أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - شفافية الشر!















المزيد.....


شفافية الشر!


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6262 - 2019 / 6 / 16 - 13:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقاطعة ثلاث منتوجات كشف الوجه الحقيقي لشركات جشعة , المقاطعة جعلت الشر مرئيا !
ما فعلته مقاطعة لثلاث علامات لشركات تجارية من ارباك للمشهد السياسي لم تستطع انجازه جميع الأحزاب و النقابات التي ترافعت عن التغيير لاكثر من اربعين سنة هو انجاز يستحق التأمل و التفكير في طبيعة الحدث و أبعاده ؟؟
حين كتب الفيسلوف الفرنسي جون بودريار مقاله حول شفافية الشر سنة 1990 اعتبر ان كل المقولات التي بشرت بميلاد انظمة ديموقراطية , و اتساع الفضاء العقلاني بفضل الثورة التكنولوجية لم تكن سوى اوهام نشرتها العولمة .
فالثورة الاعلامية التهمت الواقع , كما تلتهم شبكة العنكبوت الفريسة , لربما هذا سبب كافي لماذا تسمى فضاءات التواصل بالشبكة لانها تلتهم كل ما يعلق بها , لأتسمح بالخروج و الانفلات لمن دخل اليها و علق بشبكتها لانها تصنع شبكة خيوط رقيقة و ناعمة لكنها جبارة في تكبييل الضحية من اجل التهامها
هكذا اكتسح العالم الافتراضي العالم الواقعي و التهمه , كما التهمت الهوية الافتراضية الهوية الاصلية .
مقولات جون بودريار حول موت الواقع تجد مبرراتها في التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و القيمية المرتبطة بعصر العولمة و سيادة المنطق التقنو- اداتي . حيت قيمة كل شئ تحدد بكونه مجرد اداة
بلاشك ما نلاحظه من نزوح جماعي , و اقامة شبه دائمة بفضاءات التواصل الاجتماعي و خارج الواقع يمنح تاكيدا على صلابة نظرية موت الواقع الفعلي وفق تصورات نظرية بودريار و هشاشة الواقع الفعلي و المعيش امام العالم الافتراضي .
و انت جالس بالمقهى كفضاءعمومي و المكان المعتاد حيت للضجيج و القهقهات وفوضى الكلام تتصاعد من كل ركن من جوانب المقهي هذا الضجيج تحول الى صمت و لا يسمع الا ضجيج الالات التي تصنع القهوة – في مفارقة عجيبة الآلات تتكلم و الإنسان صامت - هذا الصمت يخيل لك ان المقهى قد أصبحت مسجدا تمارس فيه طقوس عبادة صامتة حيت كل شخص منزوي في هاتفه النقال , يعيش عوالمه الافتراضية بعيدا عن الآخرين, حتى و ان كان معهم ؟؟ لان الحوار بين الأصدقاء او الأهل رهين بتوقف الهاتف سواء بسبب نفاذ البطارية او غياب الشبكة .
فشبكات التواصل الفيس بوك نموذجا تصنع واقعا جديدا و عالما جديدا و قيما جديدة , حيت كل فرد يعيش عزلة قاتلة و وحدة غريبة حتى و ان كان محاطا بأصدقائه ووسط اسرته , فهو يتفاعل , يتحاور , يناقش , يمازح البعيد لكنه لا يكلم من يجلس معه و لا ينتبه انه انصرف قبل ساعة ؟؟
الانزياح الى الافتراضي هو بمثابة إعلان عن موت الواقع هو عنوان لمرحلة جديدة تعاد فيها صياغة وجودنا بقيم جديدة و أحلام و رهانات جديدة أي إعادة بناء هوية افتراضية جديدة ؟؟؟
فالإنسان الافتراضي الذي لا يحمل أي بعد سوى افتراضيته , بعيدا عن كل القيم و المعايير و العادات القديمة و التي كانت تشكل عبئا عليه , عكس الواقع الافتراضي يمنحه حرية لإعادة تشكيل هويته و فق مايريد و ليس وفق مايريد المجتمع ؟؟
الحاجة الى الحرية يقود الى تورة على المؤسسات بما في دلك الأسرة و المدرسة و الحزب و النقابة و الجمعية و كل المؤسسات الاجتماعية المخولة بجعل الانسان كائنا اجتماعيا و سياسيا مرتبط بقيم مدينته و جماعته و بلده ؟؟؟
الفضاء الافتراضي هو فضاء للحرية يمنح فرصة اكبر للتعبير عن الذات بعيدا عن الرقابات الاجتماعية و المؤسساتية , فحجم الأرقام و عدد زوار الشبكة يعكس بالضرورة ان المواطن كان يحتاج الى فضاء للحرية ؟؟
بالرجوع الى نتائج فعل المقاطعة كفعل صلب و عنيد استطاع ان يحقق من نتائج ما عجزت عنه المؤسسات الحزبية و النقابية و التي جعلت من التغيير هدفا و شعارا لدرجة ان الاحزاب اليسارية في مرحلة ما من تاريخ المغرب كانت تطلب الجفاف و قلة المطر حتى يتضرر الفلاحون من اجل الثورة على النظام !
هو مؤشر كافي لكشف حالة الإفلاس التي أصابت المنظومة الاشتراكية حيت الاستعانة بفلاح مغلوب على امره لمواجهة نظام عجزت الاحزاب نفسها عن اسقاطه . وهو نفس السيناريو الذي لجأ ت اليه شركات الجشع بعد ان عجزت عن مقاومة المقاطعة الافتراضية , و جعلت الفلاح البسيط كحاجز لمنع الصدمات حين ثم ترويج كم كثير من التصريحات ان توقف استهلاك الحليب هو قرار يضر بالفلاح و ليس بالشركة ! ففعل المقاطعة انطلق من منصات التواصل الافتراضي و مازال مستمرا بفضل سرعة انتشار الاخبار و تداولها و مقاسمتها , حيت اصبحت الشبكة اطارا للتعبئة من اجل توحيد الجهود لاستمرار فعل المقاطعة ؟؟
فالنجاح الذي حققته المقاطعة كان أساسه افتراضيا , و تحول إلى نتائج واقعية ملموسة أرغمت شركات الارباح و الجشع على الاعتراف بخسائرها .
ربما قرار الاعتراف بالهزيمة من خلال التوسل و طلب الصفح و المصالحة جعل الشركات تكشف عن حقيقتها انها مؤسسات للشر , و مصدر شرها ان لا تفكر الا في أرباحها و لو على حساب معاناة الفلاحين و البسطاء ؟؟
فاجمل ما انتجته المقاطعة كفعل هو انها كشفت بكل شفافية شر الشركات , و التي ظلت تراكم الاموال و الارباح , و في اول أزمة قررت تحميل الخسارة لمواطن بسيط لا يتكلم فقط لانه يتألم ؟؟
فنجاح فعل المقاطعة كفعل افتراضي كان سببه توفير مساحة كبير ة و غير مقيدة لتواصل و التلاقي بعيدا عن الرقابة و القيود , اظافة الى القضاء على مفهوم الزعامة التقليدية حيت الزعيم يفعل كل شئ و يفاوض بكل شئ لانه يعرف ان امكانية تغيير ه غير ممكنة نظرا لبيرقراطية التنظيم و صعوبة التاثير فيه ؟
فالزعامة على الشبكة الافتراضية هي زعامة لامكانية و لازمانية و لا شخصية وهو ما يعني نهاية الزعيم في مدلوله السياسي .
الامر الذي يفسر سر دعوة احد النقابيين الحكومة الى التحكم في الفيس بوك , لانه ادرك ان التغيير الافتراضي يجسد الخطر الحقيقي الذي يهدد مصالحهمم المحمية داخل مؤسسات جامدة لا تتحرك و لا تتفاعل مع مطالب المواطنيين .
فالعالم الافتراضي عبر نموذج فعل المقاطعة استطاع ان يكشف عن عوالم مخيفة عن شركات بمثابة قطاع طرق تفعل كل شئ من اجل حماية ارباحها حتى لو اقتضى الأمر مراكمة معاناة الفلاحين .
أن سلطة المجال الافتراضي انه فتح المجال أمام الجميع حتى اولئك المهمشين و الذين يسرقون الويفي من احدى المقاهي ليعبروا عن ذواتهم وعن مشاكلهم تجسيدل لمقولة المفكرة حنا ارندرت ان قيمة الحق في تملك الحق , فسرقة الويفي هو حق من اجل ممارسة حق خوله الدستور , و قيمة الحق لا تتحقق الا بتملكه و حيازته فعليا حتى لو كان بطريقة افتراضية و في مجال افتراضي .
من اجمل ما انتج العالم الافتراضي انه انه انحاز للهامش و للمهمشين و جعل المؤسسات التقليدية مؤسسات بلا وظيفة , و ستدخل مرحلة العطالة وكشف عمق الشر الذي تحمله شركات تعادي المواطن من اجل أرباحها .



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة العامية وصناعة الفوضى
- الشغل و الشرط الانساني : مقاربة فلسفية
- اللامعقول و اللامل : تأمل اجتماعي في مظاهر الهشاشة الاجتماعي ...
- الهيدورة حين يصبح الثرات قمامة : تأمل سوسيولوجي
- الزواج و البقر : دراسة مقارنة في النسق الثقافي بين منطقتي قب ...
- ساخبر الله بكل شئ !
- زواج الكونترا : التجارة الممنوعة !
- الحق : مقاربة فلسفية
- مفهوم المجتمع المدني : بين هيجل وماركس
- الشباب و الهوية السائلة
- الطريق الى السعادة ! رؤية من داخل الفكر الاسلامي .
- الحقيقة ! ماذا يخفي هذا المفهوم ؟
- السياسة و الحجاب .
- الصفقة مع الشيطان
- واقعة جمعة اسحيم: عنف العنف ؟
- الانا و الاخر : مسارات الائتلاف و الاختلاف .
- منازل نظيفة و شوارع متسخة : مفارقة بين ما نملك و ما لا نملك ...
- ضابط و مواطن: حكاية في زمن الحكرة !
- الصفير لا يليق بك ؟
- داعش : الهة النار الجدد


المزيد.....




- تضارب بين البيت الأبيض وترامب حول مدة إعادة توطين سكان غزة
- هل يؤثر تصريح ترامب عن غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟.. مسؤو ...
- تطوير أرضية للطرق ذاتية الإصلاح تحاكي عملية التئام الجروح
- خبير يوضح كيف يتم التجسس عبر الهاتف
- الحيتان القاتلة تصطاد أحد أخطر الحيوانات البحرية المفترسة!
- علويون في سوريا ينددون بهجمات عليهم ويطالبون بالعدالة بعد سق ...
- إسرائيليون يسخرون من خطة ترامب للسيطرة على غزة: -غير واقعية- ...
- وساطة إماراتية بين روسيا وأوكرانيا تنجح بإطلاق 300 أسير
- اصطدام في 10 دقائق.. الكشف عن سبب -الأخدود العظيم- على القمر ...
- فيديو يرصد خطف عامل في مصر والفاعل -غير متوقع-


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - شفافية الشر!