2018: 15) وقصة اخرى عن ان ابليس كان يدخل في فم (آدم) ويخرج من من دبره عندما كان ملقى 40 سنة، فلذلك صار ما في جوف آدم خبيثاً(عباس،2018: 124). وبذلك تؤسس الاسطورة الآداب والتبريرات لسلوك المرحاض اجتماعيا، فهو فعل ارضي منفصل عن عالم السماء وبهذا يقترن بالخطيئة التي اقترفها ادم بعصيانه اوامر الله.
و(يعبر شكل المرحاض عن واحدة من عُقد الهوية والاعتقاد. يعكس شكل المرحاض طبيعة الصراع بين علامتين مكانيتين، تنتمي كلّ منهما لثقافة مختلفة. المرحاض علامة ثقافية تتعدى حيزها المكاني، لتصبح مؤشر وعي وإشارة انتماء. تؤسس العمارة فضاء الخلوة ضمن فضاءات مختلفة الوظائف. في عمارة البيت وفي كل عمارة سواه، "للخلوة" حضورها الذي لايقل أهمية عن أي حضور مكاني آخر وبه ينجز المكان اكتماله.)(عباس،2018: 55_57) و(بوجود المرحاض تنتج العمارة تمام تماسها)(عباس:63)
وآداب الدخول لدى العربي المسلم تبدأ من (التعوذ من الخبث والخبائث، دخولا حتى (الحمد لله الذي شافاني وعافاني)، خروجا، مروراً بما يجب حال التخلي من ستر العورة وهي القبل والدبر والبيضتان، وما يستحب للمتخلي من أن يكون يحيث لايراه الناظر ولو الابتعاد عنه، كما يستحب تغطية الرأس والتقنع، والتسمية عند التكشف والدعاء بالمأثور وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، والاستبراء، وان يتكئ عند الجلوس على رجله اليسرى ويفرج اليمنى.)(عباس:122)
ولغة فان الخرا: مايخرج من بطن الإنسان، كنى عنه العرب، بالعديد من الكنايات، منها: الغائط، والنجو، والبراز، والرجيع، والجعس، والسلح. والغائط كناية استعملها الكتاب المقدس (القرآن) واستعملها الفقهاء المسلمون في كتبهم، كما كنوا عن مخرج الغائط وهو الاست. والنجو، في الإصل: الخلاص وصرف إلى مايخرج من البطن من ريح أو غائط، ومنه الاستنجاء، وهو غسل موضع النجو، والعامة البغداديون، يقولون عمّن استنجى، تشطف، فصيحة، شطف الثوب: غسله.(عباس:151، 152) وفي موسوعة الكنايات العامة البغدادية لتسمية موضع قضاء الحاجة، فقد كني عنه بكلمة الغائط، وهو الموضع المطمئن من الارض، لان من أراد قضاء الحاجة، ارتاد غائطاً في الارض يغيب فيه عن أعين الناس، ولما أصبحت كلمة الغائط، لكثرة استعمالها تعني الرجيع، تعددت اسماء مواضع قضاء الحاجة، فهي كنيف، ومخرج ومستراح وبيت الطهارة وبيت الخلاء والحش والحمام والمذهب والمرفق، وكنى عنها قوم بمحاسبة القاضي، وكان البغداديون القدماء يكنون عن الخلاء النظيف: مروءة الدار.(عباس:73)(3) وفي التصور الشعبي للمجتمع العراقي الحديث فان آدم بعد اول انهاء اكلة له، امتلأت معدته وتضايق منها، حتى اتاه غراب ونقر في مؤخرته اثناء نومه، فاتاح له بذلك التبرز.

آداب قضاء الحاجة في الفقه الاسلامي الرسمي:
الاستنجاء لغة ازالة الغائط. واصطلاحاً: هو قلع النجاسة بنحو الماء، او تقليلها بنحو الحجر (=الاستجمار). او ازالة نجس عن سبيل: قبل أو دبر. اما الاستبراء هو طلب براءة المخرج عن أثر الرشح من البول. اما الاستنقاء طلب النقاوة بدلك المقعد بالماء او الاحجار. يكون الاستنجاء من الماء والحجر ونحوه من كل جامد طاهر قالع غير محترم كورق وخرق وخشب وخزف. والافضل الجمع بين الجامد والماء، فيقدم الورق ونحوه، ثم يتبعه الماء، لان عين النجاسة تزول بالورق او الحجر، والاثر يزول بالماء. والاقتصار على الماء افضل من الاقتصار على الحجر ونحوه، لانه يزيل عين النجاسة وأثرها. بخلاف الحجر والورق ونحوه. والاستنجاء بالماء مفوض الى الرأي حتى يطمئن القلب بيقين الطهارة او غلبة الظن على زوال النجاسة. ولايضر شم ريحها باليد؛ لان بقاء الرائحة يدل على بقائها على المحل، ويحكم على اليد بالنجاسة حينئذ. وصفة الاستنجاء ان يفرغ على يده اليسرى قبل ان يلاقي بها الاذى، ثم يغسل القبل ثم يغسل الدبر. ويوالي صب الماء، ويدلكه بيده اليسرى، ويسترخي قليلاً. ويجيد العرك حتى ينقى. ولايستنجي باليمين ولا يمس به ذكره.
كيفية الاستجمار: ان يمسح بالحجر الاول من الامام الى الخلف، وبالثاني من الخلف الى الامام، وبالثالث كالأول اذا كانت الخصية مدلاة، خشية تلويثها. والمرأة تبتدي من الامام الى الخلف خشية تلويث فرجها.
مندوبات الاستنجاء: لا يجب ان يكون الحجر او الورق خشنا كالآجر، ولا املس كالعقيق. ويعد كالحجر كل طاهر مزيل بلا ضرر، وليس متقوماً ولاشيئاً محترماً، فلا يستنجي بالفحم او الزجاج ولا بمال او حرير او قطن ونحوهما. واتفق الفقهاء على الاستنجاء بكل طاهر قالع غير محترم. فلا يجوز الاستنجاء بالنجس كالبعر والروث او بالعظم او الطعام ولا بغير القالع كالقصب الاملس والخزف ومتناثر التراب او الذهب او الفضة والجواهر.
الاستبراء: وهو ان يستخلص مجرى البول من ذكره، بمسحه بيده اليسرى من حلقة دبره (بدايته) الى رأسه ثلاثاً، لئلا يبقى شيء من البلل في ذكره. فيضع إصبعه الوسطى تحت الذكر، والابهام فوقه، ثم يمرهما الى رأس الذكر، ويسحب نتره ثلاثاً بلطف ليخرج ما تبقى إن كان. وايضاً يستبرء اما بالمشي او التنحنح او الاضطجاع على شقه الايسر او غيره بنقل اقدام او ركض. اما المرأة فتضع اطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها.
الاستتار هو عدم كشف العورة عمن يراه واجب اثناء الاستنجاء وقضاء الحاجة، ويمسح المخرج من تحت الثياب بنحو حجر. ويبعد عن الناس في الصحراء ونحوها الى حيث لايسمع للخارج ثم يغسلها بعد الاستنجاء بتراب او صابون وأشنان ونحوه. ويبدأ الرجل بالاستنجاء بالقبل لئلا تتلوث يده اذا شرع في الدبر. والمراة مخيرة في البداية بأيهما شاءت.
آداب قضاء الحاجة:
1_ الا يحمل مكتوباً ذكر اسم الله عليه، او كل اسم معظم (مثل الخواتم المنقوش او المكتوب او عليها اسم الله او رمز مقدس(.
2_ ان يلبس نعليه، ويستر رأسه، ويأخذ أحجار الاستنجاء او يهيئ ويعد المزيل للنجاسة من ماء ونحوه.
3_ يدخل الخلاء برجله اليسرى، ويخرج برجله اليمنى؛ ويقول عند إرادة الدخول (باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث). ويقول عند خروجه (غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني(.
4_ يعتمد في حال جلوسه على رجله اليسرى. ويوسع ما بين رجليه، ولا يتكلم إلا لضرورة، ولا يطيل المقام أكثر من قدر الحاجة. ويستحب ألا يرفع ثوبه حتى يدنو من الارض، ويستحب أن يبول قاعدا ويكره البول قائماً. ويستحب ان يبول في مكان رخو غير صلب ولا يبول في مهب الريح لئلا تعود النجاسة اليه، ولا في ماء راكد، او قليل جار، ولا في المقابر، ولا في الطرقات ومُتحدَّث الناس. ولا يبول في شق أو ثقب. ولا يبول تحت شجرة مثمرة.
ويحرم عند قضاء الحاجة استقبال او استدبار القبلة في البناء غير المعد وفي الصحراء بدون ساتر وإلا فلا حرمة كأن كان في منزله او في الفضاء بساتر. ويكره استقبال عين الشمس والقمر بفرجه. فان استتر عنهما بشيء او في المكان المعد فلا بأس. ويستحب الا ينظر الى السماء، ولا الى فرجه، ولا الى ما يخرج منه، ولا يعبث بيده، ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً، ولا يستاك وان يسبل ثوبه شيئا فشيئاً، قبل انتصابه. ويحرم البول في المساجد ولو في إناء. واذا عطس حمد الله بقلبه، ويقول بعد الاستنجاء عقب الخروج من الخلاء:(اللهم طهر قلبي من النفاق، وحصن فرجي من الفواحش)(الحمد لله الذي أذاقني لذته، وابقى فِيَّ منفعته، واخرج عني أذاه).(الزحيلي:2010، 296_308)

المرحاض وآدابها في المجتمع العراقي المعاصر:
تصميم المرحاض في المجتمع العراقي المعاصر عبارة عن غرفة صغيرة مربعة أو مستطيلة جزء من البيت وتبنى في موازاة فضاء يسمح بخروج الروائح من شباك فيها حسب خارطة البناء المشروطة بمساحة الارض، ذات باب واحد يقفل من الداخل (حديد او خشب او المنيوم او بلاستك) تكبر وتصغر حسب مساحة البيت او غنى صاحبه، فيها حنفية ماء (او حنفية ثانية للماء الساخن) وإبريق بلاستيكي يشبه ابريق القهوة (دلّه) بدون غطاء (بريج، برﻴ---ڴ---) حسب اللفظ العامي العائد للهجة المنطقة الجغرافية، (في بعض الأحيان يبتر من رأس خرطومه حتى لا يلامس الجسم فتنتقل النجاسة لجسم آخر) يملئ بالماء لتنظيف مخارج الافراغ بعد التغوط او البول، في وسط ارض الغرفة او قرب احد اضلاعها يقع حوض التغوط و البول مستوي الاضلاع مع الأرض مستطيل مقعر بانحدار من احد ضلعه القصير باتجاه نظيره الضلع القصير الآخر الذي تنتهي بفتحة دائرة الصرف الصحي وتكون تحت مخرج الشرج. يسمى المرحاض المستطيل عاميا (مقعد) أو (قعّاده) مصنوع من السيراميك غالبا أو البلاستك أو الفافون قليلا.(4) ويُحضر ان يتجه المرحاض صوب القبلة؛ ويفضل وجود شباك صغير قرب السقف لخروج الروائح منه او توضع مفرغة هواء في الشباك (قد تكون مثبته وسط الزجاجه)، وبعض البيوت تضع حوض السيفون الشرقي (دفاق الماء عبارة عن حوض مستطيل يخزن الماء عبر خرطوم يصل به، وداخله طوافة تحدد مقدار الماء المخزون فيه، مثبت في الحائط بمسامير خلف المقعد بارتفاع مترين، فيه انبوب من الوسط مثبت بالحائط يصل للمقعد يمر عبر الماء) في المرحاض لكنه قليل الاستخدام.
تسمى المرحاض بالعامية العراقية: (تواليت، مرافق، خلاء، حمّام، مغاسل، بيت الراحة، دورة مياه، دبل يوسي wc، صحياّت)(5) وفعل التغوط كذلك لا يسمى صراحة فيقال (ادخل تواليت، رايح للحمام، عندي ثقيلة، ألبي نداء الطبيعة، أقضي حاجتي، احاسب العمال) واسم البراز لا يلفظ صريحا كذلك فيسمى (خروج، ثقيل "مفردها ثقيلة"، ﻨ---ﮕ---ﺎ---سة/نجاسة) ولا تلفظ التسمية الصريحة إلا عند الشتيمة والمزاح والغضب وبين الأصدقاء (خره، زراب، يجمعص، يشمط، ينكس، يشرط) والبول كذلك يستعاض عن تسميته الصريحة (درار، خفيفة، شخه/يشخ) وتصل درجة المنع الصريح للتسمية إلى لفظ النقيض للنجاسة فتسمى (طهارة) إذا كان الشخص ملوث بماء غائط أو مجاري مراحيض. وإذا لفظ اسم المرحاض يجب أن يسبقه عبارة (اجلكم الله، حاشا من اﮔ---ول بوجه، مكرم السامع، محشوم، تخسا عنك) حتى انها تستخدم للإذلال في السجون بحجز المعتقلين ليلا فيها(عباس:100). والتواليت تخضع للفصل للجنسي بين الرجال والنساء وهي ظاهرة عالمية في المجتمعات الحضرية. فتكتب او تعلق على ابواب المراحيض كلمة (للرجال) مع صورة تجريدية سوداء لأنسان راسه مرسوم دائرة، وجذعه مستطيل عامودي، بجنبيه اليدان خطان عريضان بطول الجذع، والساقين مثل اليدان لكنها اطول تحت الجذع، وصورة المرأة لاتختلف سوى وضع تنورة تحت الجذع فقط او اضافة شعر قصير لكرة الراس. وتخضع المراحيض للأدوار الاجتماعية التراتبية فمراحيض المباغي لا يستخدمها الزبائن، ومراحيض الاطباء لا يستخدمها المرضى، ومراحيض الضباط لا يستخدمها الجنود، ومراحيض المديرين لا يستخدمها الموظفون، ومراحيض المعلمين لا يستخدمها الطلاب(عباس:32) الخ، وهناك فرق في التعامل بين المراحيض العمومية ومراحيض حكومية ومراحيض منزل ومراحيض مسجد. فالمراحيض العمومية والحكومية تهمل نظافتها من قبل المستخدم، اما مراحيض المنازل والمساجد فبالعكس يحرص المستخدم على نظافتها. وفي المراحيض المتجاورة في غرفة واحدة لا يستحب الحديث او التحية بين المتواجدين بها.
ومهنة تنظيف المرحاض أمر معيب اجتماعيا، فيضطر المنظف لتسمية مهنته بأسماء أجنبية مثل (كي بي آر،kBR) أو توظيف عمال أجانب (بنغلادش) للقيام بهذا العمل. اما من يمتهن فتح المواسير الفضلات المغلقة فمحتقر ومهنته تسمى بأول كلمة فقط (نزاح) او (سلاك) دون ذكر مجاري، ولا يوجد اسوأ منه سوى الشحاذ(6) لذلك يستخدم تنظيف المراحيض كعقوبة في الجيش.
والمجتمع يعلمنا أخلاقيات استعمال المرحاض من الدخول والخروج بالتعاليم الدينية والعرف الاجتماعي، فعند الدخول للمرحاض هناك دعاء خاص بالدخول (اعوذ بك من الخبث والخبائث: لا يستعمل اجتماعيا غالباً) ويجب أن يدخل المسلم بقدمه اليسرى ويأخذ وضعية القرفصاء أو الجلوس (في حالة المرحاض الإسلامي الشبيه بالمقعد الغربي)، وبعد قضاء حاجته يتنظف بالماء بيده اليسرى في وضعية القرفصة، وعليه هز القضيب وعصره بيده تسعة مرات من نهاية المثانة حتى الحشفه لإفراغه من البول ("الاستبراء" بالفقه، "الخرطات التسعة" بالعامية العراقية) ويفضّل استخدام الإبريق وليس خرطوم مياه (صونده) خوفا من ملامستها ارض المرحاض أو ملامسة جسد غير طاهر. ويمنع منعا باتا البول وقوفا، لأنه ينجس الإنسان وتذهب عنه الطهارة الروحية، عندها أي ملامسة له تنقل النجاسة للآخرين فلا يجب مصافحته أو ملامسته، وإذا علم به الآخرين يفعل عكس ذلك، يشّهر به ليتجنبوا ملامسته فيشار له (يبول وهو واﮔ---ف) ويشبه بالكلب ويسخر منه احيانا (ارفع رجلك) مثلما الكلب يرفع رجله عند البول. فالماء ليس وسيلة تنظيف مادية انما روحية لأنه يطهر الجسد ماديا وروحيا من النجاسة. من هنا اتهام الغرب بالنجاسة لأنه يتنظف بالمناديل وليس بالماء، ورغم تأثير البروك على مفاصل كبار السن فان التحريم من المرحاض الغربية ظل إلى أن تم ابتكار مرحاض إسلامية محورة عن المرحاض الغربية يجلس فيها الإنسان كالكرسي لكن لا يوجد في حوضها ماء حتى لا يتناثر على الأفخاذ والمؤخرة، وبذلك صار عندنا مرافق شرقية وإسلامية؛ وإذا صادف أن يدخل المسلم مرحاض غربية فانه قد لا يجلس عليها بل يعتليها ويستخدم ماء القناني بدل المنديل. ويمنع استخدام المرحاض للراحة او الأكل او الخزن او النوم او اي شيء آخر غير افراغ الفضلات فعلاوة على الاعتقاد بنجاستها هناك اعتقاد انها مسكن الشياطين والاشباح.
اما اذا كان باب المرحاض مغلق يجب المناداة (اكو احد؟) أو أن نطرقه، وعلى من في داخلها أن يتنحنح (أحم، أحم) او اصطناع السعال (قحة). وإذا أردت إدخال ضيفك لمرحاض بيتك أو السماح له بالدخول قبلك يجب أن تقول له (إتكرم= تَكَرَّمَ عن الشيء: تَنزَّه) وهي نظير تفضّل مع عدم جواز استخدام هذه الكلمة الاخيرة.
وهذا أسلوب التطهير بالماء المفروض، الغرض منه عدم التواصل مع النجسين من الجماعة الداخلية او اي جماعة خارجية، لهذا قاومت المرحاض أي تغيير ثقافي وافد لها، حتى أصبح هناك مرافق شرقية في مقابل مرافق غربية، فنحن نقلد الغرب في كثير من الأشياء دون أن يصل إلى المرحاض، فاتهمنا الغرب بالنجاسة لكون مرحاضه مختلف عن مرحاضنا لأنهم يتمسحون بالمناديل وليس بالماء. ونحن حين نعظم شخصا فإننا لا نفكر به يدخل المرحاض. ومعروف أن بعض الناس تعتقد أن الشخصيات ألمقدسه كالأنبياء لا يدخلون المرحاض لأنها مكان نجس.(7) . فتؤسس آداب قضاء الحاجة خصوصية ضمن ثقافة الجماعة تميز (نحن) بينها وبين الجماعات الخارجية (هم)، اي انها جزء من الهوية الجماعية.

التحليل الاجتماعي لآداب قضاء الحاجة:
بعد الوصف الخالص لشكل المرحاض وللسلوكيات الاجتماعية للمرحاض، كيف نستطيع أن نفسر سبب الآداب المتبعة في دخول المرحاض؟ ولماذا يحرّم لفظ التسميات الخاصة بها وبوظيفتها؟ ولماذا هذه الأهمية التي أعطاها المجتمع لها وخصص أخلاق وفروض دينية في التعامل معها؟ الإجابة المقنعة على هذه الأسئلة هي من ستعطي المقالة مبرر وجودها بوجه الرافضين أخلاقيا لها. واذا كان المعتقد السائد بان النظافة هي السبب في آداب المرحاض او ان النفور الطبيعي من الفضلات هو السبب، فالمبولة الغربية او البول من مكان عال او البول في قنينة او فتحة المرحاض او في حوض المغسلة (بالنسبة للرجل) كفيل بمنع تطاير رذاذ البول؟ كذلك ان التغوط في العراء هو اكثر قذارة بما لايقارن بالمرحاض الغربي دون ان يعتبر حراما؟ ناهيك عن جواز استخدام مياه الانهار او التراب او الحجارة للتمسح التي هي اكثر قذارة بما لايقارن من المناديل؟ ثم لماذا لم ينال الحمام والمطبخ وغسالة الملابس وحاوية النفايات نفس التحريمات وهن اماكن فيهن اشياء قذرة؟ واذا كانت الروائح هي مصدر التحريم فرائحة الفم والتجشوء احيانا لاتقل عن رائحة الفساء، وهناك نباتات نأكلها رائحتها مثل الفساء كالثوم والبصل، ولا ننسى ان كثير من مراحيضنا بلا سيفون المزيل للرائحة وبعضها بلا مفرغة هواء ولم تخضع جميعها للتحريم؟ ويكفي ان نقرأ الارشادات داخل المراحيض العمومية مثل (صوب) أو (سنتر هدفك قبل أن تسدد) أو (نظافة المرحاض دليل على نظافتك) (اسكب الماء خلفك) (اضغط الكابس رجاءا) اي اضغط زر او خيط السيفون؛ لنعرف كم ان مراحيضنا العامة قذرة. اذن ليس القذارة او الرائحة هي مصدر التحريم، وعليه يجب ان نبحث عن تفسير آخر.
هناك نقطتان يجب ان ابحثهما: النجاسة، والآداب المتعلقة بقضاء الحاجة، لانهما ابرز ما يميز الموضوع.
النجاسة هي عدم الطهارة أو النظافة. وتعتقد كثير من الشعوب البدائية أن جثث الموتى، وجيف الحيوانات، ودم الحيض، والبراز، والقيح، وبعض الحيوانات كالكلاب والخنازير وغيرها نجسة، وتحول لمسها من الشخص نجساً، وعليه في تلك الحالة، أن يُطهّر جسمه. كما أن بعض الأشخاص كالمرأة الوالدة، والحائض، وأهل الميت، يُصبحون نجسين بمجرد وقوع تلك حالات، أن يتجنبوا الاختلاط بالآخرين حتى يتطهروا.(سليم:756) وهناك نجاسة مؤقتة، تجعل الشخص غير مؤهل للمشاركة في طقوسها. مثل الحيض والولادة والجنابة والوفاة. اما النجاسة الدائمة فهي نوع من التمييز الديني أو الطائفي ضد أقلية دينية او طائفة من الطوائف. والمعتقدات الخاصة بالنجاسة الطقسية موجودة في أغلب الشعوب البدائية، وتُعتبر، خطراً على الشخص النجس وعلى من يتصل بهم على حد سواء. وما لم يتطهر النجس فإنه يتعرض هو ومن اتصل بهم، إلى أخطار، كالمرض والعقوبة بعد الموت، أو ابتلائه بسوء الطالع.(سليم:827) ان النجاسة من شأنها أن يؤدي الى عزل الشخص أو الأشخاص النجسين. كما تؤدي إلى فرض الموانع والقيود على الاتصال بهم، وإلى تجنب تناول بعض الأطعمة أو أتيان بعض الأفعال. وفي مثل هذه الأحوال يمكن استعادة حالة الطهر عن طريق الاستحمام (مياه مقدسة او مياه جارية) أو حلق الرأس وتجنب تناول الأطعمة والمواد الغذائية الخطيرة.(سميث، 2009: 230، 231) وعندما يكون مفهوم الانتهاك مزوداً بشكل كافٍ بالروادع العملية من خلال نظام اجتماعي، فإن النجاسة من غير المحتمل أن تظهر للعيان. ولكن عندما يمر الانتهاك دون عقاب، يتم الاستنجاد بمعتقدات النجاسة لاستكمال النقص في الروادع الأخرى.(دوغلاس: 230) لتعطي وسيلة لدعم النظام الأخلاقي.(دوغلاس: 231) ان قواعد النجاسة تمتلك وظيفة اجتماعية وهي اعطاء قوة دفع الاستهجان الاخلاقي كلما اصابه الفتور.(دوغلاس: 229) إن أخطار النجاسة تضرب ضربتها عندما يتعرض العرف للهجوم.(دوغلاس: 181) وهكذا يغدو واضحاً ان النجاسة قوة ذاتية غير مشخصة بالأشياء المحرمة او المكروهة تمارس القصاص الذاتي على من تنتقل له، تصيبه بالبلاء او النحس، وذلك لمنع ارتكاب الشخص الممنوعات عندما يكون بعيدا عن رقابة الجماعة المباشرة او يرتكبها سراً او في مكان بعيد عنها. وتحذر في نفس الوقت كل اللامبالين او المتسامحين معه او المؤمنين من التواصل معه حتى لاتنتقل اليهم النجاسة التي تجلب البلاء لهم ايضاً، فيعزل ويوصم اجتماعياً، وهذه عقوبة معنوية قد تلحقها عقوبة فيزيائية حسب خطورة نجاسة المحرم او المكروه او المحظور. والنجس في المجتمع العراقي له قدرة على الانتقال باللمس او الاستهلاك (طعام، شارب، استعمال) ويجب تجنبه او التخلص منه بطقوس تطهير اذا انتقل الينا. وعليه بما ان آداب قضاء الحاجة تتم بعزلة فردية دون رقابة اجتماعية، تتم الاستعاضة بالنجاسة كبديل عن الرقابة الاجتماعية المباشرة، للتحكم بالفرد حتى في عزلته عن الجماعة.
ومعتقدات النجاسة وانتقالها كالعدوى أداة لعزل المذنب عن الجماعة وتركه ضعيفا دونياً، ولا تقبل عودته إلا إذا اكتسب الطهارة مجدداً بطقوس مصادق عليها اجتماعياً، وذلك كي تبقي الإنسان ملتزماً بنواهي الجماعة ومحرماتها حتى في خلوته أو في غياب الرقابة الخارجية، عبر الأنا الأعلى الذي يمارس الرقابة الداخلية تجازي الأنا بعذاب الضمير أو راحته إذا التزم بنواهي الحرام. الآن وبعد أن فهمنا طبيعة النجس وقدرته على الانتقال بالكلام استطيع أن أفسر لماذا أحيطت المرحاض وتنظيفها وقضاء الحاجة بكل هذه الأسماء الغير صريحة الأقرب للتورية، لان الأسم جزء من خصائص الشيء النجس يحمل أيضا صفاته، لذلك فلفضها الصريح ينقل النجاسة بالصوت للمستمع ولهذا يجب القول تعويذة(8) (حاشا من اﮔ---ول بوجه، مكّرم السامع، اجلّكم الله) إذا لفظت صريحة، ونقول لمن يدخل للمرحاض (تّكرم) اي تنزه من النجاسة، لإبطال انتقال النجاسة للمستمع. فهي مكان نجس يجب أن يخرج منه الإنسان طاهرا بواجب البروك والغسل بالماء، والمسلم يجب أن يكون طاهرا حتى يستطيع التواصل مع الجماعة، وعليه بعد عملية الافراغ أن يتطهر حتى يستطيع التواصل مع أقرانه وربه.
النقطة الاخرى، هي سلوك الآداب في قضاء الحاجة التي اتخذتها؟ هنا نحتاج للرجوع بالتاريخ العربي لهذه الآداب كي تتضح الصورة. ان قضاء الحاجة تاريخياً كانت تقضى بالعراء لدى العرب في مكان معزول عن الدار، وكان هذا المكان متاح للجميع، اي أنها كانت ملكية عامة بحكم عدم توفر وسائل الصرف الصحي (المجاري) واخطار الفضلات صحياً، وكان الجلوس (قرفصاء) وسيلة للتخفي عن الانظار (الاستتار) اثناء قضاء الحاجة. وهذه الظروف الموضوعية وقتها هي التي أسست لهذه الآداب التي تناقلناها عن الاسلاف حتى بعد توفر وسائل الصرف الصحي وانتقال المرحاض من خارج البيت الى داخله، بحكم مجتمعنا التقليدي. فجلوسنا القرفصاء بالمرحاض حالياً هو محاكاة لسلوك اجدادنا حينما كانوا يخفون انفسهم عن اعين الناس عندما يقضون حاجتهم بالعراء.
واتصور ان المعتقدات عن ان المرحاض هي مسكن الشيطان والجن كانت الوظيفة الكامنة منها تاريخية وهي الابتعاد عن الاخطار الصحية (تحلل وروائح) للفضلات عندما كانت تقضى بالعراء، ولازالت المرحاض على اساس هذا التصور التاريخي مكان محدد الاستعمال بالإفراغ فقط، بينما يستطيع الانسان الغربي وضع مرحاضه في المطبخ بجدران واطئة او بدون جدران اصلا، وقد شاهدت عمال النظافة الآسيويين في العراق ينامون في المراحيض الحكومية بعد تنظيفها.(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1_ورق المرحاض - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة،
https://ar.wikipedia.org/wiki/ورق_المرحاض
2_آدم: يؤمن المسلمون أن آدم هو أول خلق الله من البشر وأول إنسان على سطح المعمورة خلقه الله ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له، فسجدوا جميعاً إلا إبليس لم يسجد وقال لربه أسجد لمن خلقت طيناً انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فغضب الله عليه وأقفل في وجهه باب التوبة والرحمة ولعنه. عندما سكن آدم وزوجه الجنة حاول إبليس التسلل لهما فأغواهما ووسوس لهما وجعلهما يأكلان من الشجرة التي نهاهما الله عنها فعصى آدم ربه فغوى وتسبب في طردهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض. ومن أبنائه هابيل وقابيل وشيث. (آدم-ويكيبيديا، الموسوعة الحرة) على الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki/آدم
3_كان الجنود العراقيين في حرب ايران يسمون الغائط (الغام).(عباس:39)
4_المرحاض في الشقق السكنية الصغيرة غالبا يكون جزءا من الحمام، وفي الاماكن العامة كالدوائر الحكومية والمساجد ينخفض جداره عن السقف خوفا من عمليات اللواط. وقد تكون جدران المراحيض من الصفيح او القصب (حصران) في بعض المناطق الريفية او الاماكن النائية.
5_تسمى انابيب مجاري الصرف الصحي (المياه الثقيله) وكل ما يمت لها من صنابير ومغاسل (صحيات) في المجتمع العراقي ولا تسمى باسمها الصريح لكون لفظها محرم أو مكروه اجتماعيا.
6_هناك قصة شعبية عن رجل يعمل بفتح المجاري سُمع همسا يدندن مع نفسه قائلا:(تره اذلك بالانكس=بانجس منها) وكان يعني اذا كانت نفسه تستعر من هذه المهنة، فان الشحذ اسوأ منها.
7_وهناك مزحة بين الشباب تستخدم لكسر الانبهار بامرأة جميلة فمجرد القول (تزرب مثلنا)، وإذا أردنا الاستهزاء بشخص فنقول عنه (أبو خرية) وهو كما قلت لأنه فعل نجس. وهناك مثل يصف الحقير حين يعلوا (خرية على التل)(عباس:152) وانا لم اسمع به قط.
8_والتعويذة هي الرقية يرقى بها الانسان من فزع او جنون لأنه يعاذ بها. والرُقية؛ تعزيم أو كلمات، أو جمل، أو أغانٍ يُرددها أو يغنيها السحرة لتحقيق أغراض سحرية. وتُستعمل في الرقية ألفاظ وتعابير قديمة كي تبدو غير مفهومة، كما تكتب بعضاً جمل لامعاني لها البتة وتوضع في تعويذة يحملها صاحب الحاجة على جسمه.(سليم:914)
9_(ملحق): المرحاض من الجانب النفسي تعتبر وسيلة راحة أي إشباع رغبة طفولية سماها عالم النفس (سيغموند فرويد) الطور الايروسي الشرجي حين كان الطفل يحصل على اللذة من احتفاظه بالبراز وإفراغه فيما بعد عبر الصارة التي تتيح له الحصول على اللذة، وعلى أساس هذه الرغبة سميت المرحاض (بيت الراحة) ولا ننسى أن كلمة (راحة، ارتاحيت، يرتاح) هي ذاتها التسمية التي تطلق شعبيا على اللذة الجنسية، ويكفينا مانراه مكتوبا من كلمات وصور ونكات جنسية في المراحيض العامة حتى نعرف علاقة التغوط بالجنس، والبعض يفكر بقضايا وقد يحلها بالمرحاض، والتفكير معلوم انه يأتي وقت الراحة والصفاء الذهني وهذا ما توفره عملية التغوط باللذة التي يستشعرها. وربط فرويد نفسيا بين المال والبراز في نظرية التحليل النفسي.
لكن هناك ظاهرة قديمة إنها الكتابة على باب المرحاض العام من الداخل، يكون موضوعها سياسي أو جنسي مثل التنكيل أو الشتم أو السخرية من مسؤول الدائرة أو المنتسبين أو الوزارة ذاتها، مثل (الوزير أو المدير أبن عاهرة، كلب، ساقط، حرامي الخ) أو شتم رئيس الوزراء (علاوي في مقابل المالكي) وتعليقات ترد عليه بالشتم المضاد مثل (الموت للصفويين أو للبعثية أو النواصب) أو شتائم جنسية أو يصف طائفة ما بالبراز والقذارة ويتمنى لها الموت أو محاربتها وقتل أتباعها، إنها حرية تعبير غير تقليدية لا تلتزم بأي شكل من أشكال الاحترام والأدب والأخلاق، غالبا ما تكون أسطر قليلة مكثفة، وهذا تعبير عن صراع اجتماعي وسياسي تجد في باب المرحاض تعبيرا لها، نتيجة الحرب والسياسة الطائفية بالعراق، لهذا قامت دوائر الحكومة بصبغ هذه العبارات وحجبها عن الرؤية لخطورة مضامينها التي تؤجج الكراهية والقطيعة والعنف بين فئات المجتمع الواحد. وتستخدم إلى جانب الكتابة الرسوم الكاريكاتورية مرفقة بكتابة تعبير عما يقول الشخص المرسوم، أو حتى تكون كتابات ورسوم جنسية تعكس رغبات نفسية مكبوتة. وهناك من يتفاعل معها، فيضيف تعليقا أو يظلل جملة إذا لم تعجبه في حالة امتلاكه قلم. انه الجدار أو الصالون الانفرادي الذي يقول فيه الإنسان دون تحمل مسؤولية كلامه أو ترك توقيعه في خلوة عن الآخرين، ويشاركه الآخرون بارآئهم تباعا، انه الصوت الصريح بدون مجاملات وحر بالمطلق من المسؤولية، فأي شخص يدخل المرحاض يجد نفسه وقد أصبح مشتركا بالرأي حالما يقرا التعليقات فهو إما يؤيد أو يرفض المضامين مبتسما أو عابسا محتفظا برأيه أو معلقا عليها كتابة أو شطب وتضليل إذا كان يحمل قلما، لأنه جزء من هذا الواقع الاجتماعي والسياسي، واختيار هذا المكان للتعبير (المرحاض) هو جزء من مضمون التعبير ذاته باعتباره مكان نجس وكتابة أسماء الخصوم يجعلهم نجسين، وهذه الظاهرة لا توجد في مراحيض البيوت والمساجد لأنها ملكية مقدسة، ما يدل على قصديه الكتابة ضد المؤسسة التي توجد فيها المرحاض باستثناء الكتابات الفكاهية (مثل كتابة النكت) وعبارات مثل (المكان مراقب بالكاميرات) (انظر خلفك، خوش طي..) (تأكد من وجود الماء قبل ان تقع الكارثة) الخ.
وحين كنا صغارا في المدارس الابتدائية كانت جدران المراحيض تعج بالكتابات الساخرة من المدير والمدرسين القساة، والشتائم والرسوم الجنسية للمُدرسات بحكم وسيلة التعبير في عمر الصبا ضد قسوة المدرسين وجبروتهم، بالتالي كانت وسيلة تنفيس وتعبير ضد القسوة، وهي ربما تكثر في المجتمعات التي تعاني الانغلاق والاستبداد والقمع والخوف لأنها وسيلة التعبير المتاحة بعد النكتة والإشاعة ضد النظام وظلمه وقهره، ولقد استخدمت جدران المزابل لفترة ما مكان للتسقيط السياسي إذ كان يكتب عليها (هذه جنة الوهابية) في المناطق الشيعية، والمكان هنا كما المرحاض نجس.

المصادر:
_سيغموند فرويد، علم النفس الجمعي وتحليل الأنا، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت، 1979.
_ميليفيل. ج. هرسكوفيتز، أسس الانتروبولوجيا الثقافية، تعريب د. رباح النفاخ، دمشق-1973.
_ﻠ---يفي بريل، العقليّة البدائيّة، ترجمة: د. محمد القصاص، مكتبة مصر، (بدون تاريخ).
_د. سامي سعيد الأحمد، معتقدات العراقيين القدماء، في السحر والعرافة والاحلام والشرور، مجلة المؤرخ العربي، عدد2، بغداد، 1975.
_هادي العلوي، المستطرف الصيني، من تراث الصين، دار المدى، الطبعة الثالثة، الأعمال الكاملة15، 2014.
_جى. سي. كوبر، الموسوعة المصورة للرموز التقليدية، ترجمة: مصطفى محمود، المركز القومي للترجمة، الطبعة الاولى 2014.
_د. شاكر مصطفى سليم، قاموس الأنثروبولوجيا، انكليزي-عربي، جامعة الكويت، الطبعة الاولى، 1981.
_ماري دوغلاس، الطُّهرُ والخَطر، ترجمة: عدنان حسن، دار المدى، دراسات، الطبعة الأولى1995.
_تشارلز باناتي، قصة العادات والتقاليد وأصل الأشياء، ترجمة مروان مسلوب، الدار الوطنية الجديدة 2003.
_لؤي حمزة عباس، كتاب المراحيض، الطبعة الثالثة، دار المعقدين، البصرة 2018.
_أ.د. وهبة الزحيلي، موسوعة الفقه الاسلامي والقضايا المعاصرة، ج1، دمشق: دار الفكر، 2010.
_شارلوت سيمور_سميث، مَوسوعة علم الإنسان، المفاهيم والمصطلحات الأنثربولوجية، ترجمة مجموعة من أساتذة علم الاجتماع بإشراف محمد الجوهري، المركز القومي للترجمة، الطبعة الثانية2009.




#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيد في المجتمع العراقي المعاصر
- المعتقدات الاجتماعية حول الدم في المجتمع العراقي
- الصلة التاريخية بين الدين واللعب
- الدكتور سليم الوردي الباحث العلمي الرصين
- صيام رمضان في المجتمع العراقي المعاصر
- دفاعا عن الدولة العراقية وليس الحكومة
- صورة الشخص الغريب في المجتمع العراقي الحديث
- سوسيولوجيا الدين عن الدكتور حاتم الكعبي
- تجربة رحلتي مع السادس اعدادي
- اجتماعية النظافة في المجتمع العراقي
- المجتمع العراقي والنظافة
- مدخل لفهم المجتمع العراقي المعاصر
- اجتماعيات الحرام في المجتمع العراقي
- عام على جريمة (الدارسين)
- هو الذي عاش وشاف (عزيز علي رائد المنولوج العراقي)
- مئوية الدكتور حاتم الكعبي
- اجتماعيات (ابو بريص) في المجتمع العراقي والعربي
- صورة صدام في المتخيل الاجتماعي العراقي
- هل الإسلام هو سبب تخلفنا؟
- انطباعات عن زلزال العراق 2017


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - آداب قضاء الحاجة في المجتمع العراقي المعاصر