أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالبديع الهيتي - خمس شظايا: الحرب في رسالة مقاتل














المزيد.....

خمس شظايا: الحرب في رسالة مقاتل


محمود عبدالبديع الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 6260 - 2019 / 6 / 14 - 05:57
المحور: الادب والفن
    


-1-

يقولُ جندي تستقرُ في روحهِ شظية الحياة:

كُنا عشرة مقاتلين، وكانت السماء داكنة مثل دم الوحشة، والأرض كما الدمع الأسود في عيون أُمهاتنا الحزينات، والطين المُبلل يملأ جُعبَ الروح بالموت، كُنا متعبين حد انكسار الضوء في موشور الجسد الغض. كُنا وحيدين، نرتوي من صور عشيقاتنا الخائبات ونُبللها بالدمع حينما يسكتُ الرصاص قليلاً، لا سبيل إلى الحياة، ولكن لا سبيل إلى الموت أيضا.

-2-

الأرضُ سيدةٌ عجوز، مثل جداتنا الهزيلات، لا حياة في شرايينهن المتيبسة، لا شيء عامرٌ في قلوبهن الصغيرة غير التراتيل الدينية والخوف، لكنهن يعجن رغيف الحياة بماء الحب، وينثرن ما تبقى لهن من الوقت، أغنيات. هذه الأرض، تشبه كثيراً اجسادهن، جغرافية مقطوعة من نهودهن المترهلة، شاحبة كما الموت في عيونهن، قاحلة مثل وجناتهن. هذه الأرض، سيدةٌ عجوز، تتكأ على عصا اجسادنا، يدفعها المغامرون للموت وتروي جفاف طينها من عروقنا.

-3-

الصلوات، الأغاني الحماسية، صوت أمهاتنا، وشقيقاتنا اللواتي يعبئن دم الأرض بالأدعية عتادنا الذي لا ينفد. يا صلواتنا المؤجلة لساعة نصر حينما يؤذنها مقاتل من جنوب الله بالدم الزكي، ويقيمها رفيقاً من غرب القلب المضرج بالبخور والأماني. يا خفقة الطين لا تمضغي قلوبنا بـ الخذلان، لا سبيل لنا غير هذه الأرض المضرجة بدم الصبايا الحالمات، بغصة الآباء المنكسرين الذين طبعوا على جباهنا قبلاتهم المغمسة بالدموع والوصايا، لا سبيل لهذا الموت سوى ثغرٍ باسم لشوارعنا الفارغة والوحيدة وهي تحارب الظلمة بالضوء، وتحتضن بيوت الله بالتهاليل .

-4-

كنا عشرة مقاتلين، نرعى نجوم الله ليلاً بالقليل من الذكريات العبقة برائحة الخبز والشاي ولفافات التبغ، ومدنه التي اقتطعها من قلوبنا، الحُفاة، الخاوية قلوبهم من نور الله .. نوره الصاعد نسغاً مثل نشيد صوفي يندفع كـ ماءٍ رقراق من رحم الأرض الملتاعة شوقاً لظمأ الطين.
كنا عشرة مقاتلين، وأمامنا ينبض قلبُ المدينة ، لا شيء يتلألأ من جسدها غيره، لا روح لهذه المدن المقطوعة من اجسادنا غير أرواحنا التي أكلها الصدأ والشعارات والخطابات الفارغة.. وخمرة الشباب واليأس. لا رغبة لنا في أن نموت وسخام الروح المحترقة يطفئ آخر ما قد نقوله من أغنية حبٍ سومرية، لا رغبة لنا في أن نموت ومواخير الساسة الذين دفعوا فواتير الأرض من حزن أمهاتنا وشقيقات الملح والجوع يرقصون على جثث أحلامنا المضرجة بالقليل من دم الأماني. لا سبيل إلى الموت والقلب يصوغ شوقه لكلمة عشق منتظرة، لا رغبة لنا غير وصالها بالوجد .

-5-

كنا عشرة مقاتلين . . مئة . . ألف . . الفان . . ثلاثة . . أربعة . . لا أذكر كم كنا . . لكننا كنا نخبأ في قلوبنا دفء المدن التي جئنا منها، ونقتبس من ضياء أزقتنا القديمة زرقة النصر، ونعيدُ ترتيب هذه الجغرافية بوصايا الآباء والجدات، وبالأمنيات المؤجلة نغني ما حفظناه عن ظهر قلب من اغنياتنا الحزينة.



#محمود_عبدالبديع_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيمة السرد في اكتشاف الذات (الذاكرة والهوية) إضاءة على رواية ...
- لأن الرحيل لا يشبه امنياتي
- محنة الكتابة في زمن الخراب
- فاصلة زمينة
- رماد
- حين تموت بعيدا عن معانقة الظل ..!!
- تشتهيك ...
- إغتيال
- قصائد
- قصه قصيرة - ولادة
- حرية - ق . ق . ج
- ومضات / 2
- قصتان قصيرتان جدا
- ومضات /1
- قصص قصيرة جدا I
- قصص قصيرة جدا ( اقصوصات )
- قصه قصيرة - ذبول
- قصص قصيرة جدا
- الشعر بين القدامة والتجديد


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالبديع الهيتي - خمس شظايا: الحرب في رسالة مقاتل