فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6258 - 2019 / 6 / 12 - 12:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت مدينة الحلة في القرون الماضية مشهورة في إنتاج المخضرات (الباذنجان والخيار بنوعيه والبامية والطماطة والشجر وغيرها) وكانت تصدر وتمول جميع المدن العراقية وخاصة الجنوبية من هذه المخضرات وخاصة في فصل الصيف وكانت تُحمل إلى تلك المدن بواسطة القطار المخصص لحمل البضائع والسلع أما المدن التي لم يصل إليها القطار كانت تنقل وتُحمل إليها بواسطة سيارات الحمل الكبيرة ... كانت تنقل المخضرات إلى محطات قطار الحمل في الحلة بواسطة عربات مكشوفة طولها خمسة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار تسحبها الخيول وكان يمتلك هذه العربات شخص يهودي المذهب اسمه هارون في خان كبير (طُولَه) في منطقة بالقرب من مركز المدينة وكان لهذا الشخص حصان بلغ من العمر عتياً وأصبح عاجز عن العمل فأحاله على التقاعد ... كان هذا الحصان يخرج من الخان المخصص للخيول ويذهب في الدرابين والأزقة يتجول فيها ويتناول ما يشاهده في الزبل التي كانت ترمى في الطرقات بالرغم من أن صاحبه يقدم له المأكل والمياه يخرج صباحاً ويعود إلى الخان مساءً يتناول الماء والطعام يتجول في جميع أنحاء المدينة وأصبح معروفاً ومشهوراً لدى جميع أبناء المدينة (الحلة) بحصان هارون وأينما يشاهدونه الناس قالوا : هذا حصان هارون ويضحكون ويمزحون ... كان الأطفال حينما يشاهدن الحصان يرمونه بالحجارة ويضربونه بالعصي وفي أحد الأيام اقترب منه أحد الأطفال ليضربه بالعصى فضربه الحصان برجله وسبب للطفل آلام في بطنه فحمله والده وذهب به إلى مركز الشرطة يشتكي ضد الحصان السائب الذي يتجول في الطرقات ويسبب أذى للأطفال ... بلغت الشكوى إلى دائرة (البيطرة) المختصة في شؤون الحيوانات فقررت قتله لأنه أصبح كبير السن وعاجز عن العمل وسائب في الطرقات يسبب الأذى للأطفال ... ذهب موظف من دائرة البيطرة ومعه شرطي إلى صاحبه هارون وطلبا منه تسليمهم الحصان لقتله ... انتفض هارون غاضباً ورفض تسليمهم الحصان وذهب إلى بعض وجوه المجتمع في الحلة وهو يبكي طالباً منهم التوسط لدى البيطرة لتركه وعدم قتله لأن هذا الحصان قديم لديه وهو الأول الذي عمل به ويعتز به ... استجاب أولئك الشخصيات لشفاعته وأفرجوا عن الحصان بشرط عدم تركه بالخروج من الخان فوافق هارون على ذلك الحكم والشرط وكان هارون كلما يشاهد الحصان واقفاً في باب الخان يريد الخروج يأتي بحبل ويضعه في رقبة الحصان ويخرج معه ويرافقه بالتجول في الطرقات والدرابين ثم يعود به إلى الخان يقدم له الماء والمأكل والرعاية وحينما كان الناس من أبناء المدينة يشاهدون هارون برفقة الحصان يتجول معه في أنحاء المدينة يقدمون له التهاني بمناسبة نجاة حصانه من الموت ... كان هارون يضحك ويمزح معهم فرحاً وتعبيراً عن حبه واعتزازه بهذا الحصان الذي فتح له باب الرزق والثراء يقدم له الرعاية حتى يموت وهو برعايته واهتمامه.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟